كل المتحاربين على الحدود السورية – العراقية ماذا بعد؟
كل المتحاربين على الحدود السورية – العراقية ماذا بعد؟
● مقالات رأي ١٩ يونيو ٢٠١٧

كل المتحاربين على الحدود السورية – العراقية ماذا بعد؟

المشهد بات واضحاً: كل المتحاربين في سوريا والعراق اضحوا متواجدين على طول الحدود بين البلدين، وفي مناطق أخرى متفرقة، فماذا يمكن أن يحدث في الأيام والاسابيع والأشهر المقبلة؟

الولايات المتحدة متواجدة هناك براً وجواً. في البرّ لها قاعدة عسكرية قرب بلدة التنف السورية الواقعة على مسافة 18 كيلومتراً من الحدود الأردنية، وقد نقلت أخيراً إلى داخل سوريا منظومتين لراجمات الصواريخ من طراز «هيمارس» من مستودع أسلحتها الثقيلة في الأردن. في الجوّ لها طائراتها وصواريخها العاملة تحت مظلة «التحالف الدولي» والمنطلقة من حاملات طائراتها في البحر المتوسط ومن قاعدتها الجوية «انجرليك» في تركيا.

إلى ذلك، لامريكا قوات من مشاة البحرية داعمة لقوات «قسد» الكردية الناشطة في محافظة الرقة السورية، كما لها قوات برية في محافظة نينوى (الموصل) العراقية تضمّ ضباطاً بصفة «مستشارين» لمساندة الجيش العراقي.

روسيا متواجدة في سوريا براً وجواً وبحراً ايضاً. في البر لها قاعدتان في حميميم وطرطوس تضمان قوات برية وطائرات حربية، كما لها كتائب عسكرية برية تدعم الجيش السوري في أنحاء متفرقة من البلاد. وفي البحر لها سفن حربية حاملة للطائرات المروحية وقاذفات الصواريخ، بالإضافة إلى قواعدها في البر الروسي القادرة على إطلاق صواريخ بعيدة المدى تقع سوريا في نطاقها العملاني.

تركيا متواجدة في مواقع عدّة شمالي سوريا، ولاسيما في جرابلس والباب وقرب منبج وعلى الحدود مع محافظة ادلب السورية، وهي لا تتوانى عن استخدام طائراتها الحربية المنطلقة من قواعدها الجوية في الداخل التركي.

إيران متواجدة عسكرياً في العراق وسوريا، من خلال مجموعات من الضباط المستشارين الذين يساندون جيشيّ البلدين في معظم المواقع، التي تشهد معارك واشتباكات مع تنظيم «داعش». غير أن تطوراً لافتاً حدث قبل ايام، بحسب صحيفة «ازفستيا» الروسية، هو «أن تدفق الأسلحة الايرانية إلى القوات النظامية السورية بات سلساً، بعد وصول القوات النظامية إلى الحدود العراقية، عبر شق ممر لنقل الاسلحة عبر العراق في موقع يبعد 20 كيلومتراً من معبر التنف». كما نسبت وسائل إعلامية موالية للغرب إلى مواقع الكترونية ايرانية نشرَ صورٍ لجنود من «لواء فاطميون» الافغاني، ومعهم قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الايراني اللواء قاسم سليماني، قالت إنهم يحتشدون في منطقةٍ على الحدود العراقية – السورية.

كل المتحاربين، اذن، متواجدون وناشطون مباشرةً بقواتهم، أو مداورةً بتنظيماتٍ تقاتل بالوكالة عنهم، فماذا يمكن أن يحدث في الايام والاسابيع والأشهر المقبلة؟

دونالد ترامب وعد بالإعلان عن استراتيجية لامريكا خلال الاسابيع الستة المقبلة، لكن مؤشراتها ظهرت سريعاً بتحريك جيشه لمنظومة من راجمات الصواريخ «هيرماس» إلى داخل سوريا، يقول ضباطٌ روس أن مداها لا يصل إلى ميادين القتال في الرقة، وبالتالي فهي غير قادرة على دعم قوات «قسد» الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة، وبالتالي لا يبقى لها من دور عملاني مفترض إلاّ ضرب القوات السورية الزاحفة لتحرير محافظة دير الزور من سيطرة «داعش» او المتجهة إلى استعادة منطقة التنف.

ضباط أركان روس حذروا الولايات المتحدة من مغبة الانزلاق إلى قصف القوات النظامية السورية العاملة على مدى البادية السورية كلها، من جنوب الرقة شمالاً إلى منطقة التنف جنوباً. التحذير الروسي تزامن، ربما بشكل مقصود، مع كشف صحيفة «ازفستيا» واقعة تدفق الأسلحة الإيرانية عبر ممر على الحدود العراقية – السورية، يبعد 20 كيلومتراً من معبر التنف. كل ذلك في وقت يبدو قاطعاً تصميم الجيشين السوري والعراقي على إحكام سيطرتهما على الحدود بين البلدين من الشمال إلى الجنوب.

هذه التطورات المتسارعة تطرح سؤالاً ملحاحاً: ما جدوى بقاء الامريكيين في منطقة معبر التنف الحدودي، ما دام الجيشان السوري والعراقي آمّنا معبراً سالكاً إلى الشمال منه، يمكّن ايران من نقل أسلحتها إلى الجيش السوري والى التنظيمات المساندة له؟

لا يغيب عن اذهان المراقبين أن ادارة باراك اوباما كانت وعدت «اسرائيل» بدعم التنظيمات الإرهابية المقاتلة في سوريا، بما يؤدي إلى تقسيمها أو، أقلّه، إلى تقاسم السيطرة والنفوذ فيها على نحوٍ يُضعفها، فلا يعود في وسعها كدولة سيدة أن تبقى متحالفة مع ايران، او قادرة على إمرار الاسلحة منها إلى تنظيمات المقاومة اللبنانية (حزب الله) والفلسطينية (حماس) وبالتالي عاجزة عن احتضان قواعد صاروخية ايرانية مُهدِّدة للكيان الصهيوني.

لا غلوّ في القول إن المخطط الامريكي، آنف الذكر، بات غير قابل للتحقيق بعد تقدّم الجيشين السوري والعراقي في عملية السيطرة على حدود البلدين، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أن إدارة ترامب قد اسقطت المخطط المذكور من حسابها، إذ من الممكن، خلال قيامها بوضع استراتيجية جديدة للشرق الاوسط، أن تعيد إحياء المخطط القديم الرامي إلى تقسيم سوريا، ذلك يتم باعتماد سياسة حكومة نتنياهو التي تدعو إلى وقف محاربة «داعش» والتعاون معه بغية محاربة الجيش السوري وحلفائه للحؤول دون ترسيخ نفوذ ايران في سوريا.
غير أن امراً لافتاً حدث اخيراً هو قيام الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش بالدعوة إلى بحث الحالة في الجولان، ضمن «العملية السياسية» الجارية في سوريا، بالتزامن مع «تأهب» القوة الدولية «اندوف» المنتشرة هناك «لزيادة متوقّعَة في علمياتها» في المرحلة المقبلة، واستعدادها لنشر كتيبة مشاة آلية خلال اسابيع قليلة في الجزء الشمالي من منطقة الفصل.

هل تحرّك غوتيريش بإيعاز من واشنطن، ما يشي بتعذّر تنفيذ مخططها آنف الذكر، أم بتشجيعٍ من دول الاتحاد الاوروبي التي لا تشاطر الولايات المتحدة سياستها العدوانية في سوريا والعراق؟

ثمة صعوبة في الإجابة عن هذا السؤال قبل اتضاح توجهات القوى المتحاربةً المحتشدة على طول الحدود السورية – العراقية.

المصدر: القدس العربي الكاتب: عصام نعمان
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ