المساعدات الإنسانية تباع في ريف إدلب وبأسعار منخفضة بدلا من أن توزع على المتضررين
المساعدات الإنسانية تباع في ريف إدلب وبأسعار منخفضة بدلا من أن توزع على المتضررين
● مقالات رأي ٢٦ سبتمبر ٢٠١٥

المساعدات الإنسانية تباع في ريف إدلب وبأسعار منخفضة بدلا من أن توزع على المتضررين

تحولت المساعدات الإنسانية، التي من المفترض أن تصل للمتضررين، إلى سلع تباع في ريف إدلب و بأسعار منخفضة، لتغدو فيما بعد الهدف الأول لكل من يقصد أسواق المواد الغذائية، وتتربع في صدارة قائمة المشتريات.

ليست للبيع

يتوجه النازحون إلى تجار معروفين لبيع مواد الإغاثة التي تصلهم، وغالبا ما تُباع بأسعار زهيدة، تبلغ 30 في المائة فقط من قيمتها الفعلية، وتعمل بعض مجالس القرى على بيع هذه المواد.

ويهاجم الناشط السياسي «مصطفى العريان» من مدينة سلقين شمال إدلب التجار الذين يبيعون المعونات التي تأتي لمساعدة الشعب السوري معبرا عن سخطه من هذا «الفعل الشنيع»، على حد وصفه .

ويضيف «العريان»: لا يمكننا أن نلوم التجار فقط، بل يقع اللوم أيضا على بعض المجالس المحلية التي تقوم ببيع المعونات القادمة للشعب المتضرر، وأن نوجه عتبنا لبعض النازحين والفقراء على بيعهم لمعوناتهم التي حصلوا عليها.

أطراف من المعارضة والنظام يتاجرون بها

تقول «أم فارس» وهي ربة منزل من ريف إدلب المقيمة في تركيا: «في الماضي، كنا نشتري من المؤسسة العسكرية مواد غذائية كان يفترض توزيعها مجانا، رغم ذلك، لم يكن هناك من يموت جوعا على الأقل، أما اليوم فالناس تكاد تموت فيما تُباع مواد إغاثتهم في الأسواق التركية والسورية».

وتابعت «توجهت إلى محل لبيع المواد الغذائية في مدينة أنطاكيا التركية، أمسكت علبة فول وقد كتب عليها (غير مخصصة للبيع – المفوضية العليا للاجئين)، ولدى مواجهة البائع، أنكر معرفته بالأمر، إلا أنني لم أعد أرى مثلها على رفوف محله»، وأضافت: «المعارضة والنظام يبيعان مواد الإغاثة التي يفترض أن تذهب إلى الناس».

العاملون جزء من المشكلة

بشكل غير بعيد عن الانتهاكات التي يرتكبها تجار الأزمة، تحول معظم العاملون من المجال الإغاثي إلى تجارة السلل الغذائية، وقال عامل في مجال الإغاثة في منطقة حارم شمال إدلب «م ع»: «إن معظم الناشطين تحولوا إلى تجار سلل غذائية، من خلال استغلالهم لعدم قدرة المنظمات الإنسانية التي تتعامل معهم عن التقصي عن نزاهتهم في ظل الأوضاع».

ويتابع: إن كثير من العاملين يقومون بتقديم لوائح وبيانات بأسماء وهمية لعائلات محتاجة، ليتاجروا بحصة هذه العائلات المحتاجة، -غير الموجودة أساسا- وبلأخص المجالس المحلية والعاملين بها.

أسعار مخفضة

من جهة أخرى، يلجأ المستفيدون من السلال الغذائية إلى بيع محتوياتها بمفردهم على الأرصفة والبسطات، ليتمكنوا من جني أرباح أكبر بعيدا عن التعامل مع التجار.

وقال ناشط في مجال توزيع المعونات الإنسانية، في ريف إدلب، أبو محمد: «إن معظم الذين يحصلون على المساعدات يعمدون لبيع محتوياتها كل منها على حدة، حيث يبيعون كيلو الرز الطويل بـ40 ليرة، بينما يبلغ سعره الحقيقي 100 ليرة، والقصير بـ80 وسعره 140 ليرة، أما ليتر الزيت النباتي فيباع بـ140 في حين يصل سعره في الأسواق إلى 250 ليرة، وتباع علبة الفول المدمس بـ45 بينما يتجاوز سعرها 80 ليرة».

وأردف أبومحمد: «فتحت هذه الإجراءات، الباب أمام سوق مشترك للمعونات، تتوحد فيه أسعار السلع، شأنه شأن الأسواق العادية».

انتشرت في الأسواق مؤخرا، شبكات ضخمة من التجار تقوم بشطب كلمات «الأونروا، توزع مجانا، غير مخصص للبيع»، من السلع بعد جمعها ممن يرغبون ببيعها، ليتم طرحها في الأسواق بوقت لاحق وأن هذه الإجراءات امتدت لمعظم المحافظات السورية، وحتى في المناطق الساخنة التي تشهد جنونا في أسعار المواد الغذائية.

التاجر لا يرفض

كعاداتهم، يعرف العديد من التجار الاستفادة من الحروب لجمع المال. لا يكترثون للناس الذين قد يموتون جوعا في سورية، يحدث الأمر فعلا وليس مستغربا أن يباع بعض المواد الغذائية المخصصة لمساعدة السوريين في الداخل إلى دول الجوار، أو ترى عِبارات على بعض السلع من قبيل:»غير مخصصة للبيع»، أو «مساعدات لإغاثة الشعب السوري».

وشن «علي السيد» أحد التجار في ريف إدلب، هجوما على أصحاب السلال، حيث قال: «تتوافد إلى دكاني يوميا عشرات العائلات التي حصلت على سلال غذائية لبيعها، وأنا أشتريها لأنهم بكل الأحوال سوف يبيعونها».

ويضيف: «إن النازحين يضطرون لبيع حصصهم من أجل شراء السكر والأدوية، والماء، ووقود التدفئة في الشتاء، لافتا إلى أن المواد الإغاثية التي نشتريها منهم تصل في النهاية للمنظمات التي تعبئها وتوزعها مجددا على النازحين وأن بعض الأهالي الذين لا يستفيدون من الحصص الإغاثية يفضلون شراء تلك المواد بسبب انخفاض ثمنها مقارنة مع أسعار المحلات التجارية».

احتيال

أما «طاهر» الذي يعمل مع «الجمعيات الإغاثية»، فلفت إلى أن «تجار الحروب والأزمات يستثمرون في المواد الإغاثية»، وقال: «كنت في سورية مؤخرا بهدف توزيع بعض المواد الغذائية، ولدى تفريغ الحاوية عُرض علي مبلغ 11 ألف دولار في مقابل ترك الحمولة في مكانها».

وأوضح أن «الجهـات المسؤولة عن مخالفات مماثلة متنوعة، قد تكون تجارا أو منظـمات، تعـمل بالتنسـيق مع رجال أعمال أتراك، وبالطبع، فإن وجود سوريين أمر مهم جـدا لأنه لا يمكن تفريغ الحمولة في الأراضي التركية بأي حال من الأحوال».

وعن سبب رواج تجارة المواد الغذائية بصورة خاصة، لفت «طاهر» إلى أن «الأمر أكثر سهولة، على سبيل المثال، فالأرباح التي تدرها تجارة المواد الطبية تفوق الغذائية بأشواط، لكن يمنع تداول الأدوية السورية في تركيا خارج نطاق المؤسسات الطبية المرخصة للمعارضة». 

المصدر: القدس العربي الكاتب: عبد الغني العريان
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ