رابطة ضحايا الشعيطات: مقتل الحرداني لا يُنهي ملف المجزرة ويجب تحقيق العدالة الدولية
حمّلت "رابطة عائلات ضحايا الشعيطات" القيادي في تنظيم "داعش" ضياء الحرداني، المعروف بلقبه الحركي "أبو فاطمة الحرداني"، المسؤولية الكاملة عن المجازر التي ارتكبها التنظيم في قرى الشعيطات بريف دير الزور الشرقي صيف عام 2014، والتي أودت بحياة أكثر من 800 مدني، وفق تقديرات حقوقية وتقارير ميدانية.
وجاء بيان الرابطة عقب إعلان مقتل الحرداني مع اثنين من أبنائه خلال عملية نوعية نفذتها قوات القيادة المركزية الأميركية في مدينة الباب شمالي محافظة حلب فجر الجمعة، حيث أكدت القيادة الأميركية أن المستهدفين يشكلون تهديدًا مباشرًا للقوات الأميركية وقوات التحالف والحكومة السورية الجديدة، مشيرة إلى وجود نساء وأطفال في الموقع دون أن يصاب أحد منهم.
دور الحرداني في مجزرة الشعيطات
وأكد بيان الرابطة أن الحرداني، وهو عراقي الجنسية، لعب دورًا محوريًا في تنفيذ الانتهاكات الوحشية بحق سكان بلدات غرانيج، الكشكية، وأبو حمام، بصفته أمير القطاع الغربي في "ولاية الفرات" لدى تنظيم "داعش"، كما تولى سابقًا منصب مسؤول الأمن العام للتنظيم في المنطقة، ونشط في مناطق البوكمال وهجين.
ووفق شهادات ناجين ووثائق جمعتها الرابطة، فإن الحرداني ارتكب جرائم ممنهجة، شملت "إصدار أوامر بإعدام المدنيين من دون أي إجراءات قانونية، الإشراف المباشر على حملات اعتقال طالت المئات من أبناء عشيرة الشعيطات، قيادة عمليات نهب ومصادرة ممتلكات المدنيين، وإدارة جهاز الأمن الداخلي للتنظيم بهدف بث الرعب في صفوف الأهالي، وتتبُّع الناجين ومصادرة ممتلكاتهم وتهديدهم بالقتل"
المطالبة بالعدالة وملاحقة بقية المتورطين
رغم الترحيب بمقتله، شددت رابطة عائلات الضحايا على أن "العدالة الحقيقية لا تتحقق بالاغتيال أو التصفية"، داعية إلى الاستمرار في جمع الأدلة والشهادات، وإنشاء آليات قضائية مستقلة تضمن محاسبة جميع المسؤولين عن المجازر والانتهاكات المرتكبة، بمن فيهم من ما زالوا متوارين عن الأنظار أو ينشطون تحت مسميات أخرى.
وأضافت الرابطة أن الحرداني، قبل انضمامه إلى "داعش"، كان فاعلًا في شبكات التهريب على الحدود السورية العراقية، ما منحه نفوذًا واسعًا استخدمه لاحقًا لتعزيز موقعه داخل التنظيم الإرهابي.
تفاصيل مجزرة الشعيطات: ثلاثة أسابيع من الرعب
وقعت مجازر الشعيطات خلال تموز وآب من عام 2014، عندما بدأ تنظيم "داعش" تصعيده الدموي بقتل ثلاثة أفراد من عشيرة الشعيطات في قرية "أبو حمام"، فردّ أبناء العشيرة بقتل أحد أمراء التنظيم. إثر ذلك، شنّ التنظيم هجومًا واسعًا على بلدات الشعيطات من محاور متعددة مستخدمًا المدفعية والأسلحة الثقيلة.
استمرت المواجهات حتى نفدت ذخيرة أبناء العشيرة، ما اضطرهم إلى الانسحاب، فيما اجتاح مقاتلو "داعش" القرى ونفذوا حملات إعدام جماعي وعمليات قتل عشوائي، راح ضحيتها العشرات داخل حقول النفط، إلى جانب مئات الضحايا الذين تمت ملاحقتهم في مناطق النزوح.
واستهدفت الحملة كل من تجاوز عمره 14 عامًا، وتم التحقق من هويات الضحايا عبر بطاقاتهم الشخصية. وتشير تقديرات مركز توثيق الانتهاكات وشهادات محلية إلى أن عدد الضحايا تجاوز الألف، فيما تشير مصادر من داخل العشيرة إلى أن الرقم الحقيقي قد يفوق 1700 شخص، مع نزوح حوالي 150 ألف مدني عن قراهم.
دعوات لإحياء الملف ومحاسبة الجناة
جددت "رابطة عائلات ضحايا الشعيطات" دعوتها إلى المجتمع الدولي، والمحاكم الدولية المتخصصة، للعمل على فتح ملف مجزرة الشعيطات بشكل رسمي، وملاحقة جميع مرتكبيها، لا سيما أن بعض المسؤولين عنها ما زالوا أحياء أو انتقلوا إلى صفوف تنظيمات أخرى.
وختمت الرابطة بيانها بالتشديد على أن مقتل ضياء الحرداني "خطوة أولى في طريق العدالة"، لكنها لا تعفي من مسؤولية توثيق الجرائم، وإنصاف الضحايا وذويهم، وضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات في المستقبل.