لهذه الأسباب على تركيا عدم فتح حدودها أمام السوريين الهاربين
لهذه الأسباب على تركيا عدم فتح حدودها أمام السوريين الهاربين
● مقالات رأي ٨ فبراير ٢٠١٦

لهذه الأسباب على تركيا عدم فتح حدودها أمام السوريين الهاربين

قاسية جداً صور السوريين الهاربين إلى الحدود التركية، على وقع القصف الهمجي الذي تشنه قوات بشار الأسد وروسيا شمال حلب.

وقاسية أكثر الرسائل التي يبعث بها هؤلاء متوسلين ومترجين أن تسمح لهم السلطات التركية بالدخول إلى تركيا، بل إن بعض الحكومات الأوربية نفسها شاركت في الأمر، حيث دعا مسؤول في الاتحاد الأوروبي، تركيا إلى الالتزام بالاتفاقات الدولية واستقبال اللاجئين السوريين العالقين على حدودها، هي ذاتها الدول الأوربية التي تشرع برلماناتها قوانين تحد من دخول اللاجئين إليها، وتحض اليونان في كل مناسبة على ضبط حدودها وإغلاقها أمام السوريين.

الرقم الذي يتم الحديث عنه هو قرابة 50 ألف هارب من جحيم القصف غير المسبوق وسياسة الأرض المحروقة التي تكرر فيها روسيا ما فعلته سابقاً في الشيشان.

وما هؤلاء إلى دفعة صغيرة سبقها حوالي 4.5 مليون لاجئ هربوا من سوريا واستقبلتهم دول الجوار، كانت حصة تركيا وحدها حوالي 2 مليون منهم، معظمهم يعيش خارج المخيمات في المدن والأرياف التركية يمارسون أعمالهم التي أنشأوها في تركيا وكأنهم مواطنون في بلدهم، بل إن تركيا نفسها صرحت أكثر من مرة باعتزامها اتخاد خطوات من شأنها توطين السوريين، لعل آخرها قرار تتريك المناهج الدراسية التي يدرسها الأطفال السوريون في المدارس السورية في تركيا.

ولكن –حتى الآن- ترفض تركيا السماح بدخول الهاربين من ريف حلب الشمالي، وأعلنت عزمها بناء مخيمات داخل الأراضي السورية لهم.

فهل أدركت تركيا أخيراً خطأ سياستها السابقة في استيعاب السوريين الهاربين من إجرام بشار الأسد؟

طوال سنوات الثورة السابقة كانت تركيا بمثابة أرض الخلاص للسوريين الهاربين من إجرام النظام، ولكن مهلاً…

أليست أيضاً أرض خلاص لبشار الأسد في الوقت نفسه؟

ألم تكن بمثابة حديقة خلفية يلقي فيها بشار الأسد السوريين الذين لم يعد بحاجتهم! مفسحاً المجال أمام خطط التغيير الديموغرافي لتبصر النور وتفرغ المناطق المعارضة من سكانها محافظاً بذلك على “سوريا المفيدة”!

إن العالم نسي حقيقة مأساة ملايين السوريين الذين دخلوا تركيا، وراحوا يمارسون حياتهم وأعمالهم بشكل شبه طبيعي، أو بات يهتم بكوارث ناشئة عن كارثتهم الأم كالغرق في البحر وصعوبات الاندماج في الدول الاوربية، في حين يستمر المجرم ومساندوه في تهجير المزيد دون أن يقول لهم أحد: كفى.

إن استمرار دخول السوريين اللاجئين إلى تركيا والدول المجاورة هو استمرار أيضاً للنظام في وحشيته، وكرت أخضر لتهجير المزيد والمزيد من السوريين المعارضين دون أن يشكل هذا التهجير باباً لأي ضغط دولي أو دعوة لإنقاذ وضع هؤلاء، فتركيا تتكفل بهم، وربما قريباً تبدأ الدعوات الأوربية لتوطين هؤلاء ومنهم الجنسية التركية وبذلك يختفون تماماً وكأنهم لو يوجدوا سابقاً فوق الأراضي السورية.

وربما بسبب ذلك أيضاً يختار بشار الأسد محافظة إدلب وجهة وحيدة لمن يريد مغادرة المناطق التي تعقد اتفاقيات المصالحة، فإدلب هي البوابة السورية مع تركيا، ولن يكون حزيناً أبداً إذا غادر كل من فيها إلى تركيا!

إن المطالبة بعدم إدخال السوريين إلى تركيا أو غيرها، قد تبدو مناقضة تماماً لمصلحة الهاربين الذين يعيشون على الحدود وضعاً في غاية البؤس، ولكنها على المدى الطويل في مصلحتنا حتماً.

لايجب أن يكرر شعبنا السيناريو الفلسطيني لا يجب أن تصبح العودة حلماً ومفاتيح البيوت تذكارات نورثها لأولادنا وأحفادنا، يجب أن نبقى في أرضنا بكل ما يحمله هذا البقاء من صعوبة وموت، وعلى دول العالم المتزلفة للقاتل أن تتوقف عن المطالبة باستيعابنا في دول الجوار، وأن تتحرك لإيقاف مجنونهم المتوحش، فبذلك فقط تتوقف سيول الهاربين وتنتهي مآسيهم.

 
 
الكاتب: محمد سلوم
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ