العنف الممنهج ضد الأطفال في الغوطة الشرقية هل سينتهي يوماً !
العنف الممنهج ضد الأطفال في الغوطة الشرقية هل سينتهي يوماً !
● تقارير إنسانية ٢١ نوفمبر ٢٠١٤

العنف الممنهج ضد الأطفال في الغوطة الشرقية هل سينتهي يوماً !


العديد من المشاهد تجول في ذاكرتي الآن بينما تحيي المنظمات الانسانية يوم الطفل العالمي ويترك أطفال سوريا دون أن يتذكرهم أحد ولو حتى بالرحمة !!
في 17-10-2014 وكان يوم جمعة حينما شنّ الطيران الحربي على مدينة دوما عدة غارات جوية وأثناء وجودي بالنقطة الطبية ، شاهدت العديد من الأطفال يكسوهم اللون الأحمر لا من ألعاب أو ما يلامس طفولتهم ! ولكنها الدماء التي تسيل على وجوههم ، صراخهم يملأ المكان بكاء وعويلاً ، وأكثر ما أوقف لي الدم في عروقي مشهد ذاك الطفل الصغير الذي لم يتجاوز الثلاثة أعوام والذي حاول الكادر الطبي بإجهاد كبير ايقاظه من غيبوبته ، تمر الدقائق الأولى وأرى وجه الأب الواقف بالقرب من طفله يزداد صفرة وشحوباً إضافة لتصببه من العرق المغطى لبشرته السمراء ، محدقاً بالممرض الذي يغرز حقناً قد تعيده للوعي ، في حين بدأت تلك المحاولات بالفشل ومرت العشر دقائق الاولى والتي أظنها مرت على الأب كسنين طويلة  بدء الممرض بمحاولات انعاشه فتارة يصفقه من وجنتيه وتارة من يديه وتارة يرفع له رجليه ، وجميع من حوله ينتظرون اللحظة التي يرونه بها عاد إلى تنفسه الطبيعي ، دقائق أخرى تمر وكأنها ساعات ترى الطفل فيها خائر القوى لا حراك له قلبه ينبض ببطء شديد وكأنه أصبح بالبرزخ الأقرب للحياة الدنيا، تتفتح العيون للحظة وتسمع شهيق كان منقطع للحظات كما كان منقطعا عن رئتي الطفل الصغير ، بسمة ترسم على الوجوه وبوادر الارتياح تتدرج على وجوه الحضور المتحلقين حول الطفل ، فقد عاد للحياة فشهقته أبعدت هموماً أُثقل بها كتف الوالد المتابع لما يجري فإما تسليم لقضاء الله أو حمداً له على سلامة الصغير .


وبنفس اليوم رأيت ابن أحد من أعرفه من أهالي مدينتي ، أصبت بالذعر لرؤيته فالطفل بحسب ما أعلمه عنه أنه يخاف من صوت الطائرات والقذائف واليوم أصيب بظهره ، هرعت إليه على الفور وجدت الطبيب يداويه ويشخص حالته ، وبلهفة الخائف وجهت للطبيب كلمات حول الطفل الصغير : "دكتور! هذا ياسر ابن وليد هل عرفته ؟ طمني عنه وعن إصابته ، سأحاول فوراً إرسال أحد لوالده ليأتي" حينها نسيت بالفعل أن الطبيب هو عم الطفل فما تشاهده أمامك قد يكون بالفعل أشبه بقيامة صغرى .


من جانب آخر يطول الحديث عن اولئك الأيتام الصغار ، الذين حُرموا من مناداة والدهم أو مناداة والديهم في بعض الأحيان ليكون الطفل  محروم من أكثر ما يهمه ويوجهه في حياته ، بمجالستي للكثير منهم يروون لي ببراءة طفولتهم كيف كان موقفهم من سكب التراب على قبور آبائهم "لا تضعوا فوقه التراب، فكلّي أمل بأنه حي سيعود إلينا في يوم من الأيام" بتلك الكلمات أحرقت هبة ذات الست سنوات قلب أمها حين رأت شريط الفيديو المسجل لدفن والدها وتبقى الغصة في حلقوم الكثير فلا تخرج الكلمات إلا بجهد كبير ، أولئك الأيتام الذين أصبح عددهم في مدينة دوما وضواحيها ما يزيد عن أربعة آلاف وستمئة يتيم ترعاهم مؤسسات مدنية مخصصة لهم .


تبقى الروايات أقرب لمن يسمعها وكأنها أفلام لا تُصدق ، ولكن الواقع الذي يعيشه الأهالي من القصف اليومي من طائرات ومدافع قوات الأسد يكون حاصداً لأرواح الكثيرين منهم لا سيما الأطفال الذين حُرموا من أدنى مقومات الحياة فضلا عن الحياة نفسها .


تقرير مراسل شبكة شام حسان تقي الدين

المصدر: شبكة شام الكاتب: مراسل شبكة شام : حسان تقي الدين
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ