إيران تواصل استخدام الطائرات "المدنية الوهمية" لإمداد النظام بالأسلحة والمقاتلين
إيران تواصل استخدام الطائرات "المدنية الوهمية" لإمداد النظام بالأسلحة والمقاتلين
● بحوث ودراسات ١٦ أبريل ٢٠١٧

إيران تواصل استخدام الطائرات "المدنية الوهمية" لإمداد النظام بالأسلحة والمقاتلين

على الرغم من العقوبات الدولية المفروضة على الطيران المدني الإيراني، لا تزال إيران تصر على استخدام شركان "ماهان" للطيران وغيرها من شركات الطيران لإرسال الأفراد والأسلحة إلى نظام الأسد في سوريا واستمرارها في تمويله وإمداده بشتى الوسائل الممكنة، مما يعرض هذه الصناعة للخطر.


وفي الوقت الذي تنصب فيه أنظار قطاع الطيران ووسائل الإعلام الدولية على طلبات شراء طائرات "بوينغ" وطائرات "ايرباص" العملاقة التي تجريها مؤخراً الخطوط الجوية الإيرانية، تواصل الأخيرة شراء الطائرات وقطع الغيار المستعملة، عن طريق شركات طيران أصغر بهدف التحايل على العقوبات الدولية المفروضة عليها وعلى أشخاص معينين، ساعيةً بذلك إلى تعزيز قدرتها الإقليمية على النقل الجوي في المنطقة من خلال الدمج بين المكونات العسكرية ومكونات الطيران المدني.


وكثيراً ما استعان "فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني بموارد وهمية ذات طابع مدني وذلك لمساعدة حلفاء إيران في سوريا، ومن أجل ذلك يقوم "الحرس الثوري" بإنشاء خطوطه الجوية وشركات خدمات خاصة يستخدمها للتمويه بغية تقديم المساعدة اللوجستية وزيادة إيراداته، إضافةً إلى الدعم الحثيث الذي يحظى به من شركة "ماهان" للطيران.


وعلى الرغم من تصنيف شركة طيران "بويا" الخطوط الجوية الرئيسية التي يديرها الحرس الثوري الإيراني وشركة طيران "بارس" التابعة إليه أيضاً ككيانات إرهابية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية عام 2012 لاتهامهما بنقل الأسلحة إلى نظام الأسد، تدير اليوم شركة "بويا" للطيران ست طائرات شحن روسية الصنع يتم استئجارها من قبل القوة الجوية التابعة للحرس الثوري الإيراني.


ومؤخراً قام الأخير بشراء طائرتين إقليميتين برازيليتي الصنع من نوع "إمبراير إي آر جاي-145 إي آر" يصل مداهما إلى نحو ثلاثة آلاف كيلومتر، وتتسعان لقرابة الخمسين راكباً.


وقد تم تسجيل أولى هذه الطائرات في جنوب إفريقيا من قبل رجل أعمال إيراني يقيم في إسطنبول، يُدعى " حسين حافظ أميني"، وسُلِّمت إلى "شركة طيران بويا" في 31 آذار/مارس. ويشار إلى أن كلا الطائرتين شوهدتا لاحقاً في "مطار مهر آباد الدولي" في طهران وكانتا لا تزالان تحملان شارة التسجيل من جنوب أفريقيا والزي الرسمي لـ "شركة راي للطيران".


وبالإضافة إلى الإيرادات التي يجنيها "الحرس الثوري" من رحلات الركاب، يتمكن كذلك من ادّخار المال عبر استخدام طائراته الخاصة لنقل عناصره وعائلاتهم، والأهم من ذلك أن امتلاكه لأسطول جوي للشحن والسفر خاص به يتيح له نقل عناصره أو شحناته السرية تحت أدنى درجات الرقابة من سلطات الطيران المدني.

وظهرت مؤخراً شركة أخرى خاضعة للحرس الثوري، وهي "طيران فارس قشم" التي استلمت من الشركة الأفغانية "كام للطيران" طائرتي شحن عتيقتين من طراز "بوينغ 747-200 أف" عن طريق وسيط أرمني.


ومن غير الواضح ما إذا كان المسؤولون الأفغان يدركون الوجهة النهائية لتلك الطائرات، وقد تم على الفور استخدام أولى هذه الطائرات، وهي طائرة "إي پي-أف أي أي"، من خلال تسيير رحلات جوية يومية من طهران إلى دمشق، وتخضع الطائرة الثانية للصيانة في مركز "فارسكو" للصيانة والإصلاح في طهران، ويُقال أنَّ "شركة "ماهان" للطيران" هي التي تسيّر طائرات الـ "بوينغ" التي تم شراؤها حديثاً.

 

الجسر الجوي الإيراني السوري!

 

وفي الفترة الأخيرة شهد الجسر الجوي بين إيران وسوريا حركة ناشطة مع رحلات تسيّرها عدة شركات طيران مدنية وعسكرية، وهي: "ماهان" للطيران، و"الخطوط الجوية الإيرانية"، و"القوات الجوية الوطنية الإيرانية" /"طيران ساها" و"طيران «الحرس الثوري» /"طيران فارس قشم"/ "بويا للطيران"، و"الخطوط الجوية السورية" و"أجنحة الشام للطيران"، وهذه الأخيرة هي شركة طيران سورية خاصة تسيّر رحلات منتظمة بين طهران ودمشق، استهدفتها العقوبات الأمريكية في عام 2016.


والجدير بالذكر أن غالبية رحلات "الخط السوري السريع" التي تسيّرها هذه الشركات تجري ليلاً لإعاقة عملية رصدها عبر الأقمار الاصطناعية. وبالإضافة إلى هذا الخط الناشط بين طهران ودمشق، ثمة ثلاث خطوط جوية ("ماهان"، و"الخطوط الجوية الإيرانية"، و"الخطوط الجوية السورية") تحطّ في "مطار عبادان" بشكل متقطع، حيث تُنقل إليها عناصر الميليشيات الشيعية العراقية بالحافلات من النجف والبصرة لتستقل الطائرات إلى دمشق.


وبالإجمال، نقلت "الخطوط الجوية الإيرانية" و"السورية" نحو 21 ألف مسافر بين طهران/عبادان ودمشق خلال الشهرين الماضيين فقط، ومعظم هؤلاء المسافرين من القوات العسكرية أو شبه العسكرية، إضافةً إلى نقل إمدادات يفوق وزنها5,000 طن، وجميع هذه الرحلات تقريباً مستأجرة بالكامل من قبل «الحرس الثوري» الإسلامي وعادةً ما تكون غير متاحة لعامة الشعب.


مخاطر تجسدها شركة "ماهان" الإيرانية للطيران!.


في عام 1992، تم تأسيس شركة "ماهان" للطيران، من قبل "شركة مل مفاه الدين القابضة في "كرمان"، وهي ثاني أكبر شركة طيران إيرانية، بدأت كشركة صغيرة تسيّر رحلاتها على متن بضع طائرات روسية الصنع، وبعد فترة من عدم الاستقرار، قامت الشركة في عام 1998 بتكليف إدارة عملياتها لضابط سابق في "الحرس الثوري" يُدعى "حميد عرب نجاد"، وخلال الحرب بين إيران والعراق، عمل عرب نجاد نائباً لقائد إحدى أنشط الوحدات القتالية التابعة للحرس الثوري وهي "شعبة العمليات ثأر الله 41" بقيادة القائد الحالي لـ «فيلق القدس» قاسم سليماني. ثم تولى عرب نجاد لاحقاً رئاسة المكتب الإيراني للإعمار في البوسنة والهرسك، وهو منصب مرتبط على الأرجح بعمليات «فيلق القدس» في البلقان.


ويقيناً، أن توظيف ضابط سابق في الحرس الثوري الإيراني ليس بالضرورة بالأمر المقلق، لأن العديد من مدراء شركات الطيران الإيرانية الأخرى هم من قدامى «الحرس الثوري». لكن العلاقة الوثيقة التي تربط عرب نجاد بسليماني و«فيلق القدس» تبعث على القلق، كما أن أعمال "ماهان" غير المشروعة التي تنفذها بالنيابة عن «الحرس الثوري» قد وضعت الشركة على رأس قوائم العقوبات الدولية منذ عام 2011، وبالتالي فإن أي شركة تتعامل معها تكون معرضة لمخاطر كبيرة.


وعلى الرغم من التأثيرات المؤلمة التي فرضتها العقوبات على القيمة الجوية لطائرات "ماهان"، وجدت الشركة أساليب مبتكرة لاستيراد أسطول من الطائرات الغربية الصنع خلال السنوات الأخيرة، من بينها ثماني طائرات "إيرباص أي340" البعيدة المدى. وفي الواقع فإنّ الطائرات التي استحوذت عليها عبر الشركات الوهمية الأرمنية تجعل الخطوط الجوية الإيرانية الوحيدة التي تستطيع تسيير رحلات لمسافات طويلة.


فضلاً عن ذلك، استلمت "ماهان" مؤخراً الطائرة الأولى من بين ثلاث طائرات "إيرباص أي340" مستعملة من سريلانكا واليونان، مستخدمةً هذه المرة "شركة "بيك" الكازاخستانية للطيران كوسيط في العملية، وقد تم تسليم واحدة على الأقل من هذه الطائرات إلى "الخطوط الجوية السورية"،وقد قامت للتو برحلتها الافتتاحية الأولى إلى دبي.


وتفيد التقارير أن هذه الطائرة التابعة لـ "شركة ماهان" سوف تسيّر الرحلات إلى أمريكا الجنوبية وشرق آسيا أيضاً، لكن الجدوى الاقتصادية لهذه الطرق الجوية محل شك لأن "الخطوط الجوية السورية" تخضع لعقوبات الاتحاد الأوروبي منذ عام 2012 والعقوبات الأمريكية منذ عام 2013.


وعلى نطاق أوسع، صنّفت وزارة الخزانة الأمريكية عدة شركات مقرها في أرمينيا وقيرغيزستان وأوكرانيا وتايلاند وتركيا كشركات تغطية لـ "ماهان". وقد عملت هذه الشركات كوسيطة لشراء الطائرات والمعدات المرتبطة بها من قبل الكيانات الإيرانية الخاضعة للعقوبات.


وإذا احتسبنا هذه المعطيات مجتمعةً، فإن أسطول "ماهان" الحالي يضم أكثر من 37 طائرة كبيرة يبلغ متوسط عمرها 24 عاماً، وتقوم برحلات داخلية وخارجية تشمل آسيا وأوروبا. وتسيّر "ماهان" 15 في المائة من الرحلات الدولية في إيران، أي ما يقرب من ضعف حصة "الخطوط الجوية الإيرانية" (8.5 في المائة)، وليس هذا بالأمر المفاجئ نظراً إلى أن معظم طائرات الرحلات لمسافات طويلة لدى "الخطوط الجوية الإيرانية" كانت قد مُنعت من التحليق أو وُضعت تدريجياً خارج الخدمة قبل رفع العقوبات النووية.


وفي حين وضعت الولايات المتحدة "شركة ماهان للطيران" على لائحة الإرهاب في تشرين الأول/أكتوبر 2011 بسبب إمدادها «فيلق القدس» بالدعم المالي والمادي والتكنولوجي، فقد وجدت الشركة سُبلاً مختلفة للحفاظ على أسطولها في الخدمة.

المصدر: معهد واشنطن للدراسات الكاتب: فرزين نديمي
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ