سقط العالم وانتصرت حلب .. حلب في أعوام الحرية من التحرر و حتى التهجير
سقط العالم وانتصرت حلب .. حلب في أعوام الحرية من التحرر و حتى التهجير
● أخبار سورية ١٥ ديسمبر ٢٠١٦

سقط العالم وانتصرت حلب .. حلب في أعوام الحرية من التحرر و حتى التهجير

واجهت مدينة حلب طوال أربعة أعوام بعد تحريرها من قبل الثوار معارك عنيفة على عشرات الجبهات، حقق فيها الثوار انتصارات كبيرة في الريف الشمالي والجنوبي والغربي وداخل المدينة، مكنتهم من إطباق الحصار على بلدات نبل والزهراء، والتضييق على قوات الأسد في الأحياء التي تسيطر عليها قوات الأسد في المدينة، والتي عجزت لمئات المحاولات عن فك الحصار عن نبل والزهراء أو تحقيق أي تقدم على حساب الثوار.

سلاح المليشيات الشيعية

ومع عجز قوات الأسد المستمر، وبعد أن أيقن نظام الأسد أن مدينة حلب الثقل الشعبي الأكبر بعد العاصمة دمشق باتت على موعد مع سيطرة الثوار الكاملة، استنجد الأسد بالميليشيات الإيرانية، وكان لحصار الثوار لبلدتي نبل والزهراء الشيعيتين الحافز الدافع الأكبر لتجييش عشرات الميليشيات الإيرانية والأفغانية وحزب الله واستقدامهم لحلب، حيث نالت نصيبها على يد الثوار ولم تستطع لأكثر من عام على تحقيق أي تقدم يفيد نظام الأسد إلا في مواقع قليلة وغير ذات أثر.

سلاح تنظيم الدولة

تلا ذلك محاولات تنظيم الدولة في 2014 التضييق على الثوار في الريف والمدينة، شهدت المنطقة مواجهات عنيفة بين الثوار وعناصر التنظيم، حيث تمكن التنظيم من السيطرة على كامل الريف الشرقي، والتوسع في مناطق عدة بريف حلب الشمالي، أعطت لنظام الأسد فرصة لمحاولة التقدم على حساب الثوار في مناطق عدة، إلا أن الثوار سرعان ما اعادوا ترتيب صفوفهم ووضع حد لتقدم قوات الأسد والميليشيات الشيعية التي بدأت تتوافد بشكل كبير حتى بلغت أكثر من 60 ميليشيا في حلب من جنسيات عديدة وباتت هي من يتولى قيادة العمليات العسكرية ضد الثوار.

سلاح روسيا

وقبل عام ومع فشل الميليشيات الإيرانية في تغيير المعادلة العسكرية على الأرض، ومع تنامي قوة الثوار، بات لزاماً على الحليف الأكبر للأسد للتدخل لإنقاذ الموقف، حيث بدأ روسيا بشن غارات جوية مكثفة انطلاقاً من مطار حميحيم وكان التركيز الأكبر على مدينة حلب وريفها، انتهجت فيه تدمير المرافق الحيوية في البداية، والتركيز على استهداف فصائل الثوار، والمناطق المدنية في الريف الشمالي والغربي لإجبارهم على النزوح.

طوال عام كامل واجهت مدينة حلب الأحياء المحررة منها عشرات الحملات الجوية من الطيران الحربي الروس، استخدم فيها أنواع عديدة من الأسلحة لأول مرة، منها الصواريخ الفراغية الموجهة شديدة التدمير والصواريخ الارتجاجية والعنقودية والفوسفور الحارق، استهدفت فيها أحياء سكنية ومناطق مدنية وأسواق عامة ومراكز للدفاع المدني ومشافي طبية ومراكز خدمية وأفران، خلفت المئات من المجازر خلفت آلاف الضحايا عبر أشهر طويلة.

سلاح ” قسد”

كان هدف روسيا من خلال تكثيف القصف الجوي والمجازر اليومية هو إرغام الأهالي على الخروج من الأحياء المحررة، إلا أنها قوبلت بصمود كبير لأهالي المدينة في المناطق المحررة، حيث سعت بالتعاون مع قوات الأسد والميليشيات الشيعية وقوات "قسد" على خنق المدينة من جهة الشمال، فشنت هجمات عنيفة على الريف الشمالي، تمكنت خلال عدة أشهر من السيطرة على عدة بلدات ومدن في الريف الشمالي، وتمكنت من كسر الطوق عن بلدتي نبل والزهراء، وإعطاء المجال لقوات "قسد" للتوسع في ريف حلب الشمالي على حساب الثوار بتمهيد جوي عنيف من قبل روسيا.

الحصار الأول و الملحمتين

وبعد الانتهاء من الريف الشمالي ومع تكثيف القصف على الريف الغربي، بدأت القوات الكردية في حي الشيخ مقصود من محاولة التقدم باتجاه طريق الكاستيو لقطع الإمداد عن الأحياء المحررة في القسم الشرقي من حلب، وبعد فشلها كان لابد لروسيا والميليشيات الشيعية من التدخل، حيث دارت معارك طاحنة في الكاستيلوا والملاح وحندرات، تمكن خلالها الثوار من تكبيد قوات إيران مئات القتلى والجرحى، اعترفت بهم بعد أن عجزت عن إخفاء خسائرها البشرية الكبيرة.

وتمكنت بعد أشهر عدة الميليشيات الشيعية من السيطرة على طريق الكاستيلوا وقطع الإمداد عن مدينة حلب بشكل كامل، لتبدأ مرحلة جديدة من القصف الجوي العنيف والمركز على الأحياء الشرقية، وسط معارك مستعرة على جبهات عدة حول المدينة وضمن الأحياء المحاصرة، تمكن الثوار خلالها من إعادة فك الحصار من جهة طريق الراموسة، وخاضوا معركة استنزاف طويلة تقابلهم كل الترسانة العسكرية الروسية والإيرانية وعشرات الميليشيات الشيعية، تكبدت فيها خسائر فادحة من كبار القيادات العسكرية والعناصر، انتشرت جثثهم على مشارف الكليات العسكرية لأكثر من شهر، ونتيجة القصف اجبر الثوار على التراجع، ليخوضوا معركة ثانية لفك الحصار من الطرف الغربي لها يكتب لخها النجاح.

بدء “الابادة”

بعد عجز الثوار عن فك الحصار واجهت الأحياء الشرقية المحررة من مدينة حلب هجمة جوية عنيفة وغير مسبوقة وصفت بالأعنف في تاريخ الثورة السورية، اتبعت سياسة الإبادة الشاملة لكل ماهو داخل الأحياء المحاصرة، والتي تضم أكثر من 350 ألف مدني، تزامن مع ضغط عسكري كبير على أكثر من عشرين محور حول المدينة من كل الاتجاهات للتوغل ضمن الأحياء المحاصرة، صمد فيها الثوار لأكثر من شهرين أمام كل الترسانة العسكرية الروسية والإيرانية وجميع الميليشيات الشيعية التي تحاربهم، واستمر صمود المدنيين بشكل أقلق روسيا التي فتحت ممرات قالت أنها إنسانية لمرات عدة لم تستطع خلالها من إجبار المدنيين على الخروج من أحيائهم رغم كل آلة الموت التي تلاحقهم في كل مكان يلجؤون إليه ضمن المحرر.

سلاح الموت الشامل

وخلال الأسابيع القليلة الماضية ومع تزايد الضغط العسكري من كل الاتجاهات، وما خلفه القصف والمجازر اليومية وتبعيات الحصار من إرهاق للمدنيين والثوار على حد سواء، تمكنت قوات الأسد وبعد تدمير كل ما يعترض طريقها من التوغل ضمن حي مساكن هنانوا ومنه باتجاه حي الصاخور، تمكنت خلالها من فصل الأحياء المحررة عن بعضها البعض والسيطرة على أكثر من سبعة أحياء من الجهة الشمالية الشرقية للمدينة، تلا ذلك عمليات عسكرية وقصف مستمر أفضت لتراجع الثوار بشكل يومي، مع حركة نزوح باتجاه مناطق سيطرة قوات الأسد في الأحياء الغربية خوفاً من عمليات التصفية الميدانية والانتقام التي قامت بتنفيذها الميليشيات الإيرانية بحق المدنيين العزل، انتقاماً لما لاقته من صمود ومواجهة طوال اكثر من عام.

مقاومة حتى الموت

وعلى الرغم من تضييق الخناق بشكل كبير على مدينة حلب واقتصار المناطق المحررة على بضع أحياء، إلا أن آلاف المدينين والثوار من كل الفصائل استمروا في المقاومة والدفاع عن انفسهم، وسط انعدام كل مقومات الحياة  بعد اشهر طويلة من الحصار ومنع دخول أي مساعدات إنسانية أو طبية وتفاقم الوضع الإنساني لدرجة المأساة التي لا توصف بكلمات، ليتم الجلوس إلى طاولة التفاوض والتوصل لاتفاق يفضي بخروج جميع المدنيين والثوار من الأحياء الشرقية، والذي قبله الثوار مرغمين للحفاظ على أرواح من بقي صامداً في الاحياء المحاصرة، حيث بات أمامهم طريقاً واحداً ألا وهو الموت.

 صمت شامل

كل هذه المعارك والمعاناة المريرة التي واجهتها أقدم مدينة في التاريخ من قصف وتدمير لحضارة تمتد جزورها لعشرات العقود من الزمن، والقتل اليومي بحق المدنيين العزل والتدمير الشامل لكل ما هو حيوي، ولم يحرك العالم العربي والإسلامي والمجتمع الدولي المناطق بحقوق الإنسان أي ساكن، اقتصرت مواقفه على الإدانات والشجب دون تقديم أي ضغط دولي على روسيا وإيران لوقف شلالات الدماء والمذبحة المتواصلة بحق عشرات الألاف من المدنيين في مدينة حلب.

و انتصرت ... 

نعم انتصرت حلب وقاومت لأكثر من عامين كل قوى العدوان التي تآمرت على قضية الشعب السوري ورغبته بالخلاص والحرية التي طلبها، انتصرت حلب بأسلحة فردية ومعدات بسيطة وصبر وثبات أبنائها بمواجهة أحدث الطائرات والمدافع والصواريخ والبوارج الحربية، انتصرت حلب رغم تخاذل المجتمع الدولي الذي سقط قناعة تحت أقدام أطفال حلب ممن عانوا المرارة والحصار والقتل اليومي، وخرجوا من مدينتهم رافعين شعار النصر، فما سلب سيعود ولو بعد زمن، وستعود حلب لتعيد مجد الصالح وأبو فرات وسلسلة طويلة من المجاهدين ممن سطروا أروع البطولات على ثرى حلب الأبية التي رفضت الإنكسار وقاومت حتى آخر رمق ولم تركع كما ركع حكام وزعامات العرب الذين خذلوا حلب ومن قبلها القدس وقضايا كل الشعوب المتطلعة للحرية والخلاص.

المصدر: شبكة شام الكاتب: أحمد نور
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ