من زعيم ملاحق إلى شريك دبلوماسي.. واشنطن ترفع العقوبات المفروضة على الرئيس "الشرع"
أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية اليوم الجمعة 23 أيار 2025، عن رفع العقوبات المفروضة على الرئيس السوري الحالي "أحمد الشرع"، المعروف سابقًا باسم أبو محمد الجولاني، ويأتي هذا القرار في إطار تحول جذري في السياسة الأمريكية تجاه سوريا، بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، وتولي الشرع رئاسة الحكومة الانتقالية في يناير 2025.
وجاء القرار الصادر عن الخزانة الأمريكية، ليعلن رفع العقوبات الأمريكية عن الرئيس الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب والبنك المركزي والبنك التجاري وموانيء اللاذقية وطرطوس و الوزارات السورية والخطوط الجوية السورية وفندق فورسيزن.
في ديسمبر 2024، كانت أزالت وزارة الخارجية الأمريكية المكافأة المالية البالغة 10 ملايين دولار التي كانت مرصودة للقبض على الجولاني، وذلك عقب لقاء جمعه مع مسؤولة أمريكية رفيعة في دمشق، حيث تم التأكيد على أن هذا الإجراء لا يعني تغييرًا في تصنيف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية، بل يهدف إلى تسهيل التواصل الدبلوماسي مع القيادة السورية الجديدة
وفي 25 تشرين الثاني 2020، كانت أعادت وزارة الخارجية الأمريكية، نشر تعميمها الخاص بمتابعة أي معلومات عن القائد العام لهيئة تحرير الشام، "أبو محمد الجولاني" عبر برنامج "مكافآت من أجل العدالة"، وهي المرة الثانية التي كانت فيها تنشر الخبر، إذ كانت المرة الأولى في شهر أيار من عام 2017.
من هو "أحمد حسين الشرع"
وبرز "أحمد حسين الشرع" المعروف باسم "الجولاني" أميناً عاما لـ"إدارة العمليات العسكرية" التي أطلقت معركة "ردع العدوان" في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، واستطاعت إسقاط حكم نظام الأسد، كونه شخصية قيادية كـ "رجل سوريا المستقبل" مابعد الأسد.
وأعلن "الجولاني" لأول مرة استخدام اسمه الحقيقي "أحمد الشرع"، مؤكداً أن "هيئة تحرير الشام" تسعى لتأسيس نظام حكم يضمن سلامة المدنيين واحترام الأقليات، وأظهر "الشرع" مرونة كبيرة في تعديل هويته "الجهادية" ليكون "مدنياً منفتحاً" على كل المكونات السورية والدول الخارجية، وقابلاً ليكون "رجل المرحلة" عقب إسقاط نظام بشار الأسد.
"أحمد الشرع" رئيساً للجمهورية العربية السورية
وأعلن الناطق باسم إدارة العمليات العسكرية "العقيد حسن عبدالغني"، خلال "مؤتمر النصر" في دمشق الذي عقد يوم الأربعاء 29 كانون الثاني 2025، تولية "أحمد الشرع" لرئاسة البلاد في المرحلة الانتقالية، ويقوم بمهام رئاسة الجمهورية العربية السورية، ويمثلها في المحافل الدولية.
وكان هنأ عدد من الرؤساء والملوك العرب والغربيين، الرئيس "أحمد الشرع"، بتوليه رئاسة الجمهورية العربية السورية في المرحلة الانتقالية، وتلق "الشرع" برقيات تهنئة من ملوك وأمراء وشخصيات قيادية في العديد من دول العالم، كما بدأ "الشرع" مهامه بحراك دبلوماسي واسع، زار خلالها عدة دول عربية منها "السعودية وقطر والأردن ومصر والإمارات العربية، كذلك تركيا، وفرنسا وشارك في عدة قمم ومؤتمرات دولية كرئيس للجمهورية العربية السورية، إلى حين لقاء الرئيس الأمريكي ترامب في السعودية وبدء مرحلة من العلاقات السياسية بين البلدين.
الخزانة الأمريكية تعلن رسمياً تخفيف شامل وفوري للعقوبات على سوريا بموجب الترخيص العام رقم 25
أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، اليوم الجمعة 23 أيار، عن دخول الترخيص العام رقم 25 الخاص بسوريا حيّز التنفيذ، والذي يقضي بتخفيف فوري وشامل للعقوبات الاقتصادية المفروضة على البلاد، تماشيًا مع قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القاضي برفع العقوبات بالكامل، وفتح الباب أمام استثمارات جديدة ضمن سياسة "أمريكا أولاً".
الترخيص الجديد، الصادر عن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية (OFAC)، يسمح بإجراء المعاملات التي كانت محظورة بموجب لوائح العقوبات الأمريكية، بما في ذلك الاستثمار في مختلف القطاعات الاقتصادية وتقديم الخدمات المالية والتجارية، ويُعد بمثابة رفع فعلي للعقوبات التي فُرضت على سوريا خلال عهد النظام السابق بقيادة بشار الأسد.
في خطوة متزامنة، أصدرت وزارة الخارجية الأمريكية إعفاء رسميًا من قانون "قيصر لحماية المدنيين في سوريا"، الأمر الذي يُمهّد الطريق أمام دول حليفة وشركاء إقليميين لإعادة التواصل الاقتصادي والإنساني مع سوريا، وإطلاق مشاريع تنموية من شأنها تسريع تعافي البلاد.
وأكد وزير الخزانة سكوت بيسنت، أن هذه الخطوة "تجسّد التزام الإدارة بدعم سوريا موحدة ومستقرة"، مشيرًا إلى أن انتهاء عهد النظام السابق "يؤسس لفصل جديد في حياة السوريين، يُبنى على السلام والكرامة والفرص".
شروط واضحة والتزام بمراقبة التنفيذ
وبحسب البيان الرسمي، فإن الترخيص لا يشمل أي تسهيلات للجهات المرتبطة بإيران أو روسيا أو كوريا الشمالية، ولا يغطي المعاملات مع أي جهة مرتبطة بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أو الاتجار بالمخدرات أو دعم الإرهاب.
كما شددت وزارة الخزانة على أن الترخيص رقم 25 لا يُمثل دعماً غير مشروط، بل مشروط بضمانات من الحكومة السورية الجديدة، أهمها الالتزام بعدم توفير ملاذ آمن للمنظمات الإرهابية، واحترام حقوق الأقليات، والامتثال للمعايير الدولية في مكافحة الفساد.
عودة النظام المالي السوري إلى الأسواق الدولية
كجزء من التسهيلات المرافقة، منحت شبكة مكافحة الجرائم المالية (FinCEN) إعفاءً خاصًا يسمح للمؤسسات المالية الأمريكية بفتح حسابات مراسلة مع "المصرف التجاري السوري"، بهدف تسهيل التحويلات المالية الدولية، وتيسير التجارة والاستثمار، وإعادة دمج سوريا في النظام المالي العالمي.
تمهيد لمرحلة إعادة الإعمار
ويُعد القرار خطوة تأسيسية نحو إعادة بناء الاقتصاد السوري، لا سيما في قطاعات الطاقة، والبنية التحتية، والخدمات المالية. وذكرت وزارة الخزانة أن الجهات المعنية، بما في ذلك مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، ستصدر تعليمات إضافية في الأيام المقبلة لتوضيح تفاصيل الترخيص وآليات تنفيذه.
وختامًا، دعت واشنطن المستثمرين الدوليين إلى اغتنام هذه "الفرصة التاريخية" للمساهمة في تعافي سوريا ضمن بيئة قانونية واضحة وداعمة، مشيرة إلى أن خط الدعم الفني والإجرائي سيبقى متاحاً عبر الخط الساخن التابع لمكتب مراقبة الأصول الأجنبية.