ترقبوا فظائع كبرى للأسد
ترقبوا فظائع كبرى للأسد
● مقالات رأي ٢٤ أبريل ٢٠١٧

ترقبوا فظائع كبرى للأسد

لم يوارب وزير الخارجية الأمريكي ركس تيلرسون للحظة في حديثه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف عن مصير الأسد، بدا الموقف واضحاً، واختصره في أن ذلك الحكم الأوليغارشي لعائلة الأسد قد انتهى عصره، أما لافروف فقد ترك الباب موارباً لذلك الإصرار الأمريكي قال «إن بلاده لا تراهن على الأسد او غيره» ثم مضى إلى ما هو أبعد من ذلك حين قال إن «إزالة الحاكم الديكتاتور من الحكم لم تكن يوماً أمراً سهلاً». وضرب الأمثلة بسلوبودان ميلوسوفيتش وصدام حسين ثم سأل الصحافيين: دلوني على ديكتاتور خرج من الحكم بسهولة؟

بلغة أخرى بدا أن لافروف يقر بأن الأسد ديكتاتور مصيره إلى الزوال، ولكن المسألة مسألة الوقت اللازم لتلك المهمة الصعبة. وحتى في أوكرانيا وجهت رسالة جادة للرئيس الأمريكي خشية التنازل في ملف أوكرانيا في مقابل الموقف الروسي الموافق على الإطاحة بالأسد.

لا شك أن نظام الأسد قرأ كل ذلك بوضوح وفهم أن الإصرار الأمريكي على نهاية حكمه قد ينتهي إلى تنازل روسي وقع أو سيقع قريباً.

يجد الأسد نفسه اليوم في ملعب السياسة وحيداً وأمامه مهمة صعبة هي إقناع ترمب، وليس روسيا، بتغيير موقفه تجاه بقائه. ومن المهم أن نعلم هنا أن الأسد ونظامه يتقنان لعبة البقاء تلك جيداً، يعرفون تماماً متى تقدم التنازلات كالانسحاب من لبنان أو تسليم عبد الله أوجلان أو التخلي عن المطالبة بلواء اسكندرون. ويعرفون تماماً كيف تلعب الأوراق في المنطقة وما هو الأهم منها.

منذ الحادي عشر من أيلول/سبتمبر عام 2001 يوم نقلت القاعدة حربها إلى الغرب، أدرك الأسد أهمية أوراقه في ملاحقة الإسلاميين في الغرب، وبنك المعلومات عنهم لديه، وذلك من خبرة طويلة لنظامه في حربهم واغتيالهم على مدار عقود، ولعب عليها مع عدد من أجهزة المخابرات الغربية.

كذلك كان دوره محورياً في تسهيل دخول المقاتلين الأجانب إلى العراق إبان الغزو الأمريكي ومن ثم تسليم معلوماتهم للولايات المتحدة، يوم بدا أن جورج بوش عازم على إكمال طريقه إلى سوريا بعد العراق عقب اغتيال الحريري، كانت ورقة المجاهدين الإسلاميين هناك ناجحة كما توقع الأسد ولعب، والأمر ليس قراءة أو تحليلاً فثمة تصريحات علنية لفاروق الشرع حول هذا التعاون مع الولايات المتحدة آنذاك.

مرة أخرى كان الأسد في مأزق جديد ومع دخول الربيع العربي إلى سوريا وعد الناس بإصلاحات فاستبقى السياسيين والصحافيين في سجونه بل وملأها بالمزيد منهم وأطلق سراح أولئك المقاتلين الإسلاميين ضمن إصلاحاته المزعومة مراهناً على قدرتهم في تحويل وجه الثورة من السلمية إلى العسكرة ونجح رهانه دون شك.

خلال تغطياتي الصحافية في سوريا التقيت بكثير من قادة الفصائل الإسلامية وكان معظمهم في سجون الأسد قبل الثورة بل إن أحد أهم الفصائل الإسلامية كان يشترط لقادة المناطق والمجموعات فيه أن يكونوا من «خريجي جامعة سيدنا يوسف» في إشارة إلى السجن الذي دخله النبي يوسف بمعنى ان جميع أولئك القادة كانوا يومًا ما في سجون الأسد قبل أن يشملهم عفوه!!

من الطبيعي أن ينظر الغرب إلى الصراع في المنطقة من زاوية مصالحه فالأسد لم يوجه سهامه نحوهم يوماً خلافاً لأولئك الإسلاميين من منتجات القاعدة أو من ذوي اللحى المخيفة الذين يتقبلون القاعدة ويقاتلون بجانبها على الأقل.. والأخيرة كما تعلمون لم يكن لديها يوماً حرج في استهداف الغرب وقتل مدنييه بأبشع الصور والطرق.

وتحول الصراع هناك في تلفازات الغرب من ديكتاتور جزار يبيد شعبه بكل الوسائل المتاحة إلى حرب على الإرهاب الإسلامي، وكثير من الغربيين احتفلوا بسقوط حلب على أنها نصر على الإرهاب كما نقل لهم إعلامهم المحلي، وليس التهجير والقتل للملايين، أما أصدقهم لهجة وأكثرهم إنصافاً فقد رأى انه صراع الأشرار الذي يجب على الغرب تحاشيه كما كانت سياسة الرئيس أوباما!

6 سنوات لعب فيها الأسد على ورقة الإرهاب بنجاح، حيث كانت الضامن الحقيقي لبقائه وإقناع الغرب بحربه عليهم وهو الآن أمام منعطف جديد لن يتوانى فيه عن لعب تلك الورقة الناجحة مرة أخرى.

انفجار بمهجري كفريا والفوعة يصور لترمب المتأثر بصور أطفال خان شيخون بأن الأسد ليس قاتل الأطفال الوحيد في المنطقة، وحديث عن قصف أمريكي لمستودعات كيميائية يملكها داعش في دير الزور وعن هجوم كيميائي متوقع على العاصمة.. ثمة مجرمون في تنظيم «الدولة « لن تثنيهم حماقتهم عن تقديم ما أمكن من مساعدات لرواية الأسد وأوراقه بعملية دهس هنا أو إطلاق نار هناك، وربما ثم مزيد من الفظائع المحتمل وقوعها لإقناع الغرب بضرورة بقاء الأسد محارباً ضد الإرهاب الأكثر شراً، فالنظام هنا كحيوان جريح يقاوم أنفاس النزع الأخير لبقائه.

المصدر: القدس العربي الكاتب: محمود الزيبق
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ