
أنقرة تحذر من الخطر الإسرائيلي وتعلن انفتاحاً على دمشق: رؤية تركية جديدة للأمن الإقليمي
شدّد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على أن السياسات التوسعية الإسرائيلية تشكّل التهديد الأخطر على سوريا والمنطقة بأكملها، مؤكداً أن أنقرة تعمل مع عواصم عربية على بناء رؤية مشتركة تجاه الإدارة السورية الجديدة.
رسائل إيجابية من دمشق
وقال فيدان في مقابلة بثتها قناة "إم بي سي مصر" إن الحكومة السورية برئاسة أحمد الشرع أبدت إشارات إيجابية في التعامل مع القضايا الإقليمية، موضحاً أن تركيا تواصلت مع مصر والسعودية والأردن والعراق وقطر والإمارات وتم الاتفاق على تصور موحّد لما يُنتظر من دمشق في المرحلة المقبلة.
وأكد أن الأزمة السورية لم تعد قضية تركية فقط بل مسألة إقليمية بحكم حدودها مع العراق والأردن ولبنان، ولفت إلى أن دول المنطقة أبلغت الإدارة السورية بمجموعة من المطالب المتعلقة بمكافحة الإرهاب والتعامل مع ملف الأقليات، وأن دمشق أبدت تفهماً لهذه القضايا، مبرزاً أن التعاون الإقليمي سيكون أساسياً في هذه المرحلة لمواجهة التحديات المتجذرة في البنية التحتية والتمويل.
تحرّك أمني موازٍ
وكان وصل رئيس جهاز الاستخبارات التركي إبراهيم قالن إلى دمشق في زيارة رسمية، حيث يلتقي الرئيس أحمد الشرع وعدداً من كبار المسؤولين لبحث ملفات أمنية ثنائية وإقليمية والتطورات الراهنة.
ووفق مصادر أمنية تركية لوكالة "الأناضول"، جاءت هذه الزيارة في إطار تحركات دبلوماسية مكثفة تهدف إلى احتواء التصعيد في السويداء، شملت اتصالات مع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا وسفير واشنطن في أنقرة، فضلاً عن تنسيق مباشر مع الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط.
أردوغان: وحدة سوريا أولوية
وتأتي هذه التحركات بعد تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي حذّر من محاولات إسرائيل استغلال التوترات الداخلية في الجنوب السوري لتحقيق مكاسب سياسية وأمنية، وأوضح أردوغان أنه بحث مع الرئيس أحمد الشرع على هامش القمة العربية-الإسلامية في الدوحة أوضاع شمال شرقي سوريا، مشدداً على أن الرغبة الأساسية لتركيا هي ضمان وحدة سوريا وتضامنها وتحقيق سلام دائم في كل أرجاء البلاد.
وأشار الرئيس التركي إلى أهمية دمج قوات "قسد" في مؤسسات الدولة السورية لتعزيز وحدة الأراضي، معتبراً أن دمشق تشهد حالياً عملية معقدة تتشابك فيها الديناميكيات المحلية والدبلوماسية الدولية، وأن أنقرة لن تترك سوريا وحدها في هذه المرحلة الحساسة.
رسالة أنقرة إلى المنطقة
بهذه التصريحات والتحركات، توجّه أنقرة رسالة واضحة مفادها أن استقرار سوريا ووحدتها ركيزة أساسية للأمن الإقليمي، وأن تركيا ترفض أي محاولات خارجية – ولا سيما إسرائيلية – لتقويض هذا الاستقرار أو استغلال أزمات الجنوب لتحقيق مكاسب سياسية أو أمنية، ويرى مراقبون أن هذا النهج التركي الجديد قد يسهم في فتح صفحة مختلفة مع دمشق ويعزز الجهود العربية والإقليمية لإنهاء سنوات الصراع وإعادة بناء سوريا على أسس أكثر تماسكاً.