بين المنطقة الآمنة و العازلة إختلف العالم ... والثمن دم السوريين
بين المنطقة الآمنة و العازلة إختلف العالم ... والثمن دم السوريين
● أخبار سورية ١٩ أكتوبر ٢٠١٤

بين المنطقة الآمنة و العازلة إختلف العالم ... والثمن دم السوريين

بعد استشهاد أكثر من 250 ألف سوري بنيران قوات بشار الأسد، وتدمير مدن سورية وتشريد الملايين، كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن إقامة منطقة آمنة شمال سوريا، وتباينت ردود الأفعال الدولية حيال ذلك.

فبينما طرحت تركيا مشروع إقامة منطقة آمنة رحبت بها فرنسا، أعلنت بذات الوقت بريطانيا على لسان وزير خارجيتها أن موضوع المنطقة الآمنة مطروح للمناقشة خلال لقاء مع نظيره الأمريكي جون كيري حيث كشف الاخير أنه قدم اقتراحاً لروسيا لإقامة منطقة آمنة وليست عازلة، ويسعى الائتلاف السوري المعارض لإقامة منطقة آمنة لتوفير ملاذ آمن للمدنيين، ولإيجاد قاعدة الحكومة المؤقتة داخل الاراضي السورية.

 

 

الطرح التركي
منذ أيام قال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إن تركيا قد تسهم في إنشاء منطقة آمنة في سوريا في حالة إبرام اتفاق دولي على إقامة ملاذ للاجئين الذين يفرون من الحرب، مؤكداً أن إنشاء المنطقة الآمنة "ينبغي ان يحدث ذلك بالتعاون مع دول المنطقة، وينبغي أن نتحاور فيما بيننا، ونحتاج للشرعية في إطار المجتمع الدولي".

وبعد التناول الإعلامي الذي خلط بين منطقة عازلة ومنطقة آمنة، أوضح رئيس الوزراء التركي، أحمد داوود أوغلو، الموقف التركي قائلاً: "مطالبة أنقرة إقامة منطقة آمنة في سوريا هي ليست لحماية تركيا، بل لحماية المدنيين السوريين الفارين من قصف الطائرات، وصواريخ سكود، والبراميل المتفجرة، والأسلحة الكيميائية، داعياً لعدم الخلط بين المنطقة الآمنة التي تدعو إليها تركيا، والمنطقة العازلة العسكرية التي لم تطالب بها تركيا أبداً"، وأشار أوغلو إلى أن بلاده عرضت هذا الأمر عام 2011، ولو أنه تم تطبيق هذه المنطقة وقتها لما تحول هذا العدد من السوريين إلى لاجئين".

وتابع أوغلو معبرا عن قلقه من استمرار إمطار النظام السوري لمدينة حلب بالقنابل التي تتزامن مع العمليات التي تنفذها قوات التحالف ضد تنظيم (الدولة)، لافتا إلى أن ذلك قد يؤدي إلى موجات لجوء كبيرة وجديدة إلى دول الجوار، وأن السبب الأكبر للجوء هو من جراء القصف الجوي.

رد نظام الأسد
أما نظام الأسد أعلن أنه سيتخذ "بالتشاور مع أصدقائه"، الإجراءات التي يراها ضرورية لحماية الأراضي السورية من أي "تدخل عدواني"، مجددة رفضه إقامة منطقة عازلة بمحاذاة الحدود مع تركيا، بحسب ما جاء في بيان صادر عن وزارة خارجية النظام.

وهاجمت خارجية النظام تركيا، معتبرة أن "المحاولات التركية لإقامة منطقة "عازلة" على الأراضي السورية تشكل انتهاكاً سافراً لمبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة ولقواعد القانون الدولي، كما تشكل انتهاكاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب وضرورة تجفيف منابعه".

محللون يرون أن نظام الأسد يرفض إقامة منطقة آمنة ليواصل استهداف المدن السورية، ليدمرها فوق سكانها حيث يطال قصفه الجوي والصاروخي المناطق الحدودية مع تركيا البعيدة كل البعد عن مناطق الاشتباكات. " كما أنه ليس في موقف يسمح له بالقبول أو الرفض" وفق تعبير أحد المحللين.

تناقض الموقف الغربي
وأكدت فرنسا صراحة دعمها لإقامة المنطقة العازلة أقصى شمالي سوريا، معلنة أن الرئيس فرانسوا هولاند يؤيد إقامة "المنطقة العازلة لاستقبال النازحين وحمايتهم"، وذلك بعد اتصال هاتفي مع نظيره التركي.

في حين تزال دول غربية وعلى رأسها الولايات المتحدة تتحفظ على هذه الفكرة، فبعد أن قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري أن قدم اقتراحا لروسيا يقضي بإقامة منطقة "آمنة" وليس عازلة شمال سوريا، لا تُطلق منها أو عليها النار، أعلن في مؤتمر صحفي إن المقترح التركي يستحق الدراسة بعناية، وإنه ينبغي صب الجهود على إنجاح الاستراتيجية الشاملة لتحجيم وتدمير تنظيم (الدولة)، من جانبه، قال وزير الخارجية البريطانية إن لندن "لا تستبعد" فكرة إقامة منطقة عازلة لحماية النازحين بسبب النزاع على الحدود التركية السورية.

الأمين العام للحلف الأطلسي أكد أن الحلف لم يناقش إقامة منطقة حظر طيران أو منطقة آمنة داخل سوريا، خلال المؤتمر الصحفي المشترك مع وزير خارجية تركيا بإسطنبول، وقال: "أعتقد أنه لا توجد أي وسيلة بسيطة ومباشرة للخروج من المشاكل التي نشهدها، لم يكن ذلك (إقامة منطقة آمنة) على طاولة أي مناقشات للحلف".

موقف المعارضة السورية
أما رئيس الحكومة السورية المؤقتة أحمد طعمة بعد تجديد انتخابه من قبل الائتلاف قال إن المجتمع الدولي تفهم ولو في وقت متأخر معاناة السوريين، وإنه بدأ إجراءات إقرار "منطقة الآمنة" مرجحا أن تقام خلال أربعة أشهر، واكد أن حكومته تستعد للانتقال إلى الداخل السوري عقب إقرار المنطقة الآمنة، وأن تحقيق المنطقة الآمنة سيسهم بشكل كبير في تقديم الخدمات على نحو أفضل للسوريين في الداخل، إلى جانب الدعم المقدم من قبل دول أصدقاء سوريا، حيث يمكن أن تقدم الحكومة المؤقتة للسوريين، عملاً يتمثل في مكافحة الإرهاب والحد من فوضى السلاح، وبناء جهاز للشرطة وإدارة المعابر الحدودية واستصدار جوازات سفر.

ما الفرق بين المنطقة الآمنة و العازلة
هناك فرق في القانون الدولي بين وظيفة المناطق الآمنة والمناطق العازلة إذ أّن الاثنتين تتطلبان قراراً من مجلس الأمن، وتتطلبان فرض حظر جوي ووجود قوات على الأرض، إنّ المنطقة العازلة يتم فرضها أثناء النزاعات المسلحة، بالاتفاق بين الدول المتحاربة، أثناء الهدنة، ولا يمكن إقامة مناطق عازلة أو آمنة بدون عملية حظر للطيران، الذي يعد أحد أشكال العقوبات التي يوقعها مجلس الأمن على الدول بتصويت أغلبية الأعضاء.

المنطقة الآمنة تُفرض لحماية مجموعة لا تستطيع حماية نفسها، ويتم فرضها بمقتضى قرار من مجلس الأمن، كما يتم تكليف دولة أو اثنتين بتنفيذ هذا القرار بالقوة، ويمنع تحليق أي طائرات عسكرية حول هذا المكان، لعدم تعرض السكان في هذا المكان للخطر.

وتهدف عملية إنشاء مناطق آمنة إلى توفير التدخل الإنساني من خلال ممرات آمنة لحماية مدنيين حقوقهم مهدورة ويتعرضون للتعذيب، من خلال قرار يصدر عن مجلس الأمن بناء على توصيات لجنة حقوق الإنسان التابعة لمجلس حقوق الإنسان، وهذه الظاهرة ليست جديدة في العلاقات الدولية، فقد قامت الأمم المتحدة بالتدخل في عدد من الدول بهدف التدخل لحماية المدنيين وحماية حقوق الإنسان، وحماية الأقليات وتقديم المساعدة الإنسانية.

أما المنطقة العازلة تُعرّف بأنّها مساحة من الأرض معزولة عن جوارها عسكرياً من البر والبحر والجو، أمّا قانونياً فهي تكون عادةً على الحدود حيث يكون جزء منها في أراضي دولة والجزء الآخر في أراضي دولة أخرى، وبالتالي يحصل الاتفاق على حدود المنطقة العازلة من أجل حفظ الأمن على الحدود ومنع تسلل الإرهابيين، ومنع التهريب، وغيرها من الأمور الأمنية الحدودية، ومن الضروري أن يتوفر حظر جوي لحماية المنطقة العازلة، وهذا يتطلب موافقة مجلس الأمن.

والمنطقة العازلة تعني أن تنسحب الجيوش بطريقة متزامنة، على أن تكون بينهما منطقة لا توجد بها دبابات أو أسلحة أو يصدر مجلس الأمن قراراً باعتبار المنطقة عازلة، لتبتعد الدول المتحاربة عن بعضها بمسافة عدة كيلومترات، وقد تُفرض من مجلس الأمن أو من تحالف دولي، كما حدث عندما تكوّن تحالف دولي في عام 1990 ضدّ العراق بعد غزوها للكويت.

المصدر: شبكة شام الكاتب: فريق التحرير
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ