"القصير".. مزرعة حشيش لحزب الله الارهابي ومشروع سكني لإيران
"القصير".. مزرعة حشيش لحزب الله الارهابي ومشروع سكني لإيران
● أخبار سورية ٢٦ أبريل ٢٠١٧

"القصير".. مزرعة حشيش لحزب الله الارهابي ومشروع سكني لإيران

يمسك حزب الله اللبناني بكل ما أوتي من قوة، بمنطقة القصير بريف حمص، في مسعى لإنهاء أي رابط لها مع ماضيها وتحويلها لمزرعة بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ مادية ومعنوية وما تحتويه من موجودات وسكان، فالقصير التي كانت أول المناطق التي تم اخلاؤها من سكانها تحت وطأة القوة، باتت اليوم "مرتعاً" للحزب اللبناني الذي يعمل على مسح الذاكرة وتغيير ديموغرافية المنطقة بشكل جذري.

 
رغم أن وسائل الاعلام توقفت عن الحديث عن مدينة "القصير"، إلا أن العرض العسكري الذي قام به حزب الله اللبناني وسط المدينة العام الماضي، أعادها للواجهة كما هو الحال في عام 2013، لتكون الصور المسربة عن ذلك العرض حديثاً متداولاً وقضية تتصدر المشهد على مختلف الأصعدة، ليغيب هذا الحدث مرة أخرى بين زحمة الأخبار وتتالي المعارك العسكرية والسياسية في سوريا، إلا أن تأسيس الحزب اللبناني شركة بناء ضخمة و بتمويل إيراني، مخصصة لإنشاء عقارات على عقارات سابقة، وتسجيل هذه العقارات بأسماء أشخاص تابعين للحزب، سواء من أهالي البقاع اللبناني أو الجنوب، يعيد فتح ملف هذه المدينة.

 مدينة القصير ذات الموقع الجغرافي الفريد، المشرف على الطريق العام بين دمشق وحمص ثم حلب واللاذقية، وامتدادها على مساحة واسعة مع الحدود اللبنانية ما يجعلها ذات عمق استراتيجي لحزب الله اللبناني، تلك المنطقة تتميز بأراضيها الخصبة، ما جعلها حاضنة جيدة لزراعة بذار مادة "الحشيش" المخدرة، التي يشتهر حزب الله بزراعتها وتصنيعها وتجارتها، إذ تعتبر من أهم مصادر تمويل الحزب في عملياته الأمنية والعسكرية.
 
بدأت قصة "القصير" مع الثورة السورية، منذ أيامها الأولى،  فنشط أهلها بالمظاهرات، ونجحوا في حمايتها بعد إجبارهم على التسلح، وتمكنت من تقديم نموذج مميز بالإدارة والتنظيم، ، وقد جعلتها مميزاتها الجغرافية والطبيعية هدفاً في غاية الأهمية والضرورة لإيران، فواجه أهلها حلف ثلاثي "الأسد - حزب الله و ايران" في معركة لم يعرف التكافؤ طريقاً لها، فاضطر أهلها و ثوارها للخروج  في الرابع من حزيران عام 2013، بعد حرب ضروس أتت على كل شيء من حجر و بشر، و استطاع من كتب له البقاء حياً من الوصول إلى القلمون بشقيه (الشرقي - و الغربي) ولاحقاً إلى لبنان وتحديداً عرسال بعد سقوط القلمون بيد النظام وحلفائه في آذار 2013.
 
زراعة الحشيش
وبالرغم من دفاع أهلها عنها، إلا أن النظام وحزب الله استنزف من أجل الهيمنة عليها بعد إبادة أهلها بالقتل والتهجير، بحسب ما قال الكاتب الصحفي "عبد الرحمن ع"، لموقع أورينت.
 
وأكد أحد الإعلاميين المقربين من الحزب لموقع أورينت، والذي رفض ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن مناطق زراعات نوح زعيتر المؤيد للحزب تعدت الحدود اللبنانية، ومصانع الكبتاغون التابعة له، وهي الأهم بات اغلبها على الأراضي السورية، وعمليات التصدير تتم عبر السويداء باتجاه درعا ثم الاردن والخليج حيث السوق الأغنى.

 أما الإعلامي "هادي ع"، فشدد على أن الحزب يمنع أي أحد من دخول مناطق بساتين القصير حتى أمن نظام الأسد، وأمست محصورة لعناصر حزب الله اللبناني وعوائلهم، والشيء المؤكد إن حزب الله أخذ بساتين القصير وبدء بزراعتها  وأخذ محاصيلها، وأضاف "وردنا أنباء قوية من سوريين كانوا يسكنون في مناطق سيطرة حزب الله بالقصير، أنهم يقومون بزراعة بساتين القصير وريفها بالحشيش".

في غياب القانون من الطبيعي أن يكون هناك زراعة حشيش وتجارة مخدرات، فلا دولة ولا قانون، بحسب ما قال المحلل السياسي المعارض "موسى النبهان"، واعتبر أن هذه الأمور ستنتهي بسقوط النظام وكل من هو تابع له بما فيهم حزب الله اللبناني.
 
تغيير السجلات العقارية في القصير
 لم تقتصر نشاطات ميليشيا حزب الله اللبناني على استغلاله الأراضي الزراعية، أو عرض قواه العسكرية هناك، بل تعدته الى بدء مشاريع لإقامة مباني سكنية للبنانيين تابعين له من الجنوب والبقاع، بعد تزوير عقود بيع وتسجيلها بأسماء جديدة، بحسب العنصر "غ.ل" في حزب الله، فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنيه.
 
وأكد عنصر حزب الله "غ.ل"، لموقع أورينت، أنه تم تأسيس شركة بناء ضخمة مخصصة لإنشاء عقارات على عقارات سابقة، تمويلها إيراني،  ويتم تسجيل هذه العقارات بأسماء أشخاص جدد، فالتكتل السكاني الذي يقوم حزب الله باستحداثه في القصير هو امتداد لبعلبك، لكن حتى الآن لم تبدء عملية إعمار، ولكن الحزب بدء بتلزيم الأراضي لشركات، أما أهالي القصير وريفها (الشيعة)، التابعين كلياً لحزب الله فيتم إجبارهم على بيع أراضيهم للحزب، وتوقيع عقود البيع، فالهدف وذلك لاتباع القصير ببعلبك إيديولوجياً وفكرياً ومالياً وسكانياً وطائفياً.
 
وتابع "غ.ل"، الذي كان أحد مقاتلي الحزب في معركتي القصير وحلب، أن "مركز الأحوال الشخصية بأكلمه تابع للحزب، ويتم نقل ملكية أراضي أهل القصير الذين تركوا منازلهم بأوراق مزورة، وعمل الحزب على توظيف عمال سوريين لاجئين للعمل في شركة الأعمار هذه، بإغوائهم بالمال ولتسهيل أمورهم سواء في المنطقة أو على الأراضي اللبنانية".
 
ونفى الإعلامي "هادي ع"، لموقع أورينت، أن يكون أحد من سكان القصير وريفها السني قد باع حزب الله أراضيه، وأن عقود البيع الذي يعتبرها حزب الله ذريعة بيده كلها مزورة، مشيراً إلى أن عناصر الحزب حرقوا مبنى الأحوال الشخصية والبلدية في القصير متعمداً، وأكد هادي "عدم وجود أحد من سكان القصير وقراها السنية، اذ أن جميعهم نزحوا باتجاه القلمون خوفاً من الاعدامات الميدانية والاعتقالات"، وأضاف "هناك فيديوهات مسربة تؤكد أن معظم قرى القصير خاوية من السكان، أما الأغلبية المسيحية فقد خرجت أيضاً من القصير خوفاً من بطش حزب الله من جهة، فيما تضامن قسم منهم مع خروج السنة من جهة أخرى، أما الحي الشيعي في القصير وهو حي وحيد في القسم الشرقي من المدينة، فعاد سكانه الى منازلهم في الحي المتطرف عن المناطق الأخرى".

الهلال الشيعي والقصير
لم تكن السيطرة على مدينة القصير وريفها أمراً عشوائياً، بالنسبة لإيران أولاً وحزب الله ثانياً، إذ إن القصير تعد نقطة استراتيجة بالنسبة لهم، لأنها توصل حمص "وسط سوريا" بالعراق ومن ثم تصل العراق بإيران، هذا ماقاله ابن القصير "هادي ع"، وتابع "عقدة حمص والقصير كانت هدفاً لإكمال إيران بمساعدة حزب الله اللبناني للهلال الشيعي، فحزب الله يسعى لوصل شيعة لبنان بشيعة ايران عن طريق القصير- حمص، ومن ثم طريق تدمر الصحراء، وصولاً إلى العراق عن طريق دمشق-بغداد، وصولاً الى إيران، وبالتالي يكون قد أمن خط إمداده بكل سهولة".

وادي حنا وذخيرة حزب الله
وعزا هادي، السبب الثاني لأهمية القصير بالنسبة لإيران وحزب الله، إلى وجود مستودعات ذخيرة و أسلحة في منطقة تدعى "وادي حنا"، وهي منطقة حدودية بين سوريا ولبنان، تقع بين القرى الشيعية التابعة إداريا الى سوريا وبين منطقة الهرمل الشيعية اللبنانية، والتي تعد من أهم معاقل حزب الله.
 
وشرح هادي وضع منطقة وادي حنا، بأنها وادي تحت الأرض ممنوع لأحد أن يقترب منه، وبحسب المعلومات فإن هذه المنقطة تضم مستودعات تحت الأرض فيها سلاح وذخيرة كما أن هناك انباء عن تواجد سلاح كيماوي داخلها.
 
حزب الله في القصير برضى دولي
لم تعد القصير تحت سيطرة النظام ، فهي لحزب الله بامتياز، وتعتبر من أهم مراكزه العسكرية، وتعد مركز مراقبة له، ومنطقة تدريب عسكريه لعناصره، هذا الأمر لم يكن ليتم لو يكن هناك رضا دولي، بحسب "س.ل" وهو أحد عناصر حزب الله، في تصريح خاص لموقع أورينت، والذي اعتبر أن حركتهم كعناصر حزب الله في المنطقة تكون بشكل مريح.
 
ورجح ابن القصير هادي ع، أن تواجد حزب الله في القصير هو بغطاء إسرائيلي ، معتبراً أن الحرب بين الحزب واسرائيل هي مجرد أكذوبة، لذا تم اقتحام المدينة وريفها بأريحية دون ضرب خطوط الإمداد التابعة للحزب وبشكل علني وواضح، ليحرقوا المنطقة قبل أن يقتحموها، ففي مرحلة من المراحل كان النظام يضرب في الدقيقة الواحدة 40 قذيفة، وأكثر من 100 غارة جوية، بالرغم من أن منطقة القصير منطقة صغيرة جداً، وكان واضحاً أن حزب الله لديه الضوء الأخضر ليتحرك كما يريد.
 
ورأى الجنرال المتقاعد في الجيش اللبناني "وهبة قطيشة"، في لقاء صحفي على موقع جنوبية اللبناني، "أن إسرائيل لم يعد يعنيها حزب الله ولا طوشته العسكرية، لأنها فرحة جداً بالمهام التي يقوم بها داخل سوريا، أما عن روسيا فلا يهمها القصير ولا القلمون ولا كل الحدود المحاذية للبنان ذلك ان ما تريده روسيا من سوريا هو حلب والساحل وقواعدها العسكرية"، ما يعني أن تواجد حزب الله كان بتسهيلات دولية بدءاً من اسرائيل و وصولاً إلى روسيا.
 
ذخيرة الحزب وقواعده العسكرية
وقال ابن القصير "عبد الرحمن ع"، إن "حزب الله لم يكتف بزراعة أراضي القصير بالمخدرات، بل قام بإنشاء قواعد ومنشآت عسكرية سرية في المنطقة"، وأضاف "لم يبق في القصير إلا عدة عوائل لا يتجاوز عددهم مئة شخص، من مسيحيين وعلويين وشيعة وبعض السنة الموالين لحزب الله، وهم محصورون في الحي الشرقي المتطرف عن المدينة، ولا يسمح لهم السكن داخل المدينة.
 
وبحسب شبكة "ستارتفو" للتجسس، والتي نشرت صوراً لقواعد عسكرية لحزب الله في القصير ملتقطة بواسطة الأقمار الصناعية، وأكدت في تقرير نشرته أن "مصدرا مقربا من حزب الله ذكر أن الجماعة تعتزم تخزين اسلحة مدفعية مثل صواريخ كاتيوشا ومدافع الهاون ومدافع الهاوتزر فى القاعدة بالقرب من القصير، كما تعتزم نقل بعض دباباتها الرئيسية التي يبلغ عددها حوالى 60 دبابة من طراز تي- 72 هناك، وبالإضافة إلى ذلك، قالت المصادر إن هناك أربعة مصانع ذخيرة منفصلة في القاعدة".


 رسالة إيرانية وعرض عسكري لحزب الله
التواجد العسكري والتراسنة العسكرية في منطقة القصير، لم كن بالأمر المخفي، منذ إعلان ميليشيا حزب الله اللبناني بمشاركته الحرب في سوريا، إلا أن عرضه العسكري الذي كان في الـ3من أيار/ نوفمبر عام 2016، والذي عرض خلاله مدرعاته وقواه العسكرية في القصير بحجة يوم الشهيد، كان رسالة واضحة للسوريين خاصة وللمجتمع الدولي عامة أن المنطقة باتت تحت سيطرة إيران، وامتداد لبعلبك اللبنانية بحسب معتقد الحزب.
 
واتسم ذلك العرض برسالة ذات حدين، واعتبر الكاتب اللبناني "فداء عيتاني"، في مقال كتبه بعنوان "حزب الله وجرائم الاحتلال"، إن عرض حزب الله العسكري هو رسالة للنظام تفيد بأنه جزء من سوريا ويملك حصة قد تكون أكبر من حصة النظام في تقرير المصير، وهي رسالة موجهة ايضا إلى روسيا، التي اشتبكت عدة مرات مع حزب الله وضربت قواته، وقتلت العديد من ضباط الحرس الثوري الإيراني في أكثر من مناسبة، أما الكاتب الصحفي "ابراهيم حيدر"، فرأى بمقاله في جريدة النهار اللبنانية، أن العرض العسكري في القصير يؤكد أن أولويات الحزب حالياً ليست المعركة ضد الاحتلال الإسرائيلي.

نفوذ الحرس الإيراني في كل سوريا
لم يكن ذلك العرض العسكري الأول من نوعه، اذ قام حزب الله في أيار عام 2015، بعرض عسكري في مدينة السيدة زينب بريف دمشق، إحياء لمقتل القيادي العسكري في صوفوه "مصطفى بدر الدين"، كرسالة أن امتداد قواه والأيادي اللبنانية قد طالت سوريا كافة.
 
وهذا الامر أكده الإعلامي المقرب من الحزب، في حديث لأورينت، فقال ان "المنطقة بدء من حمص حتى القصير مرورا بالقلعة، وصولاً لمضايا والوادي وببيبلا، كلها منطقة نفوذ واحدة أي أنها تحت سيطرة حزب الله،إضافة الى أن محيط دمشق بالكامل سيكون تحت سيطرة البيت الزجاجي التابع للحرس الثوري وبادارة حزب الله، أما العراقيون فهم  يشاركون فقط من الاتجاهات الشرقية لسوريا، اما المناطق الغربية فهي لحزب الله حصراً، اذ أنه يعتبرها متاخمة للحدود اللبنانية".
 
وصرح المصدر، أن مكتب التنسيق التابع للحشد الشعبي بالضاحية الجنوبية (والذي لا يعلم بوجوده أحد حتى الآن) هو المسؤول عن تنسيق العمل بين العراقيين واللبنانيين في هذه المناطق.
 
 80 ألف مدني خارج القصير
انسحاب الجيش الحر من منطقة القصير، التي كان يقطنها وضواحيها حوالي 120 ألف نسمة، نزح منهم 80 ألفاً، فيما تبقى العلويون والشيعة وبعض المسيحيين، كان بعد معارك طاحنة في شهر يونيو عام 2013، بعد أن شارك حزب الله بـ17فرقة، تضم كل منها 100 عنصر، أي ما يقارب 1700 مقاتل، بحسب ما ذكرت مصادر مقربة من الحزب، والذي فقد منهم خلال معركة القصير أكثر من 104 عنصر بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان، الأمر الذي نفاه المسؤول الاعلامي في الحزب "إبراهيم الموسوي"، دون أن يقدم حصيلة العدد النهائي لقتلاه آنذاك.
 
حزب الله يعلن حربه في سوريا
دخل حزب الله اللبناني الى القصير بحجة حماية الحدود اللبنانية، ولكنه أعلن فيما بعد أنه طرف في الحرب السورية، وأن تواجده كان لحماية الأماكن المقدسة والقرى الشيعية المتواجدة في محيط القصير "مثل زيتا والعقربية"، والتي ادعى أنها لبنانية، فيما هي سورية الأصل.
 
وبحسب الإعلامي هادي فقد تم اثبات أن القرى الشيعية المحيطة بالقصير، التي ادعى حزب الله أنها لبنانية، بأنها تابعة لسوري إداريا، من خلال شهادات من الناس المقيمين فيها، ومن خلال لقاءات مع مخاتير المناطق، وبالرغم من ذلك كان الحزب في المرحلة الأولى ينكر قتاله في القصير.
 
وشرح "هادي ع"  في حديثه لموقع "أورينت نت" كيف استطاع الجيش الحر، ‘ثبات تواجد حزب الله في القصير في عام 2013، فكانت القصة تتلخص بسحب جثة تعود لقيادي في حزب الله وهو حسين صلاح حبيب "أبو علي رضا" ، وتم تصويرها بهدف إثبات تواجد حزب الله في القصير، الأمر الذي أثار جنون الحزب و بدأت مفاوضات كثيرة  لتسليم الجثة وعدم نشر صورها، من خلال الدكتور اللبناني "علي زعيتر" ، في مسعى لإخفاء إثباتات وجود الحزب في سوريا كما دأب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله على نفيها في خطاباته.

وتابع هادي، "بدأت المفاوضات بعروض مبالغ مالية كبيرة، وضمان سفري وعائلتي إلى أوروبا، وانتهت بالتهديد، وبعد الرفض ونشر الفيديو وإرفاقه بصور نعوة قيادي حزب الله القتيل، اتضحت الأوراق وكشف حزب الله عن تواجده في سوريا، وكان الفيديو نقطة تحول في القصير وسوريا عامة".

 أهل القصير كيف نزحوا ..والى أين ؟؟
بدأت القصة في القصير قبل سقوطها بيد حزب الله والنظام ، إذ بدأت بعض العائلات بالنزوح، بعد ارتفاع وتيرة القتال والحصار، لاسيما مع بداية حزيران عام 2013 ، وكان نزوح النساء والطفال ممكناً حينها، وكان النزوح إلى القرى والبلدات الواقعة على طريق دمشق، كبلدة شنشار وحسياء ومدن القلمون وقارة ودير عطية والنبك.
 
وقال ابن القصير، الصحفي "عبد الرحمن ع"، لأورينت ، إن "الكثير من الرجال حاولوا مغادرة القصير في حزيران 2013، عبر حواجز النظام، بسبب القصف، ظناً منهم أنهم غير مطلوبين للجهات الأمنية، إلا أن عدداً كبيراً منهم وقع في يد حزب الله، وتم إعدام أكثر من 120 مدني موثقة أسماؤهم، ولم نتمكن من توثيق الكثير من القتلى".
 
وتابع العمار، "بدء النزوح الأكبر في الرابع من حزيران ، ليخرج كل ما تبقى من أهالي القصير عبر فتحة الموت، وكان عددهم يقدر من بـ 15 الف مدني، معظمهم من الرجال، وهم من تبقى من أهالي القصير وقراها"
 
نزوح أهالي القصير الأول، كان في شهر حزيران عام 2013 الى منطقة حسياء وجندر، اذ بلغ عددهم هناك 10 آلاف نازح تقريباً، فيما نزح الى قارة نحو 15 ألف، وثلاثة آلاف مدني الى دير عطية، وهجر الى النبك خمسة آلاف مدني، اضافة الى 12 ألفاً اقاموا في يبرود، أماعرسال اللبنانية فكان نصيبها حوالي 20 ألف مدني، وتشتت الباقون في مناطق متفرقة، بحسب عمار.
 
أما النزوح الثاني لأهالي القصير، بحسب ابن القصير، فكان بعد سقوط القلمون بأيدي النظام السوري وحزب الله، في شهر أيلول 2013، إذ نزح معظم أهالي القصير وقراها إلى لبنان، وبات أكبر تجمع لهم في عرسال، اذ يبلغ عددهم 20 ألف شخص، فيما نزح الى طرابلس 10 آلاف مدني، ولم يخلو الشمال السوري من مئات العائلات، وكان لنزوح أهل القصير الى الأردن وتركيا نصيب أيضاً، وصل الى آلاف العائلات، بعض العائلات سافرت كما باقي السوريون الى أوروبا، أما ما تبقى في مناطق سيطرة النظام السوري، سواء في القلمون أو حمص أو غيرها، لا يتعدى بضعة آلاف على أبعد تقدير.
 
اعدامات جرحى القصير
لم يكتفي حزب الله بتهجير أهالي القصير وريفها خارج منازلهم ولم يكتفي بشن حرب واضحة على الأراضي السورية باسم المقاومة، بل قام بإعدام جرحى القصير الذين سقطوا خلال المعارك التي دارت بينهم وبين قوات المعارضة إعدامات ميدانية، تلك الإعدامات نشرت في مقاطع فيديو، اتضح فيها أن عناصر حزب الله اللبناني هم من قاموا بتنفيذ الإعدامات، من خلال حديثهم  باللهجة اللبنانية، بينما كان الجرحى يتوسلون لعناصر الحزب.
 
القصير ستعود لأهلها
ويرى المعارض السوري المستقل "موسى النبهان"، أن استنزاف حزب الله اللبناني في سوريا كان بقرارات دول كبرى، وتورطه في الحرب السورية لم يكن بقراره بل قرار طهران، فحزب الله حسب قوله  "حفر قبره في سوريا بيده، وستعود الأراضي الذي استولى عليها لأصحابها، هم يحرقون أموالهم في سوريا ظناً منه بأنهم سيحققون تقدماً، لكن التغيير الديمغرافي الذين يسعون اليه فاشل بامتياز، فقد حاولوا في الخمسينات احداث هذا التغيير ولكنهم فشلوا وسيفشلون الآن كما أمس".
 
جيش وطني ينهي وجود حزب الله
واعتبر النبهان في حديث خاص لموقع أورينت، أن الحل في سوريا، لن يكون إلا من خلال تشكيل الجيش الوطني السوري، المؤلف من المنشقين عن النظام والذي تجاوز عددهم 100 ألف منشق، اضافة الى الضباط الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء، أي دون الصف الاول الثاني من ضباط النظام الذين يصنفون ضمن قائمة الاجرام، وعندها فقط سيتم ضبط المخدرات والأمن والسلاح في كافة أرجاء سوريا.
 
وإن كان حزب لله اللبناني يتباهى بتقدمه على الأراضي السورية، إلا أن هذا الامر لن يستمر، فالإدارة الأمريكية الجديدة تختلف 180 درجة عن ادارة أوباما، بضمها لنخبة الجنرالات الكارهين للمشروع الايراني في الشرق الأوسط وغير راضيين عن ماقامت به الإدارة السابقة، وماتصريحات ترامب منذ بداية حملته الانتخابية إلا توعد لإيران والمشروع الإيراني ومن تبعه من حزب الله وغيرهم بإخراجهم من المعادلة السورية، بحسب ما راى المحلل السياسي النبهان، وتابع "هم أرادوا أن يشربوا البحر (السنة)، لكن البحر كبير، لذا لا يستطيعون أن يبتلعوه".

المصدر: الأوينت نت الكاتب: رنا جاموس
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ