اجتمعت عليها وعلى عائلتها الأمراض وحاربها الفقر .. حاولت الإنتحار هرباً ..فهرب الموت ليتركها ... (وجع سوري)
اجتمعت عليها وعلى عائلتها الأمراض وحاربها الفقر .. حاولت الإنتحار هرباً ..فهرب الموت ليتركها ... (وجع سوري)
● أخبار سورية ٨ ديسمبر ٢٠١٥

اجتمعت عليها وعلى عائلتها الأمراض وحاربها الفقر .. حاولت الإنتحار هرباً ..فهرب الموت ليتركها ... (وجع سوري)

أثقلت عاتقها ظروف الحياة والمرض و الفقر ، اجتمعت عليها المصائب ، اجتهدت ففشلت ، وكان العجز يلاحقها بكل شيء حتى في الإنتحار كان الفشل هو العنوان .

لسنا نحاول سرد قصة إنسانية لإستجلاب العطف ، أو استدعاء أحد للمساعدة ، فقصة أم أحمد هي جزء من "الوجع السوري" ، الذي لحق جميع السوريين ،و لكن درجاته متفاوتة ، و قد تكون أم أحمد من النوع الذي يوصف بأنه "الثقيل جداً".

أم أحمد هي نازحة من ريف إدلب ، تقطن حالياً مخيمات أطمة بالقرب من الحدود السورية التركية ، لديها أربعة أطفال ، شاء القدر أن يصاب إبنها الصغير محمد بثلاثة أمراض هي ( فتحة في القلب وكتل في الدماغ وفشل كلوي) ، أما أبنها الثاني فيعاني من سوء التغذية وقصر نمو.

حملت أوجاع أبنائها وتوجهت لتركيا علها تجد ما يخفف عنهم و يمنحهم الأمل ، لكن لدى تواجدها في تركيا اشتكت من آلام في اليدين والقدمين والظهر فتم نقلها إلى إحدى المشافي حيث تم إجراء الفحوصات والتحاليل التي تبين من خلالها أن أم أحمد مصابة بمرض السرطان في نقي العظام وبحاجة لأخد جرعات علاجية كل عشرين يوم.

"محمد" قائمة أمراض

تجلس مع أم محمد لتستمع لمعاناتها ، رغم أنك لم تكن تخطط لهذا القاء ، و لكن تحمد الله على أنه حدث ، كي تتمكن من نقل صورة غابت أو تُغيب في المعترك السياسي و أتون الحرب .

قالت أم أحمد أن إبنها محمد كان لديه أربع فتحات في القلب أغلقت ثلاثة وبقيت واحدة بعد العلاج ويحتاج إلى إبرة أسبوعياً لعلاج الكتل في الدماغ ، ثمنها 700 ليرة تركية تتحمل المشفى نصف المبلغ وأم أحمد تتحمل النصف الآخر، بالإضافة إلى حاجته لغسيل الكلى أسبوعياً بتواجد جهاز العزل الذي لا يتوفر في المشافي السورية (عزل التهاب الكبد الإيجابي عن السلبي) مما يضطرها لأخذه لتركيا.

حتى "الحدود" تحاربها

كانت تدخل عن طريق معبر أطمة من أجل علاج أبنها في الأسبوع ثلاث مرات وكل 20 يوم من أجل أخذ جرعة علاجية لمرض السرطان ، ولكن بعد اغلاق معبر أطمة أمام الحالات الإنسانية وتحويلهم إلى معبر باب الهوا ازداد الأمر صعوبة حيث يستغرق الدخول وقتاً طويلاً من خلال تسجيل دور قد ينتظر صاحبه شهراً كاملاً أو أكثر حتى يسمح له بالدخول مما يجلها تتأخر كثيراً على العلاج وتفقد فرصة أحذ جرعة أو جرعتين من العلاج,أما اذا فكرت بالدخول عن طريق

المهربين فهذا يتطلب منها الركض وهي مريضة ولا تملك الأموال الكافية التي يطلبها المهربون ، هذا الوضع جعلها تطلق مناشدة للمنظمات والمعنين بالسماح لها بالدخول

من أجل العلاج ،و لكن لازالت تنتظر أن تسمع صدى لمناشدتها .

خيم مهترئة تضم مآساتها

تسكن أم أحمد في خيمتين مهترئتين ليس لهما باب مما يجعلهم عرضة لدخول الحشرات والكلاب أحياناً بالإضافة إلى أن زوجها معه ضعف بالنظر مما لا يجعله يستطيع العمل ، فهي تعيش من خلال مساعدة أهل الخير أحياناً ومن خلال الاستدانة.

وأكدت أم أحمد أنها لا تستخدم المدفأة فهي تستخدم "تنكة" تشعل فيها الحطب والأوراق لتدفئة صغارها ، مما يزيد من مرض إبنها الصغير محمد المصاب بمرض القلب.

وتمضي أم أحمد بالحديث عن أن جيرانهم يساعدونهم أحياناً وأحياناً أخرى لا يجدون ما يأكلون.

لاتملك "واسطة" للعمل فجلست عاجزة

حاولت أم أحمد وزوجها أن يتقدموا للوظائف في المنظمات ولكنها تشتكي من الواسطة في المنظمات فعلى حد قولها"ان لم يكن لديك واسطة فلا تستطيع الدخول للمنظمات".

أخبرتنا أم أحمد أنها جلبت عقداً لزوجها من أجل العمل بإحدى المنظمات بصفة حارس ففوجأت بإعطاء العقد لغيره ، أكدت أن زوجها يبحث عن الكفاف والحصول على أي عمل لإطعام أطفاله ولكن باتت محاولاته بالفشل.

أضافت أم أحمد أنها حاولت كثيراً البحث عن عمل وأنها تقدمت لإحدى الوظائف التي تم منحها لإمرأة تدعي أم أحمد أنها مدعومة أكثر منها.

الإنتحار كان ملجئها و لكن فشلت

كل هذه الظروف التي مرت بها أم أحمد جعلتها تحاول الإنتحار أكثر من مرة، فقد تطلبت منها ظروف الحياة أن تكون الرجل والمرأة ، فهي المطالبة بعلاج نفسها وعلاجها إبنها محمد وهي التي يتطلب منها أن تنفق على العائلة فحاولت الإنتحار أكثر من مرة.

وعندما إحترقت الخيمة بسبب "الببور" لم تكن تريد الخروج كانت تفضل الموت ولكن جارهم أخرجها عنوة, ومرة أخرى حاولت الإنتحار عن طريق تناول السم ووضعه لها ولإطفالها ولكنها لم تستطع أن تترك أطفالها يتناولون منه.

تخلي الجميع

حاولت أم أحمد كثيراً أن تطلب من الناس وتستدين منهم فاعتذر لها الكثيرون ، مما جعلها تقف عاجزة أمام كل هذه الهموم ، وأمام تخلي المنظمات والجميعات الخيرية عنها.

تقول أم أحمد وعيناعها يذرفان الدموع "مافي أصعب منها أنك تطلب ربطة الخبز تشتريها وما معك حقها وما حدى يفعل يعطيك اياها".

تضيف أنه يتم توزيع 6 أرغفة من الخبز مجاناً وسلة اغاثية لا تصل إليهم بل يأخذها الدائنون لإستيفاء ما على أم أحمد من ديون.

قصة أم أحمد هي واحدة من قصص نساء سوريات كثر ، عانين بسبب ظروف الحرب وتخلى الكثير عن مساعدتهن ، في وقت يفترض أن تقوم مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات المختصة والجمعيات الخيرية بكفالتهن ومساعدتهن على تجاوز العقبات والإستمرار بحياة قاسية فرضت عليهن.

المصدر: شبكة شام الكاتب: مراسل شبكة شام – مهند المحمد
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ