العازف الروسي والمايسترو الأميركي
العازف الروسي والمايسترو الأميركي
● مقالات رأي ١٥ نوفمبر ٢٠١٥

العازف الروسي والمايسترو الأميركي

التدخل العسكري الروسي المفاجئ في سورية، والذي كان غلافه البحث الجدّي عن حل سريع للأزمة السورية، ما هو إلا بهدف تعقيد الوضع السياسي وخلط الأوراق من جديد في سبيل إطالة الأزمة أكثر فأكثر، والسبب عدم قدرة روسيا على إيجاد بديل لنظام "الأسد" يحفظ مصالحها في سورية في حال هزيمة الأسد، ما جعلها تغوص أكثر في الرمال المتحركة السورية.
تظهر التصريحات الروسية حول بقاء الأسد لقيادة مرحلة انتقالية مدى المواربة في الموقف الروسي، والتي هي على علم مسبق بعدم موافقة الدول الداعمة للثورة السورية، أو حتى أطراف المعارضة السياسية والعسكرية على أي حل، أو طرح يكون للأسد وجود فيه. ربّما لن تكون نتائج المؤتمرات التي عُقدت، والمزمع عقدها في فيينا إلا كسابقاتها من المؤتمرات بسب انعدام الثقة بين الشعب السوري الذي عانى ما عاناه على يد نظام قتل وشرد هذا الشعب وبين القيادة الروسية التي تقدم الدعم لنظام بشار الأسد منذ اللحظة الأولى لانطلاق الثورة في سورية.
يبدو أن الموقف الأميركي متقارب من الموقف الروسي، فيما يخص إطالة الأزمة السورية مع اختلاف الأهداف. وعلى الرغم من كل التصريحات الأميركية والروسية حول إمكانية بقاء أو عدم بقاء الأسد في السلطة، فإن الولايات المتحدة هي المستفيد الأكبر من إطالة الحرب السورية، خصوصاً بعد التدخل الوحشي الروسي في الحرب السورية الذي أظهر عدم نية روسيا ببحث جدي عن حل، كما أوهمت الآخرين.
التطورات العسكرية لتي أحدثها تقدم قوات المعارضة بإلحاق الهزائم المتتالية بجيش النظام والميليشيات الطائفية المساندة له والتقدم بشكل سريع إلى الساحل السوري، استدعى القيادة الروسية بأخذ قرار سريع للمشاركة في الحرب الدائرة في سورية، وعلى الفور قامت بطلعات جوية مكثفة للحد من تقدم "الجيش الحر" ومحاولة تعديل ميزان القوى لصالح النظام. هذا بدا واضحاً باستعمال العنف المفرط ضد المدنيين واستعمال أسلحة محرمة دولياً كالقنابل العنقودية.
ستحاول أميركا توريط روسيا أكثر، وستحاول استنزاف طاقاتها قدر المستطاع في الحرب السورية، وستعمل على إظهار نفسها مدافعة عن قضايا المظلومين في العالم، بينما تغرق روسيا في دماء السوريين الأبرياء. وقد أعلن النظام، أخيراً، عن تمكنه من فك الحصار عن مطار كويرس العسكري المحاصر منذ ثلاث سنوات على يد تنظيم داعش الإرهابي، وما إن أعلن النظام عن فك حصار مطار كويرس واسترجاع مناطق كانت خارج سيطرته، حتى خرج علينا وزير الخارجية الروسي، سيرغي إيفانوف، متحدثاً عن مدّة العملية العسكرية في سورية، وقال: "إن مدة العملية العسكرية الروسية في سورية مرتبطة بتقدم جيش النظام"، ثم تلاه تصريح صادر عن وكالة الأنباء "رويترز" عن نية موسكو تقديم اقتراح بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة واستفتاء دستوري في سورية، ما يعني أن موسكو تنوي تعقيد الحل، لا البحث عن حل للأزمة السورية.
يبدو أن الأزمة السورية ستشهد تعقيدات كثيرة جديدة، نضيف إلى ما ذكرناه أعلاه التصريحات التي أدلى بها أردوغان: "حلفاؤنا يقتربون من فكرة إقامة منطقة آمنة شمال سورية". مجرد التقارب في وجهات النظر على إقامة منطقة آمنة يعني أنه لن يوجد حل للأزمة في القريب العاجل.

المصدر: العربي الجديد الكاتب: محمد جهاد نيعو
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ