هل تنجح المبادرة الروسية في سوريا وكيف
هل تنجح المبادرة الروسية في سوريا وكيف
● مقالات رأي ١٢ ديسمبر ٢٠١٤

هل تنجح المبادرة الروسية في سوريا وكيف

لم تحل أزمة أوكرانيا، وبسببها ينكمش الاقتصاد الروسي ويُحاصَر عالمياً. المَخْرَج الروسي للمشكلة كان بزيارة فلاديمير بوتين إلى تركيا وعقد قمة لزعيمي الدولتين، غلب عليها البعد الاقتصادي. ولكن وفق التصريحات الإعلامية لم يتفقا في ما يخص الموقف من النظام السوري ومن الثورة. التحرك الروسي الأخير، يستفيد من خطة دي ميستورا، والتي تتوافق مع الرؤية الروسية لمستقبل سوريا وأنها تواجه إرهاباً وعلى المعارضة ودول العالم التصالح مع النظام لمحاربته، وهذا في كل الأحوال ما أتى التحالف الدولي بهديه إلى سوريا.

روسيا استدعت شخصيات معارضة، ثم وفدا رفيع المستوى من النظام، ثم وفدا من هيئة التنسيق، والتسريبات الإعلامية المنشورة تقول بأنها التقت 12 حزبا كرديا، وقدري جميل وشخصيات أخرى. كي تكتسب المفاوضات الأخيرة قيمة فإن روسيا تؤكد أنها ليست متمسكة بالرئيس السوري، حيث أن هذه القضية بالتحديد كانت وستظل المشكلة الأبرز، وتتطلب حلاً حقيقيا وتوافقا بين قوى المعارضة مع النظام.

خطة دي ميتسورا تجاهلت البعد السياسي كمدخل للحل، وركزت على وقف العمليات العسكرية ولاحقاً يتم التوصل إلى حل سياسي. الخطة الروسية الجديدة تدمج النظام مع جزء من المعارضة لتقاسم المقاعد الوزارية، وموضوع الرئاسة لا يزال ملتبساً. النظام لن يتخلى عن منصب وزير الدفاع والأجهزة الأمنية.

هذه الخطة ستفشل بالتأكيد، فلا المعارضة ستقبل بهذه الشروط ولا الدول الداعمة لها. مقابل ذلك هناك كلام يتم تداوله في معظم عواصم العالم المعادية للنظام و”الداعمة” للثورة على ضرورة الحل السياسي، ويتم التخفيف من الحديث عن المكون العسكري، عدا أن الكلام عن تأهيل قوات المعارضة لا أحد يأخذه بعين الاعتبار.

المعطى الأخير، ربما سيسمح بالذهاب نحو حل سياسي ما. المشكلة ليست في ضرورة الحل السياسي، فهذا ومنذ اتفاق جنيف صار الحل الوحيد لأزمة النظام، القضية أن الروس هم من أفشل جنيف2 وهم من حمى النظام في مجلس الأمن الدولي واستعملوا أربع مرات حق نقض أي قرار تحت البند السابع. الروس وافقوا على وثيقة جنيف كأساس للحل، ولكنهم أطلقوا عليها النار في دعمهم للنظام. المفاوضات الأخيرة ضرورية لتنجح في تحقيق مطالب واسعة للمعارضة، وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وفي تحديد خطة انتقالية تسمح بتغيير كل السلطة السياسية.

التوافق الإيراني الأميركي ولاسيما النووي، واحتمال الاعتماد على إيران في شؤون المنطقة، قد يسمح للأخيرة بدور ما في سوريا، وبالتالي هناك خوف روسي من انتهاج إيران سياسات تخص سوريا. فكثير من التحليلات تؤشر إلى تفاهمات بما يخص كل المنطقة. الخوف الروسي ربما يتأتى من هنا، ولكن روسيا لا تمتلك أوراقا قوية، فالمعارضة لا تستطيع التوقيع على أي اتفاق لا يحقق نقلة نوعية. يبعد النظامَ عن روسيا توهمه أنه حقق تقدما في حلب ومؤخراً في درعا، وقد شدد الخناق على الغوطة وبالتالي لماذا يتراجع الآن؟ يعزز هذه الفكرة أن تصريحات وليد المعلم تتضمن تمايزاً عن الروس في الرؤية للحل. وذهابه مؤخراً إلى إيران، ربما لدراسة الموقف من الروس.

لاشك أن إيران بحاجة إلى روسيا، فالإيرانيون لا يثقون في أميركا لأنها قد تتبنى موقفاً جديداً ضدها. سيما وأن أوباما يُحاصر يومياً، وبعد عامين قد يتم التخلي عن كل سياساته، ولكن هناك سبعة أشهر متبقية ولابد من خلق واقع جديد كي تفرض الدول شروطها على طاولة المفاوضات. فهل تنعطف إيران نحو أميركا بشكل واسع؟ السياسة الإيرانية ماكرة والأمر ممكن. روسيا تعي ذلك تماماً وتخشاه، ولكن قوة روسيا تتأتى من تأثيرها الواسع على النظام. روسيا تتحرك أيضاً ضمن الأشهر السبعة القادمة.

أميركا لن تعارض أي اتفاق يخص سوريا، ولكن يفترض أن لا يخرج عن اتفاق جنيف. يضاف هنا أن أميركا تعتبر سوريا رهينة بيدها ضد إيران ومن أجل توقيع صفقة تخص الاتفاق النووي بعد سبعة أشهر، عدا أنها منشغلة الآن، بترتيب الحكم في العراق. في كل الأحوال، أميركا لا تزال تعترف للروس بدور لحل أزمة النظام، وهي من ساهم في صياغة اتفاق جنيف، وبالتالي هل يمكن للروس اعتماد استراتيجية جديدة، وإجبار النظام وإيران على توقيع ذلك الاتفاق؟ المشكلة أن القوى السورية التي يتم التوافق معها، تنطلق من أي حل سياسي ولو لم يكن وفق جنيف، وليست لديها مشكلة التنازل عن بعض بنوده، وليس بالضرورة أن تتبنى موقفاً من مصير الرئيس السوري. لذلك ستفشل المفاوضات إن لم تحدد بدقة الموقف من القضية الأخيرة. ولن تقبل بها جهات متعددة في المعارضة، ويعلم النظام أنه دون حل هذه القضية ليس من حل أبدا.

المصدر: العرب الكاتب: عمّار ديّوب
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ