"هيومن رايتس" تؤكد قيام نظام الأسد بسرقة أراضي المعارضين في إدلب وحماة
"هيومن رايتس" تؤكد قيام نظام الأسد بسرقة أراضي المعارضين في إدلب وحماة
● أخبار سورية ٨ أبريل ٢٠٢١

"هيومن رايتس" تؤكد قيام نظام الأسد بسرقة أراضي المعارضين في إدلب وحماة

قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن نظام الأسد يصادر بشكل غير قانوني منازل وأراضي السوريين الذين فروا من الهجمات العسكرية التي شنها النظام وحليفه الروسي في محافظتَي إدلب وحماة.

وأشارت المنظمة إلى أن ميليشيا موالية للنظام و"الاتحاد العام للفلاحين" الذي تسيطر عليه حكومة الأسد شاركت في الاستيلاء على هذه الأراضي وبيعها بالمزاد العلني لمؤيدي النظام.

وقالت سارة الكيالي، باحثة سوريا في هيومن رايتس ووتش: "من المفترض أن تساعد نقابات الفلاحين في حماية حقوق المزارعين، لكنها أصبحت أداة أخرى في قمع الحكومة السورية المنهجي لشعبها. ينبغي أن تضمن منظمات الإغاثة عدم دعم اتحادات الفلاحين في زراعة الأراضي المسروقة".

وشملت الأراضي المسروقة تلك المزروعة والمستخدمة لزراعة الفستق الحلبي، والقمح، وأشجار الزيتون، وأنواع أخرى من المحاصيل. في معظم الحالات، كانت المصدر الأساسي لدخل العائلات.

وراجعت "هيومن رايتس" عددا من هذه الإعلانات المنشورة علنا من قبل "الجمعيات الفلاحية التعاونية" في حماة وإدلب، حيث أفاد موقع الاتحاد العام للفلاحين، حتى سبتمبر/أيلول 2017، عن وجود 5,621 جمعية تضم نحو مليون عضو، توحّد الجمعيات التعاونية وسائل الإنتاج، بما فيها القروض، والثروة الحيوانية، والأعلاف، والسماد، والآلات الزراعية، وتعيد توزيعها، إذ دعت الإعلانات إلى طرح مناقصات لتأجير الأراضي العائدة لـ "أشخاص مقيمين خارج الجمهورية العربية السورية أو في مناطق خاضعة لسيطرة إرهابيين"، على حد وصفها.

وقابلت "هيومن رايتس" ستة أشخاص، خمسة منهم قالوا إن نظام الأسد استولى على أراضٍ يملكونها أو تعود لأقاربهم المباشرين في محافظتَي إدلب أو حماة، من دون إشعار أو تعويض، بين مارس/آذار ونوفمبر/تشرين الثاني 2020، وتمت المصادرة بعد فرارهم من هجوم نظام الأسد وحليفه الروسي على شمال غرب سوريا في 2019، والذي استمر عشرة شهور.

وكان جميع أصحاب الأراضي الستة الذين قوبلوا مطلوبين لنظام الأسد لقضايا مختلفة، مثل الانشقاق عن جيش الأسد والمشاركة في احتجاجات سلمية، وبالتالي كانوا يعيشون في الخارج أو في مناطق لا تسيطر عليها حكومة الأسد، ولم يتمكنوا من العودة إلى مناطق سيطرتها بسبب مخاوف أمنية.

ولم يحصل أي من أصحاب الأراضي على تعويض، حيث قال أحد أصحاب الأراضي بعد أن تمكّن من الاتصال بالمستأجر، إن الشخص أخبره أنهم سيؤجّرونه إياها إذا وعد بتقاسم نصف عائدات الحصاد.

وكانت بعض الإخطارات التي نشرتها الجمعيات وراجعتها هيومن رايتس ووتش زعمت أنّ الاستيلاء على العقارات حصل بسبب قروض مستحقة للمالكين مع "المصرف الزراعي التعاوني"، وهوا ما نفاه خمسة من الأشخاص الذين قابلتهم المنظمة، حيث أشاروا إلى أنهم لم يتلقوا أي إشعار أو طلب بالسداد، ولم يتمكنوا من الطعن في شرعية المصادرة، ما يثير مخاوف بشأن الإجراءات القانونية الواجبة في سوريا.

وقال جميع مَن قوبلوا إن لديهم أو لدى والدَيْهم صكوك ملكية للأرض، لكن فقد ثلاثة وثائقهم الشخصية والممتلكات عندما فروا أثناء الهجوم العسكري أو بسبب الهجمات أو المداهمات على منازلهم التي أتلفت الوثائق، وفي ثلاث حالات، تشير القوائم بوضوح إلى أنهم المالكون، وفي حالة واحدة قال أحد الذين قوبلوا إن الأرض كانت باسم والدته.

وسبق أن وثقت هيومن رايتس ووتش تمرير حكومة الأسد لقوانين وسياسات لمصادرة الممتلكات، في غياب الإجراءات القانونية الواجبة أو التعويض، بما يشمل القانون رقم 10 لـ 2018، الذي يسمح ظاهريا للحكومة بمصادرة الممتلكات وتطويرها، وقانون مكافحة الإرهاب لـ 2012، الذي استخدمته الحكومة لمعاقبة عائلات بأكملها من خلال إدراجها التعسفي على قائمة الإرهابيين المزعومين وتجميد أصول أفرادها.

وأفادت "هيومن رايتس" ببنقص شديد في القمح في المناطق تحت سيطرة حكومة الأسد نجم عنه نقص حاد في الخبز، تفاقم بسبب القيود الحكومية، والفساد، والنهج التمييزي.

ولفتت المنظمة إلى أنه في عام 2020، أثناء مصادرة أراضي الناس، أصدرت وزارة الزراعة، بدعم من جمعيات الفلاحين، خطة لدعم المزارعين لزراعة القمح والمحاصيل الأخرى اللازمة، وقدمت مجموعات الإغاثة البذور وأصلحت أنظمة الري، بما فيها في بعض أجزاء محافظة حماة، وقالت إن على منظمات الإغاثة ضمان عدم دعمها للزراعة في الأراضي المسروقة.

وشددت المنظمة على أن القانون الدولي العرفي يحمي حقوق الملكية، وينص "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" على أن "لكل شخص حقّ التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره"، وأنه "لا يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفا"، كما يحق للحكومات مصادرة الأراضي للأغراض العامة، لكن وفق القانون، وبمشاركة عامة، وتبعا للإجراءات القانونية الواجبة، والتعويض المناسب، ومع ذلك، تُظهر هذه الحالات عدم تقديم مثل هذه الضمانات.

وتشمل "مبادئ بينهيرو"، المتفق عليها بشكل واسع والتي تحكم حقوق الملكية للاجئين والنازحين داخليا، عددا من تدابير الحماية الإضافية التي تنطبق في هذه الحالة، وتحمي المبادئ اللاجئين والنازحين من التمييز وتشترط ألّا تكون التشريعات التي تغطي السكن، والأرض، واستردادها تمييزية، ليس بحكم الواقع ولا بحكم القانون، وأن تكون شفافة ومتسقة، إذا حُرم لاجئ أو نازح من ممتلكاته بشكل غير قانوني أو تعسفا، يحق له المطالبة باستردادها أمام هيئة مستقلة ومحايدة.

وطالبت المنظمة نظام الأسد بالكف فورا عن مصادرة ممتلكات المواطنين وبيعها بالمزاد العلني من دون الحصول على موافقتهم، أو إخطارهم، أو التعويض عليهم بشكل كامل ومناسب، وأن عليه أن يبلغ هؤلاء المالكين بنيّة الاستيلاء على أراضيهم، أو أي طلبات لسداد قروض، أو أي مشاكل تتعلق بأراضيهم، وأن تتيح لهم الطعن في هذه القرارات في محاكمة عادلة، وأن على وكالات الإغاثة الدولية العاملة في هذه المناطق ضمان عدم دعم أي من برامجها لهذه الانتهاكات، بما فيه توفير البذور والأدوات للمزارعين في المناطق تحت سيطرة النظام.

وقالت الكيالي: "ليست المرة الأولى التي تستخدم فيها السلطات السورية القوانين والسياسات لمعاقبة الأشخاص الذين تعتقد أنهم يعارضون حكمها القمعي. ما لم يتخذ المجتمع الدولي إجراءات حاسمة لمعاقبة هذه الانتهاكات، لن نرى إلا مزيدا من هذه المبادرات".

وكانت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير صدر في الحادي عشر من شهر شباط / فبراير من العام الجاري، اعتبرت أن المزادات العلنية لأراضي المشردين قسرياً أسلوب إضافي من أساليب النظام السوري للاستيلاء الواسع والمدروس على ممتلكات معارضيه، مشيرة إلى أن ما لا يقل عن 440 ألف دونم هي مساحة الأراضي الزراعية التي استولى عليها النظام السوري في ريفي حماة وإدلب.

وذكر التقرير -الذي جاء في 20 صفحة- أن نظام الأسد استخدم مختلف أساليب الإرهاب والقمع ضدَّ المشاركين في الحراك الشعبي ضده، والراغبين في تحقيق انتقال سياسي، من أجل خلق جوٍ عام من الرعب يردع كل من يفكر في الانضمام إلى صفوف المعارضين له، حيث مارس انتهاكات فظيعة على نحوٍ واسع، وفي مقدمتها، القتل خارج نطاق القانون، والاعتقال التعسفي، والتعذيب، والإعدام بإجراءات موجزة، والحصار، والتشريد القسري، والقصف العشوائي، والتدمير الواسع للمباني والمراكز الحيوية.

وفي هذا السياق أشار التقرير إلى أن النظام السوري لجأ إضافة إلى كل ما سبق إلى محاربة معارضيه عبر الاستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم كنوع من العقاب الممتد لهم ولعوائلهم، وفي الوقت ذاته تحقيق مكاسب مادية وإعادة توزيعها على الأجهزة الأمنية، والميليشيات المحلية كنوع من المكافأة بدلاً عن الدفع النقدي.

واستعرض التقرير أبرز القوانين والمراسيم التي شرَّعها مجلس الشعب في سوريا التابع لأجهزة الأمن، والتي يستند إليها النظام السوري في سرقة ممتلكات المعارضين والمناطق التي شاركت في الحراك الشعبي ضده ونهبها، مشيراً إلى أن هذه النصوص تستهدف غالبية الشعب السوري، وتشكِّل نوعاً من أنواع العقاب الجماعي، كما أنها نصوص تمييزية تحمل بُعْدَ انتقام سياسي واضح.

وركَّز التقرير على الأسلوب الجديد الذي يتبعه النظام لمصادرة أملاك المعارضين السياسيين، عبر الاستيلاء على المحاصيل والأراضي الزراعية، وذلك عبر ابتكار أسلوب جديد بهدف شرعنة عملية الاستيلاء والسرقة، حيث عمدت اللجان الأمنية إلى الإعلان عن مزادات علنية في كل مناطق ريف محافظة حماة، وريفي محافظة إدلب الجنوبي والشرقي، التي استعاد النظام السوري وحلفاؤه السيطرة عليها في عامي 2019 و2020.

واستند التقرير على التحقيق والتواصل مع عدد من أصحاب الأراضي والمحاصيل التي استولى النظام السوري عليها من خلال عملية المزادات تلك، وعرض خمسَ إفادات منها، وذكر أن بعض المزارعين أبلغوا الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن أراضيهم ومحاصيلهم قد تم الاستيلاء عليها دون أي تعويض، وهذه المرحلة كانت سابقة على مرحلة الإعلان عن الاستيلاء على الأراضي عبر مزادات علنية وهمية، الهدف الحقيقي منها هو مزيد من السطو على الممتلكات.

وقال "فضل عبد الغني" مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان: “تركَّزت تجربة النظام السوري في عملية الاستيلاء الجديدة على الأراضي في ريفي حماة وإدلب، لكننا في الشبكة السورية لحقوق الإنسان واستناداً إلى خبرتنا مع عقلية النظام السوري ونهجه، نعتقد أن هذا النهج سوف يتم تعميمه ليشمل مناطق أخرى في الغوطة الشرقية وداريا وجنوب سوريا، وذلك على غرار تدرج النظام السوري في استخدام الأسلحة في عمليات القصف والقتل، وتدرجه في وضع وتطبيق النصوص التي يستولي من خلالها على الآلاف من ممتلكات معارضيه، يساعده في كل ذلك خذلان فاضح من مجلس الأمن الدولي، وعجز تام وعدم رغبة في مساعدة الشعب السوري من قبل المجتمع الدولي ودوله الحضارية الديمقراطية”.

وبحسب التقرير فقد تم رصد ما لا يقل عن 22 إعلان لمزادات علنية شملت قرابة 134 قرية وبلدة في محافظة حماة، و88 قرية وبلدة في محافظة إدلب، وتبلغ مساحة هذه الأراضي ما يقارب 400 ألف دونم تشمل أراضٍ زراعية متنوعة تنتج محاصيل القمح والشعير والبطاطا والزيتون، وأراضٍ بعلية، إضافة إلى مزارع أسماك.

وأكَّد التقرير أنَّ عملية الاستيلاء على ممتلكات مئات آلاف المعارضين للنظام السوري ترسِّخ عملية الإخلاء والتشريد القسري، وهي محاولة لهندسة التركيبة السكانية والاجتماعية، وتُشكِّل بالضرورة عقبة أساسية أمام عودة اللاجئين والنازحين، وقد جاءت المزادات العلنية التي أعلن عنها النظام السوري مؤخراً مجرد أسلوب جديد انتهجه في المناطق التي خرجت عن سيطرته لتوسيع عملية الاستيلاء لتشمل الأراضي والمحاصيل الزراعية، وتوزيعها على مؤيديه.

وأشار التقرير إلى أن معظم سكان البلدات التي شهدت عمليات مصادرة للأراضي الزراعية يعملون كمزارعين، حيث تُشكِّل أراضيهم مصدر رزقهم الوحيد، وإنَّ سيطرة النظام السوري عليها بطريقة تعسفية تحمل بعداً انتقامياً سياسياً، وإرهاباً لأبناء المجتمع معتبراً أنها عملية تفقير ونهب مدروسة لأموال وممتلكات الشعب السوري لصالح الطبقة الحاكمة.

وحذَّر التقرير من أن تمتدَّ سياسة الإعلان عن المزادات العلنية لتشمل بقية المناطق التي عمل النظام السوري على تشريد سكانها، ولا يمكن للغالبية العظمى منهم العودة، كالغوطة الشرقية في دمشق ومناطق في الغوطة الغربية وريف حمص؛ بسبب التهديد الجوهري من النظام السوري لهم عبر عمليات اعتقال تعسفي وملاحقة قد تنتهي باختفاء قسري وموت تحت التعذيب، وكذلك عبر استخدام الشباب منهم في التجنيد القسري لقتال ربما من كانوا محاصرين أو متظاهرين معهم.

وأكَّد التقرير أن المزادات العلنية التي أعلن عنها النظام السوري عبر لجانه الأمنية تُشكِّل انتهاكاً سافراً لحقوق الملكية التي نصَّ عليها الدستور السوري ذاته، كالمادتين 768 و770 من القانون المدني السوري.

وأشار إلى أن طرح الأراضي الزراعية في المزادات العلنية على هذا الشكل يعتبر خرقاً للمادة 15 من الدستور السوري، وهذا بحسب التقرير يُثبت أنه لا معنى لأية نصوص دستورية في ظلِّ نظام أمني دكتاتوري.

وطبقاً للتقرير يحظر القانون الدولي العرفي النهب وفقاً للقاعدة 52 والقاعدة 111، والقانون الجنائي الدولي، وهو يرقى إلى أن يكون انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي الإنساني.

وأكد التقرير أنه بعد فشل مجلس الأمن بشكل تام في حماية المدنيين وتأمين الأمن والاستقرار في سوريا، انتقلت المهمة بشكل واضح إلى الدول التي تكترث بمنع ارتكاب جرائم الحرب وفقاً لالتزاماتها باتفاقيات جنيف، وبشكل خاص المادة الأولى المشتركة منها، حيث يتوجب عليها ضمان احترام الدول لاتفاقيات جنيف، ويعتبر النظام السوري من أكثر الأنظمة التي انتهكت اتفاقيات جنيف والقانون الدولي في هذا العصر.

وطالب التقرير بفضح تكتيك النظام السوري الذي يتعمَّد الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من ممتلكات وأراضي المعارضين السياسيين من أجل استخدامها ككرت في العملية التفاوضية، عبر إعادة قسم منها وإطلاق سراح قسم من المعتقلين مقابل إعادة شرعنته والقبول بالاستمرار بحكمه.

وقدم التقرير توصيات مماثلة إلى كل من لجنة التحقيق الدولية المستقلة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان.

واعتبرت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" في تقريرها الصادر اليوم، أن المزادات العلنية لأراضي المشردين قسرياً أسلوب إضافي من أساليب النظام السوري للاستيلاء الواسع والمدروس على ممتلكات معارضيه، مشيرة إلى أن ما لا يقل عن 440 ألف دونم هي مساحة الأراضي الزراعية التي استولى عليها النظام السوري في ريفي حماة وإدلب.

وذكر التقرير -الذي جاء في 20 صفحة- أن النظام السوري استخدم مختلف أساليب الإرهاب والقمع ضدَّ المشاركين في الحراك الشعبي ضده، والراغبين في تحقيق انتقال سياسي، من أجل خلق جوٍ عام من الرعب يردع كل من يفكر في الانضمام إلى صفوف المعارضين له، حيث مارس انتهاكات فظيعة على نحوٍ واسع، وفي مقدمتها، القتل خارج نطاق القانون، والاعتقال التعسفي، والتعذيب، والإعدام بإجراءات موجزة، والحصار، والتشريد القسري، والقصف العشوائي، والتدمير الواسع للمباني والمراكز الحيوية.

ولفت التقرير إلى أن النظام السوري لجأ إضافة إلى كل ما سبق إلى محاربة معارضيه عبر الاستيلاء على أراضيهم وممتلكاتهم كنوع من العقاب الممتد لهم ولعوائلهم، وفي الوقت ذاته تحقيق مكاسب مادية وإعادة توزيعها على الأجهزة الأمنية، والميليشيات المحلية كنوع من المكافأة بدلاً عن الدفع النقدي.

استعرض التقرير أبرز القوانين والمراسيم التي شرَّعها مجلس الشعب في سوريا التابع لأجهزة الأمن، والتي يستند إليها النظام السوري في سرقة ممتلكات المعارضين والمناطق التي شاركت في الحراك الشعبي ضده ونهبها، مشيراً إلى أن هذه النصوص تستهدف غالبية الشعب السوري، وتشكِّل نوعاً من أنواع العقاب الجماعي، كما أنها نصوص تمييزية تحمل بُعْدَ انتقام سياسي واضح.

وركَّز التقرير على الأسلوب الجديد الذي يتبعه النظام لمصادرة أملاك المعارضين السياسيين، عبر الاستيلاء على المحاصيل والأراضي الزراعية، وذلك عبر ابتكار أسلوب جديد بهدف شرعنة عملية الاستيلاء والسرقة، حيث عمدت اللجان الأمنية إلى الإعلان عن مزادات علنية في كل مناطق ريف محافظة حماة، وريفي محافظة إدلب الجنوبي والشرقي، التي استعاد النظام السوري وحلفاؤه السيطرة عليها في عامي 2019 و2020.

واستند التقرير على التحقيق والتواصل مع عدد من أصحاب الأراضي والمحاصيل التي استولى النظام السوري عليها من خلال عملية المزادات تلك، وعرض خمسَ إفادات منها، وذكر أن بعض المزارعين أبلغوا الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن أراضيهم ومحاصيلهم قد تم الاستيلاء عليها دون أي تعويض، وهذه المرحلة كانت سابقة على مرحلة الإعلان عن الاستيلاء على الأراضي عبر مزادات علنية وهمية، الهدف الحقيقي منها هو مزيد من السطو على الممتلكات.

وقال فضل عبد الغني مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان: "تركَّزت تجربة النظام السوري في عملية الاستيلاء الجديدة على الأراضي في ريفي حماة وإدلب، لكننا في الشبكة السورية لحقوق الإنسان واستناداً إلى خبرتنا مع عقلية النظام السوري ونهجه، نعتقد أن هذا النهج سوف يتم تعميمه ليشمل مناطق أخرى في الغوطة الشرقية وداريا وجنوب سوريا، وذلك على غرار تدرج النظام السوري في استخدام الأسلحة في عمليات القصف والقتل، وتدرجه في وضع وتطبيق النصوص التي يستولي من خلالها على الآلاف من ممتلكات معارضيه، يساعده في كل ذلك خذلان فاضح من مجلس الأمن الدولي، وعجز تام وعدم رغبة في مساعدة الشعب السوري من قبل المجتمع الدولي ودوله الحضارية الديمقراطية".

وبحسب التقرير فقد تم رصد ما لا يقل عن 22 إعلان لمزادات علنية شملت قرابة 134 قرية وبلدة في محافظة حماة، و88 قرية وبلدة في محافظة إدلب، وتبلغ مساحة هذه الأراضي ما يقارب 400 ألف دونم تشمل أراضٍ زراعية متنوعة تنتج محاصيل القمح والشعير والبطاطا والزيتون، وأراضٍ بعلية، إضافة إلى مزارع أسماك.

وأكَّد التقرير أنَّ عملية الاستيلاء على ممتلكات مئات آلاف المعارضين للنظام السوري ترسِّخ عملية الإخلاء والتشريد القسري، وهي محاولة لهندسة التركيبة السكانية والاجتماعية، وتُشكِّل بالضرورة عقبة أساسية أمام عودة اللاجئين والنازحين، وقد جاءت المزادات العلنية التي أعلن عنها النظام السوري مؤخراً مجرد أسلوب جديد انتهجه في المناطق التي خرجت عن سيطرته لتوسيع عملية الاستيلاء لتشمل الأراضي والمحاصيل الزراعية، وتوزيعها على مؤيديه.

وأشار التقرير إلى أن معظم سكان البلدات التي شهدت عمليات مصادرة للأراضي الزراعية يعملون كمزارعين، حيث تُشكِّل أراضيهم مصدر رزقهم الوحيد، وإنَّ سيطرة النظام السوري عليها بطريقة تعسفية تحمل بعداً انتقامياً سياسياً، وإرهاباً لأبناء المجتمع معتبراً أنها عملية تفقير ونهب مدروسة لأموال وممتلكات الشعب السوري لصالح الطبقة الحاكمة.

وحذَّر التقرير من أن تمتدَّ سياسة الإعلان عن المزادات العلنية لتشمل بقية المناطق التي عمل النظام السوري على تشريد سكانها، ولا يمكن للغالبية العظمى منهم العودة، كالغوطة الشرقية في دمشق ومناطق في الغوطة الغربية وريف حمص؛ بسبب التهديد الجوهري من النظام السوري لهم عبر عمليات اعتقال تعسفي وملاحقة قد تنتهي باختفاء قسري وموت تحت التعذيب، وكذلك عبر استخدام الشباب منهم في التجنيد القسري لقتال ربما من كانوا محاصرين أو متظاهرين معهم.

وأكَّد التقرير أن المزادات العلنية التي أعلن عنها النظام السوري عبر لجانه الأمنية تُشكِّل انتهاكاً سافراً لحقوق الملكية التي نصَّ عليها الدستور السوري ذاته، كالمادتين 768 و770 من القانون المدني السوري.

وأشار إلى أن طرح الأراضي الزراعية في المزادات العلنية على هذا الشكل يعتبر خرقاً للمادة 15 من الدستور السوري، وهذا بحسب التقرير يُثبت أنه لا معنى لأية نصوص دستورية في ظلِّ نظام أمني دكتاتوري، وطبقاً للتقرير يحظر القانون الدولي العرفي النهب وفقاً للقاعدة 52 والقاعدة 111، والقانون الجنائي الدولي، وهو يرقى إلى أن يكون انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي الإنساني.

وأكد التقرير أنه بعد فشل مجلس الأمن بشكل تام في حماية المدنيين وتأمين الأمن والاستقرار في سوريا، انتقلت المهمة بشكل واضح إلى الدول التي تكترث بمنع ارتكاب جرائم الحرب وفقاً لالتزاماتها باتفاقيات جنيف، وبشكل خاص المادة الأولى المشتركة منها، حيث يتوجب عليها ضمان احترام الدول لاتفاقيات جنيف، ويعتبر النظام السوري من أكثر الأنظمة التي انتهكت اتفاقيات جنيف والقانون الدولي في هذا العصر.

وطالب التقرير بفضح تكتيك النظام السوري الذي يتعمَّد الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من ممتلكات وأراضي المعارضين السياسيين من أجل استخدامها ككرت في العملية التفاوضية، عبر إعادة قسم منها وإطلاق سراح قسم من المعتقلين مقابل إعادة شرعنته والقبول بالاستمرار بحكمه.

المصدر: شبكة شام الكاتب: فريق التحرير
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ