حربنفسه ذكريات بطولية ترهقها المعاناة بعد عام من النزوح
حربنفسه ذكريات بطولية ترهقها المعاناة بعد عام من النزوح
● أخبار سورية ٢٢ يناير ٢٠١٧

حربنفسه ذكريات بطولية ترهقها المعاناة بعد عام من النزوح

تعد بلدة حربنفسه أحد أكبر بلدات ريف حماة الجنوبي الغربي, وهي أحد أهم المناطق المحررة بالريف الجنوبي حيث أخذت أهميتها كونها صلة الوصل بين ريف حمص الشمالي ومناطق الحولة بالإضافة لكونها الخاصرة الشمالية الشرقية لمحطة الزارة الكهربائية وخط إمداد الثوار باتجاه قرى الحولة.

حاولت قوات الأسد فرض شروطها منذ حوالي العام, وذلك بعد سيطرتها على قرية جرجيسة وانسحاب الثوار الى أحياء حربنفسه.

كما وأرسل الأسد برقية تهديد ووعيد إلى أهالي حربنفسه تفضي بتسليم البلدة والانسحاب الكامل منها وإلا سيكونون بمواجهة مباشرة مع الآلة العسكرية والأهم من ذلك سيكونون تحت حمم الطائرات الحربية, أراد النظام من السيطرة على البلدة تأمين الخاصرة الغربية لكتيبة الهندسة الواقعة على اوتوستراد حمص- حماة وإطباق الحصار على منطقة الحولة بريف حمص الشمالي .

بعد رفض الأهالي الخضوع لتهديدات النظام, بدأ الأخير مدعوماً بالقوات الروسية بشن هجوم عنيف على البلدة ومحاولة اقتحامها, واستهدفت الأحياء السكنية بأكثر 1140 غارة جوية من الطيران الحربي السوري والروسي حسب احصائية وثقها ناشطو البلدة .

"بالرغم من برودة الجو وتساقط الأمطار وقلة الإمكانيات لم نتكاسل للحظة في الدفاع عن ارضنا التي تربينا فيها وترعرعنا منذ الطفولة لم نرضى الاستسلام وحاولنا جاهدين ان نكون كالجسد الواحد نقف ضد هذه الهجمة العنيفة على بلدة حربنفسه "
بهذه العبارات يبدأ حديثه ابو محمد ابن البلدة وكلماته تخرج من فمه مع غصة شوق للعودة الى منزله المهدم بفعل طائرات الاسد والى قريته الشبه خالية من الحياة .

استيقظت بلدة حربنفسه صباح يوم الثلاثاء الموافق 12 كانون الثاني من العام الماضي على صوت قصف عنيف وتمهيد من المدافع على بيوت المدنيين على غير عادته, ادى القصف الى استشهاد عائلة كاملة بينهم ست اطفال وامرأتين من بينهم ارملة شهيد كان قد استشهد زوجها قبل 4 شهور نتيجة كمين كانت قد نصبته قوات الاسد في قرية الزارة  وعلم اهالي البلدة بوجود نية لإقتحام البلدة وإطباق الحصار عليها .

يكمل ابو محمد حديثه: خوفا من ارتكاب المزيد من المجازر من قبل قوات النظام وسيطرتهم على البلدة قمنا بإخراج المدنيين عبر طرقات فرعية ترابية تصل بريف حمص الشمالي وخلال مدة زمنية لا تقل عن 8 ساعات مشيا على الأقدام, قمت بالعودة الى القرية لأقدم ولو جزء بسيط ما استطيع تقديمه فكنت أقوم انا وبعض من الشباب بتأمين احتياجات المقاتلين والمرابطين من اماكن تبعد عدة كيلو مترات عن البلدة .

كنت كل يوم اذهب واتفقد منزلي وكلي امل بالعودة اليه الا ان حلمي باء الفشل ما ان مضى ثلاث ايام على المعركة الا واصبح بيتي ركام مثله كمثل باقي بيوت القرية نتيجة القصف العنيف والمتواصل واكمل طريقي لأطمئن على اخي الذي بقي متواجد على خطوط الرباط الاولى مع الثوار 31 يوم دون كلل او ملل او عودة الى منزله وقلبي يتفطر عليه خوفا من عدم رؤيته مرة اخرى .

وخلال المعركة كان يسعف المقاتل المصاب او المدني الذي اصيب نتيجة القصف حملاً على الأكتاف وسيراً على الأقدام لعدة كيلو مترات ليصل الى مشافي ريف حمص الشمالي او مشافي الحولة.

يتابع ابو محمد كلامه: فقدت خلال هذه المعركة اصحاب واحباب وكان هذا الشيء الاصعب لدي ,اصيب ابن عمي المقاتل امامي بعد استهدافه من قبل قوات الاسد بشكل مباشر عن طريق رصد مكان تواجده ادت تلك الاصابة الى بتر قدمه واصابة الاخرى نتيجة الشظايا المتناثرة من القذائف,
وقمنا بإسعافه مشي على الاقدام عبر حماله, وحالته يرثى لها وصلنا الى المشفى الميداني بعد قطع ما يقارب مسافة 6 كيلومترات, وقاموا هناك بإسعافه ما ان كاد يبصر النور بعينيه الا اصابته بعد يومين جلطة بالرئة او ما يسمى " صمة رؤية" تسببت بتوقف تبدل الاوكسجين في دمه ونتيجة لإفتقار المشفى لأدنى الإحتياجات تصل الى انعدام انبوبة الاوكسجين نتيجة الحصار, اخبرني الطبيب بعدم وجود امل ليبقى حيا إن بقي هنا وطلب مني ان أقوم بنقله الى مشفى مدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي لعله وعسى أن ينجو من إصابته, ذهبنا به بنفس الطريقة التي اسعفناه فيها في المرة الاولى وبصعوبة أكبر وطريق أطول وهناك تلقى العلاج المناسب وبدأ جسده بتحسن.

خلفت هذه الهجمة على البلدة دمارا واسعا في ممتلكات المدنيين بنسبة تتجاوز ال80% نتيجة القصف المستمر لمدة 50 يوما بكافة انواع الاسلحة حيث وصل عدد الغارات اليومية إلى 23 غارة من الطيران الحربي السوري وطائرات العدوان الروسي  وعدد هائل من قذائف المدفعية وراجمات الصواريخ .

وأضاف ابو محمد: بعد تدمير بيوت القرية وتهجير اهلها قام النظام بحرق الأراضي الزراعية متعمدا استهدافها بالقذائف والرصاص الحارق هنا أصبحت حالتهم يرثى لها فاغلب سكان بلدتنا يعتمد بالدرجة الاولى في قوت يومه على الزراعة وتربية المواشي التي ماتت نتيجة القصف والبرد الشديد ونزوح أصحابها وتركها دون عناية اصبح وضع الاهالي مذري للغاية لا يوجد دخل للعائلة وحصار وغلاء في الاسعار كل هذا كان أمراً إعتيادياً بالنسبة لنا الأمر الاصعب هو سقوط الشهداء وكثرة الارامل واليتامى الذين لا معيل لها سوا الله حيث قدمنا 43 شهيد بينهم 8 اطفال و2 نساء سقطوا نتيجة القصف واشتداد المعارك .


يعاني سكان البلدة الخالية من أهلها والنازحين أغلبهم الى قرى عقرب وطلف وريف حمص الشمالي المحاصر من صعوبة في المعيشة في ظل الحصار وغلاء الاسعار وافتقار المواد الغذائية حيث يصل سعر كيلو الخبز الى 400 ليرة سورية وفقدان مادة الغاز وان وجدت يصل سعرها الى خمسة عشر الف والمحروقات وانعدام مواد التدفئة  ليعتمد النازح في التدفئة على "روث البقر و البيرين"( بقايا الزيتون بعد عصره وتحويله الى زيت ).

بلال ابن البلدة ذاتها اضاف عندما حاول النظام اقتحام بلدتي الصغيرة التي لا يتجاوز عدد سكانها 8000 نسمة كنت ارافق الثوار انا و واخوتي الستة الى جبهات القتال فتارة احمل بندقيتي لأقاتل مثلهم وتارة اخرى احمل سلاحي الفتاك وهو الكاميرا التي تعلقت بها الى حد كبير واقوم بتوثيق القصف والعمليات البطولية للثوار في التصدي للهجمة الشرسة "تخليت عن كل شيء مقابل المشاركة والخروج في الثورة تركت دراستي وحسمت مستقبلي لنيل الحرية", خلال فترة النزوح التي ما زالت مستمرة الى الان عشنا صعوبة اللجوء انا وكل من نزح من البلدة حيث لا مأوى ولا دخل وتقطعت بنا السبل.
 
(اغلب الشهداء الذين سقطوا في المعارك ونتيجة القصف كانوا جرحى ولكن لم يتم انقاذهم في الوقت المناسب بسبب طول المسافة التي تصل الى 8 كيلو متر مشيا على الاقدام بحسب ما ذكره بلال).
 وهنا تقف كلمات بلال عاجزة عن وصف ما حصل معه ليغص بها كسيف يقف في حنجرته ولا يستطيع نطق كلمة اقل وجعا من هذه الكلمات ويكمل كلامه..

" رغم احتدام المعارك لم نترك الجبهات ولم نسمح لقوات الاسد بالتقدم كنا نتناوب في القتال بسبب طول ايام المعركة وفي اليوم العشرون ذهبت الى منزلي لأخذ قسطا من الراحة ,ما ان وصلت فجعت بخبر اصابة اخوتي الثلاث اثنان منهم نتيجة استهدافهم على خطوط الجبهات بقذيفة دبابة ادت الى اصابت اخي الاكبر مني بيده والثاني في جبينه واخي الصغير اصيب نتيجة استهداف البلدة بصواريخ من قبل الطيران الروسي ' ونحن نقوم بإسعافهم تم استهدافنا من قبل قوات النظام بعدة قذائف كادت تودي بحياتنا جميعا ونحن ننقذ جرحانا نذهب من موت الى موت استطعنا النجاة ووصلنا متأخرين ليقوم الاطباء ببتر قدم اخي الصغير نتيجة تقطع شرايينها وفقد كامل بصره  قمنا بإكمال الطريق الى مشافي ريف حمص الشمالي خوفا من بتر يد اخي المصاب الثاني بسبب الافتقار لأدوات متطورة في المشفى ولإنقاذ حياة الجريح فيبقى البتر الخيار الاول".
وختم بلال كلامه بعبارة اشعلت فينا روح الثورة من جديد "اثق اشد الثقة بانتصارنا نحن اهل الحق لأننا لن نهزم نحن اصحاب الارض والحرية حقنا."

حربنفسه كباقي قرى وبلدات الريف الجنوبي تعاني مر النزوح ولوعة الحصار, مما يزيد في  نفوس اهلها الاستمرار في حربهم ضد الاسد وحلفائه والرفض التام للانكسار والخضوع للنظام لتبقى عصية عليه وعلى طائراته ومدافعه.

المصدر: شبكة شام الكاتب: ميادة العمر
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ