يشهد السوريون الراغبون في العودة إلى وطنهم استنزافاً مادياً غير مبرر من قبل شركات الطيران، التي تفرض أسعاراً باهظة للتذاكر مقارنة بالوجهات الأخرى. هذا الواقع يثير تساؤلات جدية حول غياب الضوابط وبدائل ...
حلم العودة إلى الوطن يُجهضه ارتفاع التكاليف.. من يستغل حنين السوريين؟
١٨ مايو ٢٠٢٥
● أخبار سورية

رياض الأسعد ينفي تعيينه نائبًا لوزير الدفاع ويصف الخبر بـ"الشائعة المفبركة"

١٨ مايو ٢٠٢٥
● أخبار سورية
حصرية: عروض من 9 دول لطباعة عملة سورية جديدة.. والمركزي يطمح لتفعيل “سويفت”
١٨ مايو ٢٠٢٥
● أخبار سورية

وزير الزراعة يبحث مع الصليب الأحمر توسيع مشاريع دعم الفلاحين في سوريا

١٨ مايو ٢٠٢٥
● أخبار سورية
● آخر الأخبار عرض المزيد >
last news image
● أخبار سورية  ١٨ مايو ٢٠٢٥
حلم العودة إلى الوطن يُجهضه ارتفاع التكاليف.. من يستغل حنين السوريين؟

يشهد السوريون الراغبون في العودة إلى وطنهم استنزافاً مادياً غير مبرر من قبل شركات الطيران، التي تفرض أسعاراً باهظة للتذاكر مقارنة بالوجهات الأخرى. هذا الواقع يثير تساؤلات جدية حول غياب الضوابط وبدائل النقل الجوي الوطني، ويضع شريحة واسعة من السوريين، خصوصاً في فترات الأعياد والمناسبات، أمام تحديات مالية كبيرة تعيق عودتهم إلى البلاد.

المقارنة بين أسعار الرحلات توضح حجم الفجوة. على سبيل المثال، الرحلة من إسطنبول إلى دمشق في 20 أيار تصل تكلفتها إلى 1100 دولار، في حين أن الرحلة من إسطنبول إلى نيويورك – الأطول زمنياً بمراحل – لا تتجاوز 580 دولاراً. أما من الدوحة إلى دمشق، فتصل التكلفة إلى 550 دولاراً مقابل 490 دولاراً فقط للرحلة من الدوحة إلى لندن، رغم أن الأخيرة تستغرق أكثر من ضعف الوقت. كذلك الرحلة من عمّان إلى حلب تُكلف 785 دولاراً، مقابل 268 دولاراً فقط لرحلة من عمّان إلى لندن.

شاهد من الواقع:
في مايو من هذا العام، حاول أحد السوريين المقيمين في إسطنبول حجز تذكرة سفر إلى دمشق لقضاء عطلة عيد الأضحى مع عائلته، ليفاجأ بأن تكلفة التذكرة على الخطوط التركية بلغت 1100 دولار أمريكي لرحلة لا تتجاوز ساعتين. وللمقارنة، وجد أن تذكرة السفر من اسطنبول إلى نيويورك، وهي رحلة تستغرق أكثر من 11 ساعة، لم تتجاوز 580 دولاراً في اليوم نفسه.
هذا المثال يبرز التناقض الكبير في التسعير، ويؤكد أن ارتفاع الأسعار لا علاقة له بتكاليف التشغيل أو المسافة، بل يعكس استغلالاً مباشراً للطلب المرتفع على السفر إلى سوريا، في ظل محدودية البدائل المتاحة.

ذوو الدخل المحدود: ضحايا غير مرئيين

هذا الواقع لا يؤثر فقط على من يسافر بشكل متكرر، بل يضرب بشكل مباشر أصحاب الدخل المحدود، الذين ينتظرون سنوات طويلة حتى تتاح لهم فرصة زيارة بلدهم. كثير منهم يعملون في وظائف متواضعة ويقتصدون لأشهر، وربما لسنوات، كي يجمعوا ما يكفي لتذكرة سفر، فما بالك إذا كانت التكلفة تتجاوز ألف دولار؟

يقول أحد المغتربين:

"لي أكثر من 10 سنوات لم أزر سوريا. لدي عائلة وأقارب وأصدقاء هناك، ومن الطبيعي أن أزورهم ومعي بعض الهدايا، ولو بسيطة. هناك أيضاً مصاريف الإقامة والتنقل داخل البلد. فكيف يمكنني تحمل كل ذلك، وفوقه تذكرة سفر بهذا السعر؟ هذا يمنعنا حرفياً من رؤية أهلنا."

هذه الفجوة بين الواقع الاقتصادي للمغتربين وبين الأسعار المفروضة تجعل السفر إلى الوطن حلماً مؤجلاً بالنسبة لكثيرين، في وقت هم في أمسّ الحاجة إلى التلاقي العائلي بعد سنوات من الغربة والانقطاع.

وفق تقديرات تقريبية، فإن شركات الطيران تجني شهريًا أكثر من 20 مليون دولار من جيوب السوريين، في ظل غياب أي رقابة أو تدخل فعّال.

وطالب سوريون بوضع حلول لهذه المشكلة، واقترحوا فرض رقابة حكومية على أسعار التذاكر من وإلى سوريا، وتفعيل الناقل الوطني "السورية للطيران" وتحديث أسطوله عبر استئجار طائرات حديثة في مرحلة أولى، وفتح المجال لرأس المال الخاص للمشاركة في تطوير النقل الجوي الوطني. وإرغام شركات الطيران الأجنبية على وضع سقف سعري للتذاكر، خاصة في فترات الذروة.

مع اقتراب عيد الأضحى وموسم الصيف، حيث يزداد تدفق السوريين إلى بلادهم، تبرز الحاجة الملحة لتدخل حكومي واضح يضع حداً لهذا الاستغلال، ويعزز من سيادة الدولة على واحد من أكثر القطاعات ارتباطاً بحياة المواطنين في الخارج.

last news image
● أخبار سورية  ١٨ مايو ٢٠٢٥
رياض الأسعد ينفي تعيينه نائبًا لوزير الدفاع ويصف الخبر بـ"الشائعة المفبركة"

نفى العقيد رياض الأسعد، مؤسس الجيش السوري الحر، في مقطع فيديو نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي، صحة الأنباء التي تم تداولها مؤخرًا حول تعيينه نائبًا لوزير الدفاع في الحكومة السورية الجديدة. وأكد الأسعد أن هذه الأخبار عارية تمامًا عن الصحة، معربًا عن استغرابه من انتشار مثل هذه الشائعات في هذا التوقيت، ومشيرًا إلى أنه تلقى العديد من الاتصالات والاستفسارات حول الموضوع.

كما أشار مصدر حكومي مطلع إلى أن وزارة الدفاع السورية لم تصدر أي قرار بتعيين العقيد رياض الأسعد في منصب نائب وزير الدفاع، داعيًا إلى عدم الانجرار وراء الشائعات والاعتماد على المصادر الرسمية في الحصول على المعلومات.

يُذكر أن العقيد رياض الأسعد كان من أوائل الضباط المنشقين عن قوات النظام السوري، حيث أعلن انشقاقه في يوليو 2011، وأسّس الجيش السوري الحر الذي لعب دورًا بارزًا في بداية الثورة السورية. تعرض الأسعد لمحاولة اغتيال في مارس 2013 أدت إلى بتر ساقه اليمنى. 

بعد سقوط النظام، صرح الأسعد بأنه تعرض للتهميش من قبل الإدارة السورية الجديدة، مشيرًا إلى أنه لم يتلقَ اهتمامًا من المسؤولين، ولم يتمكن من لقاء قائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع. لاحقًا، اجتمع وزير الدفاع مرهف أبو قصرة بالأسعد في دمشق، لبحث دور الضباط المنشقين في دعم المرحلة الانتقالية، إلا أن الاجتماع اعتُبر من قبل البعض بمثابة مجاملة.

تجدر الإشارة إلى أن العقيد رياض الأسعد لا يشغل حاليًا أي منصب رسمي في الحكومة السورية، وأن الأخبار المتداولة حول تعيينه في منصب نائب وزير الدفاع لا أساس لها من الصحة

last news image
● أخبار سورية  ١٨ مايو ٢٠٢٥
حصرية: عروض من 9 دول لطباعة عملة سورية جديدة.. والمركزي يطمح لتفعيل “سويفت”

في خطوة غير مسبوقة منذ عقود، كشف حاكم مصرف سوريا المركزي عبد القادر حصرية أن بلاده تلقت عروضاً من شركات متخصصة في طباعة العملة من تسع دول عربية وأجنبية، تشمل الإمارات وألمانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والنمسا، وذلك في إطار خطة لاستصدار عملة سورية جديدة بتصميم حديث، بعد سنوات من انهيار الليرة وتفشي التضخم.

وأوضح حصرية في تصريح لصحيفة إندبندنت عربية أن العروض تخضع حالياً للدراسة الفنية والمالية، مؤكداً أن المشروع لا يزال في طور الإعداد، ويتطلب تهيئة ظروف اقتصادية وتشريعية ملائمة قبل البدء بتنفيذه. وأضاف: “نطمح إلى جعل الليرة السورية قابلة للتحويل، ونعمل على إعادة تفعيل نظام سويفت المالي العالمي، بعد سنوات من العزلة التي فرضتها العقوبات”.

ويأتي هذا التوجه في ظل مؤشرات على انفتاح اقتصادي وسياسي غير مسبوق، بعد إعلان الولايات المتحدة مؤخراً رفع العقوبات المفروضة على دمشق، ما أعاد فتح الباب أمام الاستثمارات الخارجية والتعاملات المصرفية الدولية.

ووفق مصادر مصرفية تحدثت لـإندبندنت عربية، فإن سوريا باتت وجهة جاذبة لطباعة العملة، نظراً لحجم الصفقة المرتقب والعوائد المرتفعة، في وقت تسعى فيه الحكومة لإعادة هيكلة القطاع المالي وبناء الثقة بالعملة الوطنية بعد أن فقدت الليرة أكثر من 95% من قيمتها خلال السنوات الماضية.

تصميم جديد ومساعٍ لإعادة الثقة

وأكد حصرية أن العملة الجديدة ستأتي بتصميم محدث، وستكون جزءاً من خطة متكاملة لتثبيت استقرار السوق المحلية وتعزيز القدرة الشرائية، مضيفاً أن هناك جهوداً لتنظيم العلاقة بين المصرف ووزارة المالية على أساس الاستقلالية، بما يعزز من قدرة المركزي على إدارة السيولة وضبط الكتلة النقدية.

الخبير الاقتصادي دريد درغام أشار بدوره إلى أن إصدار عملة جديدة هو خطوة “ضرورية بل وأولوية”، لكنه حذّر من أن نجاحها مرهون بخطة اقتصادية شاملة وموارد حقيقية. ودعا إلى دراسة دقيقة للفئات الجديدة، وتحديد آلية واضحة لسحب العملة القديمة دون التسبب بارتباك في السوق.

بدائل رقمية ومخاوف من التوقيت

من جانب آخر، رأى عضو غرفة تجارة دمشق محمد حلاق أن التركيز يجب أن يكون على التحول إلى الدفع الإلكتروني بدل طباعة أوراق نقدية جديدة، مشيراً إلى أن هذا الخيار أكثر حداثة وفاعلية لكنه يتطلب بيئة تشريعية وتقنية متطورة، لا تزال غير جاهزة بالكامل في سوريا.

وشدد محللون اقتصاديون على أن تبديل العملة لن يكون حلاً سحرياً، بل هو جزء من إصلاحات أوسع تشمل مكافحة الفساد، وإعادة هيكلة القطاع المصرفي، وضمان الشفافية، مؤكدين أن غياب الأسس الاقتصادية قد يؤدي إلى نتائج كارثية، على غرار ما شهدته دول مثل فنزويلا وزيمبابوي.

من عملة مشوهة إلى اقتصاد تنافسي؟

يرى الخبير الاقتصادي إبراهيم قوشجي أن تغيير العملة في سوريا يجب ألا يُفهم على أنه مجرد تغيير رمزي أو شكلي، بل هو مشروع لإعادة تشكيل السياسة النقدية بأكملها، وضبط السيولة بما يتناسب مع الناتج المحلي، وإغلاق الباب أمام الأموال المشبوهة التي كانت تتداول في السوق السوداء، في ظل سنوات من التهريب والاقتصاد غير الرسمي.

وتأتي هذه الخطوة في وقت تواجه فيه سوريا واحدة من أعقد الأزمات الاقتصادية في تاريخها، حيث يرزح أكثر من 90% من السكان تحت خط الفقر، فيما بلغ الناتج المحلي نحو 30 مليار دولار فقط مقارنة بـ62 ملياراً عام 2010، وفقاً لتقديرات أممية. وقد قُدّرت خسائر الاقتصاد السوري بأكثر من 800 مليار دولار، فيما لا تزال البلاد تسعى لاستعادة ثقة المواطنين والمستثمرين على السواء.

وتبقى طباعة العملة الجديدة، بحسب مراقبين، اختباراً دقيقاً لقدرة دمشق على ترجمة التحولات السياسية الإقليمية إلى أدوات إصلاحية حقيقية، تعيد رسم ملامح الاقتصاد السوري من جديد.

last news image
● أخبار سورية  ١٨ مايو ٢٠٢٥
وزير الزراعة يبحث مع الصليب الأحمر توسيع مشاريع دعم الفلاحين في سوريا

بحث وزير الزراعة السوري الدكتور أمجد بدر، اليوم، مع رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا، ستيفان ساكاليان، سبل تعزيز التعاون بين الجانبين، ووضع برنامج عمل مشترك يستهدف دعم الفلاحين والمزارعين في البلاد.

وخلال اللقاء، شدد الوزير بدر على أهمية توسيع وتفعيل التعاون مع الصليب الأحمر، داعياً إلى تجاوز العقبات التي واجهت عمل المنظمة في السابق، وتسهيل تنفيذ المشاريع الجديدة المزمع دعمها في سوريا. وأكد أن الوزارة تضع في أولوياتها مصلحة الفلاح السوري، وتسعى لتقديم كل الخدمات والتسهيلات اللازمة لرفع إنتاجيته وتحسين ظروفه المعيشية.

كما أشار الوزير إلى ضرورة وضع خطة عمل دقيقة ومشتركة لتحديد معايير اختيار المستفيدين، داعياً إلى أن تشمل المعونات والمساعدات أكبر عدد ممكن من المحتاجين، ضمن إطار يضمن الكفاءة والاستدامة.

من جهته، أعرب ستيفان ساكاليان عن رغبة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في توسيع مشاريعها داخل سوريا، وخاصة في المجالات التقنية، ومشاريع المياه، وتقديم اللقاحات للثروة الحيوانية، إلى جانب تدريب الكوادر الفنية في وزارة الزراعة.

واستعرض ساكاليان أبرز المشاريع التي تم تنفيذها بالتعاون مع الوزارة خلال السنوات الماضية، متطرقاً إلى الصعوبات التي واجهت بعض الأنشطة، ومقترحات التغلب عليها. كما أكد على أهمية الانتقال من مرحلة الإغاثة إلى مشاريع دعم سبل العيش الأكثر استدامة، في إطار مذكرة تفاهم تُحدَّد فيها أولويات التعاون في المرحلة المقبلة.

العائدون من النزوح إلى أرض بلا ظلال: الأشجار ضحية جديدة لانتقام الأسد

لم يكن وقع العودة إلى الديار سهلاً على كثير من أبناء ريفي حماة وإدلب، فمع لحظة التحرير التي طال انتظارها، كان الأمل معقوداً على استعادة الأرض والبناء والكرامة، لكن مشهداً قاسياً آخر كان بانتظارهم: أشجارهم المثمرة، التي طالما شكّلت مصدر رزقهم وامتداداً لذكرياتهم، قُطعت واجتثت على يد جنود الأسد، خلال سنوات الاحتلال الطويلة.

ففي القرى التي عاد إليها الأهالي بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، اصطدم العائدون بجريمة بيئية واقتصادية واجتماعية دفعت كثيرين منهم إلى وصف ما جرى بأنه "اجتثاث للهوية"، لا مجرد تخريب.

 مصدر رزق مدمَّر

بحسب شهادات ميدانية، فإن سكان مناطق متفرقة في ريف إدلب الجنوبي وريف حماة، ممن عادوا إلى قراهم، فوجئوا بغياب الأشجار التي كانوا يعتنون بها لعقود، وخاصة الزيتون والتين والفستق الحلبي. هذه الأشجار، التي كانت تمثل عماد الاقتصاد العائلي لآلاف الأسر، لم تعد موجودة، بعد أن قضت عليها سكاكين الانتقام وثقافة الإبادة.

يقول أحد العائدين: "كنا نخطط لجني محصولنا، كي نتمكن من إعادة بناء منازلنا، لكنهم لم يتركوا لنا حتى الظلّ". ويضيف آخر: "لم تكن مجرد أشجار، بل مواسم عمر، كنا نحيا من خيراتها".

الواقع الجديد فتح جرحاً عميقاً في الذاكرة الجمعية للأهالي، لا سيما أن عمليات القطع جرت بصورة ممنهجة، وسط صمت مطبق من النظام، بل وتواطؤ صريح. فقد استغل عناصر الأسد وجودهم في هذه المناطق لارتكاب أبشع الجرائم البيئية، إذ حوّلوا الحقول إلى مصدر حطب ومواد للبيع، ووسيلة انتقام من أهالي القرى الذين عرفوا بمواقفهم الثورية ضد النظام.

وبالرغم من أن رأس النظام أصدر سابقاً مرسوماً يفرض غرامات مالية على قاطعي الأشجار، تتراوح بين 150 إلى 200 ألف ليرة للدونم الواحد، إلا أن القرار لم يكن سوى حبر على ورق. لا أحد طُبّق عليه القانون، لأن من نفّذ الجريمة هم أنفسهم المحميون أمنياً والمغذَّون بسياسة العقاب الجماعي.

صدمة وحرمان

في أحد الفيديوهات المتداولة على منصات التواصل الاجتماعي، يروي أحد العائدين بأسى: "أهل قريتي كانوا يعيشون من محصول الزيتون والتين، واليوم عادوا فلم يجدوا شجرة واحدة واقفة... الأرض تحولت إلى صحراء". شهادته تكررت على ألسنة كثيرين، الذين عبّروا عن ألمهم في تعليقات موجعة: "هدموا البيوت وسرقوا الأسقف، لكن قطع الشجر هو الكارثة الأكبر"، وآخر وصف المشهد قائلاً: "حتى مضخات المياه سرقوها، لم يتركوا حجراً على حجر، نحن عدنا من تحت الصفر".

في مشهد موازٍ، رأى بعض السكان أن قلع الأشجار لا يختلف عن قلع الأرواح، فهو عملية إبادة لا تختلف عن القتل أو القصف، بل هو امتداد لسياسة الأرض المحروقة التي انتهجها الأسد ضد معارضيه.

انتظار الموسم الذي لن يعود

اليوم، يفكر العائدون في زراعة الأشجار من جديد، لكنهم يعلمون جيداً أن الزيتونة لا تثمر إلا بعد سنوات، وأنهم فقدوا مواسم متراكمة من الرزق والعيش. وكما يقول أحد الفلاحين: "بعض الأشجار التي قطعوها زرعها أبي بيده، واليوم أنظر مكانها فلا أرى إلا جذعاً محروقاً، وكأنهم يريدون محو أثرنا من الأرض".

تؤكد هذه المشاهد أن معركة السوريين لم تنتهِ مع تحرير الأرض فقط، بل بدأت فصولها الحقيقية مع إعادة الإعمار والعدالة، ومواجهة الآثار العميقة التي تركها نظام استخدم كل أدوات الإبادة، حتى الشجر لم يسلم من نيرانه.

last news image
● أخبار سورية  ١٨ مايو ٢٠٢٥
حين يضيع القبر… كيف قتل الأسد معارضيه مرتين؟

لم يقتصر انتقام نظام الأسد من معارضيه على القتل والتعذيب داخل السجون، بل امتد ليشمل بعداً أفظع من ذلك: الانتقام بعد الموت، حيث حرمان الضحايا من حقهم الطبيعي في الوداع والدفن الكريم، وتحويل فقدانهم إلى مأساة مستمرة لعائلاتهم.

صدرت وثيقة داخلية عن الفرع 248 التابع لشعبة المخابرات العسكرية عام 2022، تضمنت توجيهات صارمة تهدف إلى إخفاء كل المعلومات المتعلقة بمصير المعتقلين وأماكن وجودهم، سواء كانوا أحياءً أو متوفين.

وشملت هذه التوجيهات تفاصيل دقيقة تنص على منع تقديم أي معلومات أو بيانات عن المعتقلين، حتى للجهات القضائية الرسمية، والامتناع التام عن الإفصاح عن حالات الوفاة داخل المعتقلات أو أماكن الدفن، بالإضافة إلى حجب المعلومات المتعلقة بالحالة الصحية وظروف الاحتجاز، وقطع أي وسيلة اتصال بين المعتقلين وأسرهم. بهذا الشكل، فرض النظام جداراً من الصمت والسرية التامة، ليُعمّق معاناة الأسر التي تعيش في ظلام تام حول مصير أحبّائها، ما يعكس سياسة انتقامية وحشية تستهدف كسر روح المعارضين وأسرهم حتى بعد فقدانهم حياتهم.

المقابر الجماعية وغياب القبور والشواهد

الكثير من الذين قضوا تحت التعذيب داخل المعتقلات لم تُسلّم جثثهم لأهاليهم، بل دُفنوا في مقابر جماعية مجهولة المواقع، بلا قبور مخصصة، وبلا شواهد تُخلّد أسمائهم. هذا الأسلوب في الدفن ليس مجرد إخفاء جسد، بل هو إرهاب معنوي مقصود يُريد أن يجعل من موت المعارض مجرد رقم أو اسم مجهول لا أثر له.

هذه المقابر الجماعية تحولت إلى كابوس لعائلات الضحايا، الذين يعيشون بين أمل المساعدة والانتظار الطويل، مع غياب أي معلومات موثوقة. الحزن يتضاعف مع غياب الوداع، ومع عدم قدرة الأهل على إقامة جنازة تليق بذكرى أحبّائهم.

ألم نفسي مستمر واحتجاز للروح

الانتقام من المعارض لا ينتهي بموت جسده، بل يبقى معلقاً في روح أسرته التي تعيش بين انتظار لا ينتهي وألم لا يزول. فقدان الجثمان أو عدم معرفة مكانه يجعل الحزن في حالة تجمّد دائم، ويجعل من موت المعارض جرحاً مفتوحاً لا يشفيه إلا الحقيقة والعدالة. بهذا، يؤكد نظام الأسد أنه لا يكتفي بإزهاق أرواح المعارضين، بل يستمر في قهرهم وأسرهم بعد الموت، في محاولة بائسة لاستمرار السيطرة والانتقام.

مرسوم رئاسي بتشكيل الهيئة الوطنية للمفقودين في سوريا

ويُذكر أن رئاسة الجمهورية العربية السورية أصدرت في 17 أيار 2025، مرسوماً رئاسياً يقضي بتشكيل “الهيئة الوطنية للمفقودين” كهيئة مستقلة، وذلك بناءً على الصلاحيات الممنوحة لرئيس الجمهورية وفقاً لأحكام الإعلان الدستوري. ويأتي هذا القرار في إطار حرص الدولة على كشف مصير الآلاف من المفقودين في سوريا، وإنصاف عائلاتهم، ويهدف إلى تقديم الدعم القانوني والإنساني لهم، فضلاً عن توثيق حالات المفقودين والمختفين قسرياً، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية لهذه الحالات.

تم تعيين السيد محمد رضى جلخي رئيساً للهيئة، وكُلف بتشكيل فريق العمل المعني بوضع النظام الداخلي للهيئة في مدة أقصاها 30 يوماً من تاريخ الإعلان، وتتمتع الهيئة بالشخصية الاعتبارية والاستقلال المالي والإداري، وستباشر مهامها في جميع أنحاء الأراضي السورية.

وكان قد تطرّق وزير الخارجية “أسعد الشيباني” في كلمة في القمة العربية الـ34 التي عُقدت في العاصمة العراقية بغداد، إلى أن “سوريا بدأت خطوات جادة نحو التعافي الوطني، حيث خاضت لأول مرة تجربة وطنية جامعة تضم جميع الأطياف السورية، وتضمن التمثيل وتعزز الكرامة الوطنية”. وأكد أن الحكومة السورية تعمل على “تحقيق العدالة الانتقالية وكشف مصير المفقودين، لأننا نؤمن أن لا مصالحة دون إنصاف”.

دعوات دولية لمحاسبة المسؤولين

وفي وقت سابق، دعت منظمة العفو الدولية “أمنستي”، الحكومة السورية الجديدة، إلى اتخاذ خطوات فورية وملموسة لمعالجة إرث الانتهاكات في البلاد، مشيرة إلى أهمية تحقيق العدالة ومعرفة الحقيقة وتعويض الضحايا. وطالبت المنظمة بتطبيق إصلاحات مستعجلة تستند إلى مبادئ حقوق الإنسان لمنع وقوع المزيد من الانتهاكات.

في تقريرها الذي صدر مساء الجمعة، أكدت المنظمة أنها وثّقت، بين عامي 2011 و2024، ارتكاب النظام السوري العديد من الجرائم التي تشمل انتهاكات قانونية واسعة، مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، فضلاً عن انتهاكات حقوق الإنسان على يد نظام بشار الأسد. كما وثّقت المنظمة جرائم فظيعة ارتكبتها القوى الحليفة للنظام، مثل روسيا، بالإضافة إلى الجماعات المسلحة المعارضة للنظام المدعومة من تركيا، وكذلك سلطات الأمر الواقع بقيادة الأكراد.

ورأت المنظمة الحقوقية أن أمام الحكومة الانتقالية الجديدة، التي يقودها الرئيس أحمد الشرع، فرصة حاسمة لتحسين الوضع في سوريا وطي صفحة الماضي عبر ضمان عدم تكرار الفظائع. وحددت المنظمة في تقريرها مجموعة من الخطوات الضرورية التي يجب على السلطات السورية اتخاذها لتحقيق ذلك، لضمان الامتثال لالتزامات سوريا بموجب القانون الدولي.

الشراكات الحقوقية وتوثيق المفقودين

وكانت قد أعلنت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”، عن توقيع مذكرة تفاهم مع المؤسسة المستقلة المعنية بالمفقودين في الجمهورية العربية السورية، المُنشأة بموجب قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، لافتة إلى أنها تمثل خطوة إضافية في مسار السعي الدؤوب نحو الحقيقة والمساءلة، بهدف كشف مصير وأماكن وجود عشرات الآلاف من المفقودين في مختلف أنحاء سوريا.

وقالت الشبكة إنه من خلال هذه الشراكة، ستُسهم بخبرتها المتراكمة على مدى أربعة عشر عاماً في توثيق الانتهاكات، وقواعد بياناتها الواسعة، ومعرفتها المعمّقة بالسياق السوري، لتعزيز فعالية آليات التحقيق الدولية في الوصول إلى معلومات دقيقة عن المفقودين، والمساعدة في تحديد هوية الضحايا في المقابر الجماعية.

وعبرت الشبكة عن أملها أن يُسهم هذا التعاون في تحديد مواقع تلك المقابر، وحمايتها، والتعرف على هوية الرفات البشرية فيها، وضمان معاملتها بكرامة واحترام، وتسليمها لعائلاتها لدفنها بشكل لائق متى أمكن ذلك.

وأكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، بأنها تؤمن بأنَّ هذه الشراكة ستُعزز جهود المناصرة التي تركز على الضحايا، وستدعم مسارات العدالة الانتقالية، ومبادرات كشف الحقيقة، واستعادة كرامة عدد لا يُحصى من العائلات التي ما زالت تعيش ألم الفقد وعدم اليقين.

وجددت الشبكة التزامها بالتعاون الوثيق مع المؤسسات المحلية والدولية المكرّسة للحقيقة والعدالة والمساءلة، مؤكدة دعمها الثابت لحقوق الضحايا والناجين في نضالهم الشجاع من أجل سوريا قائمة على العدالة، وحقوق الإنسان، وسيادة القانون.