عن التبشير بانتصار إيران في الموصل وحلب
عن التبشير بانتصار إيران في الموصل وحلب
● مقالات رأي ٢٥ أكتوبر ٢٠١٦

عن التبشير بانتصار إيران في الموصل وحلب

كرّر كتاب صحافيون عرب قريبون من إيران خلال الشهرين الماضيين مقولة إن سقوط الموصل على يد ميليشيات «الحشد الشعبي» المدعومة بالقوّة الجوّية الأمريكية (تحت إطار «التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية») وسقوط حلب على يد جيش النظام السوري والميليشيات اللبنانية والعراقية الموالية له مدعوما بالقوة الجوّية والصاروخية الروسية سيصبّان في صالح إيران.

تجد هذه المقولة مصداقيّة لها في السيطرة الإيرانية الهائلة على مقدّرات الوضع العراقي، وتشي التحرّكات الأخيرة التي تجريها طهران، من خلال رعايتها مصالحات بين أطراف القوى الشيعيّة، بدءاً من لقاء بين مقتدى الصدر، الزعيم ذي الشعبية الكبيرة، مع قادة ميليشيات «الحشد الشعبي»، وما تبعه من تمهيد للقاء آخر بين الصدر وخصمه اللدود نوري المالكي، صاحب الألقاب العديدة: نائب رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء السابق، ورئيس «ائتلاف دولة القانون»، وصاحب النفوذ المستمر في «حزب الدعوة» (الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي) والذي جمع خلال رئاسته للوزراء نفوذاً كبيراً في السلطات التنفيذية والقضائية وكذلك ضمن «الحشد الشعبي» نفسه. بل إن المالكي قام الأحد الماضي (في مؤتمر «إسلاميّ» برعاية إيران في بغداد، بالربط المذكور بين معركتي الموصل وحلب (وأضاف إليهما الحرب في اليمن)، فيما سارع قائد «فيلق بدر» في الحرس الثوري الإيراني، الجنرال قاسم سليماني بالحضور إلى جبهة عمليات الموصل (وقبلها كان موجوداً في حلب).

تحضر إيران في عناصر المشهد السوري من خلال «حزب الله» اللبناني، وميليشيات «النجباء» و»عصائب الحق» ولواء أبو الفضل العباس» العراقية، وكذلك لواء «فاطميون» الأفغاني وغيرها الكثير، ولكن هذه التنظيمات جميعها، ورغم تبعيتها المباشرة لإيران، وتحوّلها في أحيان كثيرة إلى ما يشبه الدولة من خلال امتلاكها شبكة ماليّة وعسكرية (وحتى سجوناً خاصة بها)، فإنها لا تملك وضعيّة سياسية (أحزاب سياسية وبرلمان) تتطابق مع نفوذها العسكري، كما هو الحال في العراق، واذا كانت السيطرة على شرق حلب – لو تمّت – ستصبّ في خانة محور النظام السوري ـ إيران ـ روسيا، لكنّ حسابات الغنائم السياسية والعسكرية لن تكون بالتأكيد ربحاً خالصاً لإيران، كما يفترض محازبوها وأنصارها.

تتجاوز مقولة «انتصارات إيران» في العراق وسوريا (واليمن ولبنان) فوارق وازنة ليس بين الوضعين العراقي والسوري فحسب بل ضمن الساحتين نفسيهما، وهي فوارق إشكاليّة فالسيطرة الجوّية في العراق هي لأمريكا، وعلى الأرض توجد قوّات إقليم كردستان «البيشمركه»، كما تحضر القاعدة التركيّة في بعشيقة والمسلحين العراقيين الذين دربتهم، بالمقابل، فالسيطرة الجوية في سوريا هي لروسيا، فيما تتواجد أيضاً قوات كرديّة تابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي (لا تنفكّ تتراجع أمام التدخّل العسكري التركيّ الكبير).

يضاف إلى هذه الفوارق أن ما يجمع القوى المحلّية والإقليمية والعالمية المتنازعة في الموصل هو العداء لتنظيم «الدولة الإسلامية» أما في شرق حلب فلا وجود لهذا التنظيم وهو ما تم تعويضه بحجة الوجود (الضئيل أصلاً) لـ»جبهة فتح الشام» («جبهة النصرة» التي غيّرت اسمها وأعلنت انفكاكها عن «القاعدة»)، وهي حجّة لا يمكن أن تبرّر استخدام منهجية تدمير روسيا لمدينة غروزني الشيشانية في حلب.

تفضح معادلة الموصل – حلب لدى نوري المالكي و»حزب الله» ومحازبي إيران العرب انتهازية فظيعة في تهافتها وجمعها للأضداد، فإذا كانت الموصل مثل حلب، و»داعش» مثل الفصائل المعارضة للنظام السوري، وروسيا مثل أمريكا، وكل الحجج والوسائل الطائفية والوحشيّة عسكرياً تبرّر تسييد إيران على المنطقة فما معنى استخدام سرديّات المقاومة والممانعة ومحاربة الإرهاب والتكفيريين إذا كان كل ذلك يتمّ بالتعاون (وأحيانا بالعمالة) لروسيا وأمريكا؟

المصدر: القدس العربي الكاتب: رأي القدس
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ