مفاوضات شاقة مرتقبة بين روسيا و أمريكا بشأن الأسد و التخلي عن “العند” الروسي
مفاوضات شاقة مرتقبة بين روسيا و أمريكا بشأن الأسد و التخلي عن “العند” الروسي
● أخبار سورية ١١ أبريل ٢٠١٧

مفاوضات شاقة مرتقبة بين روسيا و أمريكا بشأن الأسد و التخلي عن “العند” الروسي

يتشابه المشهدان بين وزيرا خارجية أمريكا في عهدي باراك أوباما و دنالد ترامب ، وهما يحطان رحالهما في العاصمة الروسية موسكو ، حاملان معهما الملف الكيماوي السوري ، بعد تكرار تجربة الغوطتين في آب ٢٠١٣ و خان شيخون نيسان ٢٠١٧ .


في أيلول ٢٠١٣ نزل جون كيري على درج طائرته في موسكو ، حاملاً حقيبته الحمراء (التي تشير لوجود صفقة دولية كبيرة) ، و بعد مباحثات امتدت على مدى أيام خرج الطرفان (الأمريكي و الروسي) بصفقة ما يعرف بـ”نزع كيماوي الأسد” ، والتي بموجبها تم انتهاء التهديدات الأمريكية ، بعد أن قتل الأسد ما يناهز ١٥٠٠ إنسان في الغوطة بالأسلحة الكيميائية ، و صدر أيضاً تبعاً لها القرار الأممي ٢١١٨ ، والذي حمل في طياته تهديداً بسيف “الفصل السابع” الموجب لاستخدام القوة في حال تكرار القضية .


مثلت أمريكا حينها (٢٠١٣) ، الدول الغربية أو حلف أصدقاء الشعب السوري ، و كان الاتفاق بمثابة نصر للأسد و تبرئة له ، أو على الأقل إبعاده عن منصة العقاب ، والاكتفاء ببعض الإجراءات التي كانت ناقصة وواهنة ، لحد سمح له تكرار مافعله في الغوطة في العديد من المرات ، و لكن هفوة خان شيخون أعادت الأمور لنقطة البداية.

ومع بداية الشهر الحالي (تحديداً ٤ نيسان ٢٠١٧) ، استيقظ العالم أجمع على وقع مذبحة الكيماوي في بلدة خان شيخون ، التي اختنق فيها المئات من السوريين غالبيتهم من النساء و الأطفال ، بغاز السارين المخفف بالكلور ، الأمر الذي أحدث ضجة غير مسبوقة (رغم حدوث أمر مشابه و لكن بنسبة ضرر أقل في العديد من المرات آخرها كان قبل أيام قليلة من هجوم خان شيخون) ، الضجة التي كانت بمثابة اختبار قاسي للإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة دونالد ترامب.

مجزرة خان شيخون ، جاءت في توقيت غاية في السوء للادارة الأمريكية ، التي استبقتها بسلسلة من التصريحات دلت بشكل واضح تماماً ، أن إزالة الأسد لم تعد على القائمة فهو “واقع سياسي” وفق النظرة الأمريكية ، و لكن بعد خان شيخون باتت عبارة عن “كذبة نيسان” التي مضى وقتها و شهد الواقع تغيراً في سلم الأولويات فكان إسقاط الأسد ضمن الأولويات الرئيسية و “المتزامنة”.

اليوم يحط  وزير الخارجية الأميركي، ريكس تيلرسون، في العاصمة موسكو، في أول زيارة رسمية لمسؤول أميركي إلى روسيا، بعد وصول ترامب إلى البيت اأبيض ، وفي جعبته مهمة مشابهة لتلك التي حملها كيري ، ألا وهي التخلص من عبء الأسد الكيماوي بأقل الأضرار الممكنة .


يكمن الاختلاف بين زيارتي - كيري ، تيلرسون - في الأسلحة التي حملها كل طرف ، فقد حمل كيري آنذاك مجموعة من البوارج الرابضة قبالة السواحل السورية تستعد لقصف مصادر الموت التابعة للأسد ، دون أن أن تسخن فوهات الإطلاق ، في حين لدى تيلرسون ٥٩ صاروخاً مجنحاً تم وضعهم في رصيد الأسد و روسيا ، مع قصف مطار الشعيرات العسكري ، التي اعتبرته أمريكا مسؤولاً عن مذبحة خان شيخون الكيماوي .

اجتماع الدول الصناعية السبع الكبرى ، يوم أمس ، كان مركزاً بشكل غير مسبوق علي الملف السوري و بأولوية سبقت الارهاب (الضيف الدائم و الثقيل ) ، وخرج باتفاق نهائي أن الأسد يجب أن ينتهي بطريقة ما ضمن عدة سيناريوهات ، ما وضح منها هو مفاوضة الدب الروسي على التخلي عنه و بالتالي تسهيل المهمة ، وهي الطريقة  الأساسية التي يتم الاعتماد عليها حيث التركيز على نافذة “فرصة” في هذا السياق ، و إلا سيكون هناك خيارات أخرى يتم تدارسها مع انضمام دول فاعلة في الملف السوري إلى الاجتماع السباعي مثل تركيا و السعودية على سبيل المثال لا الحصر .


خيارات روسيا هذه المرة ضيّقة جداً ، فالانفراد السابق ، وتحديداً منذ ٣٠ أيلول ٢٠١٥ ، مع انخراطها الكامل في سوريا عسكرياً جوياً و برياً ، لم يعد ميزة (الانفراد) فقد بات هناك لاعبون جدد يملكون خيارات فعلية وواقعية عسكرية في هذا البلد الذي مزقه الأسد و حلفاؤه طوال السنوات الست الماضية .

لايبدو أن لدى روسيا قدرة كبيرة على المناورة ، فهي تحمل أوزار ثقيلة لاتتعلق بالأسد (كشخص و نظام) فحسب ، و إنما إيران أيضاً بكل ما يضمه هذا الاسم من كره و حقد دولي عليها ، وما تحتويه من مليشيات إرهابية عابرة للحدود لا تقل خطورة عن تنظيم الدولة (داعش) ، الأمر الذي يجعل روسيا المرهقة اقتصادياً و التي دخلت رحلة الانفتاح الجزئي بعد العزلة نتيجة ملفات كـ”القرم” و “أوكرانيا” ، ها هي اليوم على أعتاب عزلة أشد و أدهى.


الأوراق التي يحملها تيلرسون اليوم قد تمكنه من ممارسة الضغط الكافي ، هذا إذا ما امتلك القدرة على التمسك بها في جولات المفاوضات التي تعرف بأنها شاقة و طويلة بين طرفين يتحكمان بغالبية قدرات العالم العسكرية.

المصدر: شبكة شام الكاتب: زين مصطفى
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ