إرسال قوات عربية إلى شمال سوريا.. تقويض لتمدد إيران أم مواجهة مع تركيا ...!؟
إرسال قوات عربية إلى شمال سوريا.. تقويض لتمدد إيران أم مواجهة مع تركيا ...!؟
● أخبار سورية ٢٠ أبريل ٢٠١٨

إرسال قوات عربية إلى شمال سوريا.. تقويض لتمدد إيران أم مواجهة مع تركيا ...!؟

كالعادة، كان الهدف المعلن من الحديث عن إرسال قوات عربية إلى شمالي سوريا هو تقليص نفوذ إيران، غير أن هناك ما يشير إلى أن تركيا هي المستهدفة ضمناً، إذ لم يسبق أن تحركت السعودية ولا مصر ولا حتى الولايات المتحدة لإرسال قواتها رغم سيطرة إيران وميليشياتها على أراض كبيرة في سوريا، في حين قرروا الذهاب إلى الشمال السوري الذي تقترب أنقرة من إخلائه من المسلحين الأكراد المناوئين لها.

هذه الأفكار التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وتداولها الإعلام بشكل واسع بعد الضربة الثلاثية لمواقع نظام الأسد مؤخراً، أثارت تساؤلات حول تركيز الصراع السوري ونقله إلى الجبهة الشمالية الشرقية تحديداً، حيث أعلنت أنقرة مراراً عن خطط تهدف إلى طرد العناصر الكردية المسلحة من منبج ومناطق شرق الفرات، لتأمين حددوها من مخاطر تلك القوات الممولة والمدعومة أمريكياً وفرنسياً.

الحديث عن إرسال قوات عربية إلى شمالي سوريا، رغم ما يحمله من إيجابيات بالنسبة لتركيا، التي تعاني من دوامة الصراع السوري منذ أكثر من 7 سنوات قرب حدودها الجنوبية الشرقية، تتناقض فيها مصالح واستراتيجيات 7 قوى متصارعة على النفوذ والسيطرة؛ وهي القوات الأمريكية والفرنسية والروسية والتركية وقوات النظام السوري وإيران والقوى الكردية، ما قد يُشكل تهديداً فعلياً بنشوب صراع دولي قرب الحدود التركية-السورية.

وبسبب الكلفة المالية، التي تتكبدها الإدارة الأمريكية للإنفاق على القوات (قدرها البنتاغون بـ2000 مقاتل)، أبدى الرئيس الأمريكي في وقت سابق نيته سحب قوات بلاده من الشمال السوري، رغم اعتراض حلفائه الخليجيين، الذين يرون أن الانسحاب سيزيد من طموحات أنقرة في تعزيز نفوذها في الشرق الأوسط.

ويبدو أن الإدارة الأمريكية تحاول بالفعل تجميع قوة عربية بديلة لها في سوريا، إذ كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية في (17 أبريل 2017)، عن اتصال مدير الأمن القومي الجديد، جون بولتون، باللواء عباس كامل، القائم بأعمال مدير المخابرات العامة المصرية، لاستطلاع موقف القاهرة من العملية.

وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن واشنطن طلبت من دول خليجية منها السعودية والإمارات، المساهمة بمليارات الدولارات لإعادة إعمار الشمال السوري وإرسال قوات عسكرية، لتبدي الرياض استعدادها بعد ذلك لدعم هذه التحركات، على لسان وزير خارجيتها عادل الجبير، الذي أكد أن بلاده "تحافظ دائماً على الوفاء بحصتها من المساهمات المالية، وتحمل المسؤولية والعبء".

لكن الإمكانيات المالية والعسكرية التي تمتلكها مصر والسعودية وحلفاؤهما، بحسب مراقبين، لا تكفي لخوض "مغامرة" جديدة وفتح جبهة خارج أراضي تلك الدول التي تكافح منذ سنوات من أجل إزالة المخاطر عن أمنها القومي منها: الصراع في سيناء بالنسبة لمصر، وحرب اليمن بالنسبة للسعودية وحلفاؤها، فضلاً عن تراكم المشاكل السياسية والاجتماعية والأمنية داخلياً.

وتنقل "وول ستريت جورنال" عن مسؤولين وخبراء، أن تجميع وحدة قوات عربية يواجه عدة عقبات؛ فمصر منشغلة بعملية سيناء ضد تنظيم الدولة، فضلاً عن تأمين حدودها الغربية مع ليبيا، ومن ثم فقد تتردد في المشاركة في نشر قواتها في مناطق غير خاضعة لقوات الأسد، بحسب ماترجمت "الخليج أونلاين".

أما السعودية والإمارات فلا تزالان متورطتين في حرب "الاستنزاف" باليمن، رغم ترحيب وزير خارجية السعودية عادل الجبير بفكرة إنشاء تحالف واسع بقيادة واشنطن.

وقد يختصر الموقف السعودي على خطط ترامب الكثير من المشقة، كما تقول الصحيفة، لكن في حال لم تحتفظ واشنطن بحضور عسكري، فإن غيابها لن يطمئن شركاءها على الأرض، الأمر الذي قد يضعف هذه القوات في أول مواجهة محتملة مع إيران بمساعدة روسيا، في حال أرادت السيطرة على مناطق كانت بقبضة تنظيم الدولة.

فكرة نشر قوات عسكرية شمالي سوريا، يبدو أنها استهوت مؤسس شركة "بلاك ووتر" الأمنية، إيريك برينس، الذي تلقى اتصالات غير رسمية من مسؤولين عرب تتمحور حول إمكانية بناء قوة أمنية في سوريا، لكن برينس والأطراف المحلية والإقليمية والدولية الفاعلة على الأرض السورية ينتظرون ماذا سيفعل ترامب، بمزيج من الترقب والارتياب، بحسب ما تذكر "قناة الجزيرة" الإخبارية.

ورجح الخبير في الشأن التركي علي حسين باكير، إمكانية نشر مرتزقة من شركات أمنية أمريكية بدعم خليجي، قائلاً: إنه على "الأغلب أن الدعم سيتركز على تمويل وجود الولايات المتّحدة أو مرتزقة من المقاتلين من شركات أمريكية"، رغم استبعاده تنفيذ مقترح إرسال قوات عربية إلى سوريا.

وقال باكير في حديث لـ"الخليج أونلاين": "حتى لو افترضنا أن مثل هذا المقترح سينفذ، فستكون قوات مركزية فقط، ولن تحل محل القوات الأمريكية"، مضيفاً: "أستبعد بقوة إرسال قوات على الأرض. هذا المقترح غير قابل للتطبيق في الظروف الحالية، فلا دول الخليج لديها القدرة العسكرية والبشرية لإرسال قوات، ولا مصر التي امتنعت عن إرسال قوات إلى اليمن، فكيف سترسل إلى سوريا في مناطق غير خاضعة لسيطرة النظام السوري؟".

الخبير بالشؤون العربية-التركية، سعيد الحاج، شكّك في حقيقة الخطط الفعلية أو الواقعية حول إرسال القوات العربية. وقال لـ"الخليج أونلاين": "هناك شكوك حقيقية وواقعية تجاه هذه الخطة".

وأضاف الحاج: "هذا المقترح أمامه تحديات عسكرية ولوجستية وسياسة كبيرة، ربما الأقرب للفهم أن تكون هناك مشاركة عربية من نوع ما، أو مشاركة في التمويل أكثر منها في الواجد العسكري".

وتابع: "قوات عربية من دول مأزومة في عدة جبهات سيكون من الصعب الاعتماد عليها في سوريا، فضلاً عن صعوبة المهمة دون الوجود العسكري الأمريكي".

فكرة إضافة قوات عربية إلى القوات الأمريكية الموجودة هناك التي سيعتمد عليها ربما تكون فكرة صائبة، بحسب الحاج، الذي يعتقد أن أنقرة "لن تسارع في تسجيل موقف على هذه الأفكار التي ما زالت أفكاراً. لكنها بطبيعة الحال تراقب عن كثب".

ويؤكد الحاج أن الشمال السوري "مهم جداً للأمن القومي التركي، وتحديداً فيما يتعلق بملف الإرهاب، والمنظمات المصنفة على قوائم الإرهاب التركية"، مضيفاً "ومن ثم فهناك نظرة ريبة قد تكون -إن صح التعبير- تركية تجاه هذا المخطط، وما المقصود منه في نهاية المطاف".

وأبدى الخبير بالشأن التركي استغرابه من عدم وجود خطة، عربية أو أمريكية، لمواجهة قوات نظام الأسد على سبيل المثال، "إنما هناك خطط لمواجهة قوى أخرى، منها تركيا الموجودة في الشمال السوري، والتي لديها خطط تحدثت عنها كثيراً عن منبج ومناطق شرق الفرات، حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية".

ويضيف الحاج: "صحيح أن تركيا تفضل أي قوة عسكرية توجد في الشمال السوري عدا الفصائل الكردية المسلحة، وستكون أهون عليها وأخفّ على أمنها القومي، لكن واضح جداً أن الدول التي ذُكرت أو معظمها على الأقل، إن كان السعودية أو الإمارات أو مصر وغيرها، تصنف تركيا بطريقة معينة وهي غير راضية عن سياستها، وتهاجمها سياسياً وإعلامياً. ومن ثم قد تفترض تركيا أن هناك محاولة لمواجهتها ولو ضمنياً، في فكرة وجود قوات عربية بشمالي سوريا".

ويرى الخبير في الشؤون التركية أن هناك "مخاطر كبيرة" لكن تركيا تدير علاقاتها حتى مع هذه الدول المختلفة معها ومع السعودية رغم كثير من السياسات محل الخلاف، والتحريض على تركيا، مؤكداً أن أنقرة "ما زالت حريصة على هذه العلاقات، ولا تريد أن تفسد علاقاتها مع المملكة وترى فيها دولة عربية وإقليمية مؤثرة".

وحول احتمالية المواجهة بين هذه القوات وتركيا مستقبلاً، يقول الحاج: "لا أعتقد أن الأمر سيصل إلى حد المواجهة العسكرية المباشرة. تركيا حريصة على ألا يصل الأمر إلى ذلك، وستنسق قدر الإمكان مع هذه الدول وتتحدث معها، كما تفعل الآن مع أمريكا وروسيا وإيران".

هذا الأمر، يضيف الحاج، منوط ومعتمد على موافقة هذه الدول العربية، بفرض أن هذه الأفكار طُبِقَت على أرض الواقع، وأفكارها وطريقة تعاملها مع تركيا.

صحيح أن الأوضاع في سوريا "خطيرة جداً"، ووجود قوات عدة دول على الأرض السورية وتعارض المصالح بشكل كبير يمكن أن ينذر بطريقة أو بأخرى بمواجهة مقصودة أو غير مقصودة، لكن حتى الآن تركيا قادرة على تلافي ذلك وقادرة على التنسيق على مختلف الأطراف، بحسب المحلل السياسي.

ويتابع: "حتى لو طبقت الخطة -وهذا مستبعد- فلن يكون هناك اختلاف كبير ولن تكون هناك مصادمات معينة، ربما تكون هناك مضايقات أو تأطير للدور التركي في شمالي سوريا، ولكن لا أعتقد أن ذلك قد يؤدي إلى مواجهات عسكرية".

وخلص إلى أن التطورات الميدانية هي التي ستفرض نفسها، وتفرض النتائج أكثر من الأفكار المبدئية التي نتحدث عنها الآن.

من جهته، حذر الكاتب التركي إبراهيم قراغول، من "مخطط غربي" لنشر قوات عربية في مناطق شمالي سوريا، مشيراً إلى أن هذا الأمر "يعد دعماً للتنظيمات الإرهابية ولا علاقة له بإيران، وقد يؤدي لحرب عربية- تركية".

وقال قراغول في مقال نشره الأربعاء (19 أبريل 2018)، في صحيفة "يني شفق" التي يرأس تحريرها: "لقد جهزوا أنفسهم لتنفيذ مخطط عملية مخيفة جديدة خشية أن تتجه تركيا نحو شرق الفرات بعد عملية غصن الزيتون في عفرين".

وكانت السعودية أعلنت عدم ممانعتها من إرسال قوات إلى الشمال السوري في ظل تحالف كبير، لكن الأمر برمته ما يزال قيد موافقة الدول المعنية بالخطة، والتي لا تبدو راغبة في الانخراط فيها، بيد أن ضغوطاً أمريكية قد تدفعهم إلى فعل ما يكرهون.

المصدر: شبكة شام الكاتب: فريق التحرير
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ