"بيت جن" من الألف إلى الياء ... قصة صمود قتلها الخذلان
"بيت جن" من الألف إلى الياء ... قصة صمود قتلها الخذلان
● أخبار سورية ٣١ ديسمبر ٢٠١٧

"بيت جن" من الألف إلى الياء ... قصة صمود قتلها الخذلان

يقع تجمع بلدات بيت جن في ريف دمشق الغربي, ويبعد عن العاصمة دمشق قرابة 40 كيلو متراً إلى الجنوب الغربي منها, يتربع التجمع على سفح جبل الشيخ, ويضم بلدات "عرنة وعين الشعرة وقلعة جندل وبقعسم والريمة وحينه وبيت تيما وكفر حور وبيت سابر ودربل وبيت جن", يتمتع بموقع استراتيجي حساس خاصة مع قربها من الحدود مع المناطق المحتلة، إضافة إلى تشكيلها نقطة اتصال مع بين الأراضي السورية واللبنانية.

شاركت تلك البلدات في مقدمتها بلدة بيت سابر في الحرك الثوري منذ منتصف عام 2011 بمظاهرات شعبية ضد النظام, وشهدت بداية الحراك المسلح منذ بداية عام 2013 , تعرضت خلالها لأولى محاولات الاقتحام من قبل قوات الأسد بتاريخ  18 أذار 2013.

ومنذ بداية عام 2013 تعرضت بلدات بيت جن وبيت سابر وكفر حور وبيت تيما للحصار، وأطبق الحصار عليها بشكل كامل في عام 2014, بعد قطع جميع الطرق المؤدية إليها, ومنع الحواجز المحيطة بالبلدة مرور المدنيين والمواد الغذائية, حيث كانت تحتضن حوالي الـ10 آلاف مدني.

وبعد تضييق الحصار أجبرت بلدات بيت سابر وبيت تيما وكفر حور للتوقيع على اتفاق مصالة مع النظام في نهاية عام 2016, تم خلالها توثيق خروج حوالي 200 عنصر من الجيش الحر باتجاه إدلب, رفضوا التوقيع على المصالحة, ولاقى من تبقى من عناصر الحر خيار وحيد بالانضمام إلى فوج الحرمون الموالي للنظام، غالبية قواته من الطائفة الدرزية من قرى حضر ودربل بحوالي 600 مقاتل, فيما انضم إليهم المئات من عناصر الحر ممن وقع على المصالحات من أبناء بلدات سعسع وبيت تيما وبيت سابر وحسنو وكفر حور في نهاية 2016.

واجهت البلدات والقرى التابعة لمنطقة بيت جن في الغوطة الغربية قبل أشهر حملة عسكرية كبيرة قادتها قوات الفرقة الرابعة، واعتمدت في عملياتها على الميليشيات المحلية لاسيما الدرزية منها "فوج الحرمون" بهدف تمكين السيطرة على المنطقة واستكمال سياسة التهجير وإخلاء طوق دمشق من أي حراك ضد النظام.

الناشط الإعلامي من ريف دمشق الغربي معاذ حمزة قال لـ "شام" إن قوات النظام سعت منذ بداية حملتها العسكرية على منطقة بيت جن إلى الزج بميليشيات فوج الجولان لتعويض النقص الحاص في قواتها من جهة, وكون تلك الميليشيات تتشكل من أبناء المنطقة أصحاب الخبرة فيها من جهة أخرى.

وأضاف الحمزة أن قوات النظام شنت حملة قصف مكثف خلال حملتها العسكرية بحوالي 800 قذيفة وصاروخ متنوع بشكل يومي, على مدة 118 يوماً, فيما نفذ الطيران المروحي مئات البراميل المتفجرة على المنطقة حتى مطلع شهر كانون الأول بعد تمكن الثوار من إسقاط طائرة مروحية بصاروخ حراري.

ويحيط بمنطقة بيت جن اللواء 68 و الفوج 137 و اللواء 121 وعين الشعرة و تلة أم بشار وبلدات  حينا و دربل الموالية للنظام, بالإضافة إلى حوالي العشر سرايا مدفعية وصواريخ تتبع للواء 90 التابع لجيش النظام بريف القنيطرة الشمالي كان لها الدور الأبرز في قصف المنطقة وتضييق الحصار عليها.

القيادي في اتحاد قوات جبل الشيخ أبو أسحاق الشامي قال لـ "شام" إن الموقع الجغرافي المهم لتجمع بيت جن, وتمكن قوات الأسد من إنهاء جبهات أخرى, دفعها للبدء بحملتها العسكرية على بيت جن بهدف السيطرة عليها, وفي ظل الحصار وعدم تلقي فصائل بيت جن أي مساندة, أجبرت تلك الفصائل على الرضوخ للضغط من قبل المدنيين بالموافقة على اتفاق المصالحة الذي يقضي بتسليم كامل منطقة جبل الشيخ للنظام، وذلك بعد صمود أسطوري لأكثر من ثلاث أشهر، قدم فيها ثوار المنطقة تضحيات وكبدوا قوات النظام خسائر كبيرة في الأرواح.

وأوضح الشامي أن أهم أسباب سقوط مناطق بيت جن هو قلة العناصر، ولو أن فصائل الجنوب السوري تحرك لمساندتهم لما تم الأمر للنظام، فهي لم تحاول بشكل جدي فتح الحصار، إلا عن طريق معركة كسر القيود والتي لم يشارك بها ألا عدة فصائل, ولم تحاول فتح أي جبهات لتخفيف الزخم العسكري لقوات النظام على بيت جن.

وكانت بدأت قوات النظام منذ شهر أب الماضي باستقدام تعزيزات عسكرية كبيرة من قوات الفرقة الرابعة والتي تدعى بقوات الغيث, والفرقة السابعة, بالإضافة إلى ميليشيات جيش التحرير الفلسطيني, وميليشيات الحرس القومي السوري, وجزب الله اللبناني, ولواء ميليشيات لواء الحسين الشيعي, وجمعية البستان والتي في غالبية عناصرها من أبناء القرى الدرزية القريبة من بيت جن كحضر وحينا وعرنة وصحنايا, وأخيرا ميليشيات فوج الجولان المصالح، شاركت جميعها في المعارك وصمد ثوار جبل الشيخ أمامها لعدة أشهر.

شاركت فصائل جبهة ثوار سوريا وألوية سيف الشام وحركة أحرار الشام وهيئة تحرير الشام وجند الملاحم, في الصمود في تلك المنطقة, والتي تعمل تحت غرفة عمليات اتحاد قوات جبل الشيخ قبل أن يتم تهجير معظم عناصرها.

قصة بيت جن كقصص صمود كثيرة في تاريخ ثورتنا الطويل لاسيما داريا، أوصلها الخذلان لأن تقبل بالتسليم ويخرج ثوارها مودعين أرضهم وخنادقهم رافضين المذلة والتصالح من النظام، انتهت مع نهاية شهر كانون الأول 2017 باتفاق خرج فيه الثوار وعائلاتهم إلى إدلب وريف درعا، بعد حملة عسكرية شرسة شنها النظام على بلدات بيت جن استمرت لأكثر من 118 يوم تمكنوا خلالها من صد العديد من محاولات الاقتحام وتدمير ثمانية دبابات وإسقاط طائرة مروحية ومقتل المئات من عناصر النظام والميليشيات المساندة له.

المصدر: شبكة شام الكاتب: ياسر المصري
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ