بالمختصر نحن السوريون كلنا "سلفيين إخوانيين علمانيين معتدلين"
بالمختصر نحن السوريون كلنا "سلفيين إخوانيين علمانيين معتدلين"
● مقالات رأي ٢٩ مايو ٢٠١٦

بالمختصر نحن السوريون كلنا "سلفيين إخوانيين علمانيين معتدلين"

تبدأ معظم مقالاتنا بـ"ما زال"، الكلمة الأكثر ملائمة للواقع و للفكر الرائج في سوريا، والاستمرارية بالتعنت و التبعية والمناطقية تجعل كلمة "ما زال" هي الكلمة المستأثرة عن غيرها في صدارة المقالات و الأخبار، و حتى الفكر الديني المنتشر بين أفراد المجتمع الذي غفل عن التعبير عن ذاته باستقلال عن الفكر الذي تربى عليه

في نظرة شاملة للوضع الراهن تجد الصورة المختصرة أن الأغلبية لازالوا يرددون كلمات مبعثرة باتت تنزوي بين ركام الحرب بطريقة للأسف أشبه لـ"ببغائية"، فتسمع هنا وهناك عن السلفية و الإخوان و الاعتدال والعلماني، و تجد هذا يستلطف الاخوان المسلمين و ذاك يتقبل النهج المعتدل، والبعض يعتبر ذاك الفصيل أقرب لتنظيم الدولة، و بعضهم الآخر يصنف هذا الفصيل كسلفي، وذاك يحارب العلمانيين، حتى أصبحنا في دوامة "وهمية"، فيما الحقيقة ان أغلبية الشعب السوري مسلم سني يؤدي أركان الاسلام ويؤمن بأركان الإيمان بالفطرة و كعادات مجتمع تربى عليها

وإن فكرت أن تسأل أحد قادة الفصائل التي تزعم أنها أقرب للسلفية، أن يعطيك شرحاً عن الفكر السلفي لتلعثمت كلماته وأخبرك ما يردده مشايخ هذا الفكر في بداية كل حلقة أو كل حديث لصحيفة بأن السلفية هي اتباع السلف الصالح ، وهو في الواقع ما نقوم به نحن كسوريين ليس أكثر، لتكتشف أن كلمة السلفية هي "موضة" العصر و بعبع هذا الزمان لذا فالكثير من الفصائل تقرن تشكيلها به، أما ان سألت مناصراً للإخوان أو عضواً من جماعتهم عن معنى الإخوان يبدأ بالسرد أن حسن البنا هو من اسسها وأنه فكر يسعى للإصلاح الشامل، وأن هذا الحزب أسس كأول فكر سياسي إسلامي، وماذا بعد؟ لن يجيبك لأنه اعتاد على هذا و لا يعلم أصلا إلا ما ضخ في ذهنه خلال فترة انتمائه لهذه الجماعة في بداية كل اجتماع، ما يذكرني بفكر حزب البعث العربي الاشتراكية، فحين كنت تسأل أي سوري ما معنى حزب البعث كان يقول هو وحدة- حرية- اشتراكية، وما هذه الكلمات إلا تلقين ببغائي للشعب كي يعيدها ويكررها حتى أنه حفظها عن ظهر قلب، وإن سألت أحد أعضاء الائتلاف الذين يدعون العلمانية، ما العلمانية فإنه سيبتسم ويقول لك هي الحرية الحقيقة، و فصل مؤسسات الدولة المدنية عن الدين، وإن سألته عن القانون الداخلي لهذه المؤسسات و هيكليتها فإنه سيستأذن منك وينصرف، لأنه لا يملك أدنى معرفة بهذه الامور، فدوره ينتهي عند هذه النقطة، التي تعتبر "برستيج" جماعات الفنادق

هذه الازدواجية التي يعيشها المجتمع، قد أخرت من انتصار الثورة، وجعلتنا نبقى لأتباع بدلاً من أن نتحول الى فكرة مواطنة، وبتنا ننعت الناس باعتقاداتهم السلفية أو الإخوانية او المعتدلة او العلمانية، بالرغم من أن جميعهم تربى على فكر واحد وعادات أقرب لبعضها، وبالرغم من أن صلاة أحد أصدقائي بالجامع في كل وقت أو صيام احد أعضاء الائتلاف أو تربية اللحية لقائد فصيل لا يقدم في حياة السوريين ولا يؤخر، ولا يؤثر في رحيل الأسد

هذه المشكلة التي نعاني منها كسوريون، أننا لم نستطع حتى الآن أن نفصل مشاعرنا ومعتقداتنا الدينية والمجتمعية وحتى العقائدية، عن مصلحة إعمار الوطن، ولم نستطع أن نفكر بالآخر كإنسان له حق وعليه واجبات، وأننا ولدنا جميعاً على الفطرة و أن آل الأسد زرعوا هذه الازدواجية في باطن عقولنا ، وبتنا نحكم على فصيل من منظر قائده الملتحي و على عضو في مؤسسة من كلماته الببغائية التي يقولها بعد أن حفظها كآلة تسجيل ، ولكن للأسف هذا الجهاز لم يخزن إلا جملتين يكررهما أينما ذهب، فيما بقيت أعماق الكلمة و معناها مشفر لأنه إعتاد أن يتلقن ويعيد التسجيل، ومحذر عليه أن يحفظ او يفهم أكثر لأنه سيكون خطراً على المجتمع

بالمناسبة وبعد مرور خمس أعوام و نيف على الثورة، كلنا سلفيين إخوانيين علمانيين معتدلين، بالمختصر نحن سوريون، نريد وطناً حراً، و كرامة و بعضاً من الانسانية، بعيداً عن لصوص الأزمات و متملقي المناصب

الكاتب: رنا هشام
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ