تنفيذ الأسد للتهجير القسري يحول دون عودة البلاد إلى سابق عهدها
تنفيذ الأسد للتهجير القسري يحول دون عودة البلاد إلى سابق عهدها
● أخبار سورية ٢٨ يوليو ٢٠١٧

تنفيذ الأسد للتهجير القسري يحول دون عودة البلاد إلى سابق عهدها

قالت مجلة فورين أفيرز الأميركية إن سياسة التهجير القسري للسكان التي اتبعها نظام الأسد ضد السكان في الحرب المستعرة في البلاد منذ سنوات تحول دون عودة البلاد إلى سابق عهدها، وتحدثت عن استراتيجية النظام ضد الأهالي السنة المتمثلة في القتل والتدمير أو التهجير.

وأضافت المجلة في مقال نشرته للكاتب طارق عثمان أنه كان هناك محاولات عدة للتوسط من أجل إحلال السلام في سوريا، وأن آخرها ما جرى على هامش قمة مجموعة العشرين التي انعقدت في هامبورغ في ألمانيا أوائل الشهر الجاري.

وأوضحت أن الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين ناقشا على هامش هذه القمة اتفاقا محتملا بين بلديهما بشأن سوريا، وأضافت أن الأمل كان في أن تؤدي صفقة ثنائية بينهما إلى ضخ بعض الحياة في محادثات السلام المتعثرة في جنيف وأستانا التي استمرت على مدار العامين الماضيين.

وقالت لكن هذه المناقشة بين الزعيمين وجميع الجهود التي بُذلت مؤخرا لإنهاء الصراع في سوريا استندت إلى الافتراض الخاطئ، وهو المتمثل في أن عودة سوريا إلى هيكلها السياسي الذي كان قائما قبل الحرب من شأنه تحقيق السلام في البلاد.

وأوضحت المجلة أن الحرب قد غيرت التركيبة السكانية في سوريا بشكل جوهري، وأن عودة البلاد إلى سابق عهدها ستكون مستحيلة، وأشارت إلى أن بشار الأسد وحلفاءه نجحوا خلال السنوات الثلاث الماضية في الحد من وجود السُنة في المناطق القريبة من المراكز الحضرية الكبرى، وخاصة في دمشق والساحل.

وأضافت أن المسيحيين والعلويين -الطائفة التي ينتمي إليها الأسد- يتمتعون بحضور قوي في هذه المناطق، حيث يجري الجزء الأكبر من التجارة في البلاد، وأن سياسة النظام السوري وحلفائه لم تكن تقصد قتل السنة بقدر ما كان القصد إجبارهم على الرحيل.

وقالت إنه ليس من قبيل الصدفة أن تبقى الطرق المؤدية إلى الأردن أو لبنان آمنة على مدار السنوات الماضية، وأوضحت أن هدف الأسد كان يتمثل في إنشاء مناطق تماس جغرافية مجاورة تكون نسبة السكان من السنة فيها منخفضة وأقل مما كان عليه الوضع قبل 2011.

وأضافت أن المنطق الكامن وراء سياسة التهجير هذه يتمثل في أن الكثير من الأقليات في سوريا تقوم بدعم نظام الأسد، وذلك لأنها تعتقد أنه الوحيد القادر على حمايتهم.

وقالت إن عودة سوريا إلى النظام الذي كان سائدا قبل 2011 من شأنه أن يكون أيضا مكلفا، وذلك حيث تسيطر الأقلية على القوة الاقتصادية، الأمر الذي يؤدي إلى تفشي الفساد واستنزاف ثروات البلاد ومواردها الطبيعية، بل وإلى بقاء سوريا معتمدة بشكل دائم على دعم قوى خارجية مثل روسيا وإيران اللتين تواجهان بدورهما تحديات ومشاكل اقتصادية، وخاصة في ظل انخفاض أسعار النفط.

واستدركت المجلة بأن الأوضاع الديمغرافية التي صنعها الأسد لن تجلب له الاستقرار، وانتقدت سياسته وقالت إنها تتسم بقصر النظر.

وأوضحت أن نسبة كبيرة من السوريين من مختلف الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية تنحى باللائمة على النظام السوري جراء تسببه في قتل مئات الآلاف وتهجير الملايين. وقالت إن المشاعر العميقة من شأنها أن تغذي الغضب على نطاق واسع في سوريا لسنوات قادمة.

وأضافت أن الهوية السنية التاريخية لسوريا من شأنها أيضا أن تعيق استراتيجية الأسد، وأوضحت أنه إذا عاد ملايين اللاجئين السوريين من الأردن ولبنان إلى بلادهم، فإنهم لن يقبلوا بالهوية التاريخية الجديدة التي صنعها نظام الأسد.

وقالت إنه إذا أُريد لأي محادثات سلام أن تكون فاعلة ومؤثرة، فإنه يجب على جميع الأطراف المعنية أن تنظر بجدية إلى طبيعة التغيرات الديمغرافية التي تشهدها سوريا وأن تسعى إلى إيقافها.

وقالت إن بإمكان روسيا القيام بهذا الدور، وذلك بفعل تأثيرها على الأسد، وأضافت أنه يجب على اللاعبين الدوليين الآخرين لا سيما الولايات المتحدة وأوروبا ربط دعمها للسلام بوضع حد لهذه التغييرات الديمغرافية التي يجريها الأسد.

وقالت المجلة إن نفوذ هذه الدول يتأتى من كونها الممول الرئيس لمعظم جهود إعادة الإعمار والتنمية التي يتوقع أن تتبع أي وقف دائم لإطلاق النار في سوريا.

وقالت إنه في حال عدم التصدي لسياسات الأسد في هذا السياق، فإن الحرب قد تتوقف على المدى القصير، ولكن لن يكون الحل دائما.

وقالت إنه عاجلا أو آجلا، فإن عودة اللاجئين السوريين من الخارج إلى ديارهم، بالإضافة إلى الرغبة القوية في الانتقام من الأسد أو الضغوط الداخلية لمجموعات تشعر -وهي على حق- بأن تراثها قد تعرض للنهب، أو بمزيج من هذه العوامل مجتمعة، فإن دورة الصراع في سوريا ستتجدد وتتصاعد، الأمر الذي يجعل البلاد تنزلق إلى مستنقع حرب مدمرة جديدة أخرى.

وتحدثت المجلة بإسهاب عن تاريخ سوريا الحديثة في مرحلة ما بعد سقوط الدولة العثمانية في عشرينيات القرن الماضي، وعن هيمنة السنة في بلاد الشام أو سوريا الكبرى على المراكز الحضرية الكبرى وخاصة دمشق.

المصدر: شبكة شام الكاتب: فريق التحرير
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ