المحاكم الميدانية ......مقصلة المعتقلين
المحاكم الميدانية ......مقصلة المعتقلين
● أخبار سورية ٣٠ يناير ٢٠١٥

المحاكم الميدانية ......مقصلة المعتقلين

هي محاكم استثنائية سلبت القضاء اختصاصه، وحصرت عمله في نطاق محدد، ونالت من حياديته وهيبته، والأحكام الصادرة عنها أحكام لا ترقى في أحسن الأحوال إلى رتبة المحاكم القانونية العادلة، ويكون قضاتها مسؤولين شخصياً عن نتائج أحكامهم هذه.

تتولى هذه المحكمة النظر في الجرائم الداخلة في اختصاص المحاكم العسكرية والمرتكبة زمن الحرب أو خلال العمليات الحربية التي يقرر وزير الدفاع إحالتها إليها، ويقصد من «العمليات الحربية» الأعمال والحركات التي يقوم بها الجيش في الحرب مع عدو خارجي، ويحدد بدؤها وانتهاؤها بمرسوم.

تؤلف هذه المحكمة بقرار من وزير الدفاع، من رئيس وعضوين، ولا تقل رتبة الرئيس عن رائد، كما لا تقل رتبة كل من العضوين عن نقيب، وهي تصدر قرارات قطعية لا تقبل أي طريق من طرق الطعن، وتطبق المحكمة هذه العقوبات المقررة بعد التصديق عليها من السلطة المختصة وتنفذ وفقاً للتشريعات المرعية.

تخضع أحكام الإعدام فيها لتصديق رئيس الدولة أما باقي الأحكام فيجري تصديقها من وزير الدفاع، ويحق فقط لرئيس الدولة ووزير الدفاع أن يخفف العقوبة أو أن يستبدلها بأخرى، أو يلغيها مع حفظ الدعوى، كما يجوز له أن يأمر بإعادة المحاكمة أمام محكمة ميدان أخرى .

وعلى هذا فإن مشروعية المحاكم الميدانية مستمدة من سرعة الحسم في جرائم ترتكب أثناء الحروب، حفاظاً على معنويات الجيش وهيبته أثناء المعارك.

وهنا يستوقفنا سؤال، كيف تم اعتبار الاضطرابات الداخلية من اختصاص المحاكم الميدانية بينما هي أصلا محدثة لمحاكمة العسكريين؟

بالعودة إلى أحكام الدستور نرى أن عام 1973 م تم إحداث تعديل على الدستور السوري بإحداث محاكم سرية تسمى المحاكم الميدانية، مع إضافة بند يتضمن

عدم ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة أو الموكلة إليهم.

هي تعديلات جاءت مع قدوم حزب البعث إلى السلطة بانقلاب عسكري، وتحت ظل حكم استبدادي شمولي تنعدم فيه الحريات العامة وحقوق الإنسان بدأ من حالة الطوارئ ومروراً بالمحاكم الميدانية، وكان قد صرح وزير الدفاع السابق «مصطفى طلاس» بمجلة «ديرشبيغل» الألمانية، بأنه كان يوقع على أحكام إعدام مائة وخمسين سجين أسبوعياً، وهو ما يجعله المسؤول الوحيد عن هذه القرارات , وكانت في السابق هذه المحاكم هي نهاية أغلب من تم اعتقالهم من

جماعة الإخوان المسلمين أثناء صراعهم مع الأسد، لينخفض حجم عملها بعد ذلك في حالات قليلة ونادرة نتيجة لقلة الحراك السياسي، إلى حين انطلاق الثورة السورية حيث عاد نشاطها أكثر من السابق ليقال عنها «مقبرة الناشطين والثائرين» واستمدت سمعتها السيئة من قسوة أحكامها التي تبدأ بخمس سنوات وصولاً إلى عقوبة الإعدام، وكل من تتم محاكمتهم يتم تحويلهم إلى سجن صيدنايا العسكري، حيث الإقامة هناك لا تقل سوءا عن فروع الأمن، فالضرب والتعذيب متواصل وكافة شروط الحياة الإنسانية معدومة، ومع تزايد أعداد سجناء سجن صيدنايا قام النظام بتحويل الناشطين الذين تمت محاكمتهم إلى سجن عدرا، شرط أن يكون المعتقل قد أتم تسعة شهور بسجن صيدنايا العسكري.

ووفقاً لشهود وما ورد من معلومات، فإن أغلب من تم تحويلهم إلى هذه المحكمة هم نشطاء بالمجال الطبي و الإغاثي أو تم اعتقالهم بشكل عشوائي وإجبارهم تحت التعذيب في الأجهزة الأمنية على التوقيع أو البصم على اعترافات مزورة دون أي مستند قانوني، وقد صدرت أحكام إعدام بحق البعض، وتم تنفيذها بناءً على ما أرفق في ملف المعتقل، وعادة يتم إصدار الحكم خلال عشرة أيام على الأقل أو شهر كحد أقصى وينفذه وزير الدفاع خلال يومين أو ثلاثة، وفي عام ألفين وثلاثة عشر في السابع عشر من الشهر الثامن جرى تحويل ثلاثين معتقل إلى المحكمة الميدانية حسب مصادر موثوقة لمركز توثيق الانتهاكات في سوريا، ولا يعلم أحد عن مصيرهم شيء منذ تاريخه، كما جرى في العام ذاته في الشهر التاسع إحالة ثلاثين معتقل آخر إلى المحاكم الميدانية، وقد قام المعتقلون يومها بتنفيذ استعصاء رفضاً للإحالة فدخل مئات العناصر وأبرحوهم ضرباً قبل أن يسوقوهم إلى المنفردات.

توجه الناشطون بمناشدات لكافة المنظمات الإنسانية المعنية ، لإنقاذ المعتقلين في قسم الإيداع لصالح المحاكم الميدانية السريّة، وتمّ مطالبة الحكومة السورية بكافة الوسائل لاعتماد سياسة عادلة مرتكزة على ضمان حقوق السجناء في الحياة و الكرامة والإنسانية، وفقاً للمواثيق الدولية، وإعادة التأهيل والدمج لمن تثبت عليه الجريمة ، وأخيراً التأكيد على السلطة البدء في تحقيق ذلك بداية في أجهزتها الأمنية، التي أضحى أفرادها ورؤساؤها بحاجة ماسة، أكثر من أي وقت مضى لإعادة

التأهيل، بعد ما ثبت عليهم من ممارسات شاذة داخل دهاليز الموت.

المصدر: شبكة شام الكاتب: ايرس محمد
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ