خيارات الأردن لاستعادة الكساسبة
خيارات الأردن لاستعادة الكساسبة
● مقالات رأي ٢٦ ديسمبر ٢٠١٤

خيارات الأردن لاستعادة الكساسبة

أسرت عناصر الدولة الإسلامية (داعش) الطيار الأردني، معاذ الكساسبة، بعدما أسقطت طائرته، بواسطة صاروخ حراري، أثناء قيامه بطلعة جوية لتوجيه ضربة ضد عناصر التنظيم. مع ذلك، أصيبت الحكومة الأردنية بالدهشة، وكأنها تلقت أمراً غير متوقع، مع أن الأصل يقول بوجود خطة طوارئ يتم اللجوء إليها في الأوقات الحرجة، إلا أن الحكومة لم يصل فعلها إلى مستوى الحدث، ما شكل عنصر تأزيم داخل الدولة الأردنية، وكأن الحكومة، بهذا التصرف، تقول للناس، أنتم أحرار في نشر الإشاعات، وهذا يعني استمرار فشل الدولة في إدارة أزماتها.
منذ اللحظة الأولى، غابت الحكومة عن الحدث، وإن ظهر بعض مسؤوليها، فإن ظهورهم أعمى، لا يعتمد المنهج في إطلالتهم، أو التنسيق. فخبر الأسر وإسقاط الطائرة، جاء من الخارج، وبقي التلفزيون الأردني غائباً كالعادة. هذه الطريقة، عملت وتعمل بلا شك على إطلاق الإشاعات ونشرها، ما يزيد من تأزيم المشهد الداخلي، وهز الجبهة الداخلية، هذا أولاً.
ثانياً، يطالب بعضهم بتحرك القوات المسلحة وسلاح الجو، لشن غارات مكثفة على مواقع تنظيم الدولة الإرهابية "داعش"، رد فعل على أسر الطيار الأردني. ويغلب على نظرة هؤلاء الطابع العاطفي الاستفزازي، ولا تنم عن العقلانية، خصوصاً وأن الهدف الأسمى، ينحصر في تحرير الطيار، لأن حياته أهم من الطلعات الجوية، وأهم من استراتيجية التحالف الدولي. حجة هؤلاء أن الأردن في حرب، وكأن الحرب تعني دوما تحريك الجيوش، واستخدام الأسلحة، من دون اللجوء إلى القنوات التفاوضية، وحتى الدبلوماسية.
بيد أن القول بتحرير الطيار الأردني منوط بسيناريو تحرك جحافل القوات المسلحة الأردنية وأذرعها، مستحيل واقعيّاً، لأنه عمليّاً يعني اختراقاً للأراضي السورية، للوصول إلى مناطق التنظيم، وهذا ما لن يسمح به النظام السوري، بالإضافة إلى أنه لو كان ثمة جدوى من هذا السيناريو، لماذا لم تلجأ إليها فرنسا وبريطانيا وأميركا، لتحرير مواطنيها من أيدي التنظيم، قبل أن تقدم عناصره على قتلهم؟
كذلك القول باستخدام السيناريو القائم على تحريك القوات المسلحة الأردنية، وزيادة وتيرة الضربات الجوية للتنظيم الإرهابي، يعني منح التنظيم ضوءاً أخضر للاستعجال بقتل الطيار، وهذا ما لا نريده أن يحصل.
يمكن القول، إن الحكومة الأردنية لا تملك خيارات كثيرة، لتحرير الملازم الطيار معاذ الكساسبة، لا يتم بأغنيات وطنية، أو من خلال بيانات خاوية من المبنى والمعنى، بل من خلال تفكير عقلاني منهجي مدروس، يدير الأزمة بحرفية عالية.
وتبقى هناك خيارات يمكن أن تحفظ حياة الطيار، وتعيده إلى بلده وأهله، خيارات تعتمد مبادئ تفاوضية كأحد الحلول الحقيقية، ولا ترى مشكلاً في التواصل مع قيادات التنظيم الإرهابي من خلال القنوات المعلنة والسرية.

المصدر: العربي الجديد الكاتب: خالد عياصرة
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ