خلط الأوراق في ادلب يدفعها للواجهة بقوة ... و القضية تدور في ثلاثة محاور
خلط الأوراق في ادلب يدفعها للواجهة بقوة ... و القضية تدور في ثلاثة محاور
● أخبار سورية ١٢ مارس ٢٠١٧

خلط الأوراق في ادلب يدفعها للواجهة بقوة ... و القضية تدور في ثلاثة محاور

تتزايد المرحلة الحالية في سوريا تعقيداً بعد احتلال قوات الأسد والميليشيات الشيعية لمدينة حلب، وظهور قوات الأسد بموقف القوي مع الدعم الروسي السياسي والعسكري وتواطىء القوى العسكرية كقوات سوريا الديمقراطية وتنظيم الدولة مع نظام الأسد وتسليمه تدمر بريف حمص ومنبج وعشرات القرى والبلدات بريف حلب الشرقي، وسط حديث قديم متجدد عن مصير محافظة إدلب التي باتت موطناً لألاف المهجرين من ريف دمشق وحمص وحماة واللاذقية وحلب.

ومع التقدم الذي باتت تحرزه قوات الأسد بدعم حلفائها في ريف دمشق، ومع تمكين وتثبيت دفاعاتها في مدينة حلب بعد احتلالها بالكامل، وبدء مرحلة الضغط العسكري على الريف الغربي للمدينة منذ قرابة شهر، عاودت المواقع الإعلامية الشيعية بالترويج من جديد لما أسموه "معركة إدلب" والتي باتت الحديث الأبرز عبر وسائل الإعلام وفي المحافل الشيعية، عبر تجييش الشيعية لمظلوميات الشيعة في سوريا منها "مظلومية كفريا والفوعة" المحاصرتين في ريف إدلب.

ولعل الصراعات الداخلية التي شهدتها محافظة إدلب بين الفصائل، والتي خلفت العشرات من الضحايا في صفوفها، واستنزفت بعض منها وجعلتها لقمة سائغة بيد فصائل أكبر تقودها هيئة تحرير الشام، ساهمت لدرجة كبيرة حسب الصفحات الموالية لتهيئة الجور لبدء معركة إدلب وفك الحصار عن كفريا والفوعة، لاسيما أن هذه الصراعات ساهمت بشكل كبير في اهمال الفصائل للجبهات مع قوات الأسد والالتفات للصراع الداخلي على النفوذ والسيطرة، وهذا ماخططت له قوات الأسد وانتظرته طويلاً وعولت عليه.

و سبق و أن أشارت شبكة شام الإخبارية إلى وجود خطط إيرانية - روسية ، تهدف لتضيق الخناق على المناطق المحررة في حلب و ادلب ، مستندة في ذلك إلى دافع “ديني” يتمثل  بالوصول إلى كفريا و الفوعة باسم المظلومية، يتخذ شكلاً ظاهرياً، في حين أن الهدف الأساسي هو تأمين طريق آمن و مختصر من و إلى حلب ، بعد أن أتم احتلالها في تشرين الثاني الفائت.

وكانت "شام" طرحت في ملفات خاصة السيناريوهات التي تحيكها قوات الأسد وحلفائها الروسي والإيرانيين لمحافظة إدلب بعد إتمام احتلال حلب، الأول هو التوسع من ريف حلب الجنوبي معقل الميليشيات الشيعية غرباً بهدف فك الحصار عن بلدات "كفريا والفوعة" المحاصرتين، تتخذ من مظلوميات كفريا والفوعة منطلقاً للتجييش المذهبي لبدء الحملة بعد احتلال حلب وتفرغ الميليشيات الشيعية للتجهيز لها.

اخلاء الفوعة من “الضعفاء”

ولعل عملية الإجلاء لحوالي ٣ ألاف شخص من بلدتي كفريا والفوعة والتي تمت بعد تعطيل الميليشيات الإيرانية وحزب الله اتفاق خروج أهالي مدينة حلب، طلبهم بإخراج جزء من أهالي البلدتين دون الضغط لإخراج الكل، يرسم تساؤلات كبيرة عن سبب اخراج مايقارب الـ 3000 شخص جلهم من الأطفال والنساء والمرضى وكبار السن، دون إخراج المقاتلين الشيعية ومن معهم من المقاتلين الأجانب الذين دخلوا للبلدتين قبل إطباق الحصار عليهما، هذه العملية من شانها حسب مراقبين أن تعطي الميليشيات الشيعية في البلدتين المحاصرتين حرية اكبر في الحركة والدفاع والصمود، بعد ان اخرجوا من كان يعيقهم من الأطفال والنساء وكبار السن.

اعادة الترتيب للانطلاق من جديد

وإذا ما حاولنا التعمق والتنبؤ بمعركة الميليشيات الشيعية باتجاه بلدتي كفريا والفوعة لفك الحصار عنهما، لاسيما بعد عمليات التجييش المذهبي الأخير لـ " مظلومية الفوعة" وتداول انباء عن سحب الميليشيات الشيعية من مدينة حلب بعد سيطرتهم عليها، والعودة من جديد للريف الجنوبي تمهيداً لانطلاق عملية عسكرية واسعة النظام، سيكون هدفها الأول هو الانطلاق من بلدة الحاضر باتجاه العيس والتلال المحيطة بها، وخان طومان في آن واحد، لتكون هذه المناطق نقطة الانطلاقة لقطع اتستراد حلب دمشق، والتقدم غرباً في ريف إدلب.
تاريخ أسود لـ”ايران”


هذه المعركة التي سبق أن حاولت الميليشيات الشيعية لمرات أن تخوضها وتقدمت باتجاه العيس وسيطرت على تلالها ثم تقدمت باتجاه الاتستراد ومنطقة إيكاردا، إلا أنها لاقت مواجهة شرسة من فصائل الثوار، حيث شهدت المنطقة معارك طاحنة في أواخر عام 2015 تكبدت فيها الميليشيات الشيعية المئات من القتلى والجرحى في صفوفها، وخسائر كبيرة أمنيت بها على جبهات العيس وخان طومان، ولم تستطع تحقيق هدفها في بلوغ الاتستراد الدولي والسيطرة على التلال التي تكشف المنطقة، رغم كل ما قدم لها من دعم جوي من الطيران الحربي الروسي، ومع ذلك فإنها ماتزال تطمح لإعادة الكرة، والتوجه باتجاه بلدتي " كفريا والفوعة" لفك الحصار عنهما.

ولعل الثوار يدركون أهمية معركة العيس والاتوستراد الدولي، ولكت إعادة تجميع الميليشيات في ريف حلب الجنوبي بعد الانتهاء من مدينة حلب، من شانه أن يطلق صافرات الإنذار من جديد للجميع لتوخي الحذر وأخذ التدابير اللازمة لأي هجوم قد يحصل في المنطقة، حيث أثبتت عملية الإجلاء الأخيرة من كفريا والفوعة، إضافة لاستمرار عمليات الإمداد الجوي بالذخيرة والسلاح للمحاصرين في البلدتين، أن المنطقة على موعد مع معركة كبيرة سيكون منطلقها من ريف حلب الجنوبي.

خزان “الفوعة” البشري

كما حذر مراقبون من الميليشيات الشيعية المحاصرة في البلدتين، حيث يتواجد أكثر من أربع آلاف مقاتل مدرب بينهم المئات من الميليشيات الإيرانية وحزب الله، لم تتوقع عمليات إمدادهم بالسلاح والذخائر الخفيفة والمتوسطة منذ بدء الحصار حتى اليوم، على الرغم من توقف العمليات العسكرية في المنطقة بعد توقيع اتفاق المدن الأربعة، إلا أنهم يعملون على التحضير لمعركة فك الحصار، حيث ستلعب الميليشيات الشيعية في داخل البلدتين على إشغال الثوار وفتح عدة جبهات ربما باتجاه بنش وتفتناز ومعرة مصرين، في الوقت الذي ستتقدم فيه الميليشيات الشيعية من ريف حلب الجنوبي باتجاه الغرب، وهذا مايستوجب الحذر والحذر الشديد من غدر هذه الميليشيات، لأن الامر لن يتوقف عند معركة فك للحصار، بل ستغدوا هاتين البلدتين منطلقاً لشن عمليات برية على جميع المناطق المحيطة حولها وتشكل تهديد كبير في قلب المحافظة، ربما بكون بالتوازي مع معارك أخرى من الريف الغربي لجسر الشغور وريف حماة الشمالي تستهدف المحافظة.

 

وبالمقابل طرحت روسيا سيناريوا آخر لربط المدن الكبرى في الشمال والجنوبي "حلب – دمشق" والسيطرة على كامل الأتستراد الدولي بينهما وماحوله لتأمينه وضمان عدم عودة الثوار للمنطقة عبر ماسمي بالخطة "أم خمسة" والتي طرحتها شبكة شام الإخبارية في ملف سابق
وحسب التسريبات الروسية عن الخطة المسمات بـ “المدن الحضرية“ أو اختصار “M5” فإن فشل الحل السياسي المطروح حاليا، سيدفع روسيا للتصعيد العسكري في سوريا، والسعي لتـأمين المناطق الرئيسية ابتداء من دمشق مروراً بحمص وحماه و بالطبع الساحل، و أخيراً حلب، وهذا ما يدفع روسيا لخوض معارك عنيفة على الأرض لتوسيع دائرة وضمان خطوط الإمداد.

تأمين خط الامداد

ومن خلال البحث في السيناريوهات المطروحة ضمن الخطة المشار إليها فإن روسيا ستسعى لتأمين خط الإمداد الرئيسي بين حلب ودمشق المتثل بالاتستراد الدولي الذي يمر عبر محافظات حمص وحماة وإدلب وصولاً لحلب، وهذا ما يعني الدخول في معركة طويلة الأمد للسيطرة على كامل هذا الطريق، وإلا فإن قواتها ومناطق نفوذها في حلب ستتعرض لتهديدات مستمرة من الثوار وهذا مالا تريد أن تصل إليه روسيا ضمن خطتها المرسومة، لأنها غير قادرة على الاستمرار في حرب استنزاف طويلة على الأراضي السورية والاستمرار في دفع التكاليف الباهظة.

خيار الهجوم من ريف حماه

وفي استعادة بسيطة لتاريخ المعارك التي شهدها الاتستراد الدولي، والخطوات التي يترتب على روسيا أن تتبعها للسيطرة عليها، فإن ريف حماة سيكون منطلقاً لهذه العمليات بالتوازي مع انطلاقة للميليشيات الشيعية من ريف حلب الجنوبي، حيث يترتب على روسيا السيطرة على مدينة مورك والتقدم شمالاً باتجاه مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، ثم الخوض في مغامرة كبيرة للتقدم عبر "طريق الموت" على طول خط الاتستراد من خان شيخون حتى مدينة معرة النعمان، ومن ثم التقدم باتجاه مدينة سراقب، وبالتالي تلتقي القوات المهاجمة مع ريف حلب الجنوبي في منطقة إيكاردا جنوب حلب.

هذه العملية وإن فكرت روسيا في خوض غمارها فانها ستتطلب أعداد كبيرة من القوات البرية، ولربما عمليات قصف وتمهيد طويلة على طول خط سير الاتستراد، وفي حال تمكنت من التقدم فرضياً فإنها تحتاج للتوسع على أطراف الاتستراد من الجهتين لمسافة تضمن أمن هذا الاتستراد، وتضمن عدة تعرضه لهجمات قد تعيد قطعه وبالتالي تهديد خطة روسيا المطروحة ضمن السيناريوهات العسكرية المتعددة.

تاريخ “مؤرق” .. "طريق الموت"

وشهد الاتستراد الدولي من مورك بريف حماة الشمالي، حتى طريق الموت بين خان شيخون ومعرة النعمان، وطريق معرة النعمان سراقب معارك طاحنة في 2012 و 2013 خسرت فيها قوات الأسد المئات من الدبابات والألاف من العناصر، في معارك طويلة خاضها الثوار على عدة جبهات، حتى لقبت مورك بمرتكبة مجازر الدبابات، وعرف طريق خان شيخون - معرة النعمان بطريق الموت، لكثرة ما لاقت فيه قوات الأسد والميليشيات التي ساندتها من مقتلة كبيرة، أيضا طريق خان السبل بين معرة النعمان وسراقب أيضا مازالت قطع الدبابات المتناثرة على أطراف الاتستراد تشهد  للمعارك التي خاضها الثوار في تلك الفترة على الرغم من قلة إمكانياتهم العسكرية آنذاك.

مفاتيح القوة

ويرى مراقبون أن روسيا التي تحدثت ضمن الخطة الروسية  للسيطرة على طريق الأتستراد الدولي الرابط بين دمشق وحلب، تعي جيداً مغبة الدخول في حرب طويلة مع عشرات الفصائل على أرض سبق أن شهدت مثيلاً لهذه المعارك واكتسب فيها الثوار تكتيكات كبيرة لطرق التعامل مع الدبابات عبر خطوط الاتستراد المكشوفة، حيث يملك الثوار مجالاً واسعاً للتحرك في المنطقة وعلى طرفي الأتستراد من مورك جنوباً حتى إيكارداً شمالاً.

أيضاَ إن خوض غمار معركة الاتستراد وسط وجود مدن رئيسية يمر بها الأتستراد كمورك وخان شيخون ومعرة النعمان وسراقب، سيكلف روسيا الكثير للسيطرة على هذه المدن لتأمين طريق عبورها، وبالتالي فإن المعركة لن تحسم بأشهر وربما تحتاج لأكثر من عام، وهذا مالاتريده روسيا في الغرق أكثر في الملف السوري وتحمل التكاليف الباهظة، ولإدراكها التام بعدم ضمان نتائج هذه المعركة.

خيار “خناصر”

أما عن البديل المطروح عن الخطة الروسية وهي باكتفاء روسيا بتأمين خط امداد من دمشق إلى حلب، بتكاليف وخسائر أقل، يتمثل في التوسع في طريق خناصر - إثريا، وضمان أمن هذا الطريق من خلال السيطرة على كيلوا مترات إضافة على أطراف هذه الأتستراد وبناء قواعد مركز رئيسية للقوات الروسية تضمن حماية هذا الطريق، وبالتالي العدول عن الخطة " أم 5" التي لاتعرف عواقبها  ولاتضمن نتائجها.

ادلب و نسيجها “السياج”


بالمقابل يتحدث مراقبون أن الميليشيات الشيعية تعي جيداً مغبة المخاطرة والدخول في محافظة إدلب ذات النسيج السكاني الموحد، ولو اختلفت فصائلها في مسائل الاندماج والتوحد وظهرت فيها التفرقة، إلا أن لمحافظة إدلب خصوصية تميزها عن جميع المحافظات في التكاتف والتعاضض لجميع الثوار في أي خطر يهدد أمن أرضهم، حيث ان المعركة لن تكون سهلة ولن تنجز بأيام، ويتوقع أن تتكبد فيها الميليشيات الشيعية عشرات القتلى والخسائر في حال فكرت بالدخول لمناطق المحافظة، هذا عدا عن وجود العديد من المكونات الثورة من المحافظات الأخرى التي تدرك جيداً مغبة دخول الميليشيات الشيعية للمناطق التي هجرت إليها، وبالتالي سيكون الدفاع مستميتاً عن المنطقة، يضاف لذلك أنباء ليست بالمؤكدة عن تجهيز الثوار أنفسهم لمعركة وشيكة على بلدتي كفريا والفوعة في حال فكرت أي من الجهات فك الحصار عنها، وأن أنفاقاً عدة جهزت لأكثر من عام تم العمل عليها وسيتم استخدامها في حال عجت غبار المعركة حسب بعض التسريبات التي لم نتأكد من صحتها.

المصدر: شبكة شام الكاتب: أحمد نور
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ