بين “درع الفرات٢” و “سيف الفرات” التسخين مستمر في الشمال السوري .. فهل تنتهي معضلة “عفرين” أم تذهب “جرابلس” !؟
بين “درع الفرات٢” و “سيف الفرات” التسخين مستمر في الشمال السوري .. فهل تنتهي معضلة “عفرين” أم تذهب “جرابلس” !؟
● أخبار سورية ١ يوليو ٢٠١٧

بين “درع الفرات٢” و “سيف الفرات” التسخين مستمر في الشمال السوري .. فهل تنتهي معضلة “عفرين” أم تذهب “جرابلس” !؟

بات أصوات طبول الحرب الجديدة في الشمال السوري أعلى من ذي قبل ، مما يشي قرب اندلاع المواجهة المؤجلة منذ فترة طويلة ، والتي بناء عليها سيعاد رسم خارطة السيطرة في منطقة تشهد تشابك بالسيطرة لا يمكن حله بمفاوضات تجري هنا أو محاولات اقتحام تجري هناك.

تركيا ، التي أعلنت مراراً وتكراراً الرغبة العميقة لديها باقتحام مناطق اعتبرتها من ضمن القائمة التي تكفيها لتحقيق أمنها القومي ، اليوم تجد نفسها في مواجهة لابد منها مع منغصها الأكبر في سوريا الـ ب ي د ، الذي لاتملك أدنى شك حيال انتماءه لحزب العمال الكردستاني ب ك ك ، وبالتالي يجب معاملة الفرع كما يتم معاملة الأصل.

الحراك التركي على مستوى التصريحات وصل أقصاه مع تأكيد نائب رئيس الوزراء التركي ويسي قايناق ، في ٢٨ حزيران ، على وجوب انهاء “الارهاب في عفرين” ، حينها اُعتبر التصريح التركي أكثر حجماً مما هو قادم ، و لكن يعبر بطريقة ما عن حجم الغضب التركي من التغييرات التي تحدث بشكل متسارع في سوريا ، و في حال انتظرت بعض الوقت ، لباتت العودة للوراء مستحيلة تماماً ، فما بعد الرقة الآيلة للسقوط بيد قوات سوريا الديمقراطية ، الشكل الخارجي لـ ب ي د ، ليس كما قبلها.

تختلف التسميات التي بدأ الاعلام التركي التعامل معها اتجاه ما سيشهد ريف حلب الشمالي ، بين من يعيد استخدام مصطلح “درع الفرات” ، الذي كان باكورة التدخل العسكري الفعلي التركي في سوريا في آب العام المنصرم و حتى آذار الفائت ، باضافة رقم (٢) ، وهو ما يعد استكمالاً لما بُدأ به قبل أشهر طويلة و لم يحقق المطلوب ، ألا وهي خمسة آلاف كيلومتر مربع ، في حين يفضل البعض الآخر (من الاعلام التركي) الاعتماد على تسمية جديدة “سيف الفرات” ، في كناية لحسميته في قطع أوصال “روج آفا” (دولة الأكراد في شمال سوريا) إلى غير عودة .

ودائما مع الرؤية التركية ، فالاستعدادات ، اتجاه سواء “درع الفرات٢” أم “سيف الفرات” ، قد تكون اكتملت بشكل تقريبي ، والمعدات اللازمة التي تم ادخلها لا تشكل رقماً مهماً أمام حجم المتواجد بالأصل في مناطق “درع الفرات١” ، التي تضمم عددا كافياً من القواعد العسكرية ، يعرف منها أربعة على وجه الدقة و يغيب الكثير ضمن تجمعات أقل من قاعدة ذات وزن.

بالأمس كان للرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” اتصالين متتالين مع اللاعبين الأكبر و صاحبي القرار في سوريا ، “دونالد ترمب” و “فلادمير بوتين” ، اتصالين تم توجيه كل واحد منهما إلى اتجاه مخالف للأخر ، تبعاً للاعلام الرسمي ، الذي قال أن البحث مع “ترمب” ركز على “القضية الخليجية” ، في حين كان للحديث مع “بوتين” طعم الملف السوري و النقطة الطافية على السطح حالياً “مناطق خفض التوتر”.

بعيداً عن ما تم اعلانه ، يرى الكثير من المراقبين و المحلليين أن اتصالات على هذا المستوى ، و بشكل متزامن و بهذا التوقيت ، يشيان إلى أن تركيا أرادت اعلام الطرفين باتمام استعدادات الانطلاق صوب الهدف المنشود ، وأن معزوفة الانتظار قد انتهت ، وبيانات التطمين وجدت لنفسها مكاناً في الاهمال .

تسريبات و سيناريوهات عدة تم طرحها حول آلية التدخل التركي في شمال غرب حلب (عفرين و ماحولها) ، ولكن المرجح أنها لن تكون من جهة احادية ، أي انطلاقاً من محاور “درع الفرات١” ، باتجاه القرى العشر ، التي سيطرت عليها قوات سوريا الديمقراطية في شباط العام الفائت بدعم روسي آنذاك ، اذ هنا يكون لدى المدافعين ميزة جيدة في تركيز قواتهم بذلك الاتجاه ، وقد يستفيدوا من وعورة المنطقة وما راكمته سنين التحصين و التحضير .

لذا تبدو أن العملية ستكون مزدوجة ، سيما مع التأكيدات (وبالطبع من وسائل الاعلام التركية) ، بأن تركيا قد اختارت موقعاً منيعاً في ريف حلب الغربي الموصول مع ادلب ، ليكون مركزاً لها ، فجبل “الشيخ بركات” ، أو المعروف باسم جبل دارة عزة والواقع غربي مدينة دارة عزة بريف حلب الغربي ، بموقع استراتيجي كبير، كونه يطل على كامل ريف حلب الغربي والشمالي والشرقي حتى، ويطل بشكل كبير على منطقة عفرين وريف إدلب ونبل والزهراء، وهو منطقة وعرة ومحصنة.  هو الهدف الحالي الذي سيستحصل عليه ضمن اتفاق الاستانة ، الذي من المنتظر أن يبدأ ظهور نتائجه بُعيد الاجتماع المقرر فيما يلي الغد ، لرسم خطوط الانتشار للدول الذي ستحمي “تخفيف العنف”.

اذا الوقوع بين فكي كماشة هي ما تذهب إليه تركيا في تعاملها مع المعركة المقبلة في “عفرين” ، وبالطبع وضع الخطط العسكرية و التمهيد الاعلامي المكثف ، يترافق مع تطمنيات وحرب نفسية موجهة للطرف المقابل ، من اظهار حجم التحضيرات (التي يتم المبالغة بها) ، وتخفيف عديد الحلفاء مع نشر فيديوهات لقوات روسية قررت الانسحاب باتجاه مناطق النظام السوري ، تاركة عفرين دون غطاء من دولة ذات وزن.

 يختلف الوضع أمريكياً ، اذ لا رؤية واضحة ، وهو الحال الذي بدت عليه الولايات المتحدة اأمريكية مع وصول “ترمب” للسلطة بداية هذا العام ، فالخلافات بين المؤسسات الحاكمة (دفاع - أمن - خارجية - بيت أبيض) ، يجعل استشفاف موقف أمريكي متوقع اتجاه ما سيحصل في ريف حلب الشمالي بعيد المنال ، اذ سعت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” تخفيف التوتر التركي (مؤقتاً) عبر وعود بسحب السلاح الثقيل و النوعي (الذي تم تزويد قوات سوريا الديمقراطية في حزايران الماضي) بعد الانتهاء من داعش ، سرعان ما تم سحبه على خجل من ذات المصدر (وزير الدفاع) ، وبين وعود موفد الرئيس الأمريكي للتحالف التحالف الدولى المناهض لـ "داعش" ، بريت ماكغورك، الذي طمأن “الأكراد” بأن تركيا لن تقدم على مثل هذه الخطوة ، خلال زيارته التي امتدت ليومين في محيط مدينة الرقة ، في ٢٨ و٢٩ شهر حزيران الماضي ، أتبعها بزيارة لأنقرة ، أمس الجمعة ،  للقاء مسؤولين أتراك في الخارجية لشرح ما فعله وماذا ينتظر من تركيا أن تفعله ، في هذا التوقيت الذي يركز الجميع فيها على قتال تنظيم الدول المتسارع الانهيار في العراق و سوريا.


 “قوات حماية الشعب الكردية”، الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي يقوده صالح مسلم ،  بدت هادئة في بداية التصعيد التركي ، سرعان ما أعادت ترتيب أوراقها و أطلقت تحذيرات شديدة اللهجة ، وقد تنعكس على الجانب التركي و تزيد من حدته اتجاههم ، اذ وجدت أنها قادرة على الانتقال من نقطة الانتظار و الدفاع إلى خطوط الهجوم ، واضعة أعزاز وجرابلس وما بينهما ، في مرمى النيران ، لتبني الجسر الذي سيوصلها مع القوة الأم المسيطرة بشكل تام تقريباً على شمال شرق سوريا ، و بذات الوقت تكون “روج آفا” باتت محققة تماماً .


 لعل التصعيد “الكردي” لا يستند بشكل قوي إلى حاضنة شعبية عانت من استبداد “ب ي د” ، اذ أطلق النشطاء الأكراد ما سمي “بوثيقة مبادرة “ من أربع بنود، لإنقاذ عفرين من أي حرب محتملة ،  يأتي في مقدمتها انسحاب قوات ب ي د من القرى والبلدات التي سيطرت عليها في ريف حلب الشمالي، ولا سيما تل رفعت و منغ و عشر قرى أخرى ، وتسليمها لأهلها.

أيضاَ تضمنت الوثيقة تشكيل لجان مدنية وعسكرية من أهالي عفرين للإشراف والتخطيط على كيفية إخراج مقاتلي حزب العمال الكردستاني PKK الوافدين إلى المنطقة بأقل الخسائر حفاظاً على مصالح وحياة المدنيين، اضافة لعدم التدخل في شؤون مدينة عفرين وترك إدارة المدينة لأبنائها مستقبلاً لقطع الطريق أمام ذرائع وحجج العمال الكردستاني، تفعيل دور المنظمات الدولية والحقوقية والإنسانية  للضغط على هذا الحزب من خلال الممولين والداعمين الدوليين.

المصدر: شبكة شام الكاتب: زين مصطفى
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ