رايتس ووتش: قوات الأسد تسيء معاملة المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها
رايتس ووتش: قوات الأسد تسيء معاملة المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها
● أخبار سورية ١٦ مارس ٢٠٢٠

رايتس ووتش: قوات الأسد تسيء معاملة المدنيين في المناطق التي تسيطر عليها

قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن قوات الأسد تنتقم على ما يبدو من المدنيين الذين اختاروا البقاء في المناطق التي استعادتها في إدلب.

وتُظهر صور حصلت عليها هيومن رايتس ووتش أن قوات الأسد قد تكون أطلقت النار على مدنيين ونكّلت بجثثهم في البلدات التي استعادت السيطرة عليها في محافظتي إدلب وحلب.

ولفتت "هيومن رايتس ووتش" إلى أنها حصلت على صور تُظهر على ما يبدو عناصر من "الفرقة 25 مهام خاصة" (الفرقة 25)، وهي قوات مدعومة من روسيا كانت تُعرف بـ "قوات النمر"، يقفون على جثة رجل يبدو أنهم قتلوه بعد سيطرتهم على مدينة معرّة النعمان، وتتلقى قوات النمر، بقيادة العميد سهيل الحسن، تدريبات ومعدات عسكرية روسية، وتعتبرها القوات الروسية عنصرا أساسيا في عملياتها.

وقال مايكل بَيْج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "قصفت  القوات السورية-الروسية المناطق عشوائيا لإجبار المدنيين على الفرار الجماعي، ويبدو أنها الآن تُروِّع من بقي منهم. ينبغي محاسبة القوات المسيئة كما وقادتها الذين لم يردعوا تلك القوات".

ووثقت هيومن رايتس ووتش في السابق هجمات عشوائية ضد البنية التحتية المدنية، واستخدام أسلحة غير مشروعة، مثل الذخائر العنقودية والأسلحة الحارقة والمتفجرات المرتجلة، أثناء الهجوم. بحلول 1 ديسمبر/كانون الأول، تسبب العنف المستمر في تشريد مليون شخص تقريبا في ظروف إنسانية مروّعة، بينما أبقت تركيا حدودها مغلقة.

ونوهت المنظمة إلى أن ناشط إعلامي، فضّل عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، زودها في 31 يناير/كانون الثاني، بلقطة شاشة وتسجيل شاشة لقصة فيسبوك يبدو أنها من حساب جندي تابع لقوات الأسد، والتي يظهر فيها هذا الجندي مع جندي آخر وهما يقفان فوق جثة محترقة جزئيا. كانت لقطة الشاشة تحمل وسم "المعرة" (في إشارة إلى معرة النعمان).

وتحدثت هيومن رايتس ووتش إلى ثلاثة أشخاص حددوا هوية الجثة على أنها تعود إلى أحمد الجفال، أحد سكان معرة النعمان منذ أمد طويل والذي رفض المغادرة. أحد الثلاثة كان جار الجفال بينما الآخران كانا جزءا من فريق "الدفاع المدني السوري". كان الثلاثة يعرفونه وقالوا إن آخر مرة شاهدوه حيا كانت قبل يومين من دخول قوات النمر المنطقة.

وقال عبيدة ذكرى، مسؤول الدفاع المدني السوري في معرة النعمان الذي كان من ضمن أواخر الذين أخلوا المدينة، إن الجفال اعتاد القدوم إلى المركز للحصول على الطعام والمعونة.

وأضاف ذكرى: "إنه رجل بسيط اعتاد القدوم إلى مركزنا وكنا نمنحه الطعام. في نهاية يناير/كانون الثاني، ساء الوضع جدا. اتسعت رقعة الغارات الجوية والقصف بالمدفعية وكُنّا نُخلي الجميع. ذهبت أنا واثنان آخران إلى حيث يبقى أحمد عادة لنطلب منه المغادرة معنا. رفض وقال إنه لن يغادر".

وفي 27 يناير/كانون الثاني، عاد ذكرى وزميل له، اختار عدم الكشف عن اسمه، إلى المدينة. قال ذكرى: "بحثت عن أحمد في كل مكان، لكن لم أتمكن من العثور عليه. غادرنا بينما كان القصف مستمرا. في اليوم التالي، دخلت القوات [الحكومية] السورية المدينة".

وقال الثلاثة عندما رأوا الصورة إن الجثة تعود للجفال، بناء على ملابسه والمنطقة حيث التقطت الصورة. قارنت هيومن رايتس ووتش أيضا الجثة في الصورة بمقاطع فيديو وصور سابقة متوفرة على الإنترنت في الأيام التي سبقت وفاته، والتي كان يظهر فيها مرتديا نفس الملابس. قدم شخصان ممن قابلناهم تفاصيل عن مكان التقاط الصورة.

وراجعت هيومن رايتس ووتش الصورة، وعبر مطابقة العديد من المعالم المرئية فيها مع صور الأقمار الصناعية، يمكنها تأكيد أنها التُقِطت في معرة النعمان في المكان الذي أشار إليه الذين قابلناهم. وقالت "الجندي الحكومي الذي نشر الصورة وضع أيضا وسم "المعرة" إلى جانب "إيموجي" علامة السلام".

وقارنت هيومن رايتس ووتش أيضا الجثة في الصورة بمقاطع فيديو وصور سابقة قدمها شهود ومتاحة على الإنترنت.

وأردفت المنظمة: ذكرت تقارير إخبارية محلية أن عناصر من الفرقة 25 قتلوا الجفال عند الساعة 10 صباحا في معرة النعمان. قال مركز إعلامي إن مصادره أشارت إلى أن عناصر من الجماعة المسلحة أعدموا الجفال ببندقية "كلاشينكوف"، ثم وضعوه في إطار مطاطي/بلاستيكي وأحرقوا جثته. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التحقق من تفاصيل عملية القتل، لكنها تستطيع تأكيد أن الجثة تبدو محترقة وأن الجنود الواقفون عليها ينتمون إلى الفرقة 25.

وتتبعت هيومن رايتس ووتش حساب الجندي في صفوف قوات الأسد على فيسبوك ووجدت أن الحساب يبدو هو نفسه الذي نشر القصة، رغم أن القصة لم تعد موجودة. يذكر الجندي في صفحته على فيسبوك أنه يعمل في "المخابرات الجوية"، وتُظهر الصور على الحساب التي يعود تاريخها إلى سبتمبر/أيلول 2018 أنه كان في إدلب. في صورة من سبتمبر/أيلول 2018، يظهر وهو يقف إلى جانب شاحنة تحمل علامات مشابهة لتلك الموجودة على الشاحنة في الصورة الأصلية، مما يشير إلى أنها نفس المركبة. تحمل الشاحنة في صورة سبتمبر/أيلول 2018 أيضا علامات تبيّن أنها تعود إلى "قوات النمر"، وشعار لمجموعة فرعية من قوات النمر تدعى "مجموعة ياسر سليمان".

وشددت المنظمة على أن هذا الحادث لن يكون الوحيد الذي انتقمت فيه قوات الأسد من السكان بعد سيطرتها على المناطق، ففي 11 فبراير/شباط، أطلقت قوات النمر أيضا النار على نساء مسنات أثناء محاولتهن الفرار من تقدم القوات في غرب حلب، حسبما ذكرت وسائل إعلام.

وأظهرت تسجيلات الفيديو التي حصلت عليها صحيفة "ديلي تلغراف" البريطانية قيام المسنات بجمع متعلقاتهن والاستعداد للفرار عندما بدا وكأنهن يتعرضن لهجوم. سبق أن قابلت هيومن رايتس ووتش أشخاصا قالوا إن سهيل الحسن، قائد قوات النمر حاليا، أعطى أوامر بإطلاق النار مباشرة على متظاهرين في 2011.

ونوهت المنظمة على أنه بموجب القانون الدولي، على جميع الأطراف اتخاذ جميع التدابير الممكنة لمنع التنكيل بالموتى، ويحظر تشويه جثثهم.

وكان مدعون عامون سويديون اتهموا في سبتمبر/أيلول 2017 أحد عناصر الأسد بانتهاك قوانين الحرب بموجب قانونهم الجنائي المحلي، استنادا إلى المبدأ القانوني المعروف باسم "الولاية القضائية العالمية"، والذي يسمح بالتحقيق في بعض الجرائم الدولية التي تقع خارج الولاية القضائية للدولة.

واستندت التهمة إلى صورة للعنصر وهو يبتسم منتصرا فوق جثة مدني. استخدمت لائحة الاتهام هذه الصورة وأدلة أخرى لاتهامه بـ"الاعتداء على الكرامة الشخصية"، والتي عُرِّفت على أنها تشمل إذلال أو إهانة حرمة جثة هامدة أو انتهاك كرامتها بأشكال أخرى.

وطالبت المنظمة نظام الأسد وروسيا أن توقف فورا الذين توجد مزاعم موثوقة بأنه ارتكبوا انتهاكات حقوقية، وأكدت أنه ينبغي أن يخضع القادة العسكريون ومسؤولو الاستخبارات لعقوبات مستهدفة حتى يوقفوا الانتهاكات التي ترتكبها قواتهم. ينبغي أيضا التحقيق معهم ومحاسبتهم على الانتهاكات التي ترتكبها الوحدات الخاضعة لقيادتهم، وفقا لمبدأ مسؤولية القيادة.

وقال بَيْج: "أساءت القوات الحكومية السورية إلى المدنيين لفترة طويلة ولم تُحاسب أبدا. لكن ينبغي أن يحذر أولئك الجنود من أن الذين ينتهكون القانون الدولي سيُساقون إلى العدالة على حين غرّة، حسبما يشهد التاريخ".

المصدر: شبكة شام الكاتب: فريق التحرير
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ