السوريون في مواجهة النار: تضامن يتجاوز الجغرافيا والانتماء
السوريون في مواجهة النار: تضامن يتجاوز الجغرافيا والانتماء
● أخبار سورية ١٠ يوليو ٢٠٢٥

السوريون في مواجهة النار: تضامن يتجاوز الجغرافيا والانتماء

لطالما أثبت السوريون أن وحدتهم تتجلى في أصعب اللحظات، وأن الأزمات والمحن لا تفرقهم بل تجمعهم. سنوات الحرب الماضية شاهدة على ذلك، فقد حفرت في الذاكرة مشاهد لا تُنسى، حين وقفوا جنباً إلى جنب في وجه النزوح، والخوف، والقصف، والفقد، متحدين رغم الجراح، ومتماسكين رغم الألم.

عاد مشهد الوحدة والتضامن بين السوريين ليبرز من جديد في مواجهة الحرائق المستعرة في ريف اللاذقية، التي استمرت لليوم السابع على التوالي، مخلفةً دماراً هائلاً شمل مساحات واسعة من الغابات والأراضي الحراجية، مما تسبب في كارثة هزّت مشاعر الشعب السوري والحكومة وأثارت حالة من القلق العميق.

إلا أن وسط ألسنة النار الملتهبة، تجلّى خوف أبناء الوطن على أرضهم وعلى بعضهم البعض، فانطلق الشباب من مختلف المحافظات ليقدموا الدعم لفرق الدفاع المدني المنخرطة في عمليات الإطفاء. هؤلاء الأبطال لم يدخروا جهداً في أداء مهامهم، وواجهوا النيران بشجاعة لا تلين، رغم معاناتهم من حالات الاختناق والتعب الشديد.

لم تُثنِ خطورة النيران المنتشرة عزيمة أبناء الدفاع المدني، ولا أولئك الذين هرعوا من مختلف المناطق لدعمهم في هذه المحنة. وقاومَ المتطوعون صعوبة الحركة في تلك المنطقة الناتجة عن طبيعة تضاريسها، كما لم يسمحوا للصعوبات الأخرى، من وجود الألغام والمتفجرات غير المنفجرة التي خلفها النظام السابق، أن تجعلهم يتراجعوا عن مواصلة عملهم في إخماد الحريق.

وسادت حالة من الخوف والقلق الممزوج بالحرص على البلاد وأهلها بين أبناء الشعب السوري، تجلت في تعليقاتهم على منصات التواصل الاجتماعي. تداول المستخدمون دعوات موجهة لأصحاب صهاريج المياه للمشاركة في جهود الإطفاء، إلى جانب دعوات وصلوات تعبر عن حبهم العميق للوطن وخوفهم عليه من أن تلتهمه النيران.

هذا الحدث الأليم جمع السوريين على اختلاف مواقعهم ومناصبهم وخلفياتهم. في مواجهة النيران، لم يكن هناك فرق بين مسؤول ومواطن، أو بين متطوع ومدني. رأينا الوزير إلى جانب فرق الدفاع المدني، كما رأينا شباباً من مختلف المناطق يشاركون في جهود الإطفاء.

ورأينا شاب أتى من الدانا بريف إدلب الشمالي ليوزع مثلجات مجانية على عربة بسيطة، وجدها الوسيلة الوحيدة التي من الممكن أن يساعد بها في ظلّ هذه، في مشهد يعكس استجابة جماعية بعيدة عن الرسميات، ومبنية على الشعور بالمسؤولية تجاه الناس والمكان.

جميع الحوادث القاسية التي مرت بها سوريا، من حرب وقصف ونزوح وحرائق ودمار، كانت تؤكد في كل مرة مدى ترابط السوريين، وحبهم لبعضهم البعض، وتوحدهم في وجه الأزمات، رغم اختلاف أطيافهم وتباين أوضاعهم الاجتماعية.

الكاتب: فريق العمل
مشاركة: 

اقرأ أيضاً:

ـــــــ ــ