“البنيان المرصوص” غرفة العمليات التي ينتظر منها رد الدين للأسد وحلفاءه في مهد الثورة “درعا”
“البنيان المرصوص” غرفة العمليات التي ينتظر منها رد الدين للأسد وحلفاءه في مهد الثورة “درعا”
● مقالات رأي ١٣ يونيو ٢٠١٧

“البنيان المرصوص” غرفة العمليات التي ينتظر منها رد الدين للأسد وحلفاءه في مهد الثورة “درعا”

شكلت غرفة عمليات “البنيان المرصوص” في درعا نقطة تحول في مسيرة مواجهة الأسد و حلفاءه عسكريا ، بعد أن تمكنت هذه الغرفة من الخروج عن ما ألفناه من غرف العمليات التي شكلت على عجل و ذابت بنفس السرعة دون أن تترك بصمة واضحة أو محافظة على مكتسبات تشكيلها.


و تجاوزت  غرفة عمليات “البنيان المرصوص” ، مطبات عدة طوال ما يزيد عن عامين (وهو عمرها) ، حيث أسست لأول مرة تشكيلاً منظماً و متجانساً و قادر على التعامل مع التطورات بشكل متوازن (حتى الآن على الأقل) ، و اتخذت من عملية التوازن بين المكاسب و الخسائر ، و ترجيح الكفة لما هو أسلم و أشد حماية للمدنيين ، بعيداً عن المغامرات الغير محسوبة أو التحركات التي لا طائل منها إلا زيادة الخسائر البشرية.
 
وولدت غرفة عمليات “البنيان المرصوص” بعد الفشل الذريع الذي خلفته معركة عاصفة الجنوب ، حيث اجتمعت عددا من الكتائب والألوية في مدينة درعا وعددها قرابة ال20 كتيبة اتفقوا جميعا على تشكيل غرفة أطلقوا عليها غرفة عمليات البنيان المرصوص في كانون الأول عام 2015 شهر ، مهمتها التخطيط والاستعداد للمعركة القادمة وهي تحرير حي المنشية.

قال أحد القادة العسكريين في درعا في الفترة التي هجرت فيها داريا، قال لن نفتح أي معركة عبثية يكون مصيرها الفشل ووقودها أرواح عناصرنا والمدنيين، المعارك تحتاج لتخطيط وصبر وليس فورة دم، ولن ننجر ولن نرضخ للضغوط الشعبية المغيبة عن واقع المعارك، كانت هذه الكلمات في تلك الفترة كافية لتخوينه ونعته بأبشع الأوصاف، ولكن صدق الرجل، فما رأيناه من معارك في حلب وسقوطها ومعارك في ريف حماة الشمالي وسقوط أغلب بلداتها مع مئات الشهداء وآلاف الجرحى، كان أغلبها بسبب ضعف التخطيط وسرعته والتحرك عاطفيا، وتحت الضغط الشعبي الذي لن يفهم تعقيد الواقع العسكري أبدا.

 
عامان وشهر هي المدة التي فصلت إعلان بدء معركة الموت ولا المذلة عن إعلان تشكيل غرفة عمليات البنيان المرصوص، والتي انطلقت في 12 شباط من العام الحالي، و قد تكون المدة طويلة ولكنها كانت تستحق كل هذا الإنتظار، فالغرقة استطاعت أن تمسك جميع الخيوط بكل قوة، من حفر للأنفاق وتدريب للمقاتيلن وتصنيع السلاح وزرع أجهزة اتصالات متطورة، وأجهزة تصوير ومراقبة، وتحكمت بأهم ما فيها وهي الآلة الإعلامية للفصائل المشاركة ومنعت خروج أي صورة أو فيديو إلا عن طريقها وبشعار الغرفة فقط، وهو ما نجح كثيرا بتشتيت قوات الأسد التي كانت تعتمد في كثير من الأحيان على الصور والفيديوهات التي تنشرها الفصائل لتحديد مواقعها بدقة وقصفها.

 
استطاعت الغرفة أيضا تحرير حي المنشية بدرعا بعد 115 يوما من المعارك الحادة و المتواصلة ، هي مدة متناسبة مع حجم الترسانة وعدد الحواجز وكيفية التدشيم في هذا الحي والذي كان بحق يعتبر ثكنة عسكرية كبيرة، وإذا أخذنا عدد الشهداء القليل الذين ارتقوا في المعركة نعلم لماذا كانت هذه المدة، فقد غرفة العمليات حريصة كل الحرص على أرواح المقاتلين وكان التقدم والهجوم مدروس بشكل كبير جدا، وكل تقدم كان يسبقه تمهيد بصواريخ قوية التدمير أو تفجير نفق أو عربة مفخخة او خرطوم متفجر.
 
اليوم ومع الحشود العسكرية الكبيرة من المليشيات الشيعية متعددة الجنسيات إلى مدينة درعا في محاولة منها للسيطرة على كامل المدينة، استنفرت غرفة عمليات البنيان المرصوص وأظهرت انضباط وقوة في الصد ورد العدوان، حيث لم تتمكن الميليشيات الشيعية من التقدم شبرا واحدا على الرغم من حجم القصف الجوي والمدفعي والصاروخي العنيف، بل سقط في صفوف المهاجمين عشرات القتلى والجرحى.
 
لغاية الآن "على الأقل" ما تزال غرفة عمليات البنيان المرصوص مثالا بارزا لما يجب عليه أن تكون أي غرفة عمليات حالية ومستقبلية، غرفة عمليات تراعي فيها البعد العسكري أولا قبل البعد العاطفي، حيث ومنذ تهجير مدينة داريا وتلاها الزبداني وخان الشيح ومحيط دمشق، كانت كل الاتهامات تنصب على درعا بالخيانة والخذلان، ولكنها في الحقيقة كانت تجهز رد الدين.
 
 
ثمة من يخطط في الخفاء والعلن لإفشال هذا المشروع المثالي ويزرع الفتن والاتهامات في طريقها، فهل ستنتهي غرفة عمليات البينان المرصوص مثل سابقاتها، لا نعلم ولكن ما نعلمه أنها تحتاج للدعم المستمر معنويا وماديا حتى تواصل مسيرتها في كتابة النصر.

المصدر: شبكة شام الاخبارية الكاتب: مهدي أبازيد
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ