أحلام امرأة سورية في عصر الثورة
أحلام امرأة سورية في عصر الثورة
● مقالات رأي ١٦ يونيو ٢٠١٦

أحلام امرأة سورية في عصر الثورة

بعد عراك طويل مع ذاتي بين حب للحياة والثورة، قررت ان أخد استراحة طويلة بعيداً عن كل ما يمت للثورة بصلة، وأن امارس طقوس الامومة وأطبخ وأغسل وأقرأ رواية عاطفية أو بعض من قصص  اجاثا كريستي، و قررت أن أنضوي بعيداً عن كل الترهات التي تحدث في سوريا لأجدد نشاطي وعزيمتي من جديد، و ان أمارس طقوسي الدينية وبعضاً من الطقوس الاجتماعية التي تنحت في حياتي وأصبحت من الكماليات لا أكثر

عشرون يوماً بعيداً عن اخبار من يمثلون الشعب السوري المعارض والذي أتوقع أنهم يسمون أنفسه "الائتلاف" ، بعدياً عن صور تلك العضوات فيه اللواتي يظهرون في اجتماعاتهن ليلبسن تنورة قصيرة تظهر مفاتن أرجلهن او بنطال من إحدى الماركات العالمية ليظهرن كم الشعب السوري منفتح، أما ذكور الائتلاف فقد ارتحت من ابتسامتهم الصفراوية التي يرسمونها على أوجههم ليبدوا إحساسهم بالناس التي تعاني، او ربما يرسمون عقدة حاجب مصطنعة لتتناسب وتراجيديات الوضع السوري

خلال هذه الأيام ارتحت من رائحة البارود التي تفوح حروفي، و حاولت أن أسقي وردة على وشك الموت في صدري لأشعر اني انسانة شبه طبيعية، ارتحت من أخبار حلب تحرق و إدلب تحتضر و حاولت ان أكون صريحة مع نفسي أكثر وأن أعانق قلمي الرومنسي وأعاتبه لما ابتعد عني، حاولت ان أرتشف قهوتي على أنغام أغنية أحبها وليس على وقع دفوف الموت وبالقرب من أشلاء الشهداء

أيقظني اليوم خبر اقتتال الميليشيات الشيعية و حزب الله مع جيش النظام السوري، صرخت بقوة وضحكت من قلبي، وعدت لأتذكر أني في هدنة مع نفسي ولكن هذا لم يمنعني ان أصفق وأصفر و أتودد للحروف التي قراتها عن هذا الخبر، ولكني عدت من جديد لأرتدي وشاحي و فستاني الذي سأخرج به اليوم على الفطور لأكون إنسانة طبيعية أفعل كل شيء من اللا شيء رغم كل شيء

عشرون يوماً وأنا أمثل دور الأنثى و دور الصديقة ودور الحبيبة، حتى شعرت بغربة الأشياء من حولي، وغياب المنطق، وسذاجة الحلم، فالحرية لا تولد من رحم حياة طبيعية والكرامة لا تنبت في كيس طحين أو دلة قهوة ولا تزرع وردة وسط كتاب

ادركت جلياً أن العيب ليس في الثورة وإنما في القائمين عليها، تمنيت لو ان لدينا شيخاً أو قديساً يعرفون ان الإنسانية قد ضاعت وأننا بتنا نتهرب من أن ندرك أننا مجرد حيوانات ناطقة لكنها تتدفئ على موقد و تسكن في بيت لا جحر أو عش او شجرة ، أيقنت أني في حاجة رجل يمثلني أو حتى انثى تمثلني، يتمتعون بروح البشرية، يلجمون أنفسهم ويبحثون عنا كشعب اشعث متذبذب

لأعود بعد عشرون يوماً الى حالي أتورط في صحف عليها ناس يمثلون الشعب بعيداً عن الموقف وأعود للقصف الهمجي و معارك بين فصائل تماطل، لكني قررت اليوم اني لن أقرا خبراً حتى أرتدي وشاحي و فستاني و أتناول فطور إنساني وأكون طبيعية بعض الشيء و لن أعاني، وبعد الفطور سأعود الى حالي الى أرضي الى وطني لترحالي بين تلة ملأتها نفايات الصواريخ و أشجار احتضنت شظايا القذائف و رصاص  أحلامي

الكاتب: رنا هشام
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ