شهادة "حفار القبور" السوري تصدم المستمعين بـ "محكمة جرائم الحرب" بألمانيا
شهادة "حفار القبور" السوري تصدم المستمعين بـ "محكمة جرائم الحرب" بألمانيا
● أخبار سورية ١٤ سبتمبر ٢٠٢٠

شهادة "حفار القبور" السوري تصدم المستمعين بـ "محكمة جرائم الحرب" بألمانيا

كشفت شهادة "حفار القبور" السوري، التي أدلى بها أمام "محكمة جرائم الحرب في سوريا"، بمدينة كوبلنز غرب ألمانيا، عن صدمة كبيرة داخل قاعة المحكمة ولدى الصحافيين الألمان الذين استمعوا إليه.

ومن الصور الصادمة التي تأبى أن تغادر ذاكرة "حفار القبور"، الذي غادر سوريا عام 2017، جثة امرأة كانت في أسفل ردمة الجثث التي كان ينقلها لدفنها في مقبرة جماعية بدمشق، وكانت لا تزال تعانق طفلها الميت بين ذراعيها.

ويتذكر "حفار القبور"، الذي كان حتى تلك اللحظة يتمالك نفسه، تلك الصورة، وينهار بالبكاء، فتطلب القاضية الألمانية في محكمة كوبلنز التي تستمع لشهادة الرجل، استراحة ريثما يستعيد أنفاسه ويتابع.

ولم تكشف المحكمة عن اسم الرجل ولا عن هويته، ودخل القاعة متنكراً، مخبئاً وجهه خلف قناع لم ينزعه طوال 3 ساعات هي مدة إدلائه بشهادته، بسبب وجود عائلته في سوريا.

صور أخرى، يقول إنها ما زالت عالقة في ذهنه أكثر من غيرها، مثل تلك اللحظة التي شاهد فيها رجلاً بين كومة من مئات أو آلاف الجثث، ما زال يتنفس، حتى أمر الضابط السوري المسؤول، بسير المجرفة التي كانت تحفر القبور الجماعية، فوق جسده، لتحوله جثة بين كومة من الجثث.

والمحاكمة المقصودة هي تلك التي يحاكم فيها الضابط السوري السابق أنور رسلان والمجند السابق أياد الغريب، عن جرائم ضد الإنسانية ارتكبوها في سوريا بعد الثورة عام 2011. فهذه المحاكمة التي انطلقت قبل أربعة أشهر تقريباً، هي أول محاكمة لمسؤولين أمنيين في النظام السوري يحاكمون بجرائم حرب.

المتهمان، أنور رسلان وأياد الغريب، هما الوحيدان حتى الآن اللذان نجح محامون وناشطون سوريون وأوروبيون، في جمع ملفات كافية عنهما، لوضعهما في قصف الاتهام. رسلان متهم بالمسؤولية عن تعذيب نحو 4 آلاف شخص، وقتل 58 آخرين في فرع الخطيب بدمشق، أما الغريب فمتهم بالقبض على متظاهرين وتسليمهم لفرع الخطيب حيث كانوا يتعرضون للتعذيب والقتل أحياناً.

ومنذ انطلاق المحاكمة في مدينة كوبلنز الألمانية في 23 أبريل (نيسان) الماضي، والعالم يستمع للمرة الأولى، بصدمة شديدة، لما يعيشه السوريون منذ سنوات: اعتقالات تعسفية، عمليات تعذيب لا تطاق، ومقابر جماعية يديرها النظام السوري.


وتحدث "حفار القبور" عن جثث كان تحمل بشاحنات مبردة تأتي من كل الأفرع الأمنية والمستشفيات العسكرية، ولكن أيضاً مستشفيات مدنية، وروى كيف "جنده" أحد عناصر المخابرات في عام 2011، وطلب منه أن يعد فريقاً من 10 إلى 15 رجلاً، يكونون مسؤولين عن مرافقة شاحنات محملة بجثث، أربع مرات أسبوعياً، باتجاه مقابر جماعية.

وروى أن المخابرات أمنت له شاحنة صغيرة من دون لوحة وعليها صور بشار الأسد، في كل نقلة، قال إن عدد الشاحنات كان يتراوح بين واحدة وثلاثة، تنقل مئات الجثث المكدسة فوق بعضها. وكل شحنة كانت ترافقها لائحة بأسماء المراكز الأمنية التي جاءت منها الجثث، وكان من بينها مركز الخطيب.

أما الجثث فلم يكن لها أسماء، بعضها حتى كانت وجوهها مشوهة، ربما بالأسيد، كانت الجثث مجرد أرقام، أرقام ورموز محفورة على الجبين أو الصدر، بعضها كانت يداه لا تزال مقيدة خلف ظهره، وجميعها ملطخة بالكدمات أو الدماء بأظافر مقلعة.

وقدر "حفار القبور"، عدد الجثث التي كانت تنقل إلى المقابر الجماعية في كل نقلة، بين 300 و700 جثة، وحدد كذلك مسار الشاحنات التي كانت تنطلق إلى المقابر الجماعية، فجراً، بين الرابعة والخامسة، من مستشفيات تشرين وحرستا ومزة العسكرية، إلى مقبرتين جماعيتين في القطيفة شمال دمشق، والنجها جنوب دمشق، وهناك، تفرّغ الجثث عشوائياً في الحفرة العملاقة بعمق 6 أمتار وطول مائة متر. وقد يستغرق ملء كل حفرة قرابة 150 نقلة.

واستمر "حفار القبور" يؤدي هذه الوظيفة منذ عام 2011 حتى عام 2017، لم تكشف تفاصيل أكثر عن هوية هذا الشاهد، رغم طلب محامي الدفاع، خوفاً على عائلته التي لا تزال في سوريا، وقد انتهت معه الجلسة 31 من جلسات هذه المحاكمة التي استمعت لعدد كبير من الشهود حتى الآن، كان من بينهم خمسة معتقلين سابقين.

المصدر: شبكة شام الكاتب: فريق التحرير
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ