«عاصفة» ترامب ورد إيران «الساحق»
«عاصفة» ترامب ورد إيران «الساحق»
● مقالات رأي ١٤ أكتوبر ٢٠١٧

«عاصفة» ترامب ورد إيران «الساحق»

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس خطته الاستراتيجية الجديدة حول إيران.

الخطة، لم تكن «عاصفة»، كما سبق أن قال في وصفها، فهي لا تمزق الاتفاق النووي مع طهران (كما كان قد وعد خلال دعاياته الانتخابية كمرشح للرئاسة) بل تبقي عليه وتحوّله إلى مجلس النواب الأمريكي لإضافة شروط عليه، ولم يطلب ترامب من الكونغرس أن يعيد العقوبات المفروضة على طهران لأن ذلك كان يساوي إلغاء الاتفاق النووي أصلا.

وعلى عكس ما أشيع سابقا حول إمكانية إعلان ترامب الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية فإن الذي حصل هو إعلان الرئيس الأمريكي عقوبات إضافية تستهدف الحرس الثوري. لقد تغلّبت العقلانية على التطرّف، فحسب وزير الخارجية الأمريكية ريكس تيلرسون نفسه فهناك «مخاطر وتعقيدات ترتبط بتصنيف جيش كامل لبلد ما» على أنه منظمة إرهابية. وبدلا من تصنيف الحرس الثوري كمنظمة إرهابية ستتكفل وزارة المالية الأمريكية بإعلان بعض العقوبات عليه.

حسب ترامب، فالاتفاق النووي كان مليئا بالثغرات، وخطته تقوم على سحب مصادقته عليه كرئيس، لكن ترامب، من جهة أخرى، لم يطلب من الكونغرس فرض عقوبات سريعة على إيران، وهي خطوة تعني أنه غير قادر، عمليّاً، على الانسحاب المفاجئ من هكذا اتفاق، كما أنها تعني أن الرئيس المشاكس استمع إلى غالبية مستشاريه الذين نصحوه بعدم الانسحاب من الاتفاق.

خطاب ترامب تضمن أيضاً اتهامات لإيران بدعم أنشطة إرهابية وبتطوير برنامج الصواريخ الباليستية، وأن هذا التطوير على علاقة بالمشروع النووي الذي تنكر طهران أنها مهتمة بتحقيقه، بالإضافة إلى اتهام طهران بخلخلة الاستقرار في بلدان الشرق الأوسط عبر تعزيز نفوذها وإدارتها لأنشطة ميليشيات محلّية في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، غير أن المطلوب فعليّاً، سيتعلّق بمحاولة تقييد برنامج الصواريخ الباليستية، وهو أمر، يبدو أن الأمريكيين والإيرانيين بدأوا العمل عليه فعليا.

ورغم عدم إظهار ترامب اكتراثا بالموقف الأوروبي المعارض لوقف الاتفاق النووي مع إيران فإن اتجاه القادة الأوروبيين يزداد لإعلان الاختلاف عن أجندة ترامب، فهناك قلق أوروبي واضح من أن يؤدي التشدد الأمريكي مع إيران إلى عودتها للعمل على صنع قنابل نووية، إضافة إلى أن هذا التوجّه المتشدد ضد إيران سيزيد موقف كوريا الشمالية تصلّباً ويبعدها عن طاولة المفاوضات.

المواقف الأمريكية العقلانية من إيران، لا يقف وراءها «لوبي» إيراني (رغم أن هذا اللوبي موجود) بل تستند إلى الحكمة المتولدة من الحصيلة المخيفة لكوارث التدخلات الأمريكية في المنطقة، وخصوصاً في العراق، الذي لم يكن يملك أسلحة نووية، ولا أسلحة دمار شامل، لكنّ إدارة جورج دبليو بوش، وفريق المحافظين الجدد الذي كان مسيطراً عليها، قرّروا زجّه عنوة في موضوع «الحرب على الإرهاب»، واستطاعوا بالفعل تدميره و»إعادته إلى العصر الحجري»، لكنّهم، من جهة أخرى، خسروا قرابة تريليون دولار، وأرواح آلاف الجنود، وحوّلوا مستقبل المنطقة العربية بأكملها إلى دمار شامل.

بعض الدول العربية التي ساهمت في التحريض ضد العراق تحرّض ضد إيران بالطريقة نفسها، وهي مفارقة غريبة، لأن مساهمة تلك الدول العربية في تدمير العراق هو الذي سمح بتحوّل إيران إلى قوة إقليمية عظمى وأمن لها استفرادها بالعراق.
وكما نزل ترامب عن الشجرة فلم يعلن «عاصفة» فإن إيران أيضاً نزلت بدورها ولم تعد مضطرة لـ»رد ساحق».

فهل تجد تلك الدول العربية طريقها للهبوط؟

المصدر: القدس العربي الكاتب: رأي جريدة القدس
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ