غسيل الوجوه من خلال الهجوم .. "منبج" مقابل "تدمر" أمريكا تذلل العراقيل لإطلاق معركة "الشمال"
غسيل الوجوه من خلال الهجوم .. "منبج" مقابل "تدمر" أمريكا تذلل العراقيل لإطلاق معركة "الشمال"
● أخبار سورية ١ أبريل ٢٠١٦

غسيل الوجوه من خلال الهجوم .. "منبج" مقابل "تدمر" أمريكا تذلل العراقيل لإطلاق معركة "الشمال"

"منبجنا مقابل تدمركم " هي الشعار الذي يبدو أن أمريكا قد قررت رفعه لمواجهة الموجة التي تسبب بها إعادة احتلال مدينة تدمر من قبل روسيا و أعوانها ، وها هي أمريكا قد أتمت العدة و انطلقت المعركة التي تهدف من خلالها اثبات أنها لازالت فاعلة و قادرة على العمل في أرض الصراع الأكبر ، ولم يبق إلا بضع الترتيبات السياسية ليكون الاعلام كله مسلطً على "منبج" وهي البوابة التي سيدخل منها النور الذي يعمي عن ما أحدثته روسيا خلال الشهور الست الماضية و أحدثها "تدمر" و لن تكون آخرها .

روسيا طوّعت حلفائها

معركة تدمر كانت بمثابة اختبار جدي و فعلي لروسيا للظهور بمظهر المسير على حلفائها و يظهر أيضاً قدرتها على قيادتهم حيثما تشاء و كيفما تريد .

ففي تدمر لا "زينب" بحاجة للحماية من السبي مرة أخرى ، ولا شيعة اثني عشرية يعانون من ظلم "اليزيدية" ، وإنما صحراء و تماثيل لا تمت للهدف الايراني المعلن و الذي يؤخذ كستار على أعمالها في سوريا ، و رغم ذلك زجت ايران بقواتها النظامية العالية التدريب و ميليشياتها الملونة بالأعراق و الأجناس.

أما النظام فاستجلب "مغاوير البحر" إلى كثبان الصحراء في تغيير للمهمة التي كانت موكلة لهم ، و هي حماية الساحل "العلوي" من الثغرات "السنية" التي تحيطه .

توليفة لتوجيه "الصفعة"

والفت روسيا بشكل غير متوقع بين تركيبة حلفائها و زجت بهم في أتون معركة ، لازالت مثار شكوك حول حدوث استلام و تسليم أو بإجبار النار و السلاح ، وخرجت بنصر اعلامي لا يتناسب البتة مع الحجم الحقيقي لمعركة خيضت في صحراء مكشوفة ، ولا تؤدي إلا لصحراء أخرى ، لكنها كانت كافية لإزعاج أمريكا و إخراجها ، على الأقل ، اعلامياً من ساحات السيطرة و اجبارها على العمل ان لم يكن تحت قيادة الروس فبشكل متساو معهم .

الولوج من بوابة "عملية منبج الكبرى"

معارك الشدادي و فك وثاقها من تنظيم الدولة و توثيقها من قبل قوات سوريا الديمقراطية ، ذات الغالبية المليشاوية الكردية الانفصالية ، لم تكن كافة لجعل أمريكا قائدة الكفاح العالمي ضد شبح "الدولة الإسلامية" ، فلابد من عمل أو ساحة توازي "تدمر" ، لتتمكن من السير جنباً إلى جنب باتجاه الرقة العاصمة المثيرة للجميع بدخولها .

عملية منبج الكبرى هي المسمى الذي اتخاذه ليكون البوابة للعودة للظهور ، و ان كان هذا المسمى ضخم و كبير ، و لكن الهدف المباشر و الآني و الفوري من الممكن أن يكون "جرابلس" ، فهي شهية جداً لقوات سوريا الديمقراطية و تدفعهم للعمل المكثف و النشط و لو كلفهم آلاف القتلى ، فهذا يعني أن الحدود مع تركيا باتت بقبضتهم بشكل كامل .

و لكن يبدو زن الإعلان عن معركة "جرابلس" قد ثير جنون تركيا ، ان لم نقل على مستوى القيادات العليا في الدولة التركية ، و إنما على المستوى الشعبي ، لذا فقد يكون قد طرح اسم "منبج" تحت مبرر أنها جيدة من حيث التموضع و البعد عن الرقة ، بشكل تقريبي ، ذات المسافة التي تبعد تدمر عن العاصمة المنشودة ، أي أنها مناسبة لتكون نقطة الانطلاق للسباق الأمريكي الروسي ، للظهور بمظهر الدولة المكافحة و المحاربة و القاضية على الإرهاب و نبعه الأصيل .

انطلاق دون إعلان

لم تكن أمريكا و حلفائها على الأرض ، الميليشيات الكردية الانفصالية المتخذة شكل "قوات سوريا الديمقراطية" ، يعبثون خلال فترة معارك "تدمر" ، بل كانت الجهود تتصاعد بشكل مكثف و نشط و انطلق بالفعل باتجاه منبج بدعم ومساندة حثيثة و متصاعدة من بعض دول التحالف ، و لكن بشئ من الحذر الإعلامي و صب الجهود على الاخفاء و عدم اثارة الضوضاء .

فمعركة مثل معركة "منبج" ليست لعبة أو قضية عابرة ، فهي تحمل في طياتها "الرعب" لتركيا ، فهنا الفيدرالية الكردية الممهدة لدولة كردية تأخذ شكلاً متصلاً ويتصل بناء عليه اقليمين من الأقاليم الثلاثة الدين اشتركوا بتلك الفيدرالية .

 خطب ود و تطمين للأتراك

ولم يكن من باب المصادفة أو المجاملة اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان في واشنطن ، اليوم أو أمس حسب فارق التوقيت ، فحساسية الأمر كسرت النفي و الرفض السابق ، وبات لزاماً ادخال تركيا و ارضائها و الأهم تطمينها بضمانات لا يمكن أن فكاك منها ، فتركز البحث وفق ماتم الإعلان عنه على محاربة تنظيم الدولة ، استبقه رسائل مهدئة من النوع الثقيل للضيف التركي من قبل جون بايدن نائب الرئيس الأمريكي ، أن لا قبول بانفصال كردي في شمال سوريا و لا تأثير لمنبج على تركيا .

اقناع الحلفاء بالدخول كيد واحدة

لم يكن العمل محصوراً بالتحضير الأرضي بتجهيز قوات سوريا الديمقراطية و ادخال القوات الخاصة الأمريكية ومن ثم تهدئة الشريك التركي ، إنما كانت التحضيرات تتواصل مع الشركاء الأوربيين الذين مثلهم الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند بلقاءه مع أوباما ، فمجمل الحديث الذي ظهر هو تنظيم الدولة و ضرورة محاربته ، مع اعلان واضح بضرورة دعم ما أسماها أولاند "القوات العربية الكردية" ، في إشارة إلى قوات سوريا الديمقراطية ، وهو بذلك قد منج أوباما ما استحوذ عليه بوتين من حلفاءه .

ستة أيام بصمت و قد تحتاج لضعفيها من العمل تحت الاعلام

من شبه المؤكد أن معركة "منبج" قد انطلقت منذ ستة أيام مضت و بدأ التمهيد الجوي و الزحف البري البطيء بانتظار الاذن من الطائرات للتقدم ، وكل ذلك يتم بعيداً عن الأضواء التي من الممكن أن تُشعل ، خلال يوم أو أيام قليلة ، ليبدأ الزخم الفعلي للمعركة التي ستتطلب مدة أطول من تلك التي احتاجتها تدمر ، حيث اذا ما ألغينا نظرية المؤامرة و الاتفاق "الأمريكي – الداعشي" ، فالطبيعة الجغرافية مختلفة و قد تسبب عائق أمام هرولة "قسد" و تحولها لـ "سير" هادئ قد يمتد لاسبوعين أو ثلاثة على أبعد تقدير .

المصدر: شبكة شام الكاتب: زين مصطفى
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ