اقطعوا رأس المرتد.. هكذا يحكمون بشرع الله.!!
اقطعوا رأس المرتد.. هكذا يحكمون بشرع الله.!!
● مقالات رأي ١٤ أبريل ٢٠١٧

اقطعوا رأس المرتد.. هكذا يحكمون بشرع الله.!!

أخاطبك يا ياسين ناصر.. يا رنتيسي.
هكذا لقبوك يا ياسين بعد انطلاق الثورة في مدينتك القصير.
أخاطبك، وأنت في السماوات العلى.
وقلبي يمتلئ حزناً وأسى، وأعصابي تتفجّر غضباً من الطريقة في إعدامك.
فكيف تنتقل إلى رحمته تعالى بهذا الاسلوب المعهود من قِبَل من يدّعون الإسلام ويرفعون راية لا إله إلا الله..!؟.
كيف، وأنت المسلم المؤمن، المتمسك بدينه وعقيدته وحبه لوطنه، والحريص على مجابهة سلطة الأسد وإيران وحزب الله.
وعلى أية شريعة اعتمدوا في حكمهم وأقاموا حد القتل بقطع رأسك يا ياسين.  
لا أدري والله كيف.!!.
..............................
يا ياسين..
لم أكن أعرفك إلا حينما ذهبنا معاً إلى الديار المقدسة لأداء العمرة في تموز عام 2006.!؟.
شاهدتك تركب الحافلة، وبرفقتك امرأتان، إحداهما عمتك، وهي تتجاوز قرن كامل، هكذا كانت ملامحها توحي بذلك، وهكذا علمتُ منك فيما بعد.
قلت في نفسي: أعانك الله أيها الشاب على هذه الرحلة، وربما عمتك هذه لن تعود إلى الوطن. وربما تكون الديار المقدسة هي الأرض التي ستموت وتدفن في تربتها تلك العجوز المعمّرة.
وسبحان الله، عندما كنا في طريق العودة من الديار المقدسة، لاحظت أن تلك العمة العجوز.. ابنة المئة عام قد دبّ في جسدها ونفسها النشاط والحيوية.  
بعد عودتنا إلى الوطن، كنت أراك مصادفة يا ياسين، فأسألك عن تلك العمة: هل ما تزال على قيد الحياة.!؟. فتجيبني ضاحكاً: لا تزال، وقوية أكثر من السابق.
.............................
هل تذكر يا ياسين كيف كنا نتناقش، هناك في الديار المقدسة، حول ملحمة تموز بين حزب الله وإسرائيل.!؟.
كنا مختلفين تماماً في الرأي، فأنا كنت مأخوذاً، كالكثيرين، بانتصارات حزب الله وبملحمته البطولية الرائعة، وبصواريخه التي وصلت إلى حيفا وما بعد.. بعد حيفا.!!!.
أما أنت فكنت تقول: هذه مؤامرة ومسرحية، أبطالها إسرائيل وإيران وحزب الله والأسد، وغايتها استهداف العرب السنة، ولو بعد حين.
هذا هو باختصار محور المناقشات التي كانت تجري بيننا.
واختلافنا في الرأي حول تلك الحرب الضروس.!!!، لم يفسد الود الذي نشأ بيننا.
.................................
وانطلقت الثورة السورية في آذار من عام 2011.
فهل تذكر يا ياسين، وأنت في السماوات العلى، كيف وقفتَ أنت مع الواقفين أمام الجامع الكبير بعد خروجكم من صلاة الجمعة، وتخططون للقيام بمظاهرة احتجاجية ضد السلطة الأسدية، وتضامناً مع أطفال درعا وشبابها.!؟.
كان الجميع متهيباً وخائفاً من بطش المخابرات وأزلام السلطة. لكنك، بحسب ما سمعتُ، كنتَ يا ياسين أول من صرخ "الله أكبر"، وهتف الناس وراءك ضد الظلم والطغيان.
هكذا انطلقت المظاهرة الأولى في مدينتنا القصير، وهتافها لم يكن إلا: حرية.. حرية.. سلمية.. سلمية ".
فيما بعد تحولت الانتفاضة إلى ثورة مسلحة، وكنت أنت واحداً من بين الثوار الذين دافعوا عن القصير وأهلها وأرضها الغالية ضد جرائم سلطة الأسد وميليشيا حزب الله.
ومرت الأيام والشهور، حتى ضاق الخناق على المدينة وأهلها وثوارها، وأصبح الوضع لا يحُسد عليه، ولم يكن أمام الجميع سوى خيارين، إما الموت أو الخروج والشتات.. كان ذلك في عام 2013.
قبل خروجنا ذلك الخروج المؤلم بأسبوع، تصادفنا معاً، والغبار يغطي المنطقة من كثرة القذائف التي تنهال وتنفجر هنا وهناك.  
كنت أسير قريباً من المخفر القديم، وأنا أحمل سلاحي.. أعني حاسوبي، وأتجه إلى المستشفى الميداني، بهدف استخدام شبكة التواصل الاجتماعي للاطلاع على أخبار الدنيا، فقد كانت متوفرة هناك. أما أنت فكنت مقبلاً بدراجتك الآلية من صوب الجامع الكبير، ومتجهاً إلى إحدى الجبهات لمتابعة واجبك المقدس تجاه مدينتك وأهلك.
ناديت عليك، وطلبت منك التوقف. وبعد السلام، قلت لك مباشرة: هل تذكر المناقشات التي جرت بيننا أثناء أداء العمرة حول حرب تموز المجيدة والنصر الإلهي.!!!.
تبسمت يا ياسين، وحرّكت برأسك، وكأنك تقول: أذكر ذلك جيداً، فقلت لك بقناعة صريحة وحازمة: كان رأيك هو السليم الصائب يا ياسين، ورأيي هو الخاطئ المغلوط.. فعلاً لم تكن حرب تموز إلا مسرحية، أبطالها إسرائيل وإيران وحزب الله والأسد. مع السلامة، الله معك، والله يحميك يا ياسين.
وذهب كلٌّ منا في حال سبيله.
بعد خروجنا من القصير، كان قدرك أن تظل حاملاً البندقية وتجاهد في سبيل الله والوطن ضد السلطة الظالمة الفاسدة وأعوانها من ميليشيا حزب الله وإيران، وأيضاً ضد من يتناغمون معهم في السر والعلن، ممن يدّعون أنهم وحدهم يمثلون الإسلام الصحيح.
ولكن هذا النوع من الجهاد، لم يعجب لا السلطة وأعوانها، ولا غيرها، ممن يرفعون راية لا إله إلا الله، ويطالبون بإعلان الخلافة الإسلامية، ويدعون إلى تطبيق الشريعة الإسلامية.
بعد وقوعك بين أيدهم، طبقوا الشريعة عليك وفيك يا ياسين، فأنت كنت واحداً من الثوار، وتابعاُ لأحد فصائل الجيش الحر، وتجابه الطغاة والبغاة والمنحرفين عن النهج الإسلامي السليم، وهذا الموقف كان كافياً بقناعتهم القبيحة لكي تصبح واحداً من المرتدّين.
وحُكمُ شريعتهم على المرتدّ هو قطع الرأس، فربّهم الذي يختلف عن رب المسلمين جميعاً، لا يأمرهم إلا بذلك، ولسوف يغضب عليهم، ويدخلهم نار جهنم خالدين فيها، إن نفذوا حكم الرب بغير هذه الطريقة.!!.
..................................
كم آلمني أسلوب موتك يا ياسين.. يا رنتيسي، فالشريط المصور تقشعر له الأبدان، ولا يمكن لقلب أي إنسان أن يتحمل المزيد من المشاهدة.
والمؤلم المبكي أن "السياف" كان يفتخر بفعلته أعظم افتخار.
وكيف لا يحق له أن يفتخر، فقد قطع رأس أحد المرتدين.!!.
يرحمك الله يا ياسين، ويرحم الطيبين من أمثالك، ويرحم شهداء سورية أجمعين.

المصدر: شبكة شام الاخبارية الكاتب: عبد الرحمن عمار
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ