هل هناك مؤشرات على اقتراب معركة السيطرة على تل رفعت ومنبج؟
هل هناك مؤشرات على اقتراب معركة السيطرة على تل رفعت ومنبج؟
● تقارير خاصة ١٩ أكتوبر ٢٠٢١

هل هناك مؤشرات على اقتراب معركة السيطرة على تل رفعت ومنبج؟

اشارت مصادر خاصة لشبكة شام الإخبارية أن الجيش التركي قد بدأ بالفعل المشاورات العسكرية والتجهيز لشن عملية عسكرية على مدينة تل رفعت شمال حلب وكذلك مدينة منبج شرقها، ضد قوات سوريا الديمقراطية "قسد".

وأكدت المصادر الخاصة لشبكة شام أن العملية العسكرية، ستكون محصورة فقط ضمن مجموعة صغيرة من قوات الجيش الوطني السوري وبمشاركة من الجيش التركي، وخاصة الطائرات المسيرة المعرفة باسم "بيرقدار"، كما ستشارك المدفعية بشكل قوي وفعال.

 

أسباب المعركة؟

صرحت تركيا مرارا وتكرارا برغبتها في السيطرة على عمق 30 كم داخل الأراضي السوري، وكان ذلك واضحًا من الخريطة التي حملها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خطاب ألقاه في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) 2019، وطالب فيها بإنشاء ما أسماها "منطقة أمنة"، تكون ملاذا للسوريين الهاربين من بطش النظام السوري، وفي ذات الأمر وربما هي النقطة المهمة، تخفف عدد اللاجئين السوريين في تركيا وأوروبا، بحيث يكون لهم موطئ قدم تحت الحماية الدولية، ولكن هذا الأمر لم يحصل بالتأكيد.

 

Embed from Getty Images

كما أن اتفاق أضنة الذي وقع بين سوريا وتركيا عام 1998م، يعطي الحق للأخير في حال تم تهديد أمنه القومي بدخول الأراضي السوري بعمق 5 كم، وبما أن "قسد" هي التهديد المقصود، لذلك، فإن من حق تركيا الدخول لإنهاء هذا التهديد، وقد فعلت ذلك في ثلاث عمليات عسكرية سابقة، فهل نحن على أعتاب العملية الرابعة؟.

وفي ذات السياق، فقد صرح أردوغان في 11 من الشهر الحالي، إن صبر أنقرة حيال بؤر الإرهاب شمالي سوريا قد نفذ، وأنها تعتزم القضاء على التهديدات، وذلك بعد الهجوم على قوات بلاده في منطقة "درع الفرات" شمال حلب، والتي أدت لمقتل اثنين من الشرطة التركية وإصابة أخرين، كما تعرضت الأراضي التركية أيضا لقصف مدفعي، حيث اعتبر أردوغان أن هذه التحرشات بلغت حدا لا يحتمل، وسيتم القضاء عليها عبر القوى الفاعلة هناك أو بإمكاناتنا الخاصة، في إشارة الى الجيش الوطني السوري.

كما أن تركيا تعتبر تواجد "قسد" بالقرب من حدودها تهديد لأمنها القومي، فهي ترى أنها الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، وشنت لإنهاء تهديدها 3 عمليات عسكرية كانت الأولى درع الفرات والتي استهدفت أيضا تنظيم داعش، ومن ثم غصن الزيتون في منطقة عفرين، ومؤخرا نبع السلاح والتي استهدفت منطقة تل أبيض شمال الرقة ورأس العين شمال الحسكة، ويبدو أن المعركة القادمة والرابعة ستكون في تل رفعت ومنبج.

والسبب الأخر لشن هذه العملية، هو الضغط الشعبي في المناطق المحررة، ومطالبات متواصلة بضرورة شن عملية عسكرية على المدن والبلدات الواقعة تحت سيطرة "قسد"، إذ خرجت العديد من المظاهرات تطالب تركيا وفصائل الجيش الوطني السوري بضرورة تحرير مناطقهم كي يعودوا اليها سريعا، وهو أيضا ما تسعى له تركيا من خلال تخفيف وطأة اللجوء السوري في أراضيها، خاصة أن هناك الكثير ممن سيعودون في حال تم تحرير منازلهم.

Embed from Getty Images

 

ما هو موعد انطلاق المعركة؟

عودتنا تركيا قبل أي عملية عسكرية لها في سوريا، إذ يبدأ بتحشيد إعلامي كبير ومن ثم تهديدات مباشرة ويليها التحشيد العسكري ومن ثم الهجوم السريع، ونستطيع الحديث أننا قد وصلنا نهاية التحشيد الإعلامي ودخلت مرحلة التجهيزات العسكرية للمعركة القادمة.

وفي الحقيقة لا يوجد موعد محدد لإنطلاق العملية العسكرية بعد، خاصة أنها مرتبط بالتوافق التركي مع روسيا وأمريكا، وتحتاج لذلك لضوء أخضر يبدو أنها لم تحصل عليه بعد، خاصة من الطرف الروسي الذي على ما يبدو يرغب بثمن الموافقة، ولكن هل أخذت أنقرة موافقة واشنطن؟.

كانت تركيا في عهد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، قد دفعت لواشنطن مبلغ مليار ونصف دولار مقابل حصولها على طائرات متطورة من نوع "أف 35"، إلا أن ذلك لم يحصل بسبب إصرار أنقرة على اتمام صفقتها مع موسكو والتي حصلت فيها على منظومة الدفاع الجوي "اس 400".

الرفض الأمريكي لبيع "اف 35" لتركيا، هو أن "اس 400" الروسية تشكل تهديد مباشر لطائراتها ما قد يكشف التكنولوجيا السرية لهذه الطائرة لروسيا، كما تعتبر أمريكا أن منظومة الدفاع الروسية غير متوافقة مع أنظمة دفاع دول الناتو.

ومؤخراً وحسب ما هو متداول، أن واشنطن قدمت مقترحا لأنقرة لبيع طائرات من "اف 16" بنسخة متطورة بدلا من طائرات "اف35" وهو ما وقفت عليه أنقرة على الفور، ولكن يعتقد مراقبون أن الموافقة التركية أتت بعد موافقة واشنطن على إعطاء الضوء الأخضر لأي عملية تركية في الشمال السوري.

كما نددت الخارجية الأمريكية بالهجمات التي استهدفت الأراضي التركية وقدمت تعازيها لأسر الشرطيين التركيين اللذين قتلا مؤخرًا في سوريا، ولم تذكر واشنطن في إدانتها من قام بهذه الهجمات ولم تحمل المسؤولية لأي طرف، ولكنها طالبت بضبط النفس ووقف إطلاق النار.

 

الثمن الروسي؟

هذه الإدانة وصفقة الطائرات، رآها مراقبون حصول تركيا على الضوء الأخضر الأمريكي، ولكنها لم تحصل بعد على الضوء الروسي، إذ عودتنا روسيا هي الأخرى على أخذ ثمن أي تحرك تركي في سوريا، حيث يرى مراقبون أن الثمن سيكون في ادلب أو في تطوير العلاقات مع النظام السوري.

وحسب تحليلات مختلفة، أشارت أن الموافقة الروسية لشن عملية عسكرية تركية، سيكون مرتبط بتطوير العلاقات السياسية والاقتصادية بين أنقرة ودمشق، فيما يراه مراقبون أنه غير ممكن في الوقت الحالي، بينما رآه أخرون أنه ممكن للغاية، خاصة بعد تصريح وزير الخارجية التركية مولود جاويش أوغلو في مطلع الشهر الماضي أن "أنقرة تتواصل مع دمشق حول قضايا أمنية"، وفي حال لم يتم التوافق على تطوير العلاقات بين الجانبين، يرى مراقبون أن أنقرة من الممكن انها قد تستغني عن جزء من جنوب ادلب، وخاصة الطريق الدولي "ام 4".

روسيا وعلى لسان وزير خارجيتها "سيرغي لافروف" قال إن تركيا لم تنفذ كامل التزاماتها فيما يخص اتفاق ادلب، وأحد أهم شروطه فتح الطريق الدولي "ام 4" وإنهاء تواجد التنظيمات الإرهابية وأحدها هيئة تحرير الشام.

وعلى الرغم من الرفض التركي لأي عملية عسكرية روسية على ادلب، والتي إن تمت ستعمل بالتأكيد على نزوح مئات الالاف الى الحدود التركية ومنها الى داخلها، إلا أن تركيا تبحث عن مصالح أمنها القومي أولا، والذي يتمثل في إنهاء تواجد "قسد" بالقرب من حدودها.

فيما يرى مراقبون أن تركيا ستعمل على وقف أي عملية على ادلب وذلك بالضغط على الدول الأوروبية من خلال التهديد بورقة اللجوء، التي أتقن أردوغان لعبها بشكل جيد، وقد تقوم أنقرة بتقديم بعض التنازلات لموسكو فيما يخص مناطق أخرى مثلا ليبيا أو أفغانستان أو أذربيجان، وقد تذهب لصفقات عسكرية وتجارية أخرى، كي يتم إرضاء موسكو بها مقابل عدم شن أي عملية عسكرية على ادلب، إذ ان موسكو في الحقيقة لن تسمح لتركيا بشن أي عملية عسكرية بدون مقابل.

كما يرى محللون أن تركيا وروسيا قد يتوصلوا لتوافق فيما يخص الطريق الدولي "ام 4" بدون عملية عسكرية، وهو ما بات من الممكن حدوثه، خاصة بعد أن سمحت هيئة تحرير الشام بدخول شاحنات محملة بالمساعدات الإنسانية من مناطق النظام السوري الى المناطق المحررة، إذ اعتبر ذلك إشارة الى احتمالية تعاون الهيئة مع الأتراك في حال رغبتهم فتح الطريق الدولي، وفي حال تم ذلك فمن المتوقع أن يكون الطريق تحت الحماية التركية المباشرة ومراقب من قبل الجيش الروسي، وإذا ما حصل ذلك، فإن روسيا ستعتبر ذلك تقدما كبيراً لها.

 

كيف سيكون شكل العملية العسكرية؟

حسب مصدر خاص لشبكة شام، أن تركيا قد بدأت بالفعل مشاورتها ووضع الخطط العسكرية لعمليتها المرتقبة لتحرير تل رفعت ومنبج وما حولهما، حيث ستكون المشاركة محصورة في مجموعات صغيرة من الجيش الوطني السوري، حيث ستشارك الطائرات التركية المسيرة في المعركة والتي ستعمل على تدمير قدرات "قسد" الدفاعية، ما قد يسمح بتوغل القوات التركية والجيش الوطني الى هذه المناطق.

وأكد المصدر الخاص، أن عملية الإستهداف ستكون مركزة وسريعة، وستعمل على شل حركة "قسد" وإجبارها على الانسحاب سريعًا، حيث ستبدي قسد دفاعا على مواقعها، ولكنها في النهاية لن تتمكن من الصمود كثيرا في وجهة الآلة العسكرية التركية.

وتوقع المصدر أن تكون المعركة الأولى في تل رفعت ومحطيها شمال حلب، وستشهد معارك عنيفة جدا، ولكنها في النهاية ستكون محسومة للجيش التركي، خاصة على ضوء المعارك السابقة التي انتهت بسرعة كبيرة وانسحبت "قسد" فيها سريعًا.

بينما ذهب المصدر أن تكون معركة منبج متأخرة، خاصة أن التركيز الأن على تحرير تل رفعت أولا، ولم يتم تحديد موعد معركة السيطرة على منبج، والتي قد تكون مباشرة بعد تل رفعت وقد تكون بعد فترة بعيدة بعض الشيء، ولكن هناك إصرار تركي على السيطرة على المنطقتين بكل السبل الممكنة كانت عسكرية أو سلمية.

وفي الحقيقة من غير الممكن فهم السياسية الدولية في سوريا بشكل واضح، خاصة بين تركيا وروسيا، إذ كان هناك حديث متصاعد وتحشيد تركي كبير للسيطرة على مدينة عين عيسى شمال الرقة أواخر العام الماضي، حيث تعرضت المدينة وقتها لقصف كثيف جدا من قبل المدفعية التركية، إذ كانت المؤشرات أنذاك عن نية الأتراك بالسيطرة على المدينة، إلا أن ذلك لم يحصل لغاية الأن، وقد تكون المؤشرات الحالية لمعركة السيطرة على تل رفعت ومنبج ذات الشيء، وتنتهي دون أي عملية وتتراجع أنقرة عن تهديداتها.

ولكن في نهاية الأمر، ترى تركيا أن تواجد قسد على حدودها يهدد أمنها القومي، وبالتأكيد ستعمل بكل الطرق الممكنة لإنهاء هذا التهديد، ولكن هذه "الطرق" ليست معبدة أمام الأتراك، حيث وضعت أمريكا وروسيا والنظام السوري كل المعوقات والمطبات أمام تحقيق أنقرة لما تريده في سوريا، والأسابيع أو الأيام القليلة القادمة ستكشف مدى قدرة تركيا على تطويع وتعبيد هذه الطرق.

 

المصدر: شبكة شام الكاتب: أحمد أبازيد
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ