نعم يعبرون ٤٠٠ كم في الصحراء ...نازحوا درعا يتجهون لحدود تركيا بعد اغلاق شبه تام لابواب الأردن
ليس غريباً أن يعبر النازحون السوريون من درعا ، جراء المعارك التي تشهد تصاعداً تدريجياً لتصل إلى الذروة خلال الشهر الأخير ، المتزامن مع قصف غير مسبوق من قبل العدو الروسي ، الصحراء الفاصلة بين جنوب سوريا و شمالها ليصلوا إلى الشريط الحدودي مع تركيا ، الذي من الممكن أن يكون أكثر سلاسة و أوسع مدى من نظيره الجنوبي مع الأردن .
و تتفاقم أزمة النارحون السوريون على الحدود الأردنية بشكل كبير مع تزايد أعدادهم نتيجة الحرب التي أعلنت على محافظة درعا و المناطق المحررة بغية فتح طريق دمشق عمان باسرع وقت ممكن و تحت أي مسمى و بأي وسيلة و لو كان بقلب المنطقة رأساً على عقب و تحويلها من منطقة سكنية لارض زراعية ، و تتعقد ازمة النازحون مع اعتماد الجانب الأردني على معبر واحد مع سوريا و هو معبر "الرويشد" في السويداء ، ذو الطريق الوعر جداً الذي يستهلك يومان كاملان من السير و التعب للوصول له ، هذا الوصول الذي لايعني نهاية المشكلة ، بل سيكون أمام النازحون البقاء في عراء الصحراء لشهرين أو ثلاثة حتى يحظى بامكانية الدخول .
الأمر الذي دفع بالمئات لتغيير الوجهة من القريب المغلق ، الموصل إلى حبس أكبر "الأردن" المغلقة الحدود مع الجوار و المستحيلة الخروج إلى غيرها ، دفع للاتجاه نحو الحدود المعاكسة تماماً عبر طريق صحراوي يمتد لقرابة ٤٠٠ كم ، بغية الوصول إلى الحدود التركية التي يرون فيها رغم صعوبتها هي الأخرى إلا أنها بوابة لآفاق واسعة جداً ، و نقطة يمكن الانطلاق منها نحو "الحلم الأوربي" الذي يمثل الخلاص الأخير للشعب السوري الذي لم يعد له مكان في وطنه إلا ليكون هدفاً مستمراً و شهيداً حياً أو جائعاً ومحروم حتى من كسرة الخبز .
صحيح أن اغلاق الحدود الأردنية يلعب دوراً في هذه الهجرة المعاكسة "اتجاهاً" ، لكن الهاجس الأبرز هو هاجس الهجرة إلى أوربا ، فالحلم بنظر مرتاديه يستحق هذه المغامرة ، و المرور على مناطق متشعبة السيطرة بين جيش حر و بالقرب من النظام و في عمق تنظيم الدولة و أخيراً العبور عبر الحدود تحت جنح الظلام ، الظلام الذي يمكن أن يقتنص الروح بأي لحظة .
هي حالة يمكن أن تجد مرتادون كثر، و لكن ليسوا بتلك الكثرة التي تشمل الجميع أو الغالبية ، فهي مكلفة إلى أن تجعل من الفقراء و الضعفاء عبارة عن ناظري "غبطة"لمن يذهب في ذلك الطريق ، وهم جلوس على قارعة حدود لايعرف إن كانت ستفتح أم لا ، و إن فتحت لن تؤدي إلى أي جنة ولو كانت بمساحة راحة كف.