"داعش" لم يهزم بعد
"داعش" لم يهزم بعد
● مقالات رأي ٨ سبتمبر ٢٠١٧

"داعش" لم يهزم بعد

في10 حزيران من عام 2014 قام تنظيم "داعش" بالسيطرة على الموصل طارداً القيادات السياسية والأمنية والقوات الرسمية، التي كانت تقدر آنذاك بـ 40 الى 50 ألف مقاتل مجهزة بأحدث ما أنتجته مصانع السلاح الأميركية، والتي أصيبت بـ"انهيار أمني كامل"، حسب تعبير وزارة الخارجية الأميركية آنذاك، وفي حديث تلفزيوني لاحق للمحافظ أثيل النجيفي أكد النجيفي أن سلطاته لم تسلم الموصل للمسلحين "وإنما الذي سلمها الجيش التابع لرئيس الوزراء نوري المالكي الذي سحب كل الصلاحيات الأمنية والعسكرية من كل المحافظين، وأعطاها فقط للقوات العسكرية الموجودة من خلال قيادة عمليات نينوى". إذا قام نوري المالكي وبدم بارد الذي كان رئيساً لحكومة العراق ومدعوماً من إيران بتسليم الموصل الى "داعش".

عند بداية الثورة السورية وعندما بدأ بشار الأسد يشعر بأن المصيدة بدأت تضيق عليه وبأن الثورة قد تنتصر قام بإطلاق 1000 من سجنائه المدربين والعائدين من الحرب مع القاعدة في أفغانستان أو العراق من سجونه وأفلتهم داخل الأراضي السورية ومن هؤلاء المساجين الشهير أبو مالك التلي.

والتقرير الذي نشرته "الدايلي بيست" “The Dealy Beast” بعنوان "كيف نبني "داعش"، كفيل بشرح كيف كان بشار ونظامه ومنذ 2003 وراء صعود الجماعات المتطرفة وكيف أنه يقوم باختراق تلك الجماعات ويوظفها لصالحه عند الحاجة، إذ إن الجمع ببين المقاتلين السابقين من تنظيم "القاعدة" مع ناشطين من المجتمع المدني ليس مجرد صدفة عابرة.

ادعى بشار الأسد في بداية الثورة السورية أن مجموعات متطرفة تتكون من إرهابيين مسلحين كانت تقود الاحتجاجات في عام 2011، وهذا ما لم يكن منطقياً في ذلك الوقت.

حيث كان سجن حلب المركزي مسرحاً لعمليات تشويه تستهدف الثورة السورية منذ بدايتها.

وكان جون كيري، وزير الخارجية الأميركية السابق صريحاً إذ قال: "إن تنظيم الدولة صُنع من طرف بشار الأسد"، ورئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي اللذين قاما بتحرير سجناء تنظيم القاعدة في بلديهما. وكان الأسد يسعى إلى وضع العالم بين خيارين سيئين: "إما أنا أو الإرهابيون".

وفي وثيقة سربت عبر "ويكيليكس أوضحت: "أن الجنرال علي مملوك، أحد كبار المستشارين الأمنيين في نظام بشار الأسد قال متحدثاً عن سياسة النظام السوري في التعامل مع الجماعات الإرهابية "من ناحية المبدأ، نحن لا نقتل أو نهاجم على الفور. نحن نندس داخلهم، وننتظر اللحظة المناسبة للتحرك".

جاءت صفقة "حزب الله" اللبناني و"داعش" هذه المرة كانت أوضح ومحددة أكثر إذ إنها كانت أمام الإعلام وظهر حسن نصر الله، وقال: "إننا تفاوضنا مع داعش"، الصفقة تمت.

ظاهرياً كانت لمعرفة مصير العسكريين المخطوفين، أما باطنياً كانت للمقايضة على جثة الجندي الايراني محسن حججي، فحسب قول نصر الله: إنه ذهب الى الرئيس بشار الأسد وإنه "يتمنى عليه الحصول على "خدمة"، ونَقل عن الأسد قوله: "إذا أنتم حزب الله تريدون أن تفاوضوا ليس لديّ مشكل". على الرغم من ركاكة اللغة والحوار وأنه توجه بهذا الحوار إلى جمهوره ولم نعلم إذا كان قد أقنع جمهوره بهذه الصيغة، ولكن هذه الصيغة لا تقنع الأطفال، إذا إن الجندي محسن حججي هو أساس الصفقة وليس الجنود اللبنانيون، محسن حججي هو عنصر بارز في الحرس الثوري الإيراني وهو الذي أعدمه "داعش" بقطع رأسه وصوّر الاعدام في شريط فيديو ونشره على مواقع التواصل الاجتماعي، هذا ما جعل المرشد الإيراني الإمام علي خامنئي أن يهتم بنفسه بهذه القضية التي جرى التداول بها على نطاق واسع في الاعلام الايراني منذ تدخل إيران في الحرب السورية وللمرة الاولى، وتضمنت الصفقة التفاوض أيضا على أسير لحزب الله، أما بالنسبة للعسكريين المخطوفين فقد كان مصيرهم معروفا ومنذ 2005 كما أوضح المدير العام للأمن العام عباس إبراهيم، إذاً لا دخل للصفقة لا من قريب ولا من بعيد بالشأن اللبناني.

بكل الأحوال إن استسلام هؤلاء المقاتلين كان سوف يتيح لعناصر "حزب الله" أن يسحب منهم المعلومات بكل سهولة ولنظام بشار الاسد باع طويل في سحب المعلومات في أقبية سجونه، يعني أن الصفقة خدعة وكلام نصر الله عن قلقه على مصير الحدود اللبنانية وخوفه من تفشي الإرهاب مجرد ذر رماد في العيون، لأن هذا "الإرهاب" كان موجودا في جرود بعلبك والقاع منذ 2014، الصفقة جاءت لإخراج هؤلاء المقاتلين سالمين وإيصالهم إلى الحدود السورية العراقية ومن ثم إدخالهم إلى العراق أو إعادة توزيعهم كما تقتضي الحاجة.

بات من الواضح أن حسن نصرالله يريد أن ينصب نفسه مرشداً أعلى للجمهورية اللبنانية، عندما لم يأتِ هذا التعيين من مرجعية عربية أو إقليمية استعجل التعيين ولكن القاعدة الفقهية تقول: "من تعجّل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمــــــانه".
أولا، من المبكر إعلان الانتصار على كل المكونات اللبنانية، اذ اننا لم نرَ ردة فعل رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون الى الان، رئيس الجمهورية الذي كان يطل من الرابية اقوى بكثير وكنا ننتظر منه مواقف بشأن اعلانات النصر ولكنها لم تعلن حتى الان، فهل يبتلع افعال وتطاول "حزب الله" على كل مكونات الدولة؟ ولذلك حديث آخر.

ثانيا، من المبكر اعلان الانتصار على "داعش" عدا عن أن "داعش" هو فكر ونهج، ان "داعش" لا يزال كمجموعات وخلايا نائمة منتشر، وهو غب الطلب في ايدي انظمة مجرمة سوف يستعين به عند الحاجة وستسعين.

تماما كما في أفلام هوليوود عندما لا يتم سحق المجرم وابادته يهرب ويختبئ يداوي جروحه ويتعافى ولكن هذه المرة يخرج أقوى ولكن مشوه، وهنا "داعش" لم يهرب بل خرج معززاً مكرماً وعاد الى الحضن الدافئ اي حضن النظام السوري "الاب"، سوف يتم غسل دماغ عناصره من جديد وإعادة تدويرهم وإعطائهم هويات وماركة جديدة كي يتم إعادتهم الى الميادين ولكن هذه المرة بشكل أشرس وأهداف إجرامية أشد فظاعة وأقوى، أين منها "الذئاب المنفردة".

هؤلاء المقاتلون هم أولاد النظام وهم مدربون وجاهزون وغب الطلب لأي عمل ارهابي جديد في أي مكان في العالم وهم كالسلاح النووي الفتاك بل أشد فعالية لأنهم قنابل بشرية "زومبي" خالية من أي عقول جرى العمل عليها منذ وقت طويل كي تصبح كالروبوتات فكيف سيفرط بهم؟ لذا هي غالية على قلوب اصحابها لهذا جرى سحبهم من أرض المعركة بهذه الطريقة اي حافلات مكيفة معززون وقام "حزب الله" بنقل وقائع استسلامهم بطريقة كاريكاتورية هزيلة أقل ما يقال فيها انها تبعث على الضحك، اذا ان من كان في الفيديوهات هم عناصر انتحارية وليس "لوريل" و"هاردي" صوروا وكأنهم حملان وديعة وتلك ادلة اضافية على ان عناصر "داعش" هم ابناء "النظام السوري".

وصولا الى الحديث عن بيان "حزب الله "الاخير الذي جاء ليشوش على صفقته التي سوف تبقى محرجة له ووصمة عار ابدية سوف يبقى يبررها دائما، في بيانه اتهم الامريكيين بأنهم وراء هروب اكثر من ألف مقاتل داعشي وخصوصاً من الأجانب من مدينة تلعفر واللجوء الى المناطق الكردية في شمال العراق".

هنا بيت القصيد اين سيستعمل هذا التنظيم في المرحلة الاولى، ان استفتاء استقلال كردستان العراق الذي حدد تاريخه في 25 من الشهر الجاري قد يكون هو المستهدف الاول من تهريب عناصر "داعش" الى الاراضي الكردية، لان من مصلحة ايران وتركيا والنظام السوري منع الاستفتاء الكردي من ان يحصل، وذلك لاعتبارات عدة قد نتكلم عنها في بحث اخر، لذا قد يتم استعمال هذه العناصر داخل كردستان للتشويش على الاستفتاء وبالتالي المطالبة بالاستقلال.

إعادة التدوير هي كتغيير اسماء المنتوجات والسلع و"داعش" سلعة وسوف تعاد "منتجته" باسم اخر ولكن بإضافات اشد شراسة ووحشية، على الاقل، الان باتت معروفة مصانعه وخلفياته ومن وراءه، "داعش" لم يهزم بعد، وهذا ما يذكرنا بدستور القاعدة "إدارة التوحش"، من سيقضي على التوحش في هذا العالم في المرحلة المقبلة؟

المصدر: العربية الكاتب: سوسن مهنا
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ