رحلة الشهادة ... ثلاث قادة من عائلة "الديك" بكفروما خلدوا أسمائهم بقتال "الأسد وداعش"
رحلة الشهادة ... ثلاث قادة من عائلة "الديك" بكفروما خلدوا أسمائهم بقتال "الأسد وداعش"
● أخبار سورية ٣ مارس ٢٠٢٠

رحلة الشهادة ... ثلاث قادة من عائلة "الديك" بكفروما خلدوا أسمائهم بقتال "الأسد وداعش"

قدمت الثورة السورية خلال ثماني سنوات ونيف من مسيرتها، المئات من القادة العظماء، كان لهم أثراً بارزاً في قيادة الحراك الثوري، وتركوا خلفهم بعد استشهادهم على درب الثورة الطويل المضرج بدمائهم، اسماً كبيراً خلده التاريخ، وباتوا رموزاً لثورة شعب لا زال يقارع قوى الظلام، ويقدم المزيد من الشهداء والعطاء للوصول لحريته المنشودة.

بلدة "كفروما" الواقعة غربي معرة النعمان بريف إدلب الجنوبي، لم تبخل في العطاء وقدمت أكثر من 600 شهيد، وكانت أول البلدات الثائرة ضد الظلم والاستبداد، قدمت خيرة شبابها شهداء على درب الحرية، منهم قادة كبار يتردد سيطهم وأسمائهم على ألسنة المقاتلين السائرين على دربهم، ونخص هنا الحديث عن ثلاثة قادة من أبرز رموز الحراك الثوري الشعبي قدمتهم عائلة "آل الديك" التي لم تبخل بأبنائها وقدمت ثلاثة أخوة من قادة الحراك شهداء آخرهم قبل يومين.

فمنذ اندلاع الحراك الشعبي في 2011، بدأ درب التضحية والفداء بالنفس والمال، وكان لعائلة "الحاج حسين الديك" في بلدة كفروما نصيباً كبيراً من البذل والعطاء، مقدمة ثلاثة أخوة من القادة الكبار وثلاثة أحفاد شهداء ارتوت بدمائهم أرض سوريا في مختلف المناطق.

وكان لعائلة "الديك" مشاركة فاعلة في الحراك الشعبي منذ بداياته، تصدروا المظاهرات الشعبية السلمية رافعين شعار الحرية والسلام ولكن كيف لنظام غادر أن يقبل بسلام يُهدد عرشه، فكان نصيبهم الملاحقات الأمنية والاعتقال في افرع الأمن والمخابرات والعزل من وظائفهم.

ومع بدء الحراك المسلح للدفاع عن ثورة الشعب السوري، كان الشهيد "مأمون حسين الديك" 40 عام من أوائل من ترأس مجموعة كبيرة من الثوار لمقاومة النظام وجيشه في منطقة جبل الزاوية وريف إدلب الجنوبي، وقد أوجع النظام بأكثر من مكان وأشهرها معركة مدرسة مرعيان بتاريخ 17 رمضان 2011 حيث تم اغتنام سلاح وذخائر وقتل وأسر العشرات من جنود الأسد بالإضافة الى صد أرتال الأمن التي كانت تدخل الى البلدات لتعيث الفساد وأشهرها في كفرنبودة وعلى الاتستراد الدولي من خان شيخون لمعرة النعمان.

وفي 2/ 10/ 2011 وخلال تصديه لرتل من قوى الأمن والجيش خلال اقتحام بلدة كفرنبودة بريف حماة، وبعد أن نكل بهم أصيب القائد "مأمون الديك" بطلقة قناص واستشهد على إثرها، وبكته كل مدن وقرى وبلدات جبل الزاوية لشدة محبتهم به ومعرفتهم بمكانته القيادية وحرصه على نجاح الثورة.

وبعد استشهاده كان لا بد من شخص يمتلك نفس الصفات ليستلم الراية ويتابع المسيرة فكان ظهور الحاج الداعية "محمد أبو حسين الديك" الذي كُلف شعبيا وثوريا بشيء لم يكن يريده ولكن شاء الله له هذا الأمر.

وعندما بدأت تشكيل الكتائب كان من أوائل من شكل كتيبة مسلحة من الثوار باسم " كتيبة فجر الإسلام " ومع مرور الوقت أصبحت لواء ولشدة محبة الثوار له واتصافه بالحلم والورع ومخافة الله كان الإقبال كبيرا للانضمام في صفوف هذا اللواء والذي كان رأس الحربة في ألوية صقور الشام آنذاك .

من أشهر المعارك التي خاضها القائد "أبو حسين الديك" هي معارك قطع الأوتوستراد الدولي في بلدة حيش ( طريق الموت ) سنة 2013 حيث كان قائد هذه المعركة وتم محاصرة وادي الضيف ومعسكر الحامدية لأكثر من أربعة أشهر، بالإضافة الى تحرير مدينتي معرة النعمان وكفرنبل وتحرير خان طومان ومعارك خان السبل وسراقب وريف حلب وخان شيخون والعشرات من المعارك التي حصلت مع قوات النظام.

الحاج "أبو حسين" القائد العسكري لصقور الشام كان محبوبا وموقرا من قبل الثوار على الجبهات حيث يستحيل أن يسبقه أحد الى الخطوط الأولى في القتال، كثيرا ما كان الشباب يقول: " له أخجلتنا يا أبا حسين فكيف نراك في الأمام ونحن في الخلف ونحن نخاف عليك أن تصاب فيقول لهم كله بقدر الله ونحن خرجنا وأملنا بالله أن يختارنا من الشهداء".

كانت علاقته قوية مع الشيخ الشهيد "عبد القادر الصالح والشيخ الشهيد زهران والشيخ الشهيد أبو عبد الله الحموي تقبلهم الله"، وهو صاحب فكرة حفر الأنفاق تحت ثكنات العدو وبدأ بنفسه بحفر أول نفق معسكر وادي الضيف ولكنه أستشهد قبل أن يتم تفجيره، وعندما فجره الثوار قالوا: " لعيونك يا أبو حسين هذا نفقك دك حصونهم وجعل عاليها سافلها عليهم".

ومع ظهور داعش كان من أشد المحذرين منهم ومن فكرهم وحاولوا أن يتخلصوا منه لذلك وبتاريخ 2-2-2014 بعد حصار الثوار ببادية شاعر من قبل النظام من جهة وتنظيم داعش من جهة أخرى قام بتجهيز رتل لفك الحصار عنهم وانطلق به وظنه أن داعش تملك من الإسلام والمروءة مايستطيع به اقناعهم على فك الحصار سلمياً و تواصل معهم وقال لهم بالحرف: " ما أنا بادئكم بقتال إذا لم تبدؤونا أنتم"، ولكن كعادتهم فهم قوم غدر قاموا بنصب كمين لمقدمة الرتل حيث استشهد و7 من مرافقته.

استشهد القائد الثاني من عائلة الديك "أبو حسين" وبكا عليه الحجر والشجر قبل الإنسان ورثاه الشعراء والقادة والناشطين لما عرفوا من إقدامه وورعه وحلمه وشدة تعلقهم به كقائد ثائر يمتلك صفات القيادة ويتسم بمخافة الله وحب الثورة والتفاني في نجاحها.

ترك وراءه لواء استشهد قائده وبدأ بالتخلخل والضعف فكان رأي الصف الأول به أن يقوم الأخ الثالث "نضال الديك" أبو حسين بقيادته وإعادة ترميمه ورغم معارضته للأمر وكرهه للمنصب ولكن كان التكليف أكبر منه وبدأ المشوار من جديد فأعاد ترتيب صفوف اللواء ومع تطور المعارك والغنائم أصبح "لواء فجر الإسلام" رأس حربة في معظمها وعلى مسيرة أخويه كان دائماً في الصف الأول في جميع المعارك وأشهرها تحرير مدينة إدلب في 2015 وماتبعها من تحرير مدينتي أريحا وجسر الشغور.

"نضال الديك" أبو حسين كان رجلا بسيطا صافي القلب يحب الجميع ويحبه الجميع قاد اللواء على مدى 6 سنوات بكل تفاني واخلاص ورغم صعوبة ظروف الثورة في سنينها الأخيرة لم ييأس ولم يتراجع وكان دائما متفائل بالنصر ويكرة التشاؤم رغم التراجع وانحسار الثورة في إدلب فقط ويقول: "سوف ننطلق من هنا لنحرر بقية سوريا من رجس الروس ومرتزقتهم".

بتاريخ 2-3-2020 وأثناء تقدم جيش الأسد على تخوم جبل الزاوية كان من أوائل المتصدين له مع ثوار لوائه جنباً الى جنب وفي غارة من الطيران الحربي أصيب على إثرها في الرأس إصابة بالغة أدت إلى استشهاده ليلتحق بأخويه الحاج "محمد ومأمون" وبأبناء أخوته ليكون نصيب هذه العائلة 6 شهداء حتى تاريخه وما زالت مستمرة بدرب الثورة دون تقاعس أو يأس.

ولاتزال الثورة السورية بهمة أبنائها ودماء شهدائها تنتشر، مسجلة المزيد من العطاء، في وقت يسجل التاريخ بحروف من ذهب ونار في كل يوم أسماء قافلة جديدة من الشهداء منهم القادة الكبار من أبناء هذا الشعب المعطاء، ويخط بحروفه أسمائهم على سجلات المجد، سيأتي اليوم الذي ترفع فيها راية النصر ويرقد شهدائنا مطمئنين، مخلدة أسمائهم وقصص بطولاتهم وشجاعتهم على درب من سبقهم ومن سيتبعهم.

المصدر: شبكة شام الكاتب: فريق التحرير
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ