هذا ما يتوقعه البعض من انتقال الصراع بين العسكر إلى الطاولة  في “أستانا”
هذا ما يتوقعه البعض من انتقال الصراع بين العسكر إلى الطاولة في “أستانا”
● أخبار سورية ١٩ يناير ٢٠١٧

هذا ما يتوقعه البعض من انتقال الصراع بين العسكر إلى الطاولة في “أستانا”

لايبدو الطريق المؤدي إلى تلك المدينة التي تعتبر من أحدث العواصم في العالم ، ممهداً بكثير من التفاؤل و الأمل ، بأن تكون اللبنة الأولى في إيقاف سيل الدم السوري منذ ست سنوات دون أن يتوقف ، و لكن لازال هناك من يعول بأن “أستانا” هي محاولة جديدة مع السياسة بعيداً عن المعارك الميدانية علها تأتي بجديد ، و إن كان مؤقتاً ، فالوقت في سوريا يسير على دماء شعبها .


و حسم كلا الطرفين (النظام و المعارضة) قرارهما ( وإن كان تعبير نفذا المطلوب منكما هو الأدق ) ، بالذهاب إلى العاصمة الكازاخية “أستانا” ، ضمن وفدين لم يعرف منهما إلا رئيسيهما (محمد علوش - بشار الجعفري) ، و بانتظار التسمية الرسمية لبقة الأعضاء ، الذين سيمثلون الجانب العسكري ، إذ الدور المطلوب منهم هو تثبيت وقف اطلاق النار (الهش) ، وجعله حالة دائمة أو على الأقل يتم وضع نظم له ، برعاية مباشرة من روسيا و تركيا ، اللتان طويتا صفحة الخلاف بشأن سوريا و حولاها إلى ساحة تبادل التعاون و التقرب .


منذ ٢٩ كانون الأول الفائت ، وهو تاريخ توقيع اتفاقية “الهدنة” بين الفصائل و روسيا في أنقرة ، تحولت الأنظار من ساحات الحرب و المعارك نحو ممرات و ردهات السياسة ، وبات المسيطر هو “أستانا” ، من حيث معرفة من سيشارك و ماذا سيتم بحثه ، دون الولوج في المعترك الأصيل (القبول أو الرفض ) في الذهاب ، إذ أن الراعيين (روسيا - تركيا) قد أتما الاتفاق بينهما و عمد كل منهما على تطبيقه على من هو تحت وصايته أو ضمن نطاق عمله.

لن تتجاوز مهمة الذاهبين إلى “أستانا” حدود الحرب العسكرية ، فالمهمة المحددة هي تثبيت وقف إطلاق النار ، في حين ستكون الأمور السياسية المتعلقة بالانتقال السياسي أو سبله أو بقصارى القول “مستقبل سوريا” ، هو أمور بيد مؤتمر آخر و مكان آخر هو “جنيف” ، بحضورٍ مغايرٍ - نوعاً و توجهاً - عن من سيحضر في “أستانا”.

بعد ٣٠ كانون الأول ، وهو موعد تطبيق الهدنة  ، لم يتغير الوضع في سوريا كثيراً إذ بقيت الطلعات الجوية حاضرة و إن كان بكثافة أقل ، و استمرت الحملة الجنونية على وادي بردى ، التي لم تفلح جميع التحذيرات و التهديدات التي أطلقتها الفصائل في ايقاف الهجوم ، بل كان في بعض الأحيان سبباً في تصعيده و تكثيفه ، بغية إسقاط الورقة التي تعتبر الأكثر ضرراً على المرحلة التحضيرية لـ” أستانا”.

الاستطلاعات الميدانية التي أجرتها شبكة “شام” الاخبارية في المناطق المحررة ، تظهر أمل لدى الحاضنة الشعبية أن يتحقق شيء من الهدوء في المناطق التي واجهت و تواجه الموت طوال السنوات الست ، لكن هذا الأمل المشوب بالخوف الدفين من التجارب السابقة ، والحذر أيضاً من أن تكون الهدنة تمهيداً لمرحلة أشد سوء ، كما حدث في هدنتي ٢٠١٦ ، واللتان سقط معهما العديد من المناطق.


قللت الصحافية “هنادي الخطيب” من فاعلية أي اتفاق ستفضي إليه مفاوضات “أستانا” مع وغياب أمريكا ، إذ “ لا يمكن لدولة عظمى مثل أمريكا أن تقف على الحياد” ، وفق قولها.

و مضت “الخطيب” بالقول حول توقعاتها من “أستانا” أنها  “لا يتجاوز البروبغندا الإعلامية المؤقتة، فتركيا سوف تقنع شعبها بانتصارها إن هي ضمنت ضبط الشمال السوري "أكراد ودواعش"، وأما روسيا فإنها ستعود للترويج لانتصارها في حلب، مع بروبغندا إعلامية عن نصر سياسي ليس له أي آثار على الأرض”.

أما فيما يتعلق بالطرفين الذين سيظهرا في “أستانا” (معارضة - النظام) ، فترى الخطيب في حديثها لـ”شام” أن بعد انتهاء المفاوضات ستنقسم المعارضة ما بين متحفظ على أي قرارات ستخرج ، وستتراشق الاتهامات ، فيما وصفت نظام الأسد بـ”حجر الشطرنج” و رأت أنه سيستخدم الإعلام ليروج لانتصار لم يحدث، ولاتهامات جديدة للمعارضة بعرقلة أي مفاوضات.


في حين اعتقد الصحافي “عبادة كوجان” أنه من الصعب استشراف الإيجابيات والسلبيات من اجتماع أستانا المقبل، سيما أن تركيا لعبت دورًا ضاغطًا على الفصائل للذهاب دون المظلة السياسية للمعارضة، وهي الهيئة العليا للمفاوضات، ودون إظهار أي ضغط حقيقي من قبل الروس على الأسد وحلفائه لوقف إطلاق النار، وتحديدًا في محيط العاصمة ، كما قال “كوجان”.

و بين “كوجان” لـ”شام” أن الحديث عن تثبيت محاور التماس بين النظام والمعارضة، استباقًا للولوج في خارطة تسوية سياسية ممكنة، في وقت يبدو فيه النظام و"حزب الله" الإرهابي مصرين على حسم معركة وادي بردى والغوطة الشرقية، بالتوازي مع استمرار الضغط على فصائل جنوب دمشق للقبول بتسوية "مذلّة" تقتضي تهجير معارضي الأسد إلى الشمال.

و توقع “عامر شهدا” ، صحافي سوريا أيضاً ، أن محادثات أستانة ستكون محرقة لبعض الفصائل الثورية، خصوصاً بعد التجاذبات الكبيرة وعملية الفرز التي شهدتها مشاورات أنقرة، إلى جانب غياب عدد من الفصائل الفاعلة على الساحة السورية، ولا سيما الجبهة الجنوبية التي تشكل المظلة التي تجمع كتائب الجيش الحر في حوران، حيث ستتحول الفصائل التي وقعت على اتفاق الهدنة إلى قتال تنظيم الدولة وربما جبهة فتح الشام .

و أكد “شهدا” لـ”شام” ، أن إيران هذه المرة استبقت المحادثات بالعمل على تفريغ أهدافها التي كانت مقررة لتثبيت وقت إطلاق النار يشمل كافة الأراضي السورية، ولاسيما على ضوء مواصلة الميليشيات الشيعية الهجوم على منطقة وادي والغوطة، دون أي تحرك يذكر لـ"روسيا وتركيا" كأطراف ضامنة للهدنة للجم هذه الخروقات، فمن لم يضمن مجرد وقف العمليات الحربية والقصف والتهجير، لن يلتزم أبداً بحل سياسي انتقالي، أو حتى الإفراج عن كل المعتقلين في سجون الأسد، ورفع الحصار عن المناطق المحاصرة، وإخراج الميليشيات الشيعية من البلاد.

و أضاف “شهدا” أن إلى ذلك جانب غياب الولايات المتحدة عن محادثات أستانة وتهميش الدور الأوروبي، ورفض مشاركة السعودية وإصرار النظامين الأسد والإيراني على الحسم العسكري وهزيمة كاملة لقوى المعارضة واستعادة كامل الأراضي السورية عوامل ستؤدي حتماً إلى فشل تلك المحادثات.


وفي إطار التحضيرات اللوجستية ، أكدت مصادر خاصة لـ “شام” ، أن الفصائل التي لم ترغب بإرسال مندوبين عنها استندت على عدة تبريرات ، منها الخروقات الفجة الحاصلة في الهدنة و لا سيما وادي بردى ، ومنها ما يستند إلى عدم الثقة بروسيا على اعتبار أنها دولة محتلة لسوريا ، و لكن عدم الارسال لم يحمل معنى رفض المفاوضات أو سحب الثقة من الوفد المشارك ، اذا على الرغم من عدم المشاركة المادية (بممثلين) ، لم يغب الجانب المعنوي بتقديم الثقة و العون للذاهبين لـلأستانا .

و لم تتوضح بعد كيفية سير المفاوضات هل ستتم بطريقة غير مباشرة كما جرت العادة في المفاوضات السابقة التي نظمتها الأمم المتحدة أم ستتخذ شكلاً مباشر لتواصل إضفاء التميز على هذه المباحثات التي يغيب عنها السياسيون و تخصص للعسكريين فحسب .


و تحاول العاصمة الكازاخية “أستانا”  جاهدة لعب دور المدينة الهادئة التي تشكل مركزا مثاليا للحوار بين الثقافات والأديان بشكل دوري ، بعد أن فازت أستانة بلقب "مدينة من أجل السلام" في مسابقة لليونيسكو عام 99 ، و يعود اختيارها كمدينة للمفاوضات بملف غاية في التعقيد كالملف السوري إلى أنها  دولة صديقة لتركيا وروسيا على حد سواء، ولعبت دوراً هاماً لرأب الصدع في العلاقات التركية الروسية بعد إسقاط الجيش التركي للمقاتلة الروسية قرب الحدود السورية في ٢٣ تشرين الثاني في عام ٢٠١٥.

المصدر: شبكة شام الكاتب: زين مصطفى
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ