حرب الطائرات فوق جغرافيا الكارثة السورية
حرب الطائرات فوق جغرافيا الكارثة السورية
● مقالات رأي ١٤ فبراير ٢٠١٨

حرب الطائرات فوق جغرافيا الكارثة السورية

بعد أكثر من 115 غارة على الأراضي السورية منذ بدء الثورة عام 2011، وقرابة 36 عاماً من آخر مرّة أسقطت فيها طائرة إسرائيلية خلال اجتياح قواتها لبنان عام 1982، تمكّن النظام السوري أخيراً من إيجاد «الوقت المناسب للرد» على الغارات الإسرائيلية وامتلك الإرادة والإمكانيات لإسقاط طائرة «إف 16» عبر كمين معقّد ساهمت فيه طائرة مسيّرة إيرانية محمّلة بصاروخ توغّلت في الأراضي الفلسطينية، تبع إسقاطها السيناريو المعلوم والمتوقع من خروج ثماني طائرات إسرائيلية لقصف الموقع الذي خرجت منه الطائرة الإيرانية لتقابل بعشرات الرشقات من صواريخ إس 200 (المعروف بـ«سام 5») الروسية الصنع ما أدّى لإعطاب وسقوط طائرة إسرائيلية (أصيب أحد طياريها بجراح خطيرة) وإصابة طائرة أخرى.

على ازدحام الحلبة السورية المفتوحة منذ سبع سنوات على كافة أشكال الصراع الدولية والإقليمية بالمفاجآت فإن إسقاط الطائرة الإسرائيلية يعتبر حدثاً فريداً كونه يوجّه صفعة كبيرة للغطرسة الجوّية الإسرائيلية، ويجعلها، مثل باقي القوى المتصارعة في الأجواء والأراضي السورية، غير محصّنة من نيران العواقب التي تنال المتدخلين هناك، مما يفرض عليها حسابات جديدة لقواعد الاشتباك، ويجعل فكرة تقييد حركة ذراعها الجوّية الطويلة ممكنة.

ولا تغيّر ردود الفعل الإسرائيلية التالية على إسقاط الطائرة (قصف 12 موقعاً إيرانياً في سوريا)، ولا تصريحات رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو إن قواته ستواصل العمليات هناك أن واقعة عسكرية (وسياسية بالتالي) جديدة قد ارتسمت في مفادها أن على طائرات إسرائيل أن تتحسّب من ردّ قاس حين تدخل الأجواء السورية.

ورغم أن الفاعلين الرئيسيين في المعادلة المستجدة هما إيران وإسرائيل، فإن هكذا واقعة ما كانت ستمرّ من دون ضوء روسيّ أخضر، وهو ما يمكن ربطه، بسقوط طائرة سوخوي روسية في إدلب قبل أسبوع ومقتل طيارها بصاروخ حراريّ أطلقته المعارضة السورية، تبعه اتهام لواشنطن بالمسؤولية عن تزويد «هيئة فتح الشام» بالسلاح الفعال المضاد للطائرات، وكذلك بالضربة الأمريكية لميليشيات إيرانية وسورية وجنود روس خلال تحرّك لاحتلال حقل غاز في منطقة دير الزور، وقبلها هجوم طائرات مسيّرة متطورة على قاعدة حميميم ما أدّى لإعطاب عدد من الطائرات الروسية هناك.

استخدام منظومة الدفاع الجوي الروسية في سوريا للتصدي لطائرات إسرائيل قد يعني أيضاً أن موسكو تعلّق تفاهمات سابقة مع تل أبيب وتنسّق بشكل كبير مع إيران وهو ما سيدفع إسرائيل لإعادة حساباتها الروسيّة ويجعلها تتمهّل كثيراً قبل أن تفكر بتصعيد كبير ضد طهران.
غير أن أسوأ ما في الأمر، أن هذه الصراعات كلّها تجري في سوريا، وأنها تخضع لحسابات دول تشارك (مع النظام السوري) في دوّامة القتل المبرمج لمئات آلاف المدنيين المحاصرين والجوعى في مشافي وأسواق وأفران ومساجد وبيوت أهل الغوطة وإدلب ودرعا ودير الزور وغيرها.

المصدر: القدس العربي الكاتب: رأي جريدة القدس
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ