قالت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، هند قبوات، إن الحكومة تعمل على طيّ صفحة اللجوء والمخيمات بشكل نهائي، مشددة على أهمية توفير حياة كريمة لكل لاجئ داخل بلده، بعيداً عن واقع الخيام والاعتماد على المساعدات.
جاء ذلك خلال حديثها لوكالة "الأناضول"، على هامش مشاركتها في المنتدى الدولي للعائلة، الذي أُقيم في مدينة إسطنبول التركية، بتنظيم من وزارة الأسرة والخدمات الاجتماعية في تركيا.
الأمم المتحدة: عودة أكثر من 1.5 مليون لاجئ ونازح سوري منذ سقوط نظام الأسد
ويُذكر أن الأمم المتحدة، أعلنت مؤخراً أن أكثر من 1.5 مليون لاجئ ونازح سوري عادوا إلى مناطقهم داخل البلاد منذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من كانون الأول/ديسمبر 2024، وذلك في مؤشر يُعزز الآمال ببدء مرحلة جديدة من الاستقرار وإعادة الإعمار.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي عقدته أيدم وسورنو، مديرة العمليات والمناصرة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة (OCHA)، عبر الاتصال المرئي، وقالت وسورنو إن "عدد العائدين إلى ديارهم في ارتفاع مستمر، رغم التحديات المتبقية"، مشيرة إلى أن المنظمة تتابع هذه التحركات ضمن إطار أوسع لتقييم الاحتياجات الإنسانية وتقديم الدعم الملائم.
وأكدت المسؤولة الأممية أن نحو 16.5 مليون شخص داخل سوريا لا يزالون بحاجة إلى مساعدات إنسانية وحماية أساسية، مشددة على أن الأمم المتحدة وشركاءها الإنسانيين يصلون إلى ما معدله 2.4 مليون شخص شهرياً، من خلال العمليات الميدانية المحلية وعبر الحدود.
وأعربت وسورنو عن أملها في أن يُسهم قرار رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن سوريا في تسهيل عملية الانتعاش الاقتصادي والتنمية المجتمعية، بما يضمن تعزيز القدرة المحلية على تلبية احتياجات السكان العائدين.
وبحسب البيانات الأممية، فإن أكثر من مليون نازح داخلي عادوا إلى مناطقهم الأصلية، إضافة إلى عودة أكثر من 500 ألف لاجئ من الدول المجاورة إلى الأراضي السورية، منذ أواخر عام 2024.
ويأتي ذلك في ظل تسارع الخطوات الحكومية والدولية لإعادة تأهيل البنية التحتية، وتوفير بيئة آمنة تضمن عودة طوعية وكريمة للمهجرين، فيما يُتوقع أن تسهم التحركات الدولية الأخيرة، لا سيما المتعلقة برفع العقوبات، في تحسين مناخ العودة وتعزيز الاستقرار المجتمعي.
هند قبوات: نرث تركة فساد ثقيلة ونبني مؤسسات شفافة بثقة السوريين
وسبق أن أكدت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل، هند قبوات، أن التفاعل الواسع من قبل السوريات والسوريين مع عمل الحكومة الجديدة يعكس وعياً شعبياً متقدماً، وحرصاً حقيقياً على وضع الشخص المناسب في المكان المناسب، بما يساهم في بناء مؤسسات قوية، شفافة، وفاعلة.
وقالت قبوات، في تصريح لها، إن "الاهتمام الشعبي بأداء الحكومة ليس فقط دليلاً على متابعة دقيقة، بل يعبر أيضاً عن **إحساس عميق بالمسؤولية الجماعية تجاه مستقبل الدولة، ورغبة واضحة في تجاوز إرث المرحلة السابقة".
ورثنا منظومة فساد… وبدأنا بتفكيكها
وأضافت الوزيرة: "منذ استلامي مهامي، واجهنا تركة ثقيلة من الفساد العميق والممنهج، الذي تجذّر على مدى سنوات طويلة في مؤسسات الوزارة، وبدأنا على الفور بالعمل لتفكيك هذا الواقع، ولبناء بيئة عمل جديدة تقوم على الثقة، تحترم القانون، وتلتزم بالإجراءات الشفافة والواضحة".
وأشادت قبوات بجهود حكومة تسيير الأعمال التي تولّت المسؤولية عقب سقوط النظام السابق، وقالت: "رغم الظروف الصعبة والاستثنائية، بذلت تلك الحكومة جهداً كبيراً للحفاظ على المؤسسات من الانهيار. لكننا اليوم، أمام مسؤولية إعادة تقييم عدد من القرارات التي صدرت في تلك المرحلة، ومراجعتها وفق قواعد العمل المؤسساتي السليم".
لجنة وطنية للتحقيق في مصير المغيبين… وتجميد مؤقت لبعض الأسماء
وفي سياق الإصلاحات الجارية، أعلنت الوزيرة تشكيل لجنة تحقيق وطنية خاصة بملف المعتقلين والمغيبين قسراً، تضم ممثلين عن وزارات العدل والداخلية والأوقاف، إضافة إلى ممثلين عن المجتمع المدني وذوي الضحايا، وترأسها وزارة الشؤون الاجتماعية.
وأوضحت أن اللجنة باشرت أعمالها فعلياً، وتعمل بجدية ومسؤولية لكشف مصير المفقودين، مشيرة إلى أن دور اللجنة لا يقتصر على التحقيق، بل يشمل مراجعة ملفات وأسماء أثارت الجدل، حيث تم تجميد عمل بعض الأشخاص مؤقتاً لحين صدور نتائج موثقة.
إدارة جديدة للهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان
وفي إطار التنظيم الإداري، كشفت قبوات عن تشكيل مجلس إدارة مؤقت لتسيير أعمال الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان، يضم كفاءات وخبرات معروفة، وذلك إلى حين صدور مرسوم رسمي من رئاسة الجمهورية لتشكيل المجلس الدائم وفق الأصول القانونية.
مسار شفاف ومستدام لبناء مؤسسات الثقة
وختمت الوزيرة تصريحاتها بالتأكيد على أن الهدف اليوم هو ترسيخ عمل مؤسساتي شفاف، حقيقي، ومستدام، يمكن تقييمه وقياس أثره، ويعتمد على قواعد واضحة لمعالجة الملفات الحساسة، وقالت قبوات: "نعلم أن الطريق طويل، لكنه طريق لا رجعة فيه، ونحن ماضون فيه بثقة، وبتعاون صادق مع كل السوريين والسوريات الذين يحملون هذا الوطن في قلوبهم".