ثلاث "ممانعات" في وجه الثورة السورية
ثلاث "ممانعات" في وجه الثورة السورية
● مقالات رأي ٢٣ مارس ٢٠١٥

ثلاث "ممانعات" في وجه الثورة السورية

النظام السوري "يمانع" إسرائيل، والمعارضات السورية "تمانع" نظام الأسد، والمجتمع الدولي "يمانع" المعارضات.

هذه هي ثلاثية ستاتيكو الثورة السورية الذي وقعت في بركة يحرسها "الأخوة الأعداء" هؤلاء، ويضخون المياه في البركة، أو يسحبونها منها، لتبقى الثورة تتخبط في الأوحال.

لم يعكس تداول السلطة في كل من المجلس الوطني السوري، وائتلاف قوى الثورة والمعارضة السورية، حالة ديموقراطية، وإن كان الشكل يشير إلى تداول السلطة كل ستة أشهر، أو سنة على الأكثر.

ولم يعكس ذلك أي نوع من الفعالية في مخاطبة الداخل السوري البعيد كل البعد عن اهتمامات هذه الهيئات، ناهيك عن الفشل المزمن في إقناع المجتمع الدولي.

سوريا ليست العراق حتى يقتنع المجتمع الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، بأحقية انتصار ثورتها على نظام اتفقت معظم دول العالم على ضرورة إسقاطه. كما لم يقتنع المجتمع الدولي بأن لدى المعارضات السورية بضاعة تقايضها مع أمريكا في سبيل تدخل فاعل يعجل في سقوط النظام السوري. بعض الساسة العراقيين استطاع أن يسوِّق بضاعة ما لأمريكا، فدخل الاثنان إلى بغداد على ظهر الدبابات.

ليس لدى المعارضات السورية نفط تهديه إلى أمريكا، وليس بمستطاع هؤلاء تقديم تنازلات في شأن الجولان، والأراضي العربية المحتلة، وليس لديهم الصلاحية العملية للقيام بذلك، حتى ترضى إسرائيل وتقتنع أن ستاتيكو الأسد في الجولان ليس هو أفضل حل لها. المعارضات، على كل حال، لم تقل كلمة ضد إسرائيل، أو معها، من باب التقية السياسية في تعاملها مع الولايات المتحدة.

الأسد الابن، وأبوه قبله، "مانعا" إسرائيل منذ عام 1974، وكان هذا مناسباً لإسرائيل وأمريكا. أما المعارضات فعاجزة اليوم حتى عن ممانعة داعش وجبهة النصرة، وكل ما في الأمر أنها تمانع نظام الأسد، وتريد إسقاطه لفظياً.

لعلهما حالتان متشابهتان، الأسد يمانع إسرائيل وغير قادر على استعادة الجولان، سلماً أو حرباً، والمعارضات تمانع الأسد وغير قادرة على إسقاطه، سلماً أو حرباً.

تكمن آفة المعارضات الأساسية، والمزمنة، في عدم قدرتها على تغيير موقف المجتمع الدولي الممانع تجاهها، وسبب ذلك عدم وجود رأس فاعل لها. وحين تغير هذا الرأس، شكلاً، لانتهاء مدة رئاسته، فإن دواعي التغيير لم تعتمد على نجاحه، أو فشله، في أداء مهامه تجاه من يُفترض أنه يمثلهم، بل على رغبات الداعمين والممولين لهذه المعارضات، في المجلس الوطني والائتلاف. وكان الرأس يأتي دائماً كحالة توافقية أنتجها تقاطع مصالح الداعمين، بالرغم من أن الشكل يشير دائماً إلى أن الحامل للرئيس الجديد هو أصوات المقترعين من أعضاء الائتلاف الـ 120.

لا أحد من السوريين يرغب في رئيس للمعارضات كحالة شعبوية، ففي الأحوال العادية قد يؤدي الرئيس الشعبوي دوره في إدارة الأزمة، لكن الحالة السورية أكثر من طارئة، وتحتاج إلى حلول عاجلة وجذرية، وليس إلى مسكنات تخفف من الألم في انتظار الطبيب المداوي. والأزمة التي وصلت إليها الثورة المستمرة بحاجة إلى رئيس يتمتع بكاريزما يدير فيها شتات الأفكار، وقلة الخبرات، التي بين يديه، فالرئيس الذي لا يستطيع إقناع مرؤوسيه بجدارته لن يقنع الداخل السورية بالحلول التي يمكن أن يقدمها، ومن لا يقنع الداخل السوري لا يستطيع التأثير على الداعمين السياسيين والممولين.

وحتى تكف المعارضات عن التشبه بممانعة النظام ينبغي لها أن تدرك أن خزان نجاحها هو الداخل، وعليها أن تتخلى عن الخطاب اللفظي العقيم الذي أوغر صدور الثوار عليها، بل جعل عدداً غير قليل منهم يرتد في حالة نكوصية وصلت إلى تفضيل ظلم النظام على العدل العاجز لهذه المعارضات.

وإذ دخلت الثورة عامها الخامس بمزيد من الدم، وبانسداد شبه تام لأفق حل سياسي، أو عسكري، فإنها لم تخسر شيئاً من قيمتها الأخلاقية، فجرحها المفتوح لايزال ينز قيحه على شكل ثوار تجار، ومنتفعين، ومتسلقين. وكي يلتئم الجرح ويبرأ لابد أن يتحسس السياسيون في الداخل والخارج آلام الشعب السوري، كل الشعب السوري، ممن انخرط في الثورة قولاً وعملاً، أو ممن دفع الثمن حتى في حياده، إلى من ناصر النظام تحت ذرائع صادقة، أو كاذبة.

المصدر: موقع 24 الكاتب: علي العائد
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ