ملف خاص لـ"شبكة شام"..  حركة أحرار الشام : هل هي الفصيل الثوري المطلوب والمقبول أم أنها تجربة لم تكتمل..؟
ملف خاص لـ"شبكة شام".. حركة أحرار الشام : هل هي الفصيل الثوري المطلوب والمقبول أم أنها تجربة لم تكتمل..؟
● أخبار سورية ١٣ يوليو ٢٠١٥

ملف خاص لـ"شبكة شام".. حركة أحرار الشام : هل هي الفصيل الثوري المطلوب والمقبول أم أنها تجربة لم تكتمل..؟

شكلت حالة "حركة أحرار الشام " نوعاً منفرداً في مسيرة الثورة السورية من جهة الفصائل المسلحة العاملة على الأرض ، فالحركة التي ولدت مبكراً و اتخذت خطاً ثابتاً ، لم تحيد عنه ، و إن غيّرت الإسلوب و التسميات بشكل يتوافق مع متطلبات المرحلة و الإحتياجات الواجب توافرها في فصيل ما ليكون مركز الإهتمام العالمي أن الركيزة التي سيتم الإعتماد عليها في حال سقوط الأسد.

النقطة السوداء و المفصلية

وقد يكون من العبثية أن أدخل إلى تاريخ الأحرار و أبدأ السرد ، فالتاريخ الخاص بالحركة موجود بكل مكان وظاهر وواضح ، لا لبس و لا خلاف حوله ، اللهم النقطة السوداء و المشكلة التي ستبقى تؤرق الجميع هو تاريخ 9/9/2014 عندما تم اغتيل الغالبية العظمى من قيادات الصف الأول للحركة ، و على رأسهم حسان عبود قائد الحركة ، في انفجار غامض استهدف اجتماعًا لمجلس شورى الحركة في بلدة رام حمدان بريف إدلب ، وكان الاجتماع منعقدا في نفق سري ومحصن تحت الأرض. ومن بين القتلى القائد العسكري للحركة أبو طلحة، وعضو مجلس شورى الحركة وأمير حلب سابقًا أبو يزن الشامي، والمسؤول الشرعي للحركة أبو عبد الملك، وقادة كتائب آخرون في الحركة.

و قصدت بوصفه نقطة سوداء لغياب المجرم حتى اللحظة عن العقوبة ، و عدم ظهور أي جديد في القضية التي يبدو أنها ستكون سر من اسرار العصر .

في العموم هذا التفجير غير المجرى كلياً و أدى لحدوث الإنقلاب الكامل  في اسلوب الحركة رغم ثبات النهج من التأسيس .

حركة و ليست مجرد فصيل مسلح

عندما قامت حركة أحرار الشام في 2011 لم يكن الغاية منها مجرد فصيل مسلح ذو صبغة اسلامية ، يقوم إلى جانب الفصائل الأخرى ذات نفس الطابع أو فصائل الجيش الحر ، و إنما أُريد لها أن يكون تنظيمها أوسع و أكبر من المعارك و التحرير بل يشمل أيضاً مناح إدارية و خدمية و قضائية ، إضافة للأمور الإغاثية التي تقوم من خلاله بتأمين الحاجات الاساسية للسكان في مناطق سيطرة الحركة كالخبز والمياه والدواء .

بالتزامن مع حشد كل الطاقة العلمية و البشرية ذوي الطبقات العلمية العليا داخل صفوفها لإدارة مناحي الحياة المتنوعة و المختلفة ، من إدارة المعابر مع تركيا و تنظيم العمل داخل المناطق المحررة ، و ضبط الأمن من خلال مؤسسات مختصة ، تقوم على عناصر تتمتع بعنصري الولاء و الكفاءة ، مع القبول الشعبي لها .

من مشروع أمة .. إلى ثورة شعب

النقطة الفيصل التي حدثت في مسيرة الحركة تتمثل بتغيير الشعار الذي اعتمدت عليه الحركة حين انضمامها ضمن الفصائل الكبرى فيما يعرف بـ"الجبهة الإسلامية" التي لم توفق كثيراً و شهدت انتكاساً مع استشهاد قيادات الأحرار و تلقي بقية الفصائل لضربات و خساراتها لقيادتها .

الأمر الذي جعل الأحرار تدخل في حالة من السبات أو حالة عدم الإتزان ، ريثما أعادت ترتيب أوراقها التي بعثرتها عملية الإغتيال الكبير ، و بدأت قيادات الصف الثاني تنتقل إلى الصف الأول و تباشر عملها و تنظمه بقالب جديد ، بالتزامن مع نجاحات ميدانية بدأت بوادي الضيف و الحامدية .

بعيداً عن العسكرة التي سنأتي على ذكرها فيما بعد ، الإنتقال بالقيادة إلى الجيل الجديد ، تطلب أن يكون هناك روح جديدة بكل شيء ، و أهمها الشعار الذي بات "ثورة شعب" ، و بالتالي تم الإنتقال من مشروع أمة اسلامية قد يكون أكبر من قدرات و امكانيات الفصيل أو المعارضة السورية الإسلامية ككل ، هذا من جهة و من جهة أخرى يتفق مع تطلعات الشعبية التي تطالب بإنهاء نظام الأسد و كسر المد الإيراني على سوريا ، و ضمان مستقبل سوري سلام بدولة مقبولة من الجميع يمنع فيها كل أشكال الاضطهاد و الإستبداد .

الإنتقال للسياسة مع العمل العسكري على شكل (حزب)

و رأى الصحفي زين الباشا أن المهم في توجه الحركة الجديد من خلال التنظيم اكثر ، بالإنتقال للسياسة مع العمل العسكري و "لو انه سيقرأ على انه نموذج بعيد عن الفكر السلفي الجهادي وطبيعته السابقة".

و أضاف الباشا :"وخلافا للمنظريين الدينيين اصحاب الفكر المقتصر على الاستراتيجية العسكرية و اعتبار التحرك السياسي هو براغماتية عملانية".

وذهب الباشا في رأيه إلى أنه المطلوب في "ظل تطورهم (حركة الأحرار) لتكتل كبير ، وعلاقتهم مع دول عربية ، وفي اطار كسر القالب الذي وضعهم به الغرب وبعض المتطرفين ، هو التحول من ميليشيات وفصائل مقاتلة لأشبه بمؤسسات واحزاب تمتلك ارض وادارة وفكر ديني وفكر عسكري" ، معززاً مطالبته بأن "هذا نموذج للتنظيم المتزن والمتعاطي مع العالم ، وليس المفصول عن الواقع ، ومحاكات المافيات ،  في العمل".

وذهب الباشا في حديثه إلى المقارنة مع تنظيم الدولة الذي ( والحديث للباشا) حضرت به القوة ، واستحضر المظلومية الدينية ، والادارة الجيدة ، ولكن بغياب استراتيجية وهدف ، وفتح الصدام والهجوم على الجميع. في حين ترك خلفيته وقواعده مخترقه للمخابرات معتبراً أن وهذا هو الواقع ولا يمكن الزعم غير ذلك ، مستطرداً أنهم (تنظيم الدولة) اداريا الافضل، لكن الأفشل بكل شيء حتى دينيا ،باتباع سياسة التوحش والظفر بالخصم.

وعاد الباشا بحديثه إلى حركة أحرار الشام بالقول أنها "تسعى لان تكون اقرب للأحزاب ، وبنفس الفكر الديني وباتباع التسامح او ما يصفه الغرب بالاعتدال ،  ولو باستغلال معروف منهم" ، مؤكداً أن "الحزب هو من مناهج الدين اصلاً" ، وهذا ما استغله حزب الله اللبناني المتطرف لكن بذكاء وخبث سياسي ، وبعض الحركات مثل النهضة التونسية بدهاء ، وتناغم مع الواقع ، لكن الاخيرة دون سلاح.

التقاء في نظر البعض ..

برز مع عودة الأحرار إلى العمل العسكري بقوة و ثبات ، هو حالة التوافق مع كل الفصائل الثورية السورية وكذلك ذات الطابع الإسلامي المتنوع (قاعدة – مهاجرين - ...) ، أسست معهم الحالة الإستثنائية في الثورة ألا هي "جيش الفتح" ، و رغم العمل الناجح جداً و بكل المقاييس ، لكن ذلك لم يغير من طبيعة الحركة ، و إن كان من ناحية التصريحات و الظاهر ، برفض التبعية للقاعدة ، و رفض المسايرة في هذا الأمر ، و كل التعاون الذي تم ما هو إلا تعاون على هدف مرحلي "اسقاط النظام" ، دون الدخول في أهداف تحملها الفصائل الأبرز في "الفتح" .

ولكن التماهي في الواقع بين الأحرار و النصرة على وجه الخصوص ، يجعل من فكرة التبعية أو التوافق على كل الأهداف متوافرة ، وما يتم التصريح عنه هو عبارة عن بروبغندا اعلامية للتغطية على هذا التعاون الخفي ، هذا وفق ما يراه مراقبون .

و يعزز البعض رؤيته بأن الأحرار تقف إلى جانب النصرة في كل مكان في سوريا ، و تدخل بالتحالف معها في كل المعارك ، في حلب و درعا و الغوطة ، تحالف فضلته الحركة على باقي الفصائل المشابهة لها كـ"جيش الإسلام – الجبهة الجنوبية – فتح حلب " وإن كانت في حالة حلب جمعت بين التحالف مع "النصرة" و "الجيش الحر" بإنضمامها لكلا غرفتي العمليات "فتح حلب و أنصار الشريعة".

و يوجد من يغالي ، في العلاقة بين الفصيلين ، و الذين يخالفون رأي الحركة المستمد سواء من تصريحات القيادة أو التصرفات أو من حديث الأخ عمار ناصر أحد اعلامي الأحرار البارزين لنا ، حيث يكرر المغالون عبارة "جبهة النصرة وإخوانهم في أحرار الشام ، عينان في رأس واحد ، لا يُفرق بينهم إلا من يُبغضُ الطرفين وحاقد عليهم" ، و رغم ذلك قد تحتمل هذه الجملة تفسير آخر في المعارك ضد الأسد بغية إسقاطه ، و ليس كقاعدة عامة.

شراكة لـ"اسقاط النظام"

عمار ناصر ، أحد إعلامي الحركة ،رفض الحديث عن  تفضيل الحركة للنصرة على بقية فصائل الجيش الحر ، معتبراً أن الكلام موجه ضد الحركة ، مستعرضاً مشاركات الحركة مع الجميع في كل درعا و دمشق ، و أكد أن هذا منفي ولا يوجد ما يبرهنه على أرض الواقع، بل الواقع "و الكلام لناصر" على الأرض يجد الحركة تثبت يوميا أنها مع من يشاركها هدف اسقاط النظام وهذا واضح وجلي بارسالها المتكرر لأرتال المؤازرات التي تمكنت بفضل الله من وقف زحف تقدم النظام وكان أخر اثبات هو دخول الحركة الفعال في غرفة فتح حلب وفي غرفة أنصار الشريعة وبالتالي هي مع كل من يقاتل العدو الصائل.

و أكد أن ثبات مواقف الحركة منذ انطلاقة الثورة السورية، والتي وفق قول ناصر :"ما فتأت أن طلبت من النصرة على الخاص وعلى العام اعلان انفصالها عن القاعدة، وهذا موقف القيادة القديمة -تقبلهم الله- وتم تجديد الموقف بالقيادة الجديدة".

وشدد ناصر على أن "الحركة لها هدف واضح "اسقاط النظام بكافة رموزة" وكل فصيل يشاركنا هذا الهدف سيجدنا بجانبه."

و مكرراً المبدأ العام الذي تسير عليه الحركة "ليس لدينا مشكلة بالعمل مع أي فصيل "ثوري مجاهد" موجه سلاحه لقتال العدو الصائل أو موجه سلاحه لقتال الخوارج."

ذوبان فصائل بداخلها .. وفق خطة صارمة الشروط

في الوقت الذي تدار فيه المعارك على جبهات إدلب ، كانت الحركة تنشط لضم مزيد من الفصائل إلى هيكلها ، و هنا الضم يأتي من خلال الذوبان الكامل ، و تخلي المنضم عن الإسم و السلاح ، مقابل حمل اسم الحركة و التقييد بتوجيهاتها ، كانت حركة الذوبان تسير بخطى مدروسة و موسعة ، في كل مكان ، متوقعة في أماكن كإنضمام الصقور و العديد من فصائل إدلب ، و مفاجئة "وقيتاً و مكانياً" في غوطة دمشق التي تعرضت فيها الحركة لخسارة كبيرة بعد تنازلها عن سلاحها لصالح "فيلق الرحمن" بعد قرارها بالإنسحاب من الإندماج ، و لكن سرعان ما عادت الحركة بعدة "ذوبانات" .

و لكن لم تكن حالة "الذوبان" داخل الحركة تسير بدون رؤية أو مجرد أسماء و إعلانات ، أو أن الباب مفوح أمام الجميع ، فسمعة الحركة و تاريخها منحها القدرة على فرض نفسها على الفصيل الراغب أو المدعو لـ"الذوبان" ، لذا كان من أبرز ما اعتمدت عليه الحركة في حملة "الذوبان" في هيكليتها على سمعة الفصيل الجديد و إنجازاته ، و مدى قدرة عناصره على الإلتزام بنهج الحركة و اسلوبها الجديد ، و الذي من الممكن أن يتجدد تبعاً لمتطلبات المرحلة ، وفق السياسة الشرعية التي أتقنت الحركة العمل بها ، على خلاف الكثيرين الذي وقعوا في فخ الجمود.

"نحن الأفضل" عنوان التسويق الخارجي ...

مع كل ما سبق تنشط الحركة على صعيد العلاقات العامة الخارجية ، بشكل ملفت و حققت قفزات نوعية انعكست على اسم الحركة ، رغم وجودها داخل قائمة الحركات الإرهابية ، لكنها بدأت تجد قبول لدى المجتمع الدولي عموماً ، والأهم في الدول المحيطة و سياسياً و عسكرياً ، هذا طبعاً مع الإستفادة القصوى من كل النجاحات الميدانية العسكرية و التنظيمية و الإدارية ، و الأهم القبول الشعبي .

القفزات التي حققتها الحركة كانت لافتة من تمتين العلاقات مع جانب المعارضة الخارجية السياسية "الائتلاف" ، و إدارة ملفات كحادثة "قلب لوزة" و تعهدها بحلها كفصيل قوي و يملك مفاتيح الأمور في الأراضي المحررة ، و ها هي منذ أيام تخاطب الجمهور الأمريكي من خلال مقالة لبيب النحاس مدير مكتب العلاقات الخارجية في الحركة في صحيفة "الواشنطن بوست " و حملة عنوان "النتائج القاتلة للتصنيف الخاطئ للثوار في سوريا" ، و التي سعى من خلالها للإنتقال إلى العرض العالمي للأحرار كفصيل سني مقبول قادر على ادارة الأمور و ضبط كل شيء في حال سقوط الأسد .

فصيل بارز .. و لكن هناك أخطاء

ناشط ميداني مُلم بتفاصيل الوضع الميداني في إدلب قال "أحرار الشام تسعى لتكون أقرب فصيل للشعب وتحاول جاهدة الابتعاد عن تنظيم القاعدة وخصوصا بعد مقتل قياداتها في تفجير رام حمدان".

ورأى الناشط ، الذي فضل عدم ذكر اسمه ، أن  القيادة الجديدة بدأت بالانفتاح على كل التيارات الداخلية والخارجية لتعطي الصورة التي تريدها وهي ان احرار الشام هي فصيل سني يحارب النظام ومهيئ ليكون الفصيل الذي يدير زمام الحكم".

لكنه لفت إلى أن هناك "بعض التجاوزات التي ترتكبها قيادات في الصف الثالث والرابع لا بد للحركة ان تتجاوزها لان فيها تجاوز على ممتلكات الشعب واحرار الشام هي الفصيل الاكثر انتشارا في سوريا والاكثر عددا اذا ما ظهرت الاعداد الحقيقية للفصائل الاخرى ومكاتبها الاعلامية والسياسية اليوم اكثر انفتاحا مع كل التيارات والوكالات العربية والغربية".

أخيراً

من خلال البحث و الغوص في ثنايا حركة أحرار الشام ، كان الأمر كالبحث عن ذات الثورة و استنباطها بشيء مادي ملموس في حناياها ، و تركيبة فصائلها ، و قد يكون الإجماع شبه منعقد على الحركة و القبول شبه كامل لها من قبل الحاضنة الشعبية ، لكن التمني شيء و الواقع و التنفيذ شيء آخر ، و تبقى الحركة فصيل طموح و مقبول و متفق عليه أكثر من اي فصيل آخر ، و بات بحاجة لتأييد خارجي ليأخذ شكل القالب الذي يجمع مكونات الحراك المسلح و السياسي معاً ، ليس تحت اسم الحركة ، فمن الممكن أن يكون اسم "سوريا الجديدة" هو الأفضل .

المصدر: شبكة شام الكاتب: زين مصطفى
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ