اجتماع واشنطن.. لا كان مؤتمرًا ولا صار “منصّة”!
اجتماع واشنطن.. لا كان مؤتمرًا ولا صار “منصّة”!
● مقالات رأي ٣ نوفمبر ٢٠١٧

اجتماع واشنطن.. لا كان مؤتمرًا ولا صار “منصّة”!

شكّلت فعاليات (المنتدى الأميركي لسياسة سورية)، في العاصمة الأميركية واشنطن، يومَي 26 و27 تشرين الأول/ أكتوبر، والتي دعت إليها منظمة “الأميركيين من أجل سورية حرة”، مع عدد من المنظمات الأخرى التي تضم نخبة من الناشطين السوريين – الأميركيين المعارضين للنظام، مبادرةً غير مسبوقة وعلى غاية الأهمية.

ما يجب التنويه إليه هنا أن هذه المبادرة هي الأولى من نوعها على الصعيد العالمي، التي تتوخّى تحويل الاهتمام الدولي في الصراع السوري إلى جذره السياسي، بعد أن استغرق في الجانب الإنساني أو الاجتماعي، لا سيّما على خلفية قضية اللاجئين، هذا أولًا. ثانيًا، لقد حصلت هذه الفعاليات في الولايات المتحدة الأميركية، أي في الدولة الأكثر قدرة على التحكّم بالصراع الدولي والإقليمي الجاري على سورية، لذا فثمة أهمية كبيرة لإقامة أنشطةٍ، يمكنها أن تلفت انتباه الرأي العام وصنّاع القرار فيها، إلى المسألة السورية، للتأثير في السياسة الخارجية المعتمدة في الصراع السوري، وبما يخدم توق السوريين للخلاص من الاستبداد والتدخلات الخارجية، والمضي في عملية التغيير الديمقراطي. ثالثًا، تكتسب هذه الفعاليات أهميتها من كونها تحاول أن تشتغل، على نحوٍ متوازٍ، على مسألتين: أولاهما، محاولة تشكيل جماعة ضغط (لوبي) يكون همّها التواصل المنتظم مع صناع القرار الأميركي (الإدارة، الكونغرس، رجال الإعلام، الشخصيات العامة المؤثرة). وثانيتها، محاولة تنظيم الجالية السورية في الولايات المتحدة، للاشتغال في خدمة القضية السورية، بوصفهم مواطنين أميركيين من أصول سورية.

وحقًا، إن فعاليات المنتدى لاقت نجاحًا لافتًا؛ حيث إنها استطاعت استقطاب عددٍ من النخبة الأميركية، من صناع القرار في الشأن السوري، وقد لفت الانتباه حضورُ نحو 25 عضو كونغرس حفلَ الاستقبال، في مقر الكونغرس، وإلقائهم كلمات أكدت وقوفهم إلى جانب الشعب السوري، وحقه في الحرية والمواطنة والديمقراطية. ومن دلالات نجاح المنتدى، المشاركة السورية الكبيرة في فعالياته، لا سيّما أنها التجربة الأولى، ما تمثل بحضور نحو 150 – 200 شخصية، من أطباء ومهندسين وأكاديميين وإعلاميين. وفضلًا عن هذا وذاك، ثمة المداخلات التي قدمت في فعاليات المنتدى، ولقيت نقاشًا مستفيضًا وحيويًا من الحاضرين.

على أي حال، فإن هذه المبادرة يفترض البناء عليها، وتطويرها، وتعميمها؛ لأن أكثر ما يفتقده السوريون في أحوالهم الصعبة، هو تشتّت قواهم وغياب المنابر التي تعبّر عنهم، كما أن هذا الأمر يعود بالسلب على الثورة التي بات غياب الشعب عن فعالياتها، من أهم عوامل ضعفها، بل إن هذا الأمر جعل فكرة الثورة ذاتها في موضع التساؤل. ومعلوم أن التغييب حصل نتاج عدة عوامل، يكمن أهمها، أولًا، في انتهاج النظام الحلَّ الأمني، بأقصى قدر من العنف، وبأقصى قدر من القتل والتدمير، والحصار والتشريد. وثانيًا، في حصر مواجهة النظام بالعمل المسلح، ما يعني إقصاء الشعب من معادلات الصراع، والاعتماد على مجموعات المقاتلين، وانتهاج العسكرة. وثالثًا، بسبب اضطرار ملايين السوريين إلى ترك بيوتهم ومناطقهم وبلدهم، والتشرد في أصقاع الدنيا.

يمكن القول إن النظام هو الذي يتحّمل المسؤولية الأساسية عن كل ما جرى، لتشويه الثورة أو لإضعاف بُعدها الشعبي، بيد أن ذلك لا يعفي كيانات المعارضة، السياسية أو المسلحة، من مسؤوليتها عن ذلك، أيضًا، نتيجة السياسات الطاردة، أو التسلّطية، التي انتهجتها في المناطق المحرّرة، ونتيجة عدم إيلائها الاهتمام المناسب لأهمية تنظيم مجتمعات السوريين في بلدان اللجوء.

من أجل كل ذلك، فإن مجموعة الشخصيات الأميركية – السورية التي اشتغلت، وسهرت من أجل عقد هذا المنتدى تستحق كل التحية والتقدير على الجهد الذي بذلته، أولًا، باعتبار ذلك خطوة لتنظيم أحوال الجالية السورية. وثانيًا، بالنظر إلى أهمية كل ذلك في تحريك الجالية السورية ضمن المجتمع الأميركي.

ما يجب التأكيد عليه هنا، وسط محاولات التشويش المقصود، أو غير المقصود، أنّ ما كان في واشنطن ليس مؤتمرًا للمعارضة، وإنْ كان ثمة قياديون من المعارضة بين المشاركين، مثل رياض سيف رئيس الائتلاف، ونصر الحريري رئيس الوفد التفاوضي، وجواد أبو حطب رئيس الحكومة المؤقتة، وميشيل كيلو الكاتب السياسي المعروف، والقيادي السابق في الائتلاف، وأيمن الأصفري رجل الأعمال السوري، وآخرون كثر.

في المحصلة؛ إن ما يجب لفت الانتباه إليه، أنه لم يكن ثمة مؤتمر في اجتماع واشنطن المذكور، كما لم يكن ثمة محاولة لإقامة منصّة تفاوض على ما تخيّل أو توهم وأشاع البعض.

المصدر: صحيفة جيرون الكاتب: ماجد كيالي
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ