إعلام الحملات ....صوت المغيبين
دشن الناشطون السوريون عشرات الحملات تحت مسميات مختلفة ، لتدور في فلك واحد وهو إنقاذ من تبقى من السوريين فوق الأرض وتحتها في المعتقلات .
بعضها اتخذ منحى التوثيق ، وبعضها كان بهدف جمع التبرعات ، والبعض الآخر اتخذها منبراً للاحتجاج على مقتل أبناء الطائفة العلوية والزّج بهم في الحرب الدائرة .
"الجيش الحر خيارنا" أو "صرخة" ، حملات جاءت بهدف توكيد إنسانية الفرد السوري ومنهجه في الاعتدال وتمثيله لكافة أطياف الشعب السوري بكل شرائحه، ضمن المجتمع المدني الواحد .
"تختتم اليوم حملة الجيش الحر خيارنا فعاليتها والتي تهدف إلى التركيز على سياسة الاعتدال التي تنتهجها سياسة الجيش الحر بعيدا عن التشدد , وكان ناشطون سوريون من الداخل أطلقوا الحملة باللغتين العربية والانكليزية , وفق برنامج محدد يتناول كل يوم من أيام الحملة مبدأ من مبادئ الجيش الحر".
كذلك الحملات التي أطلقت لفك الحصار عن الأحياء المحاصرة وجمع التبرعات , وآخرها "كأني أكلت" لاقت عند الكثير من الشخصيات الهامة والمتعاطفين مع قضية الإنسان في سوريا قبولا وتفاعل ....
"كأني أكلت حملة بادروا لأجلهم , هي حملة لدعم المحتاجين في الداخل , نقدم الدعم مقابل مبلغ وجبة غذائية واحدة "
مسميات لعشرات الحملات أطلقت هذا العام , تدفعنا لطرح سؤال هام وهو ...ما مدى احترافية هذه الحملات وإلى أي مدى تشير إلى تطور الذهنية الإعلامية , في فضاء الإعلام الحر .
ذهبت الإعلامية ناديا بلبيسي إلى أن موضوع الاحتراف يحتاج إلى سنوات من الخبرة التراكميّة .....
"الحملات دون أي شك هي بداية جيدة , لنصرة القضايا الإنسانية , عادة الإعلام الرسمي والتقليدي يقوم بتجاهلها , وهي الأقرب إلى الشارع , استطاع الإعلام البديل أن يحقق نجاحا جيدا من خلال هذه الحملات , ويلفت النظر إلى قضايا النزاعات والمعتقلين , وهي فكرة جوهرية وخلاقة لمناقشة القضية من كلّ
الأطراف ".
استندت هذه الحملات على مراكز التوثيق والإحصاء في جمع معلوماتها , تحت إشراف ناشطين مستقلين وهيئات إعلامية ثورية , والكثير من منظمي هذه الحملات ردوا بجدوى عملهم , بأنها لا تقتصر على الفضاء الالكتروني .
ترى الإعلامية ناديا بلبيسي أن المستهدفين بهذه الحملات أكثر من فئة وأبعد من الداخل ...
" المستهدف الأول هو المعني بالقضية , أولئك الذين يعيشون واقع الحروب ومآسيها , هناك تواصل بين الشخص الإذاعي الذي هو في موقع المسؤولية وبين الشخص المظلوم أو الضحية , أنت تريد أن تقول له إنك موجود وفي الذاكرة من خلال هذه الحملات , أمّا الشق الثاني فهو استهداف الأشخاص الرماديين أو الأغلبية الصامتة , أشخاص متعاطفين لكنهم لا يريدون لصوتهم أن يكون مرتفعا , الحملة تستطيع أن تلفت أنظارهم وربما تستطيع أن تجعلهم يغيرون رأيهم , والطرف الثالث وهو الأهم المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان , لنجعله يظهر بعض الاهتمام بالقضايا الدوليّة "
الأزمة السورية هي الأكبر في القرن الواحد والعشرين , حرب مستمرة ومعاناة كارثيّة , لم تكن تجربة الحملات فيها الأولى في العالم , لكنها الأكثر فردية , من هنا كانت الحتمية في التركيز عليها وعلى الدور الريادي في التأسيس للإعلام البديل لمحاولة في التميز عن إعلام الحزب الواحد الموجود في مختلف الأقطار العربية .
هي خطوة للأمام وتأسيس لإعلام ناجح يحاكي الواقع ويكوّن صورة صادقة عن معاناة الإنسان الحقيقية.