نقلة نوعية.. وزارة الداخلية السورية تكشف عن هيكليتها التنظيمية الجديدة
أعلنت وزارة الداخلية السورية، يوم السبت 24 أيار/ مايو، عن تفاصيل هيكليتها التنظيمية الجديدة خلال مؤتمر صحفي، وذلك عقب جلسة تشاورية جمعت عددًا من الكفاءات السورية الوطنية المتخصصة في المجالات الحقوقية والإدارية والشرطية.
ويأتي هذا التحديث في إطار رؤية الوزارة لتعزيز الشفافية، والمشاركة المجتمعية، وتكريس مبادئ الحوكمة الرشيدة.
ووفق ما أوضحه المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية "نور الدين البابا"، فإن الجلسة التي عُقدت بتاريخ 22 أيار مثلت نقلة نوعية في الانفتاح والتشاركية، وقد أجاب خلالها الوزير "أنس خطاب" على ملاحظات الحضور.
الهيكلية الجديدة تستند إلى رؤية استراتيجية قيد الاستكمال، نابعة من الاحتياجات المحلية، ومستندة إلى خبرات أكاديمية سورية من الداخل والخارج، ومتوافقة مع روح العصر وتجارب الدول المتقدمة.
وفي أحد أبرز ملامح التغيير، جرى دمج جهازي الشرطة والأمن العام ضمن كيان واحد تحت اسم "قيادة الأمن الداخلي في المحافظة"، تتبع مباشرة لوزير الداخلية وتضم عدة مديريات مناطقية، بهدف توحيد الجهود الأمنية وتعزيز اللامركزية.
وفي ميدان الإدارة المدنية، تعمل الوزارة على أتمتة الإجراءات وإطلاق بطاقات شخصية جديدة بهوية بصرية حديثة، رغم التحديات الكبيرة الموروثة عن الأنظمة السابقة.
كما أُنشئت إدارات خاصة للرقابة والمساءلة، تشمل خمس دوائر مركزية وتطبيقًا إلكترونيًا لتلقي الشكاوى.
وفي سياق تعزيز القدرات التقنية، تم تأسيس إدارات مستقلة للاتصالات والمعلوماتية والأمن السيبراني، تُعنى بمكافحة الجرائم الرقمية وتأمين بيانات الوزارة والمواطنين.
وضمن مسار حقوق الإنسان، أطلقت الوزارة إدارة خاصة للسجون والإصلاحيات بهدف تحويل السجون إلى بيئة تأهيلية تحفظ كرامة الإنسان، في قطيعة تامة مع الممارسات السابقة.
وقد جرى أيضًا تغيير اسم "الأمن الجنائي" إلى "إدارة المباحث الجنائية"، في محاولة لتحسين الصورة الذهنية وترسيخ البعد المهني، على أن تشمل اختصاصاتها الجديدة الجرائم الإلكترونية.
كما تم تعزيز إدارة مكافحة المخدرات، مع التخطيط لتطوير مراكز علاج الإدمان بالتعاون مع وزارة الصحة، ضمن استراتيجية وطنية شاملة.
وفي الجانب المروري، طرحت الوزارة رؤية تعتمد على التكنولوجيا لتقليص الفساد ورفع كفاءة الأداء، فيما أُنشئت إدارة جديدة للشرطة السياحية، تتولى تأمين المواقع السياحية وحماية الزوار مع تدريب العناصر على اللغات ومهارات التواصل.
وتضم الهيكلية الجديدة كذلك إدارة حرس الحدود لمكافحة التهريب والإرهاب، بالتنسيق مع الدول المجاورة، إلى جانب إدارة لأمن الطرق لحماية الطرق والمنشآت الحيوية.
وتتضمن الهيكلية أيضًا إدارة خاصة بالمهام الخاصة للتدخل السريع في حالات الشغب والرهائن وتأمين الفعاليات الكبرى، إضافة إلى إدارة الحماية والأمن الدبلوماسي لتأمين المرافق الحيوية والبعثات الدولية.
كما أُطلقت إدارة لمكافحة الإرهاب، تُنسق مع جهاز الاستخبارات العامة، وتعمل على مواجهة التهديدات المحلية بما يضع سوريا ضمن بيئة أمن إقليمي أكثر تماسكًا.
ولتأهيل الكوادر، تأسست إدارة القوى البشرية، وأنشأت الوزارة أكاديمية للعلوم الأمنية والشرطية، ومراكز دراسات متخصصة.
وفي ختام المؤتمر، شدد المتحدث باسم الوزارة على أن الوزارة ترى نفسها جهة خدمية لا قمعية، تسعى لتأمين الأمان وسيادة القانون بالتشارك مع المجتمع، ضمن رؤية جديدة تنبذ ممارسات الماضي وتعزز ثقة المواطن بالدولة.
وكان أكد المتحدث أن الوزارة تدرك حجم الصعوبات التي يواجهها المواطنون نتيجة تأخر انطلاق إدارة المباحث الجنائية، مؤكدًا أن صبر السوريين محل تقدير عالٍ.
وعزا هذا التأخر إلى تخريب ممنهج تعرّضت له مقرات الإدارة عقب سقوط النظام السابق، في محاولة لإدخال البلاد في الفوضى.
وأضاف أن الجهود مستمرة لتوحيد المدخلات الجنائية من إذاعات البحث ومذكرات القضاء وخلاصات الأحكام ضمن قاعدة بيانات موحدة، مشيرًا إلى أن الوزارة تبذل جهودًا كبيرة لتجاوز العقبات، مع وعود بتحسين الخدمات الأمنية قريبًا بما يتماشى مع تطلعات المواطنين.
وبالتزامن مع سقوط النظام البائد، فتحت وزارة الداخلية باب الانتساب للشرطة في إطار خطة تطوير شاملة تهدف إلى تأهيل كوادر جديدة. وسيتوزع العناصر الجدد على مختلف المراكز الشرطية فورًا، ليشمل عملهم الشرطة المدنية وشرطة المرور ووحدات الأمن العام، على أن تُرسل دفعات جديدة كل أسبوعين بعد الخضوع لدورات تدريبية مكثفة وتأهيل ميداني لاحق.
وسجّلت الوزارة تحسنًا ملحوظًا في الأداء الأمني خلال الأشهر الماضية، لا سيما في ملاحقة الجرائم الجنائية، ومطاردة فلول النظام السابق وعصابات الإجرام وتجارة المخدرات، إلى جانب تخريج دفعات متتالية من العناصر الشرطية الجديدة.