باحثة حقوقية لـ شام: قوات النظام استخدمت العنفَ الجنسي لكسر إرادة المجتمع السوري وإرهابه
باحثة حقوقية لـ شام: قوات النظام استخدمت العنفَ الجنسي لكسر إرادة المجتمع السوري وإرهابه
● أخبار سورية ١٥ ديسمبر ٢٠١٧

باحثة حقوقية لـ شام: قوات النظام استخدمت العنفَ الجنسي لكسر إرادة المجتمع السوري وإرهابه

رصدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان طوال سنوات الحراك الثوري، عمليات الاعتقال التعسفية التي نفذتها جميع الأطراف في سوريا لاسيما قوات الأمن التابعة لنظام الأسد والتي تصدرت بشكل دوري عميات الاعتقال لنشطاء ومدنيين ومعارضين لها، من ضمنهم النساء والتي لم تكن بمعزل عن عمليات الاعتقال والتعذيب.

وثقت الشبكة في آخر إحصائية أن 8289 أثنى لاتزال قيل الاعتقال التعسفي 81.26% أي مايعادل 6736 في سجون نظام الأسد تتوزع على 6319 سيدة، و 417 طفلة، مؤكداً لمرات عدة أن الاختفاء القسري بات سلاح حرب في سوريا.

قالت الباحثة الحقوقية " نور الخطيب" مسؤولة قسم المعتقلين والمختفين قسراً في الشبكة السورية لحقوق الإنسان لـ "شام" إن قوات الأسد تعمدت منذ بدء الحراك الشعبي نحو الديمقراطية اعتقال الإناث سواء اللواتي شاركنَ في نشاطات مناهضة له أو في أعمال إغاثية وإنسانية كمساعدة الجرحى والنازحين، واللواتي تربطهنَّ صلات قربى مع أفراد في المعارضة السورية، لإرغامهم على تسليم أنفسهم مقابل الإفراج عن النساء، أو اللواتي ينتمينَ لمناطق خارجة عن سيطرة النظام، واللواتي لم يكن لهنَّ أية نشاطات؛ بهدف ثني المجتمع عن معارضته للسلطة وتحذيره من عواقب الاستمرار في حراكه، باعتبار أن حبس وسجن النساء من الأمور التي تمسُّ مكانة وكرامة العائلة في المجتمع السوري.

وأضافت "الخطيب" أن نظام الأسد لم يُميِّز بين الإناث البالغات والطفلات في عملية الاعتقال، وسجلت الشبكة السورية العديد من الحوادث التي جرى فيها اعتقال النساء الأمهات مع بناتهن إمّا للضغط على الأم نفسها لنزع اعترافات منها عبر تهديد ابنتها، أو لاستخدامهنَّ كرهائن في عمليات تبادل الأسرى التي تُجريها قوات الأسد مع بقية أطراف النزاع، وخاصة فصائل المعارضة المسلحة، كما سجلت حالات اعتقال نساء حوامل ولدنَ أطفالهنَّ داخل مراكز الاحتجاز وضمن ظروف مأساوية من إهمال الرعاية الصحيَّة للأم المعتقلة ومولودها، وحرمانهما من احتياجاتهما الأساسية.

وأكدت الخطيب لـ"شام" أن قوات الأسد استخدمت العنفَ الجنسي أسلوباً من أساليب الحرب وسلاحاً استراتيجياً لكسر إرادة المجتمع السوري وإرهابه، واقترنَ في غالب الأحيان مع عمليات المداهمة والاقتحام والقتل والخطف والاعتقال التعسفي، وتعمَّدت قوات الأسد استخدامه على نطاق واسع ومُمنهج لما يعقبه من وصمات عارٍ تلحق بالضَّحية وبيئتها الاجتماعية؛ لما يُتصوَّر عنه من فقدان للشرف والعفة، وجعلت منه عقوبة جماعية مارستها؛ لتدمير النسيج الاجتماعي.

وبينت الخطيب أن العديد من حوادث العنف الجنسي وخاصة الاغتصاب ارتكبت على خلفية طائفية وبدافع الانتقام، بشكل رئيس أثناء عمليات اقتحام المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وعمليات مداهمة وتفتيش المنازل في الأحياء المعروفة بمناهضتها له، كما حصلت عقب عمليات الاختطاف التي قامت بها الميليشيات المقاتلة إلى جانب قوات النظام في مراكز الاحتجاز غير الرسمية، وغالباً ما تنتهي عملية الاغتصاب بقتل الضحية.

أما في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام فتركزت عمليات العنف الجنسي أثناء تفتيش المحتجزات حيث تجبر الأنثى على التعري وتتعرَّض للتحرش بدعوى التَّفتيش، وخلال التحقيق معهنَّ تتعرضُ المحتجزات للعنف الجنسي اللفظي، وتوجَّهُ إليهنَّ تهمٌ بممارسة الجنس مع أفراد قوات المعارضة المسلحة، -ما تُطلق عليه القوات السورية "جهاد النكاح"- وقد رصدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إجبارَ حكومة الأسد 11 أنثى بينهنَّ فتيات دون سن الـ 18 على الحديث عبر شاشة الإعلام الحكومي بأنهنَّ مارسنَ الجنس مع مقاتلي فصائل المعارضة بناء على طلب أهلهن، وتحوَّل معظم هؤلاء الفتيات إلى مختفيات قسرياً بعد خروجهن على الإعلام.

وذكرت الخطيب لـ"شام" أن تعرَّض المعتقلة للابتزاز الجنسي يكون أحياناً مقابل حصولها على بعض احتياجاتها كالملابس الجديدة أو السماح بزيارة عائلتها لها، أو إجراء اتصال، سجلت الشبكة السورية حوادث محدودة لارتكاب عمليات اغتصاب حدث معظمها بين عامي 2012 و 2013، ولوحظ وجود ظروف خاصة لكلِّ حادثة ترتبط بخلفية المعتقلة الطائفية والمناطقية، وبوجود صلات قربى بينها وبين أفراد في المعارضة المسلحة.

ونوهت الخطيب بالقول: " لا تُخبرنا النساء بسهولة ما إذا كُنَّ قد تعرضنَ للعنف الجنسي، ففي ثقافة المجتمع السوري يُشكِّلُ التَّصريح عن ذلك مصدراً للعار؛ لذلك تُفضِّلُ النساء التَّكتم على هذا الأمر حتى لا يتعرضنَ للنَّبذ من قبل أسرهن والمجتمع أو التَّهديد بالقتل، وقد سجلنا حالات تعرَّضت فيها النساء اللواتي تعرضنَ للعنف الجنسي للتَّعنيف والضرب من قبل أُسرهن، ووثَّقنا حالة واحدة تعرَّضت فيها إحداهن للقتل، تُشير تقديرات الشبكة السورية لحقوق الإنسان إلى ارتكاب قوات النظام السوري ما لايقل عن 7691 حادثة عنف جنسي، بينهن قرابة 864 حادثة حصلت داخل مراكز الاحتجاز، وما لايقل عن 432 حالة عنف جنسي لفتيات دون سن الـ 18".

أشارت الخطيب إلى أن أولى قرارات مجلس الأمن عن سوريا أشارت إلى قضية الاعتقال السياسي والاختفاء القسري، عبر القرارين رقم 2041 و2042 في نيسان/ 2012، كما أكَّد القرار رقم 2139 في شباط/ 2014 على وقف فوري لممارسات الإخفاء القسري، وأدان ممارستها بعبارات صارخة، وكذلك البند 12 في القرار رقم 2254 كانون الأول/ 2015، لكنَّ هذه القرارات جميعها بقيت مجرَّد حبر على ورق، ولم تنجح في كشف مصير مختفٍ أو مفقود، ولا في الإفراج عن معتقلي رأيٍ أو سياسيين أو نساء أو أطفال.

ولفتت إلى أن أهمية وحيوية الموضوع لأعداد كبيرة جداً من المجتمع السوري، طُرحت قضية المعتقلين في مسار مفاوضات جنيف، وخاصة في الجولات الأولى، وصحيح أن الإنجاز كان شبه معدوم أيضاً، لكنها كانت حاضرة ضمن النقاشات، وعلى جدول الأعمال، إلا أنَّ الجولات الثلاث الأخيرة تكاد تخلو تقريباً من مجرد ذكر أو نقاش لهذا الملف الحساس.

ولفتت الخطيب لـ"شام" إلى أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان ومن خلال حضورها في عدة جولات في جنيف، إما بصفة استشارية، أو في غرفة المجتمع المدني، لمست تغييباً مقصوداً لهذا الملف، بذريعة تعقيده وإنه قد يُعطِّل تقدُّم العملية السياسية، وأنها أكدت مراراً في تقارير وبيانات عديدة أنَّ مفتاح التَّقدم في العملية السياسية وإظهار انفراج وتقارب إنما يبدأ ويكون بكشف مصير المختفين والمفقودين، وتكرَّر النَّهج ذاته في مفاوضات أستانة منذ أول اجتماع في كانون الثاني/ 2017 حتى بداية هذه الجولة الثامنة.

المصدر: شبكة شام الكاتب: فريق التحرير
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ