مخيم اليرموك.. بين ويلات الحصار وممارسات تنظيم الدولة
مخيم اليرموك.. بين ويلات الحصار وممارسات تنظيم الدولة
● أخبار سورية ١٤ مارس ٢٠١٨

مخيم اليرموك.. بين ويلات الحصار وممارسات تنظيم الدولة

يعاني ثلاثة آلاف لاجئ فلسطيني ممن تبقّوا داخل مخيم اليرموك للعام الخامس على التوالي، ويلات الحصار المشدّد والمستمرّ منذ قرابة 1600 يوم، ويعيشون أزماته الطاحنة، ويتجرّعون جرائم "تنظيم الدولة" المتمثّلة بالإعدامات والقتل والحرق والتنكيل حسب "المزاج والاشتباه".

لا تزال صرخات الاستغاثة التي تخرج ليلاً ونهاراً من داخل مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، جنوب شرق العاصمة السورية دمشق، تبحث عن آذان صاغية واستجابات عاجلة لإنقاذها من هول الجرائم وبشاعة الحصار الخانق الذي يتعرّض له سكان المخيم بمشاركة نظام الأسد وتنظيم الدولة.

روايات وشهادات سكان مخيم اليرموك على جرائم التنظيم، التي تجاوزت الحدود بعنفها وأشكالها، جميعها تتشابه في تفاصيل المعاناة وجرعات الألم والحسرة، ولعل عائلة "البدوي" آخر من شرب من تلك المرارة؛ بعد إعدام "تنظيم الدولة" بدم بارد ابنها الشاب "موسى" أمام مرأى الجميع.

وأعدم عناصر من تنظيم الدولة، في الـ 27 من شهر فبراير الماضي، اللاجئ الفلسطيني موسى البدوي، أمام مسجد جامع فلسطيني بالمخيم؛ بتهمة "التخابر مع هيئة تحرير الشام"، ليرتفع عدد ضحايا الفلسطينيين من جرائم تنظيم الدولة وجيش الأسد منذ بدء الحرب لأكثر من 3635، حسب منظمات حقوقية دولية.

ناهض البدوي، عم الشهيد موسى، وصف الجرائم التي يرتكبها عناصر تنظيم الدولة بحق اللاجئين الفلسطينيين منذ بدء الحرب داخل الأراضي السورية حتى إعدام ابن أخيه موسى، بأنها انتقامية وتجاوزت بأشكالها وعنفها كل المعايير الإنسانية والحقوقية الدولية.

وفي تصريحات خاصة لـ"الخليج أونلاين"، من داخل مخيم اليرموك، يؤكد البدوي (55عاماً)، أن المخيم يتعرض لأبشع واعنف أنواع التعذيب والإهانة والتنكيل من قبل تنظيم الدولة الذي يسيطر على أكثر من 75% من مساحة المخيم، ويفرض عليه قوانينه الظالمة التي لم يسلم من جرائمها أحد.

ويضيف: "يتواجد داخل المخيم أكثر من ثلاث ألاف لاجئ فلسطيني ممن تعذر عليهم الهجرة، ويعيشون الآن في ظل ظروف إنسانية وصحية قاسية وصلت لمرحلة "الحضيض"، وبات خطر الموت من الجوع والعطش، أو القتل على يد عناصر داعش مصير يدق باب كل فلسطيني".

ويذكر البدوي، أن تنظيم الدولة يتبع سياسة إعدامات بشعة بحق اللاجئين داخل المخيم، وكان آخرها إعدام "موسى البدوي"، مشيراً إلى أن التهم التي يلفقها التنظيم للفلسطينيين "باطلة ولا أساس لها من الصحة، وبعضها يكون من خلال الاشتباه أو تماشياً مع مزاح أمير المجموعة".

ويشير إلى أن تنظيم الدولة "تمادى كثيراً في جرائمه"، حتى وصلت لمرحلة الإعدام والقتل بدم بارد وبصورة بشعة في الشوارع وأمام الجميع، وقطع خطوط الماء والكهرباء عن أبناء المخيم، ومنع الطلبة من التوجه لمدارسهم، وإغلاق الممرات الإنسانية التي تسمح بدخول الغذاء والماء للسكان.

وعبر "الخليج أونلاين"، أطلق "البدوي"، مناشدة عاجلة من داخل المخيم للمؤسسات الدولية والحقوقية والإنسانية، لحماية وإنقاذ حياة (3000) لاجئ فلسطيني من الموت الذي يتربصهم داخل المخيم من قبل عناصر التنظيم والنظام، وفتح ممرات إنسانية طارئة وآمنة لإدخال الغذاء والدواء والماء لهم، وخروج المرضى والموتى، قبل حلول الكارثة الكبرى التي يخشاها الجميع.

جريمة إعدام "البدوي"، ليست المرة الأولى التي يقوم بها التنظيم بإعدام لاجئين من أبناء اليرموك بتهمة التخابر مع جهات أخرى، فقد أقدم يوم 13 فبراير 2017 على إعدام اللاجئ "محمد عطية" المعروف في مخيم بتهمة التخابر مع مجموعة "أكناف بيت المقدس"، بحسب "مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا".

وفي يوم 2 مارس 2017 أعدم كذلك أربعة لاجئين، هم: محمد نصار، وشخص من عائلة عليان، وآخر من عائلة التايه ولاجئين آخرين من عناصر " هيئة تحرير الشام"، فيما نشر التنظيم يوم 7 مارس 2017، صوراً لإعدام الشاب الفلسطيني "محمد التايه" في حي العروبة مخيم اليرموك، بتهمة التخابر مع "هيئة تحرير الشام" وأظهرت إحدى الصور جسد الضحية مفصولاً عن الرأس.

وبحسب المجموعة فإن ذلك يأتي في ظل ممارسات تنظيم الدولة والتي يصفها أبناء المخيم بـ"التعسفية" وفرض أجنداته الخاصة على الأهالي المحاصرة، فيما وصل عدد الضحايا داخل المخيم وحده لـ206 لاجئ ولاجئة.

وكان تنظيم الدولة قد سيطر على معظم أجزاء مخيم اليرموك قبل عامين تقريباً، بعد اقتحامه له بمساعدة جبهة النصرة، قبل أن تنشب خلافات بينهما مؤخرًا إثر اتفاق بين التنظيم والنظام السوري يقضي بإخراج عناصر التنظيم من المناطق الجنوبية في دمشق إلى شمال سوريا برعاية من الأمم المتحدة.

من جانبه، أكد السفير أنور عبد الهادي، رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية في سوريا، أن الأوضاع داخل مخيم اليرموك باتت معقدة لغاية، وتنظيم الدولة يُفشل أي حلول إنسانية تساعد على إنقاذ العالقين داخل المخيم.

ويقول عبد الهادي لـ"الخليج أونلاين"، إن "التقارير اليومية التي تردنا من داخل المخيم، تؤكد أن الجرائم التي يرتكبها المسلحون اللذين يتبعون لتنظيم الدولة والتنظيمات الأخرى تتصاعد، وأن عمليات القتل للاجئين بدم بارد وبتهم مختلفة متواصلة، وذلك مخالف لكافة القوانين الدولية والحقوقية وتعدي غير مقبول على الفلسطينيين".

ويشير إلى أن هناك مناشدات عاجلة تخرج من المخيم لإنقاذ حياة السكان وفتح ممرات آمنة لإدخال الغذاء والماء والدواء وإخراج المرضى، لكن تنظيم الدولة يقف عقبة ويفرض حصار مشدد ويأخذ كل اللاجئين رهائن عنده، ويمارس بحقهم أبشع جرائم الإعدام والقتل بدم بارد ودن حساب، وحتى اللحظة لا توجد أي حلول.

وإضافة للحصار وجرائم التنظيم، تسود حالة من القلق والتخوف في أوساط لاجئي فلسطين في سوريا من احتمال توقف المساعدات المالية المقدمة من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، بسبب العجز المالي الذي تعاني منه.

ويشار إلى أن مخيم اليرموك يبعد 8 كم جنوب العاصمة دمشق، ويشكل اللاجئون الفلسطينيون غالبية سكانه، ويقع تحت حصار قوات النظام والمليشيات الأجنبية الداعمة له منذ 5 سنوات ويبلغ عدد سكانه في الوقت الحاضر حوالي 3 آلاف مدني، بعد أن كانوا أكثر من 150 ألف شخص قبل الثورة السورية.

المصدر: شبكة شام الكاتب: فريق التحرير
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ